تمثيلات الحرب والسلام فى الأدب العالمى (2)
تاريخ النشر: 26th, November 2023 GMT
فى المقال السابق ناقشنا الحرب والسلام فى إبداعات الروسى ليو تولوستوى والفرنسى ألبيركامو والألمانى المحارب يونغر. هنا سنعرج على الأدب العربى لنكتشف استعاراته ونفكّك كناياته لنقل تفاصيل ورؤى عن الحرب والسلام، ولنكشف الوجه الإنسانى الذى يظهر من ركام النزاع، كما يظهر الآن فى مأساة غزة.
فى شعره يُصوّر محمود درويش السلام كزهرة رقيقة، تظهر من رماد الصراع، ويحوّل أبياته إلى استعارة مؤثرة لصراع من أجل السلام.
لا لَيْلَ فى ليلنا المتلألئ بالمدفعيَّة
أَعداؤنا يسهرون وأَعداؤنا يُشْعِلون لنا النورَ
فى حلكة الأَقبية
يقيسُ الجنودُ المسافةَ بين الوجود وبين العَدَمْ
بمنظار دبّابةٍ...
نقيسُ المسافَةَ ما بين أَجسادنا والقذائفِ بالحاسّة السادسةْ.
أَيُّها الواقفون على العَتَبات ادخُلُوا،
واشربوا معنا القهوةَ العربيَّةَ
فقد تشعرون بأنكمُ بَشَرٌ مثلنا.
أَيها الواقفون على عتبات البيوت!
اُخرجوا من صباحاتنا،
نطمئنَّ إلى أَننا
بَشَرٌ مثلكُمْ!
يروى كتابه «ذاكرة للنسيان» تجارب الشاعر المروعة فى بيروت خلال صيف عام 1982 عندما حاصرها الجيش الإسرائيلى بلا هوادة. أول ما يدهشنا فى هذا الكتاب هو عنوانه الذى يبدو متناقضًا «ذاكرة للنسيان». تشير الذاكرة فى هذا الكتاب مرات عديدة إلى حياة درويش فى الوطن، فى حين أن الغزو الإسرائيلى للبنان وحصار بيروت هى الأشياء التى يتمنى نسيانها. هنا تتشابك أقطاب الذاكرة والنسيان بطريقة تشكل تركيبة وسيطة جديدة تدين بوجودها لكليهما ولكنها لا تنتمى كليًا إلى أى منهما. وبالتالى، تم تحديد مكانة النص فى الفترة الفاصلة، باعتبارها تعكس موقف مؤلفه ورفاقه الفلسطينيين فى لبنان الذى مزقته الحرب.
يبدأ النص بحلم وينتهى بنوم المؤلف فى نهاية اليوم. بين استيقاظه ونومه، تجرى الأحداث ويتم استدعاء ذكريات الماضى، كلاهما متشابك فى فعل الكتابة. الكتابة بمثابة شاهد - عيان حى وأيضاً شاهد جماد صامت - كشاهد القبر- على الأحداث التى يصفها المؤلف. الكتابة هى أيضاً استعارة لكل الوجود فى النظرة العربية والإسلامية. ووفقًا لهذا الرأى الذى عبر عنه مؤرخ القرون الوسطى ابن الأثير بقوله إنّ الله خلق القلم وأمره فكتب فى الوجود كل ما سيبقى إلى يوم الدين.
فى ميدان الأدب، تكون استكشافات مواضيع الحرب والسلام ليست فقط انعكاسًا للحالة الإنسانية، ولكن أيضًا دعوة للتعاطف والفهم. من خلال كلمات تولستوى ودرويش وكامو، تتردد رغبة الإنسانية فى السلام، عابرة حدود الأزمنة وتخوم الثقافات، مذكرة بأنَّ فى سيمفونية الوجود الإنسانى، يمكن لألحان السلام أن تنساب بعيدًا عن صدى الحرب.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المقال السابق الحرب والسلام
إقرأ أيضاً:
بابا الفاتيكان يدعو للسلام بالشرق الأوسط ويحذر من نسيان معاناة غزة
دعا بابا الفاتيكان، ليو الرابع عشر إلى ضرورة إتباع الدبلوماسية في حل النزاعات وإسكات السلاح، وذلك عقب الضربات الأمريكية على مواقع نووية في إيران، قائلا:« إن البشرية تصرخ وتطالب بالسلام إزاء الأخبار المقلقة القادمة من الشرق الأوسط».
وحذر بابا الفاتيكان خلال العظة الأسبوعية من خطر نسيان معاناة غزة بالتغاضي عن الضرورة العاجلة لتأمين المساعدات الإنسانية، داعيًا أعضاء المجتمع الدولي إلى تحقيق السلام وتجنب التصعيد.
ولفت إلى أن كل دولة عضو في المجتمع الدولي تقع على عاتقها مسؤولية أخلاقية لوقف الحرب قبل أن تصبح لا يمكن إصلاحها، منبها بأن الحرب لا تحل المشاكل، بل تخلف جروحا عميقة لدى الشعوب، تستغرق أجيالا حتى تلتئم.
وأكد أن الإنسانية تدعو إلى السلام، فهي صرخة لا ينبغي إخمادها بصخب الأسلحة والخطابات التي تحرض على الصراع.
اقرأ أيضاً«بابا الفاتيكان» يحذر من التأثير السلبي للذكاء الاصطناعي على النمو الفكري والعصبي للشباب
بابا الفاتيكان يدعو إيران وإسرائيل إلى التحلي بالمسئولية والحكمة