صحيفة التغيير السودانية:
2025-10-16@12:14:08 GMT

وداعاً كمال الجزولي

تاريخ النشر: 7th, November 2023 GMT

وداعاً كمال الجزولي

وداعاً كمال الجزولي

عمر الدقير

كأنّنا على موعدٍ مع متوالية رحيل الأحبة والأحزان.. فقد أغمض الأستاذ كمال الجزولي عينيه وغفا غفوته الأخيرة مُرتحِلاً إلى حيث لا وجه إلّا وجه ربك ذي الجلال والاكرام. لكنه قال كلمته قبل أن تصطاده مخالبُ المنايا ويرحل، قالها عبر مسيرٍ باذخٍ ونافع في فضاءات النضال السياسي والانجاب الفكري والإبداع الشعري والمهنية القانونية الرفيعة الموسومة بالدفاع عن حقوق الانسان.

. لم يكن مسيراً سهلاً، إذ تخللته معاناة السجون والملاحقات، وعناء الكدح المعرفي و”شقاء الوعي”.. لكأنّ نعشه المحمولَ على أعواد المنايا إلى المثوى الأخير كان يتردد حوله قولُ أعمى المعرّة البصير: “ضَجْعَةُ الموتِ رقدةٌ يستريحُ الجسمُ فيها، والعيشُ مثلُ السُّهادِ”.

كان كمال الجزولي مثقفاً حُرّاً قبل أن يكون فاعلاً سياسياً لكنه لم يباعد المسافة بين المَوقِعَيْن.. ردم الفجوة بين الرأي والموقف وبين الثقافة والسياسة، لم يرهن الرأي والموقف لترهيبٍ أو ترغيب من سلطة استبدادية أو غوغاء اجتماعية، ولم يساوم على الثقافة والفكر لصالح السياسة وأحابيلها.

بجانب انحيازه لحقِّ شعبه في الحرية والعدالة الاجتماعية، كان الفقيد منحازاً لفكرة العدالة الانتقالية ومأخوذاً بنبل كلمات نيلسون مانديلا الشهيرة التي وصف بها لحظة خروجه من السجن: “بينما كنت أخطو إلى خارج زنزانتي، نحو البوابة التي ستقودني إلى الحرية، أدركت أنني لو لم أترك مراراتي خلفي فإنني سأظل سجيناً للأبد”، وتبعاً لذلك كتب وحاضَر – قبل الثورة وبعدها – عن ضرورة إطلاق عملية شاملة للعدالة والعدالة الانتقالية لإنصاف الضحايا ومداواة الجراح، والقطيعة النهائية مع إرث الماضي المثقل بالظلم والمرارات وتَجاوُزِهِ نحو مستقبلٍ واعدٍ بالأحسن في وطنٍ للجميع.

أسعدتني الأقدار بمعرفته في أول لقاءٍ لنا بسجن دَبَكْ أيام انتفاضة أبريل المجيدة- ولاحقاً في سجون النظام المباد في كوبر وسواكن وبورتسودان- ونَمَتْ بيننا صداقةٌ، رغم فارق السن، عامرة بالمحبة والاحترام، وتشرفت بطلبٍ منه أن أكون ضيفاً على رزنامته الشهيرة التي افترع بها فناً من فنون الكتابة الصحفية الشيقة .. ربما يصفه البعض بأنه كان حادّاً وراديكالياً في المواقف، لكنها راديكالية المثقف الملتزم حين تتداعى الأشياء وتُحْذَف الشعرة الدقيقة الفاصلة بين التسامح والاستسلام وتصبح السقوف الخفيضة بديلاً للشرفات العالية.. ومع ذلك كان ريحانةً في المجالس يعطرها بالطرفة وأحاديث الثقافة والأدب والفن والسياسة.

كان كمال كاتباً مجوِّداً جزل العبارة وشاعراً مبدعاً يصوغ المعاني مشرقات،  وإنْ أنسَ فلن أنسى تلك الليلة شديدة الرطوبة، في سجن سواكن، حين صحوت في منتصفها ووجدته واقفاً بمفرده قبالة الحائط المطل على البحر الأحمر، وبقية الرفاق نيام، فناداني وأسمعني مقطعاً من قصيدة – فرغ من نظمها للتو – يقول فيه:

وأنا لا أُبْصِرُ البحرْ ..

بحرَ العقيقِ الأُجاجْ ..

الذي ألْغَتْهُ من عيني ..

هذي الحوائطُ الصّمّاءْ ..

غير أني أحِسُّ أمواجَهُ ..

برغمِ السُّورِ في صدري وخاصرتي ..

وأحِسُّ زُرْقَتَهُ العميقةَ في شراييني ..

ولَسْعَهُ المِلْحِيَّ في شفتي ..

فمن ذا سيلغي المِلْحَ والزُّرْقَةْ ..

أو من تُراهُ سيلغي الآنَ ذاكرتي؟!

برحيل الأستاذ كمال الجزولي أُدْرِجَ في الكفن الأبيض رجلٌ ميراثه أخضر.. ولئن كان رحيله الموجع – في أيام الرُّصَاص والتشريد هذه – يجعل حياتنا أكثر حزناً وجفافاً، فإنه سيبقى بيننا وبعدنا بميراثه الأخضر اليانع.

نسأل الله الكريم أن يشمله بالرحمة والمغفرة، وأن يُوسِّع له في مراقد الصالحين .. العزاء لزوجته د. فايزة وابنه أُبَيْ وابنته أروى وكل الأسرة، ولزملائه في الحزب الشيوعي وأصدقائه ورفاقه في العمل العام.

6 نوفمبر 2023

الوسومالسودان الشعر عمر الدقير كمال الجزولي كوبر

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: السودان الشعر عمر الدقير كمال الجزولي كوبر کمال الجزولی

إقرأ أيضاً:

توروب غاضب من تأخر عودة إمام عاشور.. ويمنح عمر كمال فرصة أخيرة

كشف الإعلامي محمد شبانة عن كواليس جديدة داخل النادي الأهلي، تتعلق بحالة من الغضب داخل الجهاز الفني بسبب غياب اللاعب إمام عاشور عن التدريبات مؤخرًا نتيجة تعرضه لوعكة صحية، موضحًا أن المدير الفني الدنماركي ييس توروب أبدى استياءه من الواقعة واعتبرها أمرًا غير مقبول داخل الفريق.

توروب يفرض سيطرته داخل الأهلي ويضع خطة يناير

وقال شبانة في تصريحات عبر برنامج "نمبر وان" المذاع على قناة CBC، إن توروب انزعج بشدة بعد علمه بأن سبب غياب إمام عاشور يعود إلى تناوله وجبة فاسدة من الخارج، ما تسبب في تعرضه لتسمم وابتعاده عن الملاعب لمدة شهر تقريبًا. 

وأضاف: "توروب قال إن اللي حصل مع إمام عاشور قمة الفوضى، وإنه مش ممكن يتكرر تاني، وده الكلام اللي نقله لوليد صلاح الدين في جلسة خاصة."

وأوضح شبانة أن المدير الفني شدد على أهمية الالتزام التام بكل التعليمات الصحية والغذائية داخل النادي، مؤكدًا أن الواقعة أظهرت غيابًا في الرقابة كان يجب معالجته فورًا. وأكد أن توروب طالب بضرورة فرض نظام صارم فيما يخص التغذية والإعداد البدني لجميع اللاعبين لتجنب أي مواقف مشابهة في المستقبل.

وأضاف الإعلامي أن حالة إمام عاشور تحسنت مؤخرًا، لكنه ما زال في مرحلة الاستشفاء التدريجي قبل العودة للتدريبات الجماعية، مشيرًا إلى أن الجهاز الفني لا يرغب في استعجال مشاركته خوفًا من تجدد الأعراض أو الإرهاق.

وتحدث شبانة أيضًا عن موقف بعض اللاعبين داخل الفريق، موضحًا أن المدرب الدنماركي قرر منح عمر كمال عبد الواحد فرصة أخيرة لإثبات نفسه قبل حسم مصيره في فترة الانتقالات الشتوية. 

وقال: "توروب شايف إن عمر كمال عنده قدرات فنية كويسة، لكن المشكلة إنه بيظهر متوتر وقت المباريات، وده بيأثر على قراراته داخل الملعب."

وأشار إلى أن الجهاز الفني وضع خطة تدريبية خاصة لعمر كمال لتحسين تركيزه وثقته داخل الملعب، على أن يتم تقييمه بنهاية الشهر الجاري قبل اتخاذ القرار النهائي بشأن استمراره من عدمه.

كما كشف شبانة أن الأهلي يعاني من نقص واضح في بعض المراكز، خصوصًا في الأطراف الدفاعية، موضحًا أن المدير الفني طلب بالفعل التعاقد مع ظهير أيسر وظهير أيمن ومدافع ومهاجم جديد في يناير المقبل.

مقالات مشابهة

  • عاجل | الاحتلال يمدد اعتقال مدير مستشفى كمال عدوان
  • أسامة كمال: إسرائيل تمارس المراوغة بشأن معبر رفح
  • أسامة كمال عن التضارب الإسرائيلي حول معبر رفح: "ألاعيب الاحتلال نهر لا ينضب"
  • أسامة كمال يسخر من رئيس أمريكا: ترامب أوقف حرب مصر وإثيوبيا اللي ماقامتش أصلا
  • أسامة كمال: السيسي تمكن من إقناع زعماء 30 دولة بالاستراتيجية المصرية لحل الأزمة
  • عمر كمال يراهن على التجديد.. تفاصيل ألبومه الجديد
  • كمال شعيب يُفجّــر مفاجأة: زيزو «مديون» للزمالك.. وليس له أي مستحقات
  • أسامة كمال: قمة شرم الشيخ كسرت شوكة المراهنين على فشل مصر
  • كاريكاتير كمال شرف
  • توروب غاضب من تأخر عودة إمام عاشور.. ويمنح عمر كمال فرصة أخيرة