وفاة الأديب المصري الكبير عبده جبير
تاريخ النشر: 10th, November 2023 GMT
البوابة - توفي الكاتب الكبير عبده جبير أمس الخميس، عن عمر ناهز 75 عاما، وهو أحد أهم كتاب جيله ومن أبرز الأدباء المصريين في جيل السبعينيات والذي يعتبر الجيل الثالث في الرواية المصرية الحديثة. وكتبت ابنته لين على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك "توفي إلى رحمة الله تعالى بابا وحبيبي".
وفاة الأديب المصري الكبير عبده جبيرعن الأديب عبده جبير
ولد عبده جبير عام 1948 بمدينة إسنا في محافظة الأقصر، حيث تعرف مبكرا على عبدالرحمن الأبنودي، وكان الأبنودي جاره بعدما انتقل جبير مع والده للعمل مدرسا أزهريا بقنا، وكان قد ألهمه هروب الأبنودي مع أمل دنقل من الصعيد للقاهرة ليهرب هو الآخر؛ حيث تعرف في القاهرة على العديد من الشعراء والكتاب، وبدأ رحلته الأدبية التي حقق خلالها نجاحات كبيرة.
يذكر أن عبده جبير واحد من أهم كتاب الرواية المصرية الجديدة، وأحد أهم كتاب جيله (جيل السبعينيات)، ذلك الجيل الذى حمل على عاتقه مع الجيل الذى سبقه (الستينيات) عبء الولادة الثالثة للرواية المصرية، فبعد جيل المؤسسين أو الرواد (كهيكل وطه وتوفيق) وجيل الموطنين (كنجيب ومحمد عبد الحليم عبد الله ويوسف إدريس وغيرهم)، جاء جيلا الستينيات والسبعينيات لتستوي الرواية على أيديهم على سوقها، رواية ناضجة، مواجهة، موجعة، تعتنى بالفلكلور دلالة وتأريخا، وتنحو كل مناحي التجريب والتجديد.
وقد قدم العديد من الأعمال التي تنوعت ما بين القصة والرواية ومنها "فارس على حصان من خشب" 1978، "تحريك القلب"1981، "سبيل الشخص" 1982، "الوداع تاج من العشب" 1997، "مواعيد الذهاب إلى آخر الزمان" 2004، "رجل العواطف يمشى على الحافة" 2009.
نبذة من كتابه "فارس على حصان من خشب" 1978:
كانت ظلال الضوء الخفيف منتشرة على الأشياء، وكانت هي جالسة على المقعد الخشبي العريض وقد شبكت أصابعها البيضاء، وأسندت مرفقيها على جانبي المقعد؛ كانت تميل برقبتها للأمام قليلا، بينما توقفت أنا في الممر وفي يدي السيجارة، انزلقت المنشفة من على كتفي وسقطت علي قدمي اليسرى، كانت الورود الصفراء تتحرك فوق قدمي العارية وكنت أحس رطوبة البلاط وأنا لم أزل أشعر بنعاس، نظرت إليّ وابتسمت ومشت إلى النافذة المثبتة الشراعين وعادت، ولامست الحصان الخشبي ثم رفعته ووضعته وسط الحجرة:
“لقد أحببته جدا”.
ونظرت ناحيتي:
“هل تعتقد أن هناك من يشبهه؟”.
“ماذا؟”.
“من يشبهه؟”.
“ربما”.
أشاحت بوجهها، ورأيت شعرها الغزير الفاحم يغطي رقبتها الطويلة السمراء، حركت الحصان الخشبي من لجامه الأبيض وجرته، لم يكن يطيع وأحدث صوتا خشنا علي البلاط:
“لماذا لا يجعلون هذه الأشياء تتحرك بسهولة؟”.
واستدركت:
“يبدو أنني نسيت، هذا حصان غير متحرك، هذا من النوع الهزاز، نعم نسيت”.
المصدر: اليوم السابع
اقرأ أيضاً:
صدر حديثاً كتاب "شاهد على حرب أكتوبر1973"
المصدر: البوابة
كلمات دلالية: عبده جبير وفاة كاتب مصري أديب مصري التشابه الوصف التاريخ
إقرأ أيضاً:
كيف غيّرت الجوائز الأدبيَّة أساليب الرواية؟
آخر تحديث: 8 ماي 2025 - 1:56 منوارة محمد لم تعد الجوائز الأدبيَّة مجرّد محطّات تكريميَّة تُسلّط الضوء على منجزات الكتّاب، بل تحوّلت، في السنوات الأخيرة، إلى أدوات تأثيرٍ فعّالة في تشكيل الذائقة الأدبيَّة، وتوجيه مسارات السرد، بل وإعادة صياغة الأساليب التي تُكتب بها الرواية العربيَّة. هذا التحوّل، الذي بدأ يتكرّس منذ اتساع نطاق الجوائز العربيَّة والعالميَّة، أثار أسئلة متعددة حول العلاقة بين الجائزة والنص، وحول ما إذا كانت الأخيرة تُكتب، أحيانًا، لتتناسب مع شروط الأولى.في السياق العراقي، كما في غيره من البلدان العربيَّة، لم يكن هذا التأثير موحّدًا ولا محلّ إجماع. فبينما يرى البعض في الجوائز حافزًا لتطوير أدوات الكتابة وتوسيع نطاق الموضوعات التي تتناولها الرواية، يُبدي آخرون تشكّكًا في أثرها، معتبرين أنها تفرض، بصمت، قوالب جاهزة ومعايير تجاريَّة، قد تُضعف من قيمة النصوص أو تدفع باتجاه تسطيحها. الكاتب العراقي وارد بدر السالم يعبّر بوضوحٍ عن هذا التحفظ، إذ يرى أنَّ الجوائز، وخصوصًا تلك التي تتسمُ بطابعٍ ماليٍ أكثر منه نقدي، لم تتمكن من إحداث تحوّلٍ حقيقيٍ في أساليب الكتابة الروائيَّة. وبحسب ما يرى فإنَّ “ما تتيحه هذه الجوائز من فرص انتشار أو مكافآت ماليَّة قد يكون دافعًا لتسويق أفكار روائيَّة، أكثر من كونه مساهمة في تطوير البنية الفنيَّة للنص. حضور كبار النقاد في لجان التحكيم لم يكن كافيًا لضمان نقلة نوعيَّة، ما دامت آليات التقييم والمشاركة غير محكومة بضوابط صارمة”.في المقابل، يشير الروائي شوقي كريم حسن إلى أثر إيجابي ملحوظ للجوائز الأدبيَّة على المشهد الروائي المحلي. ومن وجهة نظره، فإنَّ الجوائز دفعت الكتّاب إلى التماس قضايا اجتماعيَّة وسياسيَّة أكثر حساسيَّة، وإلى التجريب في تقنيات السرد بما يواكب التحولات الثقافيَّة والسياسيَّة في العراق والمنطقة. كما يرى أنها أسهمت في تحفيز اهتمام الروائيين بالتراث المحلي والهويَّة، ما أضفى على النصوص بعدًا واقعيًا ومركّبًا”. أما الناقد والأكاديمي الدكتور أحمد ضياء، فيُعيد الظاهرة إلى سياق أوسع، إذ يبين التحولات السياسيَّة التي شهدها العالم العربي خلال العقدين الأخيرين. وتراجع النظم السلطويَّة، وظهور فضاءات جديدة للتعبير، ازدادت وتيرة الكتابة الروائيَّة، لكنها، بحسب رأيه، جاءت في كثيرٍ من الأحيان مندفعة وعاطفيَّة أحياناً وهي مدفوعة برغبة الوصول السريع إلى الشهرة، لا سيما مع تصاعد أهميَّة الجوائز كأداة انتشار. وهو يرى أنَّ هذا “التسابق” أسهم في خلق روايات تنحاز إلى ما يُتوقّع منها، أكثر مما تعبّر عن رؤى إبداعيَّة مستقلة. وفي لقاءات عدة يطرح الروائي أحمد سعداوي مقاربة أكثر توازنًا. ففوزه بجائزة “البوكر” العربيَّة عام 2014 عن روايته (فرانكشتاين في بغداد) جعله في موقع تجربة ملموسة. وقد أشار غير مرة إلى أنَّ الجوائز يمكن أنْ تُفسح المجال أمام الكاتب للتفرغ والإنتاج والانفتاح على أسواقٍ جديدة، لكنها قد تخلقُ أيضًا إغراءاتٍ غير معلنة، تدفع ببعض الكتّاب إلى الكتابة على وفق ما يظنّونه “معايير الفوز”.وسط هذا التباين، يبقى السؤال معلّقًا: إلى أي مدى يمكن للجوائز الأدبيَّة أنْ تصنع تحوّلًا حقيقيًا في أساليب الكتابة؟ وهل تُكتب الرواية اليوم لتعبّر عن رؤى كاتبها أم لتتناسب مع معايير الفوز؟ ما يبدو مؤكدًا، أنَّ الجوائز باتت جزءًا من البنية الثقافيَّة للنص العربي المعاصر، وأنَّ تأثيرها -سلباً أو إيجاباً- لا يمكن فصله عن مسار تطوّر الرواية، كفنٍّ يعيد صياغة نفسه باستمرار، ضمن شروط زمنه. ومثلما قال الروائي البرتغالي جوزيه ساراماغو، الحائز على نوبل: “الجوائز لا تخلق كاتبًا، لكنها قد تغيّر طريقه”.أما الكاتب الأمريكي وليم فولكنر فذهب أبعد من ذلك، حين رأى أنَّ “الكاتب الجيد لا يكتب ليفوز، بل يكتب ليقول الحقيقة، حتى لو خسر كل شيء في الطريق”. وبين هذين الموقفين، تواصل الرواية العربيَّة محاولتها التوازن بين الطموح الفني وضرورات المشهد الأدبي المتحوّل.