الوطن:
2025-05-30@19:36:03 GMT

الأدب الفلسطيني.. طلقات الحبر الحارسة للقضية

تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT

الأدب الفلسطيني.. طلقات الحبر الحارسة للقضية

تمكّن المبدعون الفلسطينيون من التعبير عن قضيتهم عبر خطاب المقاومة الرافض لجميع صور العدوان الإسرائيلى الرامية إلى تشريد الشعب الفلسطينى واغتصاب أرضه، وفرض التهجير القسرى للمخيمات وارتكاب المجازر وحروب الإبادة على مدار عقود منذ وعد بلفور 1917.

تمكّن الأدب الفلسطينى من رصد الواقع والتطلعات، وكتب الروائى والشاعر القضية من وجهة نظره بما يُعد حلقة ذهبية من حلقات الأدب العربى المعاصر، وظهرت الأصوات البارزة لتروى تفاصيل القضية بمختلف أبعادها التاريخية والإنسانية، فالكتابة فى الأساس لتمكين وإثبات الحق، واستمرار الإيمان به.

الدكتور عادل ضرغام، أستاذ الأدب بجامعة الفيوم، يرى أنّ الشعوب التى تفتقر للشعراء والروائيين يتأثر إيمانها بقضيتها، مؤكداً أن المقاومة ما كان لها أن تستمر على هذا النحو إلا بتجليها فى نصوص إبداعية، سواء كانت شعرية أو روائية، والأدب الفلسطينى يضم أصواتاً كبيرة من المبدعين، ولكن يظل صوت محمود درويش هو الصوت التاريخى المعبر عن القضية.

وتابع «ضرغام» لـ«الوطن»: «درويش ليس الوحيد فى أدب المقاومة، وإنما احتل تلك المكانة كونه شاعراً له خصوصية، فهو أقرب إلى صوت المغنى الذى يعبّر عن آمال الوطن، لكن هناك أدباء كُثراً ربما لم يصلوا إلى مكانة درويش، سواء كانوا من الشعراء أمثال توفيق زياد، وسميح القاسم، وغيرهما.

كما أن هناك أيضاً روائيين لهم الأثر نفسه مثل غسان كنفانى، الذى تبنّت كتابته فكر المقاومة أيضاً، لتشكل نوعاً من التأسيس والامتداد لهذه الفكرة من خلال رواياته المتتابعة، وعندما نقرأ روايته (رجال فى الشمس)، فهى من عيون الأدب العالمى وليس العربى فحسب، لأن الفكرة فيها إنسانية إلى حد بعيد، وحالياً لدينا امتداد لهذه الأصوات، من بينهم يحيى يخلف وإبراهيم نصر الله، وهم من الأصوات الكاشفة عن هذا الحق».

وتابع: «إذا قمنا برصد الرسائل العلمية عن الأدب والمقاومة، سنجد كماً ضخماً من الدراسات، خصوصاً عن محمود درويش الذى أعطته القضية صوتها، وهذا معناه التفاف حقيقى حول القضية والحق، وفضلاً عن طبيعة القضية فالكلمة هى التى أعطت القضية هذا الاستمرار والبقاء فى الوجدان».

واستعرض الدكتور السيد نجم، صاحب العديد من الدراسات المتخصصة فى أدب الحرب والمقاومة، أبرز المراحل التى مر بها الأدب الفلسطينى قائلاً: «سجل الأدب الفلسطينى قضيته فى الشعر والقصة، وشهدت المرحلة التالية لنكبة 48 ما يشبه الصدمة وفقدان التوازن، وهى الفترة نفسها التى شهدت ميلاد إرهاصات البحث عن الذات والطريق والمقاومة».

ووصف «نجم» الفترة التالية على عام النكبة بأنها كانت قاسية، وهو ما يجعل الراصد للأدب الفلسطينى يبحث طويلاً، وربما لعبت عناصر كثيرة دوراً حتى انتبه الفلسطينى إلى وجدانه، بعد أن ضاقت به الأرض على سعتها، كما نشطت فى تلك الفترة وسائل الإعلام وتقدمت فى الدول العربية المجاورة لفلسطين، وبينها الإذاعة، خصوصاً فى مصر وسوريا، وجاء نشر كتاب «أدب المقاومة فى فلسطين المحتلة 1966- 1948» فى 1967م، لغسان كنفانى، بمثابة الميلاد لترسيخ مصطلح نقدى جديد.

وتناول «نجم» نماذج من الأدباء المخضرمين لتلك الفترة (التالية بعد النكبة)، قائلاً: «مؤيد إبراهيم ويوسف نخلة وحنا أبوحنا وتوفيق زياد وغيرهم، ثم أدباء وُلدوا قبل النكبة بقليل وأنضجتهم أحوالها، منهم محمود درويش، وسالم جبران، وسميح القاسم، وغسان كنفانى ومريد البرغوثى وآخرون، ثم جاء الفوج الثالث وقد نضجوا فى أواخر الستينات وربما السبعينات: نايف سليم وفوزى الأسمر وراشد حسين، أما وقد أنضجت التجربة الجميع، فتفجرت الطاقات وخرجت الأعمال مفعمة بالفن والتقنيات الحديثة»، وختاماً لا يمكن تجاهل بعض الروايات المعبرة عن مجمل ملامح القضية الفلسطينية: رواية «رجال فى الشمس» لغسان كنفانى، صدرت الطبعة الأولى عام 1963م. والتى تثير سؤال «الخلاص».. وما «المصير»؟.. فالحلول الفردية التى تبناها ثلاثتهم انتهت بموتهم.

وتطرّق الدكتور حمدى النورج، أستاذ مساعد النقد وتحليل الخطاب بأكاديمية الفنون، إلى ملامح الثقافة الفلسطينية، مشيراً إلى أنّ هناك رواداً فى أدب المقاومة، مثل غسان كنفانى ومحمود درويش ومريد البرغوثى، لكن الأدب فى فلسطين لا يُقرأ جيداً إلا بالمقارنة مع وجهة النظر الأخرى الخاصة بأدب «الهولوكوست» الصهيونى.

وأوضح لـ«الوطن»، أن النكبة الفلسطينية (48) ولّدت فعلاً مقاوماً، وتحولت عند المثقف الفلسطينى إلى فعل مقاومة، لذلك خرج الفلسطينيون أنفسهم بروح أقوى، وليس لديهم نمط بكائى فى الأداء الثقافى، بل على العكس لديهم احتفاء بالوطن وأهميته وبالشخصية الفلسطينية، فى مقابل أدب (الهولوكوست) الذى لا ينتصر لقوة المواقف ولا للأرض لأنه ليس لديه أرض بالأساس، (ليس لديه بُعد الأرض ولا بُعد الوطن).

وأضاف: «السمة الغالبة على الأدب الصهيونى (أدب الهولوكوست)، أنه يتبنى فى العموم (خطاب المظلومية)، الذى يتمثل سلوك الضحية، لذلك نجد فى تركيبة الشخصية العبرية صوت العويل والصراخ، لأنهم يحققون مكاسب من وراء سلوك الضحية الذى يعيشونه، حتى فى مفرداتهم يستخدمون مصطلحات البكائية السردية التاريخية القديمة مثل جيش الدفاع الإسرائيلى، ومن هذه المقارنة نستكشف قوة الأدب الفلسطينى وقوة قضيته التى تستند إلى شرعية وأرض تعبّر عن وجودها بثبات ووضوح ولها جذور ثقافية داخل المجتمع وبقوة، فى مقابل الآخر الذى لا يمتلك أياً من هذه الأسباب».

ولفت إلى أهمية حضور القضية فى الثقافة، لأنّ الروايات تصنع رسوخاً لأى قضية: «يظن البعض أن السلاح أقوى من القضية وأن البندقية أقوى من الكلمة، وذلك غير صحيح، ففعل البندقية قد يكون لحظياً، مع آثار دموية، لكن قوة القضية وتأثيرها مستمرة بفعل إيمان أصحابها بها، فى مقابل إسرائيل التى ما زالت تبحث عن رسوخها منذ 48.. فوهة بندقية العدو لن تصنع وطناً ولن تحافظ على قضية فى مقابل قوة الكلمة، والثقافة بكل مفرداتها ورموزها فى الوعى، فأبسط شىء الشال الفلسطينى الذى يؤكد أن فلسطين حاضرة، فهل يوجد شعب له رمز راحت قضيته؟».

ورصد الدكتور سيد على، أستاذ المسرح بجامعة حلوان، من خلال الدراسة التى قدمها حول تاريخ المسرح فى فلسطين قبل النكبة، باعتباره شاهداً على وجود دولة طبيعية اسمها فلسطين، عاشت حياة طبيعية قبل أن يستبدل اسمها باسم آخر، وشعبها بشعب آخر، وثقافتها بثقافة أخرى، ومسرحها بمسرح آخر، لا علاقة له بفلسطين.

وأضاف لـ«الوطن»: «يستند كُتاب المقاومة الفلسطينية من شعراء وروائيين إلى ثقافة عريقة، تتميز بالقدم والرسوخ، فقد ظهر المسرح فى فلسطين داخل المقاهى عام 1907، ومن أمثلة هذا النشاط المقاهى المسرحية، والنشاط المسرحى داخل المدارس والأندية والجمعيات، ناهيك عن الفرق المسرحية الفلسطينية، وأقدم وثيقة تثبت ذلك إعلان (قهوة البلور)، عندما أعلنت زبائنها بأن (فرقة حسن حسنى) ستمثل مسرحية (جنفياف) بمسرح المقهى فى 1907».

وأشار إلى أن فلسطين كانت إحدى المحطات الرئيسية لأغلب الفرق المسرحية المصرية التى زارت بلاد الشام، واستطاعت تلك الفرق أن تُسهم بشكل أو بآخر فى ظهور النشاط المسرحى الفلسطينى، ومن الفرق المسرحية المصرية التى زارت فلسطين، ووصل عددها إلى أكثر من 20 فرقة، فرقة أمين عطا الله، وفرقة سلامة حجازى، وفرقة منيرة المهدية، وفرقة رمسيس، وفرقة فاطمة رشدى، وفرقة على الكسار، وفرقة نجيب الريحانى، وغيرها.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الأدب الفلسطيني فلسطين وزير الثقافة فى فلسطین فى مقابل

إقرأ أيضاً:

قصر ثقافة أبو سمبل.. منارة علمية جديدة في أقصى جنوب مصر

أعلنت وزارة الثقافة، برئاسة الدكتور أحمد فؤاد هنو، عقب افتتاح قصر ثقافة أبو سمبل الجديد بمحافظة أسوان، أن القصر يعد منارة ثقافية جديدة فى أقصى جنوب مصر، تم تشييده وفقاً لفلسفة العمارة البيئية المستلهمة من أعمال المعمارى المصرى العالمى الراحل حسن فتحى، وقد تم تنفيذ التصميم المعمارى للقصر على أسس مستمدة من الطابع الريفى النوبى.

وكان قد افتتح الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة ، واللواء دكتور إسماعيل كمال محافظ أسوان قصر ثقافة أبو سمبل بفنيسيا الشرق .

ويأتى ذلك فى إطار مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسى " بداية جديدة لبناء الإنسان "، ووسط أنغام الفقرات الفلكلورية لفرقة أسوان للفنون الشعبية .

وشارك فى فعاليات الإفتتاح اللواء خالد اللبان مساعد الوزير لشئون رئاسة الهيئة العامة لقصور الثقافة ، والكاتب محمد ناصف نائب رئيس الهيئة ، فضلاً عن القيادات التنفيذية بالوزارة والمحافظة.

منارة علميةأسوان في 24 ساعة.. إطلاق مبادرة لمكافحة الإدمان.. ومتابعة لمستشفى التكامل وتوريد للقمح وإزالة للإشغالاتإطلاق مبادرة أسوان بلا إدمان بمشاركة مجتمعية ودينية وتنفيذية

ومن جانبه أكد وزير الثقافة على أنه وفقاً لخطة الوزارة يتم تطوير قصور الثقافة للحفاظ على الهوية المصرية، وتم إنشاء قصر ثقافة أبو سمبل بما يتناسب مع التطور الثقافى والتقنى فى ظل ما يمتلكه من نوادى للتكنولوجيا والآدب، ومراكز للحرف التراثية وعجانة كاملة للخزف وغيرها من المميزات الأخرى، مؤكداً على أهمية الحفاظ على قصر الثقافة وتحقيق الإستغلال الأمثل له .

فيما أكد الدكتور إسماعيل كمال على أن للثقافة والفنون دور رائد بإعتبارها القوى الناعمة لمصر ونافذة التواصل مع الشعوب والثقافات الأخرى .

وأشاد المحافظ بجهود وزارة الثقافة بقيادة الدكتور أحمد فؤاد هنو وإهتمامه الملحوظ لدعم المنظومة الثقافية والفنية بأسوان عاصمة الإقتصاد والثقافة الأفريقية سواء بتطوير وإنشاء المواقع الثقافية المختلفة أو بإطلاق العديد من الأنشطة والفعاليات والتى يأتى على رأسها حالة الزخم الفنى والثقافى الكبير الذى تحتضنه مختلف المواقع الثقافية بالمحافظة على مدار العام .

وأشار المحافظ إلى إهتمام القيادة السياسية بإقامة هذه الصروح التنويرية ليخرج على هذا المستوى الراقى، وليكون نقطة مضيئة فى أقصى جنوب مصر وهى مدينة أبو سمبل التى تمثل بقعة جميلة.

وأكد محافظ أسوان أنه سيتم التنسيق مع الشركات السياحية لوضع قصر ثقافة أبو سمبل على البرنامج السياحى للأفواج الزائرة، وهو الذى يتوازى مع تكثيف الأنشطة والفعاليات الثقافية بشكل منظم.

بينما قدم أهالى مدينة أبو سمبل خالص شكرهم للإهتمام الكبير من الرئيس عبد الفتاح السيسى لإقامة هذا الصرح الرائع الذى يعد بمثابة مركز ثقافى دولى وعالمى.

مقدمين شكرهم لوزير الثقافة ومحافظ أسوان لإفتتاح قصر الثقافة فى ثوبة الجديد عقب إنشاؤه ليكون قبلة للسائحين والزائرين.

وتجدر الإشارة إلى أن قصر ثقافة أبو سمبل يضم معرض الفنون التشكيلية، والذى تم غرض 26 عمل فنى به ، وتم إنشاء القصر على مساحة 5170 م2، ويتكون من دورين العلوى ويحتوى على المسرح ونادى الآدب ، ونادى تكنولوجيا المعلومات، ومعرض الفنون التشكيلية والحرف البيئية ، وقاعة أنشطة ومكتبة عامة ومكتبة للطفل ،  فضلاً عن غرفة كبار الزوار ، أما الأرضى فيضم 25 غرفة فندقية ، علاوة على منظومة إطفاء حديثة، وصالة إنتظار وأوفيس.

طباعة شارك اسوان محافظة اسوان اخبار محافظة اسوان

مقالات مشابهة

  • ذكرى وفاته.. أهم المحطات في حياة النجم حسن حسني
  • وزير الأشغال العامة الفلسطيني: نشكر مصر على دعمها للقضية الفلسطينية ودورها في منع التهجير
  • فلسطين في ثلاثة كتب باللغة البرتغالية.. نافذة للقارئ البرازيلي على القضية الفلسطينية
  • مبادرة “أبناء السودان” تواصل دعمها للقوات النظامية بولاية شمال كردفان
  • فلسطين يا رب العالمين
  • معسكر اعتقال أم مركز لتوزيع المساعدات.. نظام الدعم بغزة يعمل بكفاءة وغير معيوب
  • وفد الكنيسة الأرثوذكسية يقدم التهنئة لمحافظ أسوان بمناسبة عيد الأضحى
  • فتح: رفع علم فلسطين بـ الصحة العالمية دليل على دعم المجتمع الدولي للشعب الفلسطيني ونصرته
  • قصر ثقافة أبو سمبل.. منارة علمية جديدة في أقصى جنوب مصر
  • القصة القصيرة جدًا: إشكالية المفهوم والخصائص