الأميرة رشا يسري تكتب.. «إسرائيل.. دولة قامت على النمط الأمريكي»
تاريخ النشر: 17th, November 2023 GMT
منذ أُعلن عن قيام دولة إسرائيل، بل وقبل إعلانها بسنوات كثيرة، عندما كانت فكرة عند ثيودور هرتزل كان النمط الأمريكى هو الملهم للمؤسسين الأوائل فى دولة الاحتلال الصهيونى، وهو نمط يتضمن الإبادة، فكما قامت أمريكا على أشلاء الهنود الحمر. ظهر النمط الإسرائيلى فى قيام دولتهم كنسخة مصغرة من هذا النمط الأوسع. ولذلك فإننى أستغرب ممن يستغربون العنف والإبادة المستمرة التى يرتكبها الصهاينة ضد السكان الأصليين فى فلسطين منذ إعلان قيام إسرائيل، ففكرة دولتهم فى الأساس قامت على نفى الآخر بالقتل أو التهجير فى دفعه بالقوة للخروج من الأرض.
ولذلك فقد سوّقت العصابات الصهيونية لنفسها منذ البداية فى أنها عندما تقوم بأداء مهام قتالية، أو عندما تقوم بمهام استخباراتية، فإنها بذلك تدور فى إطار الدولة التى أقيمت لتكون قاعدة عسكرية للغرب.. دولة وظيفية لتنفيذ أجنداته فى المنطقة، ولا يمنع ذلك من تقديمها فى غلاف دينى وقومى محشو بالأساطير والنبوءات، لإقناع شعوب الغرب بحتمية قيام إسرائيل.
وبينما هى كذلك ومنذ تأسيسها يقوم الغرب بتقديم الدعم المالى والسياسى والعسكرى لها بسخاء منقطع النظير، وفى ذلك الإطار لا يبدو غريباً ما أكده بوضوح الرئيس الأمريكى جو بايدن فى مؤتمر صحفى من تل أبيب: «لو لم تكن هناك إسرائيل فى الوجود لعملنا على إقامتها وسنستمر فى دعمها». وأضاف الرئيس الأمريكى فى حديثه عن عملية «طوفان الأقصى» أن «ما حدث فى إسرائيل يشكل 15 ضعفاً لما حدث فى 11 سبتمبر»، وأشار «بايدن» إلى أنه سيطلب من الكونجرس الأمريكى تقديم مساعدة «غير مسبوقة» لإسرائيل.
ما قاله جو بايدن فى تل أبيب أثناء زيارته لها أثناء حربها على غزة فى أعقاب عملية «طوفان الأقصى» لم يكن التصريح الأول له فى حياته، فقد سبقه تصريح يحمل نفس المعنى وبصيغة أكثر وضوحاً عام 1986 عندما كان عضواً فى الحزب الديمقراطى، كان يتحدث آنذاك عن الوجود الإسرائيلى فى المنطقة وقال: «إذا نظرنا إلى الشرق الأوسط، لو لم تكن هناك إسرائيل، لكان على أمريكا خلق إسرائيل لحماية مصالحها فى المنطقة». وعلى ذلك فالمتحدثون الرسميون الإسرائيليون أثناء زياراتهم الدائمة إلى الولايات المتحدة كثيراً ما يشيرون إلى أن أمريكا وهى تسعى للحفاظ على أمنها القومى فى منطقة الشرق الأوسط، تحتاج إلى استخدام عشر حاملات طائرات، ويشيرون إلى أن تكلفة تشغيل حاملة ثابتة واحدة يصل إلى 5 مليارات دولار. وفى هذا السياق، يتم التأكيد أن تكلفة دعم إسرائيل للولايات المتحدة تقدر بحوالى 3 مليارات دولار فقط، حتى إن رئيس الوزراء الإسرائيلى الراحل أرييل شارون وهو يشير إلى هذه الإحصائيات ذات مرة، ابتسم وعبَّر قائلاً: «أين الباقى؟». لذلك.. ونحن نتعامل مع القضية لا بد لنا أن نفهم قيمة ومكانة إسرائيل عند الغرب بالعموم وعند أمريكا على وجه الخصوص، فالحديث هنا لا بد أن تتنحى عنه العنتريات، الرئيس السادات قال فى مؤتمر صحفى وهو يبين أسباب قبوله وقف إطلاق النار عام 1973: إنه أرسل برقية للرئيس حافظ الأسد يوم 19 أكتوبر قال له فيها إنه بعد 3 أيّام من بدء القتال لم يكن يحارب إسرائيل، بل كان يحارب الولايات المتحدة الأمريكية نفسها. ومن ذلك لا يبدو غريباً هذا الاصطفاف لحاملات الطائرات الأمريكية والبوارج والغواصات والفرقاطات البريطانية والفرنسية والألمانية فى البحرين المتوسط والأحمر دعماً لإسرائيل.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: إسرائيل أمريكا الرئيس السادات فى المنطقة
إقرأ أيضاً:
تململ وتحولات مفاجئة.. هل بدأ اليمين الأمريكي بمراجعة علاقته مع إسرائيل؟
في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة، وتوالي الصور التي توثق المجاعة والدمار على وسائل التواصل الاجتماعي، بدأت مؤشرات التصدّع تظهر في الدعم التقليدي والثابت الذي لطالما قدّمه اليمين الأمريكي لإسرائيل. اعلان
يبدو أن مدة الحرب وكلفتها البشرية، إضافة إلى استهداف الجيش الإسرائيلي لأهداف مسيحية، تسببت في تعميق السخط داخل صفوف اليمين الأمريكي. فقد بدأ عدد من المعلقين المحافظين بالتراجع عن تأييدهم للحرب، فيما وجّه السفير الأمريكي انتقادات حادة للمستوطنين في الضفة الغربية، واصفًا بعض أفعالهم بأنها "إرهابية".
ورغم استمرار الدعم العسكري والدبلوماسي الأمريكي، إلاّ أن اللافت أن مارجوري تايلور غرين أصبحت أول عضو جمهوري تصف الحرب الإسرائيلية بأنها "إبادة جماعية"، في تحول مفاجئ داخل الحزب.
الرأي العام يتبدّليعكس هذا التململ أيضًا تغيّرًا في الرأي العام الأمريكي، فقد أظهر استطلاع أجرته شبكة CNN تراجعًا ملموسًا في تأييد الأمريكيين لإسرائيل منذ اندلاع الحرب.
صحيح أن التراجع كان أوضح بين الديمقراطيين والمستقلين، إلا أن نسبة الجمهوريين الذين يعتبرون أفعال إسرائيل مبررة انخفضت من 68% عام 2023 إلى 52%. ويُرجَّح أن صور المجاعة في غزة لعبت دورًا كبيرًا في هذا التحوّل.
وكانت الأمم المتحدة قد أفادت بوفاة 147 شخصًا جوعًا، بينهم 88 طفلًا، وبأن نحو ثلث السكان يعيشون بلا طعام.
Related ترامب يعلن تقليص مهلة الـ50 يومًا لبوتين للتوصل إلى اتفاق سلام في أوكرانيامحذرًا إيران من عودة نشاطها النووي.. ترامب: سنعمل على إنشاء مراكز غذاء في قطاع غزةمع تفاقم الكارثة في غزة.. تصاعد الانتقادات لنهج نتنياهو وترامب يدعوه لاعتماد مقاربة جديدة الغضب يصل إلى البيت الأبيضفي موقف لافت يوم الإثنين، ناقض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رواية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التي تنكر وجود مجاعة في غزة، قائلًا للصحفيين: "إنها مجاعة حقيقية... أراها، ولا يمكنك تزييف ذلك. لذا، سنكون أكثر انخراطًا".
أما استهداف الجيش الإسرائيلي لكنيسة كاثوليكية في غزة، والذي أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة تسعة بينهم كاهن، فقد أثار غضبًا واسعًا لدى المحافظين. وتواصل ترامب مباشرة مع نتنياهو معربًا عن استيائه.
وبعد أيام من القصف، زار السفير الأمريكي لدى إسرائيل مايك هاكابي، بلدة الطيبة الفلسطينية المسيحية في الضفة الغربية، عقب هجوم شنّه مستوطنون أشعلوا النيران قرب كنيسة أثرية. وفي بيان له، وصف هاكابي الهجوم بأنه "كارثي" و"عمل إرهابي"، داعيًا إلى محاسبة الفاعلين، لكنّه لم يحمّل الحكومة الإسرائيلية أو المستوطنين أي مسؤولية مباشرة.
اليمين الأمريكي يعيد حساباته؟تعكس هذه المواقف المتسارعة تغيرًا أعمق، فقد اعتبر تود ديذريج، الشريك المؤسس لمنظمة "تيلوس" الأمريكية، أن بيان هاكابي كان "مفاجئًا" ويشير إلى "بعض التعقيد داخل حركة لم تعرف التعقيد من قبل".
من ناحيته، أعرب المعلّق اليميني الكاثوليكي مايكل نولز عن خيبة أمله من أداء الحكومة الإسرائيلية، قائلًا: "كنت داعمًا بشكل عام لدولة إسرائيل... لكنكم تخسرونني". وأضاف: "يجب أن تنتهي الحرب. إلى متى ستستمر؟ أمريكا هي الصديق الوحيد لإسرائيل، ولا أفهم ما تفعله الحكومة الإسرائيلية هنا".
كما رفض جو روغن، قدم بودكاست أمريكي معروف، والذي أيّد ترامب سابقًا، استضافة نتنياهو على برنامجه، بحسب ما أفاد به يائير نتنياهو، نجل رئيس الوزراء. كما نشر روس دوثات، كاتب الرأي المحافظ في "نيويورك تايمز"، مقالًا رأى فيه أن العملية العسكرية الإسرائيلية باتت "غير عادلة".
ورغم أن هذه التحوّلات لا تزال في بدايتها، إلا أن مؤشرات الشك والتململ بدأت تتغلغل في أوساط التيار المحافظ، وخصوصًا ضمن دوائر الشباب والنشطاء والموظفين السياسيين، وبدأت تتشكّل مساحة داخل أوساط اليمين الأمريكي لإعادة تقييم علاقة لطالما اعتُبرت ثابتة.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة