ملتقى الطفل بالجامع الأزهر: الغضب مفتاح الفتن والآثام ويزيد من الانقسام
تاريخ النشر: 27th, November 2023 GMT
عقد الجامع الأزهر الشريف حلقة جديدة من ملتقى الطفل، والذي يأتي تحت عنوان: " الطفل الخلوق - النظيف - الفصيح"، ودارت حلقة اليوم "الغضب وأثره على المجتمع" ، وذلك في إطار مواصلة الجامع الأزهر والرواق الأزهري، جهودهما في توعية النشء بالآداب الإسلامية والأخلاقيات السليمة النابعة من صحيح الدين، وحاضر في الملتقى الدكتور حسن عبد الباسط، منسق وحدة العلوم الشرعية والعربية بالجامع الأزهر الشريف، والدكتور محمود عبد الجواد رئيس وحدة العلوم الشرعية والعربية بالجامع الأزهر الشريف.
قال د. حسن عبد الباسط، إن "الغضب" يعد من الأمراض الخطيرة والقديمة فهو موجود منذ زمن الأنبياء وحتى الآن، مؤكدا أن هذا المرض تسببٌ في تفكُّك المجتمعات، وفي زيادة حالات الطلاق، كما تسبب في زرع البغضاء والشحناء بين الناس، وتسبب في زيادة أعداد الأيتام، وأعداد الجرحى، ويُحْدِثُ فِرَاقًا وطَلاقًا، ثُمَّ نَدَمًا وتَعَبًا، وأَلَمًا ونَصَبًا، وهو مَدْخَلٌ مِنْ مَدَاخِلِ الشَّيْطَانِ الكُبْرَى، ومَكِيدَةٌ مِنْ مَكَائِدِهِ العُظْمَى.
واستشهد منسق العلوم الشرعية ، بما روى البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلًا قال للنبى ﷺ أوصني، قال: لا تغضب، فردَّد مرارًا: أوصني أوصني، والنبى ﷺ لا يزيد على: لا تغضب، فهذا الرجل ردَّد السؤال، لعلَّه يسمع وصية أنفع وأبلغ، فلم يزد على قوله: لا تغضب، مؤكدا أن لِلغَضَبِ أَضْرارٍ اجتِمَاعِيَّةٍ، فَهُوَ يُدَمِّرُ مَا بَيْنَ النَّاسِ مِنْ علاقات، ويَقْطَعُ مَا بَيْنَهُم مِنْ صِلاتٍ.
ولفت إلى أن الغضب منه المحمود ومِنْه المذموم؛ فالغضب المحمود ما كان في الحقِّ؛ غيرةً على دين الله أن تُنْتَهك محارِمُه، فهذا النَّوع من الغضب صفة كمال، فلِذا اتَّصف بها ربُّنا عزَّ وجلَّ، فهو يغضب على الكافرين به، الطَّاعنين في رسُلِه ودينه، من اليهود والنصارى والمنافقين وسائر طوائف الكفر؛ ﴿وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾؛ بل ربُّنا عزَّ وجلَّ يغضب حتَّى على الموحِّدين حينما يتجاوزون حدودَه، ويقعون في كبائر الذنوب ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾.
وأوضح د. حسن عبد الباسط، عدد من العلاجات النبوية لدفع حرارة الغضب وذكر منها: أن يتوضَّأ أو يَغتسِل؛ لأن الغضب جمرة في قلب كل إنسان؛ ولهذا تحمرُّ عيناه؛ قال ﷺ "إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خُلِق من النار، وإنما تُطفأ النار بالماء؛ فإذا غضِب أحدُكم فليتوضَّأ"، ومنها أيضا ذكْرُ الله عزّ وجلَّ، والتفكُّر في النصوص الواردة في فضل كظم الغيظ والعفو والحلم؛ جاء في حديث أبي الدرداء رضي الله عنه، "قال: قلت: يا رسول الله، دلني على عمل يدخلني الجنة! قال ﷺ لا تغضب ولك الجنة"، ومنها أيضاً تخويف النفس من عقاب الله عز وجل.
وحث د. عبد الباسط على عدم الإفراط من الغضب في غير موضعه الصحيح، مستدلاً بوصيته ﷺ إلى الرجل بقوله: لا تغضب؛ ولذا تجد العاقل إذا تغيَّر حالُه من الغضب إلى الرضا، تعجب من نفسه، وقال: ليت شعري! كيف اخترت تلك الأفعال القبيحة؟ ويلحقه الندم. قال ابن القيم رحمه الله: "جمع النبى ﷺ بقوله"لا تغضب" خيري الدنيا والآخرة؛ لأن الغضب يؤول إلى التقاطع، ودلَّ أن الغضب يجمع الشرَّ كلَّه، فهو مفتاح الفتن والآثام، ويزيد التفرُّق والانقسام، ويستدل به على ضعف العقل والإيمان"، فمن حافظ على هذه الوصية، حاز خيري الدنيا والآخرة.
من جانبه تناول الدكتور محمود عبد الجواد، رئيس وحدة العلوم الشرعية والعربية بالجامع الأزهر الشريف، شرح ظرفى الزمان والمكان، حيث قام بتعريفها وبين حالات إعرابهما ومواضع كل منهما، ودلل على ذلك بالأمثلة التوضيحية.
وفي نهاية الملتقى، اختتم الباحثان حديثهما بالإجابة عن بعض الأسئلة حول الموضوع، وأثناء الشرح استخدم الباحثان بعض الشرائح التوضيحية، معتمدَيْن على أسلوب المناقشة والتحاور مع الأطفال، تشجيعاً لهم على المشاركة.
يُذكر أن ملتقى " الطفل الخلوق والنظيف والفصيح" يعقد يوم السبت من كل أسبوع بالجامع الأزهر، ويتم تنفيذه في بعض المحافظات ، وذلك لتربية النشء على أسس صحيحة، وفهم عميق لأخلاقيات ديننا الحنيف.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الجامع الازهر الازهر الشريف ملتقى الطفل بالجامع الأزهر العلوم الشرعیة الأزهر الشریف عبد الباسط أن الغضب
إقرأ أيضاً:
6 خصال تفتح لك أبواب الجنة.. مكارم أخلاق وعد بها النبي
كشف مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية عن ست خصال نبيلة من مكارم الأخلاق، وعد النبي محمد ﷺ أن من التزم بها بصدق وإخلاص ضمن له الجنة، وذلك استنادًا إلى الحديث الشريف الذي رواه عبادة بن الصامت رضي الله عنه:
«اضْمَنُوا لِي ستًّا أَضْمَنْ لَكُمُ الْجَنَّةَ: اصدقوا إذا حدّثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدّوا إذا ائتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغضّوا أبصاركم، وكفّوا أيديكم».
وأكد المركز أن هذه الصفات ليست مجرد سلوكيات فردية، بل منهج حياة متكامل يرفع مستوى الأخلاق في المجتمع، ويحقق الطهارة الداخلية للمسلم، ويُصلِح علاقته بمن حوله
الصدق
شدد الأزهر على أن الصدق عند الحديث هو أول هذه الصفات، موضحًا أن الكذب ضعف في النفس وهلاك، حتى وإن بدا للبعض أنه مخرج مؤقت. فالصدق يرفع قدر الإنسان، ويجعله أهلاً للثقة، وهو صفة لازمة للمؤمنين وركن من أركان علاقتهم بالآخرين.
الوفاء بالعهد
الخصلة الثانية هي الوفاء بالوعد، إذ أكّد المركز أن المؤمن لا يعرف خلفًا للعهود ولا نكثًا للمواثيق، فالوفاء من سمات أصحاب القلوب السليمة، ومن صفات الذين وصفهم الله بقوله:
﴿ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ﴾.
أداء الأمانة
وأوضح المركز أن أداء الأمانة في القول والعمل والحقوق واجب شرعي، وأن الشريعة أكدت ذلك بنص القرآن الكريم في قوله تعالى:
﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾.
فالأمانة ليست فقط وديعة مالية، بل مسؤولية، وسرّ، وعمل، ووظيفة.
العفاف وحفظ الفروج
وأشار بيان الأزهر إلى أن حفظ الفروج من الوقوع في الزنا أو مقدماته هو طهارة للإنسان وحماية للمجتمع، مشيرًا إلى أن الله أثنى على أصحابه في قوله:
﴿ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ ﴾.
وأكد أن العفة ليست حرمانًا بل حفاظًا على الأنساب وسلامة من الآفات النفسية والجسدية.
غضّ البصر
وبيّن المركز أن غضّ البصر واجب شرعي على الرجال والنساء، لحماية القلب من التعلّق بالحرام، وأن له آثارًا مباشرة على نقاء الروح واستقامة السلوك، فهو يورث العبد حلاوة الإيمان ويمنعه من الانسياق وراء الشهوات.
كفّ الأذى
أما الخصلة السادسة فهي كفّ اليد عن إيذاء الناس، سواء بالأذى الجسدي أو الاعتداء أو إلحاق الضرر بهم بأي شكل. وأوضح المركز أن من يعتدي على الناس ممقوت عند الله والخلق، وأن كفّ الأذى باب واسع للسلام الاجتماعي والمحبة بين الناس.
واختتم مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية بأن هذه الخصال الست تمثل منهجًا للحياة، وبوصلةً أخلاقية أرساها النبي ﷺ لضمان صلاح الأفراد والمجتمع معًا. كما أنها طريق واضح نحو الجنة، لمن التزم بها بصدق، وجعلها منهجًا في أقواله وأفعاله وتعاملاته اليومية.