شهد قصر ثقافة الشاطبي محاضرة بعنوان "المدرسة الانطباعية" ضمن سلسلة المحاضرات التي تنظمها الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة عمرو البسيوني، لمناقشة تاريخ الفن بداية من العصور القديمة، مرورا بعصر النهضة وظهور المدارس الفنية، وحتى العصر الحديث.

نشأة المدرسة الانطباعية 

استهل الفنان د.أحمد الشافعي  أستاذ مساعد بكلية الفنون الجميلة جامعة المنصورة، المحاضرة بالحديث عن نشأة المدرسة الانطباعية كحركة فنية ظهرت في فرنسا في القرن التاسع عشر، وتركزت على تصوير الانطباعات والتأثيرات المباشرة للضوء واللون على العقل والحواس، باستخدام تقنيات مبتكرة لتسجيل هذه الانطباعات بشكل سريع ودقيق، مثل الفرشاة السريعة، واللمسات الخفيفة والتظليل الضبابي.

سمات المدرسة الانطباعية

وعن سمات المدرسة الانطباعية أشار "الشافعي" أنها تميزت بتصوير التغيرات الجوية والضوء المتغير في الطبيعة، الأمر الذي ساعد على ظهور نوع جديد من الحركة والحياة في اللوحات الفنية، وقد تم اشتقاق مصطلح "الانطباعية" من لوحة الفنان مونيه "انطباع شروق الشمس"، التي أثارت جدلًا بسبب أسلوبها غير التقليدي.

وأضاف أنه في بداية الأمر واجه الانطباعيون معارضة شديدة من قبل المؤسسة الفنية، نتيجة موضوعاتهم غير التقليدية، وتأثرهم بالتطورات العلمية، ولكنهم مع مرور الوقت، اكتسب عملهم التقدير والاعتراف، وحققوا نجاحا تجاريا بشكل تدريجي.

كما تحدث "الشافعي" عن أهم الفنانين الذين قاموا بتمثيل المدرسة الانطباعية، وتمردوا على المؤسسة التقليدية وقواعدها الصارمة من أبرزهم بيير أوجست رينوار، إدجار ديجا، وألفريد سيسلي، والفنان الشهير كلود مونيه الذي اشتهر باستخدام ألوان زاهية لتصوير المشاهد الطبيعية.



مدى تطور الحركة الانطباعية وتأثيرها على الفن المعاصر 

واختتم حديثه بإلقاء الضوء على مدى تطور الحركة الانطباعية وتأثيرها على الفن المعاصر من حيث تقنيات الرسم واستخدام الألوان، الأمر الذي ساعد على ظهور الحركات التالية مثل ما بعد الانطباعية والانطباعية الجديدة والفوفية.

المحاضرة جاءت ضمن الأنشطة المقامة بإشراف إقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي برئاسة أحمد درويش وفرع ثقافة الإسكندرية برئاسة عزت عطوان، وتعد السادسة من سلسلة المحاضرات الفنية لنادي التذوق البصري الخاصة ببيت ثقافة 26 يوليو، التي تناقش موضوعات مختلفة حول تاريخ مصر القديم، أنواع الفنون ودور الذكاء الاصطناعي في التصميم وغيرها.

 

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: قصور الثقافة الفن العصر الحديث العصور القديمة

إقرأ أيضاً:

قبل أن يقع الخلل

 

 

 

خالد بن حمد الرواحي

 

في مؤسساتٍ كثيرة، لا تبدأ الحركة إلّا بعد أن يقع الخلل، ولا تُستدعى الحكمة إلا حين تتعقّد المشكلة. نعيش ثقافةً تُجيد إطفاء الحرائق أكثر مما تُحسن منع اشتعالها، فتتحوّل الإدارات إلى غرف طوارئ لا تهدأ إلا لتشتعل من جديد. وبين أزمةٍ وأخرى، يبرز سؤالٌ مُقلق: لماذا ننتظر حتى تتفاقم الأمور؟ ولماذا لا يتحول التخطيط الوقائي إلى ممارسةٍ مؤسسية ثابتة بدل أن يبقى ردّة فعل متأخرة؟ لقد أصبح انتظار المشكلة كي تُعلن عن نفسها جزءًا من الروتين اليومي، مع أن نصف الجهد كان يمكن توفيره… لو أننا بادرنا في اللحظة المناسبة.

تعود جذور هذا السلوك إلى منظومةٍ إدارية اعتادت التعامل مع الواقع خطوةً بخطوة، لا مع المستقبل وما يحمله من احتمالات. فحين يغيب التخطيط الاستباقي، يتحوّل الموظفون إلى منفذين جيدين، لكنهم يفتقرون إلى القدرة على التنبؤ أو اتخاذ المبادرة. وتغدو التقارير مرآةً لما حدث، لا لما يمكن أن يحدث، بينما ينشغل القادة بمعالجة النتائج بدل فهم الأسباب. ومع مرور الوقت، يتكرس داخل المؤسسة وعيٌ جمعي يقوم على الانتظار: ننتظر الشكوى لنُحسِّن، وننتظر التعثر لنُعدِّل، وننتظر الأزمة لنغيّر. وهكذا تعود المشكلات بالوجوه ذاتها والسيناريو نفسه، وكأن الزمن يعيد تشغيل الحلقة ذاتها دون توقف.

وغالبًا ما تتوارى خلف هذا النمط أسبابٌ أعمق من مجرد نقص الأدوات؛ فالمبادرة تحتاج إلى شجاعة، بينما الاستجابة لا تتطلب أكثر من الامتثال. فالموظف الذي يبادر يتحمّل مسؤولية قراره ويعرّض نفسه لاحتمال الخطأ، في بيئة قد لا تُميّز دائمًا بين الاجتهاد المخلص والخطأ المبرَّر. أما الاستجابة فهي الطريق الأكثر أمانًا؛ لا مخاطرة، ولا مساءلة، ولا حاجة لاستشراف المستقبل أو مواجهة المجهول. وهكذا تتسع دائرة الحذر، ويتراجع الحسّ الابتكاري، حتى تغدو المبادرة استثناءً فرديًا لا ثقافةً مؤسسية راسخة.

وليس أدلّ على أثر هذا السلوك من المشاهد اليومية في الميدان؛ فحين تُعالج المشكلة بعد وقوعها، تكون كلفتها أعلى ووقتها أطول وانعكاساتها أعمق. تتكدس المعاملات، وتتأخر الخدمات، ويُرهق الموظفون في محاولات اللحاق بما فات. والأصعب من ذلك أن ثقة المتعاملين تتآكل تدريجيًا، لأن المؤسسة لا تبدو مستعدة ولا مبادرة. ومع مرور الوقت، يتحول الضغط إلى جزءٍ من البيئة، ويغدو العمل تحت «مُنبّه الأزمات» هو النمط السائد، بينما تتبخر فرص التحسين الوقائي التي كان يمكن أن تصنع فرقًا كبيرًا بأقل جهد وأوضح أثر.

المؤسسات التي تتجاوز هذه الدائرة ليست بالضرورة تلك التي تمتلك موارد أكبر، بل تلك التي تبني عقلية مختلفة. فهي تدرك أن المبادرة ليست مشروعًا إضافيًا بل طريقة عمل، فتزرع في فرقها منهجية رصدٍ مبكرٍ للمخاطر، وتمنح موظفيها مساحة آمنة للتجريب، وتشجعهم على طرح الأسئلة قبل ظهور المشكلة لا بعدها. أما المؤسسات التي تكتفي بالاستجابة، فهي غالبًا ما تُغلق الأبواب أمام الأفكار الجديدة وتنتظر التعليمات قبل كل خطوة، فتتقدم خطوة حين يتقدم الآخرون عشر خطوات. وهنا يتجلى الفارق بين مؤسسة تصنع الحدث… وأخرى تكتفي بملاحقته.

وفي نهاية المطاف، لا تحتاج مؤسساتنا إلى جهدٍ خارق كي تنتقل من ثقافة الاستجابة إلى ثقافة المبادرة، بل إلى وعي إداري يدرك أن الوقاية ليست رفاهية، وأن الاستباق جزءٌ أصيل من الحوكمة الحديثة. فحين يتبنى القادة عقلية المبادرة، ويتعاملون مع المستقبل بروح الباحث لا بردّات الفعل، يتحوّل الخلل من مصدر إرباك إلى فرصة تحسين. وعندما يشعر الموظف بأن المؤسسة تثق في اجتهاده وتسمح له بأن يسبق المشكلة بخطوة، تتولد طاقة إيجابية تدفع الجميع نحو أداءٍ أذكى وأكثر استدامة. فالمبادرة ليست مهارة فردية فحسب، بل ثقافة تُبنى… ونقلة تصنع الفرق بين مؤسسة تُطفئ الحرائق، وأخرى تمنع اشتعالها.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • عبلة كامل.. النجمة التي ما زالت حاضرة في قلوب محبيها رغم الغياب
  • الضرائب تعلن مواعيد محاضرات التوعية الضريبية.. تفاصيل
  • البورصة المنصة الأكثر فاعلية فى نشر الوعى بثقافة التخصيم
  • "الكوربيه": البورصة المنصة الأكثر فاعلية في نشر الوعي بثقافة التخصيم
  • قبل أن يقع الخلل
  • لا للتحـ.رش..بيئة مدرسية آمنة.. ندوة توعوية بمجمع إعلام الإسكندرية
  • مسؤول بالاتحاد الدولي للصحفيين: اختيار مهندسي الذكاء الاصطناعي كشخصية العام اعتراف عالمي بقوة التقنية وتأثيرها المتصاعد
  • محطات مضيئة في تاريخ الوطن ودور الشباب في بناء الوطن فى ندوة بثقافة أسيوط
  • "ساعة قبل الفجر".. نضال الشافعي في حكاية تكسر باب الصمت الزمني المخيف
  • وفد أميركي يطلع على الأعمال الفنية المصاحبة لمهرجان الفنون الإسلامية