رويترز: نتنياهو يخوض حربه الخاصة لإنقاذ سمعته.. لكنّه لن ينجح
تاريخ النشر: 27th, November 2023 GMT
داخل مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية، أشرف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، على عملية إطلاق سراح رهائن ممن تحتجزهم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية "حماس"، بينما في الخارج تجمعت عائلاتهم في ميدان بتل أبيب حول بيني غانتس المنافس الرئيسي لنتنياهو على المنصب الأبرز سياسيا.
وطلب غانتس، قائد الجيش السابق وزعيم المعارضة الذي انضم إلى حكومة الحرب بقيادة نتنياهو الشهر الماضي، بوضوح من طاقم تصوير تلفزيوني إبعاد الكاميرا وتركه مع العائلات.
وظهر في صور نُشرت لاحقا وهو يعانق أفرادا من الحشد.
وفي مواجهة موجة ضخمة من الانتقادات بسبب الفشل في منع التسلل الصادم لحماس إلى إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول، تجنب نتنياهو إلى حد كبير الأضواء في أثناء خوض حرب على جبهتين إحداهما في مواجهة "حماس" والأخرى من أجل بقائه السياسي.
واحتفظ نتنياهو (74 عاما) منذ فترة طويلة بصورة السياسي الصارم أمنيا الحازم في مواجهة إيران مع دعم من الجيش يضمن عدم تعرض اليهود أبدا لمحرقة مرة أخرى، إلا أن ولايته شهدت الحادث الأكثر دموية في تاريخ إسرائيل الذي يعود إلى 75 عاما مضت.
ونبذ الإسرائيليون بعض وزراء حكومة نتنياهو، إذ يتهمونهم بالفشل في منع مسلحي "حماس" من الدخول من غزة، في هجوم أسفر عن مقتل 1200 شخص واختطاف 240 آخرين والغرق في حالة الحرب.
اقرأ أيضاً
"نتنياهو هو الإرهابي".. آلاف الإسرائيليين يطالبون بإطلاق كل أسراهم
وفي وقائع منفصلة، تعرض 3 وزراء على الأقل للسخرية والإساءة عندما ظهروا علنا، مما يسلط الضوء على حجم الغضب الشعبي إزاء الإخفاقات التي سمحت لحماس بتنفيذ الهجوم.
وأصدر مكتب نتنياهو مطلع هذا الأسبوع، مقاطع فيديو تظهره في غرفة العمليات بوزارة الدفاع.
وزار نتنياهو غزة الأحد، ونشر مكتبه بعد ذلك صورا تظهره وهو يرتدي خوذة وسترة واقية من الرصاص وهو يلتقي بجنود وقادة.
ومن المتوقع أن يستفيد نتنياهو المعروف بلقب "بيبي" من الحرب التي ستؤدي إلى مزيد من التأجيل لمحاكمة مستمرة منذ 3 أعوام ونصف العام، يخضع لها بتهم فساد، وتأجيل إجراء تحقيق حكومي متوقع في مسببات الهجوم المباغت الذي تعرضت له إسرائيل تحت قيادته.
وربما يأمل نتنياهو أيضا من خلال اختلاطه بالجنرالات من إنقاذ سمعته عبر إدارته للحرب، وإعادة الأسرى، بينما رفض الاعتراف بالمسؤولية، ورفض سؤالا في مؤتمر صحفي نادر، ما إذا كان سيستقيل.
لكن أنشيل فيفر كاتب السيرة الذاتية لرئيس الوزراء، قال: "مهما تمكن نتنياهو من البقاء في السلطة لفترة طويلة، فإنه لن ينقذ سمعته".
اقرأ أيضاً
استطلاع رأي: تراجع شعبية نتنياهو وائتلافه الحاكم
وقال إنه "الآن موصوم بشكل لا رجعة فيه بالفشل في منع مذبحة 7 أكتوبر/تشرين الأول، بسبب استراتيجية السماح لحماس بالاحتفاظ بالسيطرة في غزة مع ما تمتلكه من ترسانة عسكرية وبسبب جهود الإغاثة المدنية غير الملائمة على الإطلاق من جانب حكومته منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول".
وأضاف مؤلف كتاب "بيبي.. الحياة المضطربة وأوقات بنيامين نتنياهو"، الصادر عام 2018، إن الاستطلاعات في الأسابيع القليلة الماضية أظهرت أن الإسرائيليين يثقون في المؤسسة الأمنية وليس في نتنياهو في قيادة الجهود الحربية.
وقال إن "فشل 7 أكتوبر/تشرين الأول هو إرثه.. ولن ينسب إليه أي نجاح ستحققه إسرائيل بعد ذلك مهما كان".
وتعهد نتنياهو بالسيطرة على الأمن في غزة إلى أجل غير مسمى، مما يزيد من حالة عدم اليقين بشأن مصير القطاع الذي شنت عليه إسرائيل هجوما لمدة سبعة أسابيع قبل التوصل إلى هدنة مؤقتة مع حماس وتحرير الحركة رهائن مقابل إطلاق إسرائيل سراح سجناء فلسطينيين.
وتقول السلطات الصحية في غزة، إن الحرب أسفرت عن مقتل نحو 14800 فلسطيني وتشريد مئات الآلاف.
ونجا نتنياهو، الذي قضى أطول فترة في حكم إسرائيل رئيسا للوزراء، من العديد من الأزمات السياسية، وعاد عدة مرات، ولن يحتاج إلى خوض انتخابات أخرى لمدة 3 سنوات، إذا ظلت حكومته الائتلافية قائمة.
اقرأ أيضاً
أحدهما "ساعة الحساب".. هدفان لنتنياهو من التصعيد مع حزب الله
وقال أبراهام ديسكين أستاذ العلوم السياسية الفخري في الجامعة العبرية بالقدس: "أعرفه جيدا، هو يركز على ما يفعله، إنه حقا شخص مجتهد جدا، هو يدير حربا الآن وصامد فيها، مثل الساحر، 6 كرات في الهواء، ولكي لا يبقيها إلا في الهواء، عليه أن يركز".
وأضاف: "لا فائدة من الخروج ومواجهة الأشخاص الذين يصرخون في وجهك ويكرهونك حقا، وبالتالي قرر عدم القيام بذلك".
وانضم جانتس، وهو نحيف وطويل وصاحب عيون زرقاء ويسهل التعامل معه، إلى حكومة حرب إسرائيلية شكلها نتنياهو بعد أيام من هجوم حماس لتوحيد البلاد، وراء حملة للقضاء على الحركة الفلسطينية واستعادة الأسرى.
ويوفر غانتس، الذي قضى 40 عاما تقريبا في الجيش وينتمي لتيار الوسط، لنتنياهو وحزبه الليكود اليميني حكومة أكثر استقرارا ويقلل من تأثير الشركاء من اليمين المتطرف، والتيار الديني في الحكومة الائتلافية.
ورغم أنهما ربما يكونا متحدين في الحرب، إلا أنهما على خلاف سياسي.
وعقد غانتس ونتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت من حزب الليكود مؤتمرات صحفية معا.
اقرأ أيضاً
انهيار مصداقية نتنياهو.. 4% فقط يثقون بمعلوماته عن حرب غزة
وأظهرت صورة لإحدى هذه المؤتمرات، والتي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، نتنياهو بمفرده بينما وقف غالانت وغانتس سويا على الجانب.
وأظهر استطلاع للرأي أُجري في 16 نوفمبر/تشرين الثاني، أن الحكومة الائتلافية، التي يقودها نتنياهو وفازت بـ64 مقعدا في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني 2022، ستحصل اليوم على 45 مقعدا في الكنيست المؤلف من 120 عضوا مقارنة بسبعين مقعدا للأحزاب التي يقودها حزب الوحدة الوطنية بزعامة غانتس، وهو ما يكفي لتوليه السلطة.
وأجرت مؤسسة "مانو جيفا" لاستطلاعات الرأي وشركة "ميدجام" الاستطلاع للقناة "12" العبرية، قبل أسبوع من إعلان قطر اتفاق الأسرى، وجرى بمشاركة 502 وبلغ هامش الخطأ فيه 4.4 نقطة مئوية.
ولا يتمتع غانتس إلا بقدر ضئيل من خبرة نتنياهو أو موهبته على الساحة العالمية، ويقول منتقدوه إن أسلوبه المتراخي يظهر التردد والافتقار إلى المبادئ.
ويصف غانتس نفسه بأنه يمتلك قدر أكبر من العزيمة.
وغالبا ما يُنظر إلى غانتس على أنه متشدد تجاه الفلسطينيين مثل نتنياهو، ولم يصل إلى حد الالتزام بإقامة الدولة التي يسعون إليها، لكنه دعم في الماضي الجهود المبذولة لاستئناف محادثات السلام معهم.
اقرأ أيضاً
هل تطيح حرب غزة بنتنياهو من رئاسة الحكومة الإسرائيلية؟
وتوجه الإسرائيليون إلى صناديق الاقتراع خمس مرات في الخمس سنوات الماضية.
ولم يسبق أن فاز أي حزب بأغلبية برلمانية وكان الوضع يستدعي دائما تشكيل حكومة ائتلافية من الأحزاب.
ولا يقترح أحد إجراء انتخابات مرة أخرى مع استمرار الحرب.
لكن زعيم المعارضة يائير لابيد، الذي ينتمي لتيار الوسط، قال قبل أسبوعين إن الوقت حان لاستبدال نتنياهو بدون انتخابات.
وأشار إلى أنه سيكون هناك دعم واسع النطاق لحكومة وحدة يقودها حزب الليكود اليميني بزعامة نتنياهو، لكن لم يظهر أحد من الحزب لمنافسة نتنياهو.
وكتب لابيد على منصة "إكس" (تيوتر سابقا): "لا يمكننا الدخول في دورة انتخابية مرة أخرى العام المقبل بينما نواصل القتال ونشرح الأسباب وراء اعتبار أن الجانب الآخر يشكل كارثة".
اقرأ أيضاً
على وقع الحرب في غزة.. نتنياهو يكافح لإنقاذ مستقبله السياسي في إسرائيل
المصدر | الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: نتنياهو الحرب في غزة إسرائيل الفساد أکتوبر تشرین الأول اقرأ أیضا فی غزة
إقرأ أيضاً:
في وجود نتنياهو.. لا تعتمدوا على دوام وقف إطلاق النار مع إيران
انتهت الحرب! إلا أنها لم تنته، بأي اعتبار. فاتفاق وقف إطلاق النار المتفق عليه شفاهة بين إيران وإسرائيل قد يتمزق إربا في أي لحظة. ولا يزال نظام الحكم متماسكا في طهران. ومثل ذلك يصدق في إسرائيل وفي واشنطن، يلغو رئيس ـ لا يساوي قدراته العقلية المحدودة إلا غروره ـ عن إقامة السلام، ولن يتعلم المسنون الغاضبون المسؤولون أي درس. وفي الوقت نفسه، يرقد مئات المدنيين موتى، والآلاف جرحى، مع ملايين المرعوبين.
الحرب انتهت! إلا أن السذج فقط هم الذين يصدقون أن بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل وكبير مروجي الحرب فيها، قد انتهى من القتال. فحتى لو أن دونالد ترامب محق في أن منشآت إيران النووية قد «محيت» حقا (والظاهر أن الأدق هو أنها «تضررت بشدة») فإن ذلك لا ينطبق على معرفتها النووية ومخزونها المراوغ من اليورانيوم المخصب. وعند البادرة الأولى لاستئناف البناء النووي، سواء أكانت هذه البادرة حقيقية أم متخيلة، من المؤكد أن نتنياهو وحلفاءه سيهاجمون مرة أخرى. وقد أوقفهم ترامب الأسبوع الماضي. ولكن هذا رجل يمكن أن يغير رأيه 3 مرات قبل أن يتناول إفطاره.
من الذي يعتقد جادا أن نتنياهو سوف يتخلى بسهولة عن الهيمنة على المجال الجوي لإيران الذي حققته قواته بسهولة غير منتظرة؟ من غير المرجح أن يستطيع مقاومة إغراء استهداف إيران مرة أخرى، وقد رأى ما في الهجمات الطازجة من منافع سياسية. إذ ترد الأخبار بأن نتنياهو يدرس حاليا إمكانية إجراء انتخابات مبكرة. ولعله يرجو أن غنائمه من إيران سوف تخفي إخفاقاته في السابع من أكتوبر 2023 وتخليه عن الرهائن المحتجزين لدى حماس.
ثمة نمط معهود هنا. فمنذ مارس، حينما أطاح منفردا بوقف إطلاق النار في غزة، يسعى نتنياهو إلى إخضاع الأراضي الفلسطينية. وتساقط المدنيون الفلسطينيون صرعى برصاص متكرر من الجيش الإسرائيلي ومن جراء أعمال وحشية للمستوطنين حول مراكز الغذاء في غزة وبلدات الضفة الغربية. وفي أماكن من قبيل رفح، يتكرر الأحد الدامي كل يوم تقريبا. وفي لبنان وسوريا، لا تزال إسرائيل ترمي القنابل آمنة من العقاب. فطاحونة نتنياهو العسكرية لا تكف عن الحركة. فلماذا تتخيلون أن يختلف الحال بأي شكل مع إيران؟
يأسى أغلب الناس لـ«الحروب الأبدية» التي تسمها التدخلات الغربية الكئيبة المستمرة لسنين في أفغانستان والعراق. لكن ليس نتنياهو. فهذا عدوه السلام. والحرب الأبدية هي التي تبقيه في السلطة، وفي دائرة الضوء، وبعيدا عن السجن. وهو شأن فلاديمير بوتين يرى الحرب المستمرة فرصة لتعزيز تأييده الداخلي والتفوق على خصومه. وعنف الدولة المستمر مميت للديمقراطية والشرعية والحكم الرشيد (وفي هذا السياق، يجدر بالأمريكيين أيضا أن يصيبهم القلق، لأن رئاسة ترامب أيضا تسلك مسارا مماثلا لولا أن حربها الأبدية إنما تجري مع «عدو في الداخل»)
برغم نداء نتنياهو المتلفز إلى الشعب الإيراني إذ شجعهم على «الوقوف» في وجه «نظام حكم آثم قمعي»، فإنه لا يكاد يبالي بحريتهم. لأن ما يريده لهم هو ما تريده القوى الإمبريالية دائما أي أن يكونوا بلدا ضعيفا منقسما متدهورا على الدوام لا يمثل تحديا لمصالح إسرائيل الاستراتيجية ويمكن معاقبته في أي وقت. ومن خلال سيطرة إسرائيل على سماء إيران وشنها هجمات سيبرانية سرية وعمليات تخريبية واغتيالات، فلها أن تضمن بقاء إيران ضعيفة وخاضعة للسيطرة إلى الأبد، أو هكذا قد تكون حسابات إيران.
انتهت الحرب...إلا أن الأمر ليس كذلك في طهران هي الأخرى.
فالحقيقة هي أن النظام الإيراني لم يقترب محض اقتراب من السقوط. ولو كان لقنابل إسرائيل من تأثير فهو أنها حشدت له دعما شعبيا وحماسة وطنية. فلقد هوجمت إيران بناء على كذبة (فلا المخابرات الأمريكية ولا الأمم المتحدة دعمت زعم نتنياهو بأنها تتسلح نوويا) ولم تدن الحكومات الأوروبية القصف. وهذه الحقائق سوف تزيد من عمق انعدام الثقة في الغرب. إيران تريد تخفيف العقوبات الأمريكية، وقد توافق على مناقشة هذا، ولكن ليس أنشطتها النووية المستقبلية. وهي تعلق التعاون مع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وبرفض الاحتواء الإسرائيلي، قد تستأنف طهران بمرور الوقت صراعا غير متكافئ وتحيي حروب الوكالة في المنطقة.
ولم تنته الحرب بالنسبة لترامب أيضا (برغم أنه قد يتصور ذلك مخدوعا بأوهام جائزة نوبل للسلام). ولقد أظهر، كما في أوكرانيا وغزة، أن تدخلاته المتهورة وغير المدروسة وغير القائمة على معلومات لا تزيد العالم إلا خطورة. فجعل انسحاب الولايات المتحدة أشد صعوبة عليها إذا ما اندلعت الحرب مرة أخرى. وقد جاءت هجمته المباغتة على إيران ـ وهي شبيهة بالهجمة على ميناء هاربر ـ لتنتهك ميثاق الأمم المتحدة وسوف تكون مسوغا للدول المارقة في اعتداءات غير مشروعة. وهو باستمراره في مساعدة نتنياهو ـ المتهم بكونه مجرم حرب ـ يعرض نفسه للملاحقة القضائية من المحكمة الجنائية الدولية.
لقد أطاح ترامب بالدبلوماسية متعددة الأطراف، وحيَّد حلفاءه الأوروبيين وأهانهم، واعتمد على مبعوثين مبتدئين، ورفض نصائح الخبراء. وعجزه السافر عن الثقة، ونرجسيته الهائلة، سببان إضافيان لعدم إمكانية الاعتماد على الولايات المتحدة. والحرب في الشرق الأوسط لم تتوقف إلا لماما. وحاول ترامب أن يدرك رشفة من كأس المجد، لكنه أفلت الفرصة.
هذه حرب عبثية عبثا محضا مذهلا. لم تحقق أي شيء إيجابي تقريبا. تسببت في بؤس، ودمار، وغياب للأمن. ونادرا ما تحقق القوة الغاشمة غايات سلمية. بل إن دأبها هو أن تؤجج المشكلات القائمة، وهذا ما كان في هذه الحالة. فمتى سيفهم هؤلاء المسنون الغاضبون الأمر؟ لعلهم لن يفهموه أبدا، ما لم يستجمع الديمقراطيون شجاعتهم ويتحدوهم.
سيمون تيسدال من كتاب الأعمدة في ذي جارديان
عن الجارديان البريطانية