بشكل أعمى، يتبع قادة المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي السياسية الخارجية الأمريكية الداعمة للحرب الإسرائيلية على غزة،  إذ يبدو أنهم لم يتعلموا شيئا من الغزو الكارثي للعراق وأفغانستان بعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001.

ذلك ما خلص إليه حمد الله بايكار وعلي بكير، في تقرير بموقع "ميدل إيست آي" البريطاني (MEE) ترجمه "الخليج الجديد"، مضيفين أنه منذ هجوم حركة "حماس" المفاجئ، ردت إسرائيل بقتل ما لا يقل عن 11500 فلسطيني (ارتفعت الحصيلة إلى 12300 شهيد)، بينهم 4500 طفل، أي مقتل طفل كل 15 دقيقة.

وفي 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أطقت "حماس" هجوم "طوفان الأقصى" ضد مستوطنات محيط غزة؛ ردا على اعتداءات الاحتلال اليومية بحق الشعب الفلسطيني، وقتلت 1200 إسرائيلي وأسرت نحو 239 ترغب في مبالدتهم مع أكثر من 7 آلاف أسير فلسطيني، بينهم أطفال ونساء، في سجون الاحتلال.

وتابع بايكار وبكير أنه "من دون مناقشة السبب الجذري وراء هجوم حماس، والذي اعترف حتى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بأنه كان نتيجة "56 عاما من الاحتلال الخانق (للأراضي الفلسطينية)"، يحتاج الأوروبيون إلى أن يتذكروا السياسة الأمريكية في مرحلة ما بعد 11 سبتمبر والندم عليها".

وفي ذلك اليوم، قُتل نحو ثلاثة آلاف شخص في هجمات بطائرات مدنية استهدفت مبانٍ حكومية في مدينتي نيويورك وواشنطن، وتبناها تنظيم القاعدة"؛ ردا على السياسات الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط.

ولفت بايكار وبكير إلى أنه "مباشرة بعد هجوم 7 أكتوبر، قارنه العديد من المسؤولين، وبينهم الرئيس الأمريكي جو بايدن، بأحداث 11 سبتمبر، حتى أن بايدن قال: بالنسبة لدولة بحجم إسرائيل، كان الأمر أشبه بـ15 حادثة 11 سبتمبر".

وشددا على أن "مقارنة بايدن بأحداث 11 سبتمبر بعيدة كل البعد عن الصحة لأسباب عديدة، بينها كما ذكر غوتيريش أن الفلسطينيين رأوا أراضيهم تلتهمها المستوطنات وتُبتلى بالعنف مع خنق اقتصادهم وتهجير أهلها وهدم منازلهم. تلاشت آمالهم في التوصل إلى حل سياسي لمحنتهم".

واستدركا: "لكن يبدو أن العالم، وخاصة العالم الغربي، يخلق بيئة مشابهة لتلك التي حدثت بعد 11 سبتمبر، بما في ذلك تكرار الأخطاء العديدة التي ارتكبوها منذ أكثر من 20 عاما".

اقرأ أيضاً

إنترسبت: الفلسطينيون في أوروبا وأمريكا يخشون على حياتهم من الدعم الغربي المتواصل لإسرائيل

أكثر تشددا

و"الإدارة الأمريكية، على الرغم من مؤهلاتها كحزب ديمقراطي، تتصرف على النحو الأكثر تشددا الذي يمكن تصوره، ما يذكرنا بإدارات الرئيسين الجمهوريين جورج بوش الأب والابن"، كما تابع بايكار وبكير.

وأردفا: "والحقيقة أن رد بايدن على هجوم حماس ودعمه غير المشروط لإسرائيل كان سببا في استحسان من جانب الرئيس بوش الابن، وهو واحد من أشهر الرؤساء الأمريكيين بسبب حربه المصطنعة ضد العراق (2003)".

وأضافا أنه "علينا ألا ننسى أن رد فعل إسرائيل شهد قتلا غير متناسب للمدنيين من خلال الغارات الجوية العشوائية وانتهاك القانون الدولي باستخدام أدوات العقاب الجماعي في غزة (حيث يعيش نحو 2.3 مليون فلسطيني)، مع حجب المساعدات وقطع إمدادات المياه والكهرباء".

بايكار وبكير قالا إنه "إذا بدا أن بايدن يتبنى خطا أمريكيا مألوفا ومتشددا في الشرق الأوسط، فإن دول الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة أيضا تفعل ذلك، ويبدو أنها لم تتعلم من أخطاء اتباع السياسة الخارجية الأمريكية بشكل أعمى".

وزادا بأنه "بعد مرور عقدين على هجمات 11 سبتمبر، والتي انتهت بغزو كارثي لبلدين هما أفغانستان (2001) والعراق، مما أودى بحياة مئات الآلاف من المدنيين الأبرياء ودفع المنطقة إلى الاضطرابات التي لا تزال مستمرة، فإن الدول الغربية تبدو مستعدة مجددا لارتكاب المزيد من الأخطاء المتعمدة".

اقرأ أيضاً

إيهود باراك: إسرائيل خسرت أوروبا وستحتك بالأمريكيين خلال أسابيع

حمد الله بايكار وعلي بكير/ ميدل إيست آي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

والأخطاء التي يرتكبها الزعماء الأوروبيون هذه المرة، بحسب بايكار وبكير، "تشبه إلى حد كبير الأخطاء التي ارتكبوها قبل عشرين عاما".

وتابعا: "أولا، يتجاهلون مرة أخرى الاحتجاجات المحلية الضخمة المناهضة للحرب والمطالب العامة بوقف إطلاق النار، وثانيا، يتجاهلون النداءات العامة واسعة النطاق لوقف دعمهم غير المشروط للولايات المتحدة (واليوم لإسرائيل)".

واستطردا: "وثالثا، يتقبل الزعماء الأوروبيون "معلومات" لم يتم إثباتها بعد، تماما مثل "المعلومات الاستخباراتية" سيئة السمعة التي زعمت وجود أسلحة دمار شامل لدى (الرئيس العراقي الراحل) صدام حسين (وهو ما لم تتمكن واشنطن من إثباته)".

و"رابعا، فشل الزعماء الأوروبيين في تعلم الدروس من تجارب الولايات المتحدة في أفغانستان، حيث تم تأمين البلاد ذات يوم من حركة طالبان، ثم تم تسليمها إليها في وقت لاحق (من عام 2021)"، كما أردف بايكار وبكير.

وزاد بأنه "رغم أن تأييد غزو أفغانستان كان أعلى بكثير من تأييد العمل في العراق، فإن الرأي العام كان يدرك تمام الإدراك أن الحملة العسكرية في أفغانستان ستدمر البلاد، وليس فقط "القواعد الإرهابية"، كما أوضح المتظاهرون في ذلك الوقت وهم يهتفون في واشنطن العاصمة: "دمروا الإمبريالية.. وليس أفغانستان".

اقرأ أيضاً

كارنيجي: حرب حماس وإسرائيل كشفت عجز أوروبا في الشرق الأوسط

المصدر | حمد الله بايكار وعلي بكير/ ميدل إيست آي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: 11 سبتمبر أوروبا أمريكا حرب كارثية غزة إسرائيل

إقرأ أيضاً:

لأول مرة.. الاستخبارات الدنماركية تصنّف أمريكا مصدر تهديد أمني محتمل

في تطور غير مسبوق في الخطاب الأمني الأوروبي، وصف جهاز الاستخبارات الدنماركي الولايات المتحدة للمرة الأولى بأنها "تهديد أمني محتمل"، في تقريره السنوي لعام 2025 المنشور على موقعه الإلكتروني، والذي يستعرض أبرز التهديدات الخارجية وتحديات السياسة الأمنية التي تواجه كوبنهاغن. 

ويعكس هذا الموقف تحولا لافتا في نظرة الدنمارك إلى الحليف الأكبر داخل حلف شمال الأطلسي، وسط تصاعد حالة عدم اليقين المتعلقة بالدور الأمريكي في أوروبا، ومؤشرات على تحول في السياسة الخارجية الأمريكية نحو أولويات جديدة تربك التوازنات التقليدية داخل الناتو.

تحول استراتيجي في أولويات واشنطن
أشار التقرير إلى أن الأولوية الاستراتيجية للولايات المتحدة باتت تتمثل في التنافس مع الصين والحفاظ على الأمن في جوارها المباشر. وقال التقرير إن التغيير الأبرز خلال عام 2025 يتمثل في أن واشنطن أعطت أولوية واضحة للحد من نفوذ الصين في منطقتها المباشرة، وهو ما ينعكس على التزاماتها الخارجية، بما فيها علاقتها مع الحلفاء الأوروبيين.

وبحسب التقييم، فإن هذا التحول دفع للمرة الأولى إلى إدراج الولايات المتحدة ضمن مصادر التهديد الأمني المحتمل، نتيجة ممارسات تعد مقلقة لكوبنهاغن.

 وأكد التقرير أن الولايات المتحدة باتت تستخدم قوتها الاقتصادية تحت تهديد فرض تعريفات جمركية عالية لتحقيق مصالحها الخاصة، كما ترسل إشارات متزايدة إلى أنها لن تتردد في استخدام قوتها العسكرية حتى ضد شركائها إذا تعارضت مصالحها مع مصالحهم.

ويشير التقرير إلى أن ذلك السلوك يعبر عن عقلية سياسية جديدة داخل الإدارة الأمريكية الحالية، قوامها تقسيم العالم إلى مناطق نفوذ، بدلا من الالتزام بالنظام الدولي القائم على قواعد متفق عليها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.


غموض  حول دور واشنطن كضامن لأوروبا
يحذر التقييم الدنماركي من أن الغموض المحيط بالدور الأمريكي التقليدي كضامن للأمن الأوروبي بات في ازدياد، وهو ما يفتح المجال، بحسب التقرير، أمام روسيا لتكثيف هجماتها الهجينة ضد أوروبا وحلف شمال الأطلسي.

ويرى معدو التقرير أن تراجع اليقين الأوروبي بشأن التزام واشنطن بالدفاع عن القارة يضع دول أوروبا أمام مسؤوليات أكبر في ما يتعلق بالقدرات الدفاعية والتسليح، في ظل تضاؤل الاعتماد على "المظلة الأمريكية" التي رافقت أوروبا طوال العقود الماضية.

وأشار التقرير إلى أن روسيا ستسعى لاستغلال مساعي الولايات المتحدة لإنهاء الحرب في أوكرانيا بسرعة بهدف خلق انقسامات بين واشنطن والعواصم الأوروبية، وخلخلة وحدة الموقف داخل الناتو.

القلق  يمتد إلى غرينلاند والقطب الشمالي
ولم يقتصر القلق الدنماركي على الخطاب الأمني العام، بل امتد إلى ملف غرينلاند، التي تتمتع بعلاقات خاصة مع كوبنهاغن، وتكتسب أهمية استراتيجية متنامية في القطب الشمالي.

وذكر التقرير أن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول رغبته في شراء غرينلاند، إضافة إلى محاولات واشنطن عقد اجتماعات مباشرة مع حكومة الجزيرة بمعزل عن الدنمارك، أعادت إشعال المخاوف من الطموحات الأمريكية في المنطقة.

ويرى التقرير أن التنافس بين الولايات المتحدة وروسيا والصين في القطب الشمالي يزيد من مخاطر التجسس ومحاولات التأثير السياسي في غرينلاند، التي أصبحت ضمن المناطق ذات الحساسية الأمنية العالية.

روسيا والصين لا تزالان التهديد الأكبر
رغم التصعيد الواضح في تقييم الدور الأمريكي، لا يزال جهاز الاستخبارات الدنماركي يعتبر روسيا والصين التهديدين الرئيسيين للأمن القومي.
ومع ذلك، يؤكد التقرير أن الحضور الأمريكي المتنامي والمضطرب أصبح جزءاً لا يمكن تجاهله من المعادلة الأمنية الراهنة، خصوصاً في ظل القرارات الأمريكية التي تحمل انعكاسات مباشرة على الأمن الأوروبي.
كما يحذر التقييم من أن روسيا قد تصبح أكثر استعدادا لتوسيع عملياتها العسكرية في أوروبا خلال السنوات المقبلة، وربما تصبح قادرة على شن حرب أوسع خلال خمسة أعوام، إذا انتهت الحرب في أوكرانيا دون تعزيز قدرات الناتو الدفاعية.

مقالات مشابهة

  • غنائم الانسحاب.. وثائقي للجزيرة يكشف حجم الأسلحة الأميركية التي استولت عليها طالبان
  • ألمانيا تتهم روسيا بشن هجوم سيبراني استهدف نظام ملاحتها الجوية
  • “القرار ليس لنا”.. فون دير لاين ترد على هجوم ترامب على أوروبا
  • هجوم مُركّز من التيّار على وزير الطاقة
  • نحو 100 قتيل في هجوم الإنتقالي على حضرموت.. ومعلومات تكشف حجم الإنتهاكات التي ارتكبتها مليشياته هناك
  • لأول مرة.. الاستخبارات الدنماركية تصنّف أمريكا مصدر تهديد أمني محتمل
  • سيناتور روسي: مشروع قانون انسحاب أمريكا من الناتو يعكس رفض الأمريكيين لتسليح أوروبا
  • هالاند يقود هجوم مانشستر سيتي أمام ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا
  • ستارمر يرد على هجوم ترامب: أوروبا «متحدة خلف أوكرانيا»
  • تراجع المؤشر الرئيسي للنشاط الاقتصادي في أمريكا خلال سبتمبر