السفير مصطفى الشربيني: معايير الاتحاد الأوروبي لـ"استدامة الشركات" تدعم الصفقة الخضراء
تاريخ النشر: 25th, November 2023 GMT
أكد السفير مصطفى الشربيني، الخبير الدولي في الاستدامة وتقييم مخاطر المناخ وسفير ميثاق المناخ الأوروبي رئيس الكرسي العلمي للبصمة الكربونية والاستدامة بالألكسو - جامعة الدول العربية، أن المعايير التي وضعها الاتحاد الأوروبي لإعداد تقارير استدامة الشركات" CSRD" تأتي لدعم الصفقة الخضراء الأوروبية وهي حزمة من المبادرات لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة، والاستثمار المباشر نحو الاستدامة، والاستثمار في البحث والابتكار، والحفاظ على البيئة الطبيعية في أوروبا، من خلال تمكين المستثمرين من تقييم المخاطر وتأثيرات الاستثمار المتعلقة بالاستدامة بشكل أفضل.
جاء ذلك في حوار لوكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم السبت، مع السفير مصطفى الشربيني للإجابة عن الأسئلة المتداولة المتعلقة بتطبيق توجيه الاتحاد الأوروبي لإعداد تقارير استدامة الشركات وعقوبات عدم الامتثال.
وقال الشربيني، إنه بشكل عام، يهدف "CSRD" إلى جعل الشركات أكثر مساءلة عن آثارها البيئية والاجتماعية وتسريع انتقال الاتحاد الأوروبي إلى نظام اقتصادي ومالي مستدام وشامل.. مشيرا إلى أن تشريع للاتحاد الأوروبي، ساري المفعول منذ 5 يناير 2023، والذي يتطلب من شركات الاتحاد الأوروبي الإبلاغ عن التأثير البيئي والاجتماعي لأنشطتها التجارية، وعن تأثير الأعمال لجهودهم ومبادراتهم البيئية والاجتماعية والحوكمة، والهدف من توجيه الاتحاد الأوروبي لإعداد تقارير استدامة الشركات CSRD هو توفير الشفافية التي من شأنها أن تساعد المستثمرين والمحللين والمستهلكين وأصحاب المصلحة الآخرين على تقييم أداء الاستدامة لشركات الاتحاد الأوروبي بشكل أفضل بالإضافة إلى التأثيرات والمخاطر التجارية ذات الصلة.
وأضاف أنه يتعين على المؤسسات الكشف عن معلومات حول كيفية تأثير أنشطتها التجارية على الكوكب وسكانه، وكيف تؤثر أهداف الاستدامة وتدابيرها ومخاطرها على الصحة المالية للشركة على سبيل المثال، بالإضافة إلى مطالبة المؤسسة بالإبلاغ عن استخدام الطاقة وتكاليفها، ويجب الإبلاغ عن مقاييس الانبعاثات التي توضح بالتفصيل كيفية تأثير استخدام الطاقة على البيئة، وأهداف تقليل هذا التأثير، ومعلومات حول كيفية تأثير تحقيق هذه الأهداف على مالية المنظمة ويجب أن تكون جميع إفصاحات توجيه الاتحاد الأوروبي لإعداد تقارير استدامة الشركات متاحة للعامة، وتفرض تدقيقًا من طرف ثالث على جميع الإفصاحات للتأكد من دقتها واكتمالها.
وحول أسباب تقديم توجيه الاتحاد الأوروبي لإعداد تقارير استدامة الشركات، أوضح أنه بجانب هدف الحياد المناخي لأوروبا لعام 2050 ومبادرات الصفقة الخضراء الأوروبية، فإن تحسين الإفصاحات المناخية سيساعد على توفير "صناعة مرنة وقادرة على المنافسة عالميًا، ومبان مجددة تتسم بالكفاءة في استخدام الطاقة، وطاقة أنظف، وابتكار تكنولوجي نظيف متطور"، بالاضافة إلى تحسين عملية الإفصاح وتزويد المستثمرين والمستهلكين بطريقة أبسط وأكثر اتساقًا لفهم ومقارنة التأثير البيئي والاجتماعي والحوكمة لأنشطة المنظمة، واتخاذ قرارات مستنيرة بناءً على بيانات الاستدامة.
وعن الشركات التي يجب أن تمتثل لـتوجيه الاتحاد الأوروبي لإعداد تقارير استدامة الشركات، أشار إلى أنه خلال خمسة سنوات، ستحتاج جميع المنظمات أو المؤسسات التالية إلى الامتثال لتوجيه الاتحاد الأوروبي ومنها الشركات الكبيرة المدرجة؛ ويشمل ذلك أي شركات مدرجة في بورصة سوقية ينظمها الاتحاد الأوروبي - باستثناء "المشروعات الصغيرة" التي تفشل في تلبية اثنين من المعايير الثلاثة التالية في تواريخ الميزانية العمومية المتعاقبة: ما لا يقل عن 350،000 يورو من إجمالي الأصول؛ ما لايقل عن 700000 يورو في صافي المبيعات (الإيرادات) ما لا يقل عن 10 موظفين (متوسط) على مدار العام، بجانب المشاريع الكبيرة التي يوجد مقرها في الاتحاد الأوروبي، سواء كانت مدرجة أم لا، وكذلك مؤسسات "البلد الثالث" وتشمل هذه الشركات التابعة في الاتحاد الأوروبي للشركات الأم من خارج الاتحاد الأوروبي، والتي تبلغ إيراداتها السنوية في الاتحاد الأوروبي 150 مليون يورو على الأقل في العامين الأخيرين.
وحول معايير التقارير للاستدامة، قال الشربينى إن هناك 12 معيارًا ESRSفي المجمل، والتي تعرض تفاصيل الإفصاحات والمقاييس عبر مسائل الاستدامة في أربع (4) فئات الشاملة: المبادئ العامة والإفصاحات العامة، البيئة: تغير المناخ، التلوث، الموارد المائية والبحرية، التنوع البيولوجي والنظم البيئية، استخدام الموارد والاقتصاد الدائري، اجتماعيًا: القوى العاملة الخاصة، والعاملون في سلسلة القيمة، والمجتمعات المتضررة، والمستهلكون، والمستخدمون النهائيون، الحوكمة: سلوك الأعمال.
وعن موعد التزام الشركات بتوجيه الاتحاد الأوروبي لإعداد تقارير استدامة الشركات CSRD، ذكر أنه سيتم تنفيذ الامتثال لتوجيه الاتحاد الأوروبي لإعداد تقارير استدامة الشركات CSRDتدريجيًا من عام 2024 حتى عام 2029.
وعن عقوبات عدم الامتثال، نوه إلى أن اتفاقية توجيه الاتحاد الأوروبي لإعداد تقارير استدامة الشركات تتطلب من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أن يكون لديها كيان للتحقيق والامتثال لفرض عقوبات "فعالة ومتناسبة ورادعة" بناءً على عدة عوامل، بما في ذلك خطورة الانتهاك ومدته والوضع المالي للشركة وسيتم تحديد عقوبات عدم الامتثال لـ توجيه الاتحاد الأوروبي لإعداد تقارير استدامة الشركات من قبل الدول الأعضاء الفردية بناءً على قوانين الولاية ذات الصلة ومن المستحسن أن تظل كل شركة مطلعة على أي تغييرات في التشريعات وأن تحصل على المشورة القانونية لضمان الامتثال وتجنب التحقيقات والعقوبات المحتملة.
ولفت الشربيني، إلى أن الاتحاد الأوروبي قام بتحديث معايير سلسلة التوريد الخاصة بالشركات؛ من حيث الإبلاغ المنتظم وتحديد أهداف الانبعاثات وقد يؤثر معيار سلسلة التوريد الجديد على آلاف الموردين في مصر وجميع أنحاء العالم من خلال إضافة استراتيجية الإفصاح الإلزامي عن الكربون وإزالة الكربون إلى مشاركتهم، ليس هذا فحسب، بل يجب أن تعطي الأولوية للموردين القادرين بالفعل على تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة، بحيث يساعدونهم على تحقيق رؤاهم لإزالة الكربون عندما يختارون شركاء لفرص العمل.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: السفير مصطفى الشربيني الاتحاد الأوروبي فی الاتحاد الأوروبی إلى أن
إقرأ أيضاً:
كيف سترد روسيا على قرار الاتحاد الأوروبي استخدام أصولها السيادية؟
موسكو – أعلن البنك المركزي الروسي أنه رفع دعوى قضائية على شركة الإيداع البلجيكية "يوروكلير"، التي تحتفظ بمعظم احتياطيات روسيا المجمدة داخل الاتحاد الأوروبي.
وجاء هذا التحرك عقب موافقة الاتحاد الأوروبي على تجميد نحو 210 مليارات يورو (246 مليار دولار) من الأصول السيادية الروسية "طالما دعت الحاجة"، بدلًا من آلية التصويت السابقة التي كانت تفرض تمديد قرار التجميد كل ستة أشهر.
ووصف البنك المركزي الروسي خطط الاتحاد الأوروبي بأنها "غير قانونية"، معتبرا أنها تنتهك مبادئ الحصانة السيادية للأصول، ومؤكدا أنه سيحدد مبلغ التعويض "استنادا إلى قيمة الاحتياطيات نفسها، فضلًا عن الأرباح الفائتة".
كما شدد البنك على أنه "يحتفظ بحقه، دون إشعار مسبق، في تطبيق جميع سبل الانتصاف والضمانات القانونية المتاحة"، في حال دعم أو تنفيذ أي من المبادرات التي اقترحها الاتحاد الأوروبي بهذا الشأن.
من جانبه، أعرب الممثل الخاص للرئيس الروسي، كيريل ديميترييف، عن ثقته بأن محاولات بروكسل "لسرقة" الأصول الروسية يمكنها أن "تقوض النظام المالي العالمي برمته".
ويُزيل الإجراء الأوروبي الجديد خطر رفض المجر وسلوفاكيا تمديد التجميد في أي وقت، وهو ما كان قد يُجبر الاتحاد الأوروبي على إعادة الأموال إلى روسيا في حال تعثر التوافق السياسي داخل التكتل.
كما يهدف القرار إلى إقناع بلجيكا بدعم خطة الاتحاد الأوروبي لاستخدام الأموال الروسية المجمدة لتقديم قرض لأوكرانيا يصل إلى 165 مليار يورو (193.66 مليار دولار)، لتغطية احتياجاتها خلال عامي 2026 و2027.
أساس قانونيومن وجهة النظر الأوروبية، تُعد هذه الخطوة ضرورية لإرساء أساس قانوني لاستخدام هذه الأموال، أو عائداتها، لصالح أوكرانيا، بدلًا من مصادرتها كاملا. ويؤكد الاتحاد الأوروبي أن القانون يحظر إعادة هذه الأموال إلى البنك المركزي الروسي "إلى حين توقف روسيا عدوانها على أوكرانيا وتعويضها عن الأضرار"، وفقًا لبيانه الرسمي.
إعلانوتشير البيانات إلى أن معظم هذه الأموال مودعة في بلجيكا، إذ يوجد الجزء الأكبر منها، نحو 185 مليار يورو (217.13 مليار دولار)، في مركز إيداع الأوراق المالية التابع لشركة "يوروكلير" في بروكسل، في حين أودِع الجزء المتبقي في بنوك خاصة بدول أخرى داخل الاتحاد الأوروبي.
وعقب اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، جمّد الاتحاد الأوروبي ودول مجموعة السبع ما يقارب نصف احتياطيات روسيا فيها من الذهب والعملات الأجنبية، وتُقدَّر قيمتها الإجمالية بنحو 300 مليار يورو (352.11 مليار دولار).
ووفقًا للمفوضية الأوروبية، جرى تحويل 18.1 مليار يورو من عائدات هذه الأصول المجمدة إلى كييف في الفترة الممتدة بين يناير/كانون الثاني ونوفمبر/تشرين الثاني 2025.
ويرى مراقبون روس أن قرار البنك المركزي الروسي برفع الدعوى القضائية جاء بعد مفاوضات مطولة وغير مثمرة مع الجانب الأوروبي، في خطوة تهدف إلى إعادة القضية إلى مسارها القضائي، تمهيدًا لاتخاذ مزيد من الإجراءات لاحقًا.
ووفقًا للخبير في القانون الدولي فلاديمير مكسيموف، يتعين على الاتحاد الأوروبي الانتقال إلى المرحلة الثانية من عملية مصادرة الأصول، وذلك خلال قمة الاتحاد المقررة يومي 18 و19 من الشهر الحالي، من أجل الموافقة على تخصيص "قرض تعويضات" لكييف بضمان أصول روسية مجمدة.
ويوضح مكسيموف للجزيرة نت، أن مسؤولي الاتحاد الأوروبي قد يواجهون عقبة أساسية، إذ إن تجميد الأصول على الأمد الطويل لا يعني بالضرورة وجود توافق سياسي وقانوني على منح القرض المقترح لأوكرانيا خلال القمة.
وحسب المتحدث، فإن روسيا ستفقد، مع ذلك، إمكانية الوصول إلى احتياطياتها السيادية في أوروبا لأجل غير مسمى، وهو ما يُعد انتهاكًا صريحًا لمبادئ الحصانة السيادية للأصول.
ويؤكد الخبير أن موسكو ستلجأ إلى جميع السبل القانونية المتاحة للطعن في إجراءات الاتحاد الأوروبي وشركة "يوروكلير" في المحاكم الروسية والدولية، إضافة إلى استخدام القرار الأوروبي كمرجعية قانونية لتبرير الاستيلاء على الأصول الغربية، باعتبارها تعويضًا عن الأضرار.
ويحذر مكسيموف من أن عواقب مصادرة الأموال ستكون سلبية على النظام المالي العالمي ككل، وقد تفتح الباب لإجراءات انتقامية روسية، خاصة في ظل وجود معارضة داخلية داخل الاتحاد الأوروبي نفسه. فقد أعربت دول مثل المجر وسلوفاكيا وبلجيكا وإيطاليا ومالطا عن مخاوفها من هذه المخاطر، مطالبة بضمانات واضحة لاحترام القانون الدولي.
من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي أندريه زايتسيف، أن قرار الاتحاد الأوروبي بتجميد الأصول الروسية بشكل دائم ستكون له تداعيات اقتصادية وسياسية لا تقتصر على روسيا وحدها، بل تمتد إلى دول الاتحاد الأوروبي أيضًا.
فبالنسبة لروسيا، سيؤدي القرار إلى فقدان طويل الأمد لإمكانية الوصول إلى الأصول السيادية التي يمكن استخدامها لدعم الاقتصاد وتمويل الميزانية، ما يعني بقاء هذه الأموال مجمدة إلى حين دفع تعويضات لأوكرانيا، وهو ما يزيد الضغوط المالية على موسكو، وفق توصيفه.
إعلانوفي المقابل، سيُرسي القرار الأوروبي سابقة قد تُقوض ثقة دول أخرى في النظام المالي الغربي، ويدفعها إلى البحث عن ولايات قضائية بديلة وأكثر أمانًا لإيداع احتياطياتها السيادية.
أما بالنسبة لدول الاتحاد الأوروبي، ولا سيما تلك التي تتركز فيها الأصول الروسية، فيحذر زايتسيف من تعرضها لمخاطر اتخاذ إجراءات انتقامية روسية ضد الأصول والمستثمرين الغربيين داخل روسيا.
ويرجح الخبير أن تتجه موسكو إلى مصادرة أو تجميد أصول شركات وأفراد غربيين يقيمون في روسيا، على غرار ما حدث في مايو/أيار 2024، عندما جرى توقيع مرسوم يسمح باستخدام الأصول الأميركية كتعويض، مع إمكانية تطبيق إجراءات مماثلة على أصول تابعة لدول الاتحاد الأوروبي.
ويختتم زايتسيف بالإشارة إلى أن روسيا ستواصل جهودها الرامية إلى تقليص الاعتماد على الدولار واليورو، والتوسع في التسويات التجارية باستخدام العملات الوطنية مع شركائها، بهدف تقليل الارتباط بالبنية التحتية المالية الغربية والحد من المخاطر المستقبلية.