أحرقها الاحتلال.. من هي الأسيرة الفلسطينية المحررة إسراء جعابيص
تاريخ النشر: 26th, November 2023 GMT
مع إعلان كيان العدو قائمة الأسيرات المتوقع إطلاق سراحهن، طفا إلى السطح اسم الأسيرة الأيقونة “إسراء جعابيص”، التي أتت الحروق على أكثر من 60% من جسدها في حريق في أكتوبر عام 2015، قبيل اعتقالها، لتعاني منذ ذلك الحين من أوضاع صحية صعبة في الأسر، ودون علاج حقيقي.
الأسيرة إسراء جعابيص (36 عامًا) من مواليد جبل المكبر في مدينة القدس، اعتقلها الاحتلال عقب اندلاع حريق في مركبتها في 11 تشرين الأول عام 2015، نتيجة لانفجار بالون الهواء في المقود، بالقرب من حاجز الزعيّم شرق القدس المحتلة، في ذلك اليوم، احترق 60% من جسدها، ووجدت إسراء جعابيص نفسها أسيرة، تحاكم في محاكم الاحتلال، ومتهمة بـ”محاولة ارتكاب عملية دهس”.
كانت إسراء جعابيص، في يوم اعتقالها، متوجهة في طريقها من مدينة أريحا إلى مدينة القدس، وهي تحمل جزءًا من أغراض منزلها الجديد، ومن بينها أنبوبة غاز وجهاز تلفاز، وعندما وصلت على بعد 1500 مترًا من حاجز الزعيم، تعطلت سيارتها قرب مستوطنة معاليه أدوميم، ووقفت إلى جانب الطريق، وجاء شرطي إسرائيلي، وطلب منها فتح الشباك ليكلمها، فأجابته أنها لا تستطيع فتح النافذة، مضيفة: “أكاد أختنق من رائحة تنطلق من داخل السيارة”.
وبعد أن تمكنت إسراء جعابيص من الخروج وفتح باب السيارة، قام الشرطي برميها داخلها، وأطبق الباب على يدها الشمال، وفجأة اشتعلت النيران من داخل السيارة، وانفجرت الوسادة الهوائية بجانب المقود، وبينما حاولت إسراء جعابيص طلب سيارة الإسعاف، استنفرت شرطة الاحتلال وجنودهم، ولم يسمحوا بوصول الإسعاف لمساعدتها.
حتى بعد أن حصلت إسراء جعابيص على المساعدة، وتم نقلها إلى المستشفى، قيد جنود الاحتلال قدميها ويديها، كما لو أنها “مجرمة”، وتم بتر أصابعها بشكل شبه كامل، وروت شقيقة إسراء جعابيص، أن المستشفى أحضروا مجندة بأصابع جميلة ومطلية بالأحمر، وسألتها: “ما رأيك بأصابعي؟”، فأجابت إسراء جعابيص بأنها جميلة، فردت المجندة: “إنت ما عندك أصابع”، فلما أنكرت إسراء جعابيص هذا، وأجابت بأن لديها أصابع، حاولت النظر إلى أصابعها وهي مقيدة إلى السرير، في تلك اللحظة، قالت المجندة: “تستحقين بتر أصابعك”.
المحاكمة
وكانت شرطة الاحتلال قد أعلنت في البداية أنه حادث سير عادي، ولكن الإعلام العبري تناول الخبر على أنه استهدافٌ لجنود الاحتلال، ورغم اكتشاف المحققين للتلفاز مع أنبوبة الغاز الفارغة، الذي أكد أن الانفجار جاء من الوسادة الهوائية في السيارة، إلا أن المخابرات الإسرائيلية ادَّعَت أن إسراء جعابيص كانت في طريقها لتنفيذ عملية.
وعقدت لإسراء جعابيص عدة جلسات من داخل المستشفى؛ لصعوبة نقلها إلى المحكمة بسبب حالتها الصحية الحرجة، ووجهت لها لائحة اتهام بمحاولة تنفيذ عملية وقتل إسرائيليين، واستدلت نيابة الاحتلال لهذا ببعض العبارات المنشورة على صفحتها على فيسبوك.
وبعد مداولات ونقاشات داخل المحاكم الإسرائيلية استمرت لعام كامل، حُكم على إسراء جعابيص بالسجن مدة 11 عامًا، وغرامة مالية مقدارها 50 ألف شيكل، وصدر الحكم في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2016، وتم نقلها إلى سجن هشارون للأسيرات، ومنع الاحتلال زيارة عائلتها لها عدة مرات، ومن ذلك منع طفلها معتصم من زيارتها، الذي كان ابن 6 سنوات عند اعتقال والدته إسراء جعابيص.
كانت شرطة الاحتلال قد أعلنت في البداية أنه حادث سير عادي، ورغم اكتشاف المحققين للتلفاز مع أنبوبة الغاز الفارغة، الذي أكد أن الانفجار جاء من الوسادة الهوائية في السيارة، إلا أن المخابرات الإسرائيلية ادَّعَت أن إسراء جعابيص كانت في طريقها لتنفيذ عملية
الاحتلال يرفض علاج إسراء جعابيص
سحبت السلطات الصهيونية بطاقة التأمين الصحي من الأسيرة إسراء جعابيص، في اللحظة التي تم فيها إصدار قرار الحكم عليها. وامتنع الاحتلال عن إجراء العمليات الجراحية اللازمة للتخفيف من أوجاع إسراء جعابيص الشديدة لتتواصل معاناتها على مدار 8 سنوات بدون اكتراث. الأسيرة السابقة حلوة حمامرة قالت إنهم كانوا يستيقظون ليجدوا إسراء واقفة تحت الماء البارد من شدة الحر التي تشعر به، وأحيانًا يستيقظون على صوت أنينها من شدة الوجع.
وفي عام 2018، أطلقت عائلة إسراء جعابيص حملة “أنقذوا_إسراء” الإعلامية، للتذكير بمعاناة إسراء جعابيص ومحاولة الضغط على إدارة سجون الاحتلال لإدخال أدوات إلى إسراء في سجنها. آنذاك، قالت شقيقة إسراء جعابيص إنها لا تستطيع غسل أسنانها وارتداء ملابسها، أو الأكل دون مساعدة زميلاتها في الأسر، وأن إدارة سجون الاحتلال رفضت إدخال كأس زجاجي، ووافقت على إدخال كأس بلاستيك ورفضت استبداله على مدار سنتين ونصف.
وفي شهر يناير 2018، كانت إسراء جعابيص في جلسة للمحكمة العليا الإسرائيلية للنظر في استئناف على رفض المحكمة المركزية طلبًا للإفراج المبكر عنها بسبب وضعها الصحي، حينها سألها الصحفيون عن حالها، فأجابت إسراء جعابيص: “في أكثر من هيك وجع!.. وجعي مرئي”، “شغلتي طوّلت.. ولا علاج”، وكشفت عن كفّها وأصابعها المبتورة للكاميرا. وفي النهاية، رفضت المحكمة العليا الإسرائيلية الاستئناف وقررت مواصلة اعتقال إسراء جعابيص.
في هذا العام ذاته، ورغم الوجع الشديد وإصرار الاحتلال على مواصلة اعتقالها، تقدمت إسراء جعابيص من داخل السجن لامتحانات الثانوية العامة، وحصلت على معدل 70%.
وفي عام 2021، جددت عائلة إسراء جعابيص محاولتها لإحياء قضية ابنتها، وحينها ظهر معتصم، طفل إسراء جعابيص الوحيد، في مقطع فيديو مرتديًا قميصًا يحمل صورة والدته، وقال إن والدته تحتاج لإجراء 8 عمليات جراحية ضرورية كي تتمكن من مواصلة حياتها.
وفي عام 2022، رفضت المحكمة المركزية للاحتلال، الالتماس الذي قدمه “أطباء لحقوق الإنسان”، لإجراء عملية اعتبرها الأطباء ضرورة طبية، ثم رفضت المحكمة العليا الإسرائيلية الاستئناف الذي تم تقديمه على قرار المحكمة المركزية.
وتزامن القرار القضائي بحرمان إسراء جعابيص من العملية مع رفض إدارة سجون الاحتلال دفع كلفة العملية الجراحية للتخلص من التبعات الصحية للحروق على جسدها، إذ أوصى أطباء إسراء جعابيص بإجراء سلسلة من العمليات في يدها وأنفها، ولكن بعد التوجّه إلى المحكمة، أعلنت إدارة السجون بأنها ستقوم بتمويل عمليتين في يدها، في حين رفضت تمويل عملية الأنف، رغم أنها متوفرة ضمن الإجراءات الصحية التي يحقّ للأسرى الحصول عليها، وبررت إدارة السجون قرارها بأن “العملية تجميلية وليست ضرورية”.
من هي إسراء جعابيص؟
درست إسراء جعابيص في الكلية الأهلية في بلدة بيت حنينا شمالي القدس في تخصُّص التربية الخاصة، وكانت تعمل مع المسنِّين والأطفال، وكانت تحب المشاركة في الفعاليات الترفيهية في المدارس والمؤسسات، ولديها ابن واحد هو معتصم.
يعيش ابن إسراء جعابيص الوحيد معتصم مع جدته وخالاته في مدينة القدس، بعد تعرض زوجها لحادث سير أقعده على كرسي متحرك. والآن، أصبح معتصم ابن 14 سنة، وهو يعيش ساعات ترقب وأمل بالإفراج عن والدته إسراء جعابيص ليعانقها مرة أخرى.
وأصدرت إسراء جعابيص كتابًا من داخل سجنها عام 2023، بعنوان “موجوعة”، وأهدته إلى ابنها، وكتبت: “حين تعجز الخطوات عن الوصول وتكبر المسافات رغم صغرها، حين يمسي الليل نهاراً والنهار ليلاً؛ حينما تعزلك عن حضن أمك قضبان من حديد، حينما يصبح الضحية متهماً ثم أسيراً، هذا الكتاب هو باكورة أعمالي داخل الأسر. لعلّ صفحاته تنقل معاناة منعت من النشر”.
والآن، تأمل عائلة إسراء جعابيص أن تستطيع معانقة ابنتها مرة أخرى، بأن يتم الإفراج عنها في إطار صفقة التبادل المتوقع دخولها حيز التنفيذ يوم الجمعة 24 تشرين ثاني/نوفمبر، وأن يكون تحرر إسراء جعابيص المرتقب مدخلاً للبدء برحلة علاج قد تطول، على أمل أن تستطيع مواصلة حياتها لاحقًا.
المصدر: فلسطين الآن
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: إسراء جعابیص جعابیص ا من داخل
إقرأ أيضاً:
أستاذ قانون دولي يكشف حصيلة الإبادة الإسرائيلية لأهالي غزة بالأرقام
شهد العالم خلال العامين الماضيين واحدة من أعنف مراحل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والتي كشفت بشكل واضح حجم الانتهاكات والجرائم المرتكبة ضد المدنيين الفلسطينيين.
وفي هذا الصدد، نشر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة حصيلة الإبادة الجماعية الإسرائيلية في قطاع غزة، وما حوته من أرقام مرعبة في القتل والتدمير والسعي لمسح كل أوجه الحياة في القطاع.
ومن جانبه، يقول الدكتور جهاد أبو لحية، أستاذ القانون الدولي والنظم السياسية، إن طوال العامين الماضيين، تكشف الوجه الحقيقي للاحتلال الإسرائيلي أمام الرأي العام العالمي.
وأضاف أبو لحية- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن توثيق الجرائم المروعة التي ارتكبتها قوات الاحتلال، وانتشار الصور والفيديوهات القادمة من غزة، ساهم في إحداث وعي عالمي متزايد، وهذا الوعي، المدعوم بحراك شعبي متواصل، دفع منذ عدة أشهر بعض الحكومات الغربية إلى إعادة النظر في مواقفها المنحازة تقليديا لإسرائيل.
وأشار أبو لحية، إلى أن وفقا لبيانات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، وتقارير منظمات حقوقية دولية مثل هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية، فإن حجم الخسائر البشرية والمادية في غزة كان كارثيا:
- أكثر من 67.000 شهيد، أغلبهم من النساء والأطفال وكبار السن.
- أكثر من 170.000 جريح، من بينهم ما يزيد عن 10.000 حالة بتر.
- نحو 20.000 مفقود، يعتقد أن كثيرين منهم ما زالوا تحت الأنقاض أو في المعتقلات الإسرائيلية.
- انهيار شبه تام للقطاع الصحي، بما في ذلك تدمير مستشفيات محورية مثل الشفاء والقدس وناصر.
- تدمير آلاف المدارس والجامعات ودور العبادة والمراكز الثقافية، إضافة إلى البنية التحتية الأساسية.
- وفاة ما لا يقل عن 340 شخصا جوعا، نتيجة الحصار المطبق ومنع إدخال الغذاء والدواء والوقود.
وتابع: "تشير هذه الأرقام إلى أن العدوان استهدف بشكل مباشر مقومات الحياة اليومية للشعب الفلسطيني، في تجاوز فاضح لكل القوانين الإنسانية، وبعيدا تماما عن مزاعم "استهداف الأهداف العسكرية".
وأكمل: "في بداية الحرب، قدمت عدة دول غربية، إلى جانب الولايات المتحدة، دعما صريحا لإسرائيل، سواء عبر التسليح أو الدعم اللوجستي أو السياسي.. لكن مع استمرار العدوان واتساع رقعته، خرجت الملايين في مظاهرات عارمة في مختلف العواصم الغربية، منددة بالإبادة ورافضة لممارسات الاحتلال".
وأردف: "في فرنسا وبريطانيا وهولندا وإسبانيا، برزت دعوات سياسية قوية تطالب بوقف تصدير السلاح لإسرائيل، وفي برلين ومدريد ولندن وباريس، تحوّلت المظاهرات الأسبوعية إلى حدث منتظم ضاغط، طالب بوقف المجازر وتجويع المدنيين، كما بدأت بعض الحكومات الأوروبية بمراجعة مواقفها، سواء من خلال تخفيف خطابها السياسي المؤيد لإسرائيل، أو من خلال فرض قيود على صفقات السلاح، وهذا الحراك الشعبي لم يقتصر على الناشطين أو فئات محدودة، بل امتد ليشمل نقابات، وأحزاب سياسية، وبرلمانيين، وحتى أكاديميين وفنانين، مما زاد من الضغط على صناع القرار في الغرب لتغيير مواقفهم".
واختتم: "لقد أظهر هذا التحول في السياسات الغربية أن الرأي العام العالمي بات فاعلا حقيقيا ومؤثرا في صياغة المواقف الدولية.. فبفضل الإعلام المستقل، ومنصات التواصل الاجتماعي، والجهود الجبارة للنشطاء في توثيق الجرائم، أصبحت الحقيقة أوضح، ولم يعد بالإمكان تجاهلها أو تبريرها.. ما يحدث اليوم هو بداية لتحول أكبر في فهم الشعوب لما يجري في فلسطين، وإدراكهم أن صمت حكوماتهم أو دعمها للاحتلال يجعلها شريكة في الجريمة".
والجدير بالذكر، أن أكد مكتب الإعلام الحكومي بغزة أن المنظومة الصحية تعرضت لانهيار كلي في القطاع، كما أعدم الاحتلال 193 عالما وأكاديميا، ومنع دخول مئات آلاف شاحنات المساعدات واستهدف تكيات الطعام.