مُنظمة التحرير: الفلسطينيون لن يسمحوا بـ«نكبة جديدة»
تاريخ النشر: 15th, November 2023 GMT
أكدت مُنظمة التحرير الفلسطينية، اليوم، الثلاثاء، أن ما يجري في قطاع غزة من قتل جماعي لا يمكن توصيفه إلا تحت بند الإبادة الجماعية وجرائم الحرب، بل هي أكبر عملية إبادة جماعية تمارس على الهواء مباشرة.
وشددت دائرة شؤون اللاجئين بالمنظمة -في بيان صحفي- على أن "العالم اليوم على مفترق طرق فيما يخص القيم الإنسانية"، داعيةً المجتمع الدولي لاتخاذ موقف واضح بشأن هذه الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وقالت، إن إسرائيل وتحت غطاء مزيف لفكرة "الدفاع عن النفس"، تسعى إلى تبرير الإبادة الجماعية في غزة والتطهير العرقي اليومي في كل الأرض الفلسطينية، وتحت هذا التبرير الزائف تمارس مجددا ما حدث للشعب الفلسطيني في نكبته الأولى عام 1948، ونكسة 1967، ولكن هذه المرة على نطاق أوسع حيث تنفذ فعلياً تطهيرا عرقيا جماعيا له تحت ضباب الحرب.
وأضافت أنه ليس من حق المجتمع الدولي مطالبة الضحية الفلسطينية بإدانة نفسها من جهة، ومن جهة أخرى إعطاء ترخيص بقتل الفلسطينيين تحت حجج ومبررات الدفاع عن النفس.
وأكدت دائرة شؤون اللاجئين، الرفض المطلق لأي مشاريع أو أفكار أو اقتراحات للتهجير، واعتبارها مشاريع تسعى للإجهاز على القضية الفلسطينية برمتها، وخلق حالة لجوء فلسطينية جديدة سيكون لها تأثيرها الخطير على الإقليم والعالم، مشيرة إلى أن الحل أو المدخل الحقيقي يكمن في معالجة شاملة للقضية الفلسطينية من خلال الإقرار بالحقوق الفلسطينية وفقا للشرعية الدولية ومن خلال إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وعودة اللاجئين وفقا للقرار 194.
وطالبت الدائرة بالوقف الفوري لإطلاق النار والعدوان على قطاع غزة، وإتاحة المجال للطواقم الطبية والدفاع المدني وطواقم الإنقاذ من انتشال المفقودين من تحت الأنقاض، وإتاحة المجال للمواطنين الفلسطينيين من العودة لبيوتهم وأملاكهم ومصادر رزقهم.
كما شددت على ضرورة فتح معبر رفح وممرات إنسانية عاجلة وآمنة تسمح بإدخال كل احتياجات قطاع غزة من الغذاء والماء والوقود والدواء، دون شروط أو قيود أو تحديد لعدد الشاحنات، وكذلك السماح بسفر الجرحى للعلاج في الخارج، ووصول طواقم طبية إلى غزة للمساعدة في إنقاذ الجرحى، ورفض المفهوم الإسرائيلي للممرات الآمنة التي من شأنها دفع الناس، وتحت تهديد القوة والتدمير والقتل، إلى ترك قطاع غزة نحو شمال سيناء والذي هو مخطط أصبح مكشوفا للقاصي والداني.
وجددت الدائرة التأكيد على تفويض وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وفقا للقرار 302، وعلى مشارِكتها الفاعلة في إيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى قطاع غزة بشكل كامل، وعودة عملها ومقرها الرئيس في مدينة غزة، وإجراء التنسيق اللازم والتعاون مع كافة الوكالات الأخرى مثل منظمة الصحة العالمية، وبرنامج الأغذية العالمي، ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، واليونيسيف.
وأكدت الدائرة ضرورة أن تعمل هذه المنظمات الأممية على رفض الشروط التي تفرضها إسرائيل، والتي تهدف إلى تهجير الفلسطينيين قسرًا من شمال غزة إلى جنوبها بشكل قاطع، والعمل على توفير مساكن ومآوي مناسبةً وآمنة وملبية لاحتياجاتهم الإنسانية الأساسية.
وقالت إن ما يحدث اليوم في غزة والضفة الغربية والقدس هو محاولة مستميته من جانب إسرائيل لإعادة إنتاج نكبة أو نكسة جديدة بحق الشعب الفلسطيني، يكون الهدف الأكبر لها هو تهجير شعبنا الفلسطيني إلى خارج حدود فلسطين التاريخية، من أجل الوصول إلى القضاء على القضية الفلسطينية والحقوق الوطنية الفلسطينية وحسم الصراع، حسب وجهة نظر حكومة الحرب الإسرائيلية.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الأردن منظمة التحرير الفلسطينية قطاع غزة العاهل الأردني ولي عهد الأردن الملك عبدالله غزة غزة تحت القصف ملك الأردن الاردن الملك عاهل الأردن ملك الاردن قصف غزة غلاف غزة غزة الان قطاع غزة الان غزة اليوم صواريخ غزة تهجير الفلسطينيين غزة الآن قطاع غزة اليوم حرب في قطاع غزة مستوطنات غلاف غزة قصف قطاع غزة سكان غزة مستشفيات غزة غزة تستغيث تهجير الفلسطينيين إلى أرض سيناء ملك الاردن في مصر مظاهرات الأردن مرض السرطان الأردن عمان الاردن قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
نكبة فلسطينية أم انقلاب عربي؟
قد يبدو غريبا ـ ربما شاذا ـ أن نتحدث عن أمل في عتمة اليأس، أو أن نمتدح تدفق شلالات النور في قلب الظلام الدامس، وقبل أكثر من عشرين سنة، كانت الأحوال على ما قد نتذكر، كان الجنرال آرييل شارون قد أكمل لتوه اجتياح الضفة الغربية، مدنا وقرى ومخيمات، وكانت السكين تقترب من رأس الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وكان الوضع العربي عموما على ما نعرف من العجز وبؤس المشهد، وفي غمرة الانفعال باللحظة المؤسية، كتبت وقتها تعليقا على ما جرى في الأمة المنكوبة حكاما وشعوبا، نصا «هذه أمة لا يغفر الله لعصاتها، ولا يستجيب لدعاء تقاتها»، ومن شرفة التاريخ اليوم، يبدو ما كتبت وقتها ظلما لما كان، ولا يقاس سلبا إلى ما يقع اليوم، أو لا يقع، فلم تعد لأوصاف من نوع الانهيار والقعود والخيبة والخيانة إن شئت، من معنى يعقل، بل تعدت الأمة حكومات وشعوبا حواجز التردي كلها، وتعدت القاع إلى قاع القاع، ولم يعد للأمة المهزومة المخذولة من معنى مرئي، وانتهت إلى جثة، صارت في طور «التحلل الرمى» بمجازات التشريح الطبي.
وأيا ما كان تعريفك للأمة عربية كانت أو إسلامية، فحالة «التحلل الرمى» أقرب وصف للأمة إياها، وعلى الجبهة الفلسطينية الأمامية، تجرى أهوال يوم القيامة، والعذاب الأسطوري للشعب الفلسطيني، الذى يذبحونه بالجملة، وتقطع أشلاؤه كل يوم وكل ساعة وكل دقيقة، وحمم النار تحرق كل شيء بشرا وحجرا وشجرا.
وتتلاحق صور المحرقة المهلكة بالصوت والصورة، تستصرخ الضمائر الحية في عواصم بعيدة، بينما لا حس ولا خبر ولا آهة ألم في ما نسميه مجازا بعوالم العرب والمسلمين.
وعلى النحو الغالب الأعم، لا في الشوارع ولا في قصور الحكم، والكل ـ تقريبا ـ يدير ظهره ويشيح بصره حتى لا يرى حقول الدم، إلا من عصم ربك وهم قليل، وفي ساحات بعينها لعل أظهرها في اليمن الأشد فقرا وعاصمته العزيزة صنعاء، التي تخلو من البهارج والقصور وليالي «الهنك والرنك» وموائد الطعام الممدودة، فهم يحصلون على ما يسد الرمق بالكاد، وينافسون بجوعهم ما يجري من مجاعة مفروضة على أهل فلسطين، لكنهم يرسلون صواريخ النجدة يوميا إلى فلسطين المحتلة، التي وإن جرى اعتراضها وإسقاط أغلبها قبل تدمير أهدافها داخل كيان الاحتلال، فإنها تقتل الروح المعنوية لمستوطني الكيان، وتصيب ملايينهم بالفزع والرعب، والفرار إلى الملاجئ، وتهزمهم بالخوف قبل شظايا الصواريخ.
وأيا ما كان رأيك ورأيي في «الحوثيين»، وما فعلوا مع غيرهم باليمن الممزق المتألم، فقد تحولوا إلى ظاهرة كاشفة لمعدن الأمة الغائب، ولقدرتها المحجوزة في أكفانها، وهذا هو الوجه الآخر المغيب لظاهر الموات و»التحلل الرمى» العربي المعمم، تماما كما أن صمود الفلسطينيين الإجباري، وخبزهم لتراب وطنهم بأنهار الدماء، ومحنتهم التي جعلتهم «شعب الله المختار» في زماننا بامتياز، وتخلق تاريخا جديدا طالعا من رماد، لا تخبو فيه أمارات المقاومة الإعجازية من عشرات آلاف الشباب، يسكنون كما شعبهم في العراء وبين الأنقاض، وفي أنفاق تحت الأرض وفوقها، ويصنعون خبزهم ـ كفافهم وقنابلهم وعبواتهم ورصاصهم الذي لا ينفد.
ولا تزال السيرة باقية إلى الأجل غير المعلوم، وتلهم القادمين على ضفاف فلسطين في لبنان الذي يشتعل جمره تحت الرماد، وتظهر نداء الشهيد «محمد الضيف» «حتى في سوريا، التي يلحقونها بأمن «إسرائيل»، ويقتطعون من لحمها لتأكل «بهائم إسرائيل»، وتعبير «البهائم» ليس من عندي، بل هو لكاتبة «إسرائيلية» غاضبة من قطيع المعتاشين على الدم الفلسطيني، وصفت به في صحيفة «هآرتس» مسيرات أعلام المستوطنين، وهم يجتاحون المسجد الأقصى في ذكرى النكبة الكبرى، ويدنسونه بصلواتهم ورقصاتهم «التلمودية»، ويعدون لهدم «الأقصى» وإقامة هيكلهم المزعوم على أنقاضه.
ما أردت قوله إن كل عدوان يزكي نقيضه، وكل موات تبعثه فيه حياة جديدة، مهما عصف الألم وسالت الدماء واستبد الطغيان الوحشي، وإن ظلامنا الدامس لا يخفي شرر النور في رماده، وإن لحظات المآسي تعقبها ـ ربما ترافقها ـ المغازي الكفاحية النبيلة، فوقت أن كتبت قبل أزيد من عشرين سنة ما كتبت، وكدت أنعى الأمة التي نساها الله فأنساها نفسها.
كانت عيني كغيري على ظاهر التدهور والانحدار، مع أن أمة الحقيقة على الجانب الآخر، كانت تصنع بدماء المقاومين القلة تاريخا آخر، كان عبر وقتها من تحرير جنوب لبنان بالدم الذي كسر السيف، وانتقل إلى فلسطين المحتلة مع الانتفاضة الفلسطينية الثانية، ونجح في دفع العدو المحتل إلى الجلاء من طرف واحد عن غزة، التي تحولت بعدها رغم القهر والحصار إلى فلسطين مصغرة مكثفة، خاضت حروبا ضارية وحدها، هي أطول حروب عرفها تاريخ الصراع مع العدو «الإسرائيلي» الأمريكي.
ووصلت إلى ذروتها بعد زلزال السابع من أكتوبر 2023 الذي أعلن فيه محمد الضيف بيانه الأول من وراء الظلال، وعلى مدى عشرين شهرا إلى اليوم، كانت حرب الإبادة كفيلة بمحو أمة الملياري نسمة، لكنها عجزت عن كتم أنفاس «غزة» ذات المليونين، التي ظلت وتظل تصرخ وتنزف وتجوع وتعرى وتقاوم، وصهرتها النيران والمحارق والمجازر.
وحولت أهلها إلى صورة هي الأصفى والأنقى لجوهر الأمة الذاهلة الغائبة في موات طويل ذليل، لكن «غزة» الدامية ذاتها، سوف توقظ الأمة ولو بعد حين، من رقدة أهل الكهف، فقد نتلفت إلى ما يجري هنا أو هناك، ولا نجد ظاهرا غير قبض الريح والهوان بلا آخر، وهدايا تريليونات الدولارات إلى دونالد ترامب قرن الشيطان وقائد حرب الإبادة الجماعية والاجتثاث العرقي، مع خزي الأنظمة وحكامها، ومباريات الممالك، وتسابقها للفوز بمحبة الكاوبوي ترامب ورضا بنيامين نتنياهو، ومسارعة البعض من غير المرضي عنهم إلى «إعادات تموضع»، وإلى استدارات تكتيكية في المكان نفسه، لكن أحدا في ختام الأمر لن ينجو من مضاعفات وأهوال يوم القيامة في «غزة».
فما جرى ويجري ليس نهاية قصة ولا نكبة فلسطينية جديدة، كما يحلم المتخاذلون وغربان الشؤم، بل نحن ـ في ما نظن ـ على أعتاب انقلاب عربي جديد، لن تستقر معه صورة الشرق الأوسط الجديد المستهدف، ولن تدوم فيه سيادة «إسرائيل» على ما عداها، ولا الترتيبات التي أعدوا لها، ويشرعون فيها، لا إلى الشرق والشمال من جغرافيا كيان الاحتلال، ولا في الغرب والجنوب بالذات، ربما نكون بصدد حركات مقاومة جديدة طالعة من غرس الدم، وبصدد تغييرات سياسية واستراتيجية فيها طابع الإجبار لا الاختيار،.
وكما تزحف المخاطر داهمة بإفناء الفلسطينيين ودفعهم إلى التهجير، فإن دماء «غزة» ودمارها، تعلم المحبين والكارهين، أن الخضوع للكيان «الإسرائيلي» ليس فرضا ولا سنة، ولا شرطا لحياة ولا لبقاء، ولا الركوع لسيد البيت الأبيض من لزوم ما يلزم في الصلوات الخمس، خصوصا أنهم جربوا الوصفة المسمومة على مدى نصف قرن ويزيد، فلا هي صانت أوطانا ولا حمت عروشا ولا كفلت عيشا كريما، والعودة إليها غباء مطلق، وبالذات مع ما يجري عاصفا متلاحقا من تغيرات في خرائط القمة الدولية، التي لا تشير أبدا إلى اتصال طغيان أمريكا وانفرادها بمصائر العالم، وهي التي مشت على بطنها مضطرة لعقد اتفاق وقف نار مع جماعة بمقاس «الحوثي»، بعد أن طاشت غارات ترامب وحاملات طائراته وقوته المسلحة «العظمى» مع الريح، فما بالك إذا استيقظت قطاعات أكبر من الأمة المغيبة في مواتها، ووعت درس التحدي الذى يصنع المعجزات.
والخلاصة فيما يجري اليوم وغدا، أن من يريد أن يشتري يأسا، فبضاعته في السوق كثيرة مغرية، لكنه اليأس الذى ينجب أملا يبدو لناظره مستحيلا، ونحن لا ننظر بل ننتظر بعد كل هذا القتل والدمار والنيران، وقد زالت وتزول معه كل ممالك الأوهام، وثبت أن طلب السلام مع كيان العدوان الهمجي ليس له من معنى، إلا أن يكون خضوعا واستسلاما، لن يحفظ حتى رقاب المستسلمين والخانعين، فطوفان النيران يزحف، ولن يحفظ أمنا لأحد، حتى لو طبعت كل الدول العربية مع «إسرائيل» كما قال رئيس أكبر دولة عربية، فلم تعد «إسرائيل» تطلب مزيدا من «تطبيع»، بل تريد «التتبيع» الكامل، والاستيلاء المباشر على الأرض ودهس العرض، والحكام الذين يطلبون وظائف الخدم في البيت «الإسرائيلي»، لا يخدعون أحدا بأقنعة شرق أوسط جديد ولا قديم.
القدس العربي