عقد الجامع الأزهر اليوم الثلاثاء، اللقاء الأسبوعي لملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة، تحت عنوان: “مكانة العقل وبناء المجتمع”. 

وجاء ذلك بحضور كل من د. عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على الأنشطة العلمية بالرواق الأزهري، ود. مجدي عبد الغفار، رئيس قسم الدعوة والثقافة الإسلامية السابق بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر بالقاهرة، تقديم الإعلامي دكتور محمد مصطفى.

ملتقى الجامع الأزهر للقضايا المعاصرة

قال الدكتور عبد المنعم فؤاد في بداية الملتقى على أن الادعاء بجمود الإسلام وغياب الحراك الفكري والاجتهاد فيه هو جهل بحقيقته، فالعلاقة بين العقل والدين في الإسلام متجذرة، حيث يمثل القرآن الكريم إعجازًا عقليًا يدفع المؤمن نحو التفكر والتدبر، ويتجلى هذا التكامل في نهج النبي صلى الله عليه وسلم، الذي كان يضع كل كلمة في محلها، فتحمل كلامه معاني ومغازي عميقة؛ ولذا يوصف بأنه "سيد العقلاء"، فالإسلام، الذي جاء به النبي، هو الذي علمنا منهج التفكر والتدبر، والقرآن الكريم هو أساس الفهم والتدبر لا مجرد الاستسلام السلبي للأوامر.

وأضاف الدكتور عبد المنعم فؤاد، أن علماء الأمة الإسلامية هم أول من أسسوا لمنهج الحرية الفكرية، ويتجلى ذلك في التنوع الفقهي والمنهجي بين رخص ابن عباس، وعزائم ابن عمر، وعقلية أبي حنيفة، وواقعية الإمام الشافعي، ومنطقية الغزالي، وموسوعية ابن تيمية، ورقائق الجيلاني، وفلسفة ابن رشد، ومنهجية الرازي، ووسطية الأزهر؛ لأن الاجتهاد فريضة إسلامية، وتتأكد هذه الحقيقة بالنظر إلى منهج الإمام أبي حنيفة القائم على اجتهاده واجتهاد تلاميذه أبي يوسف ومحمد الذين كان يأخذ بآرائهم رغم اختلافهم، وكذا بتعدد فتاوى الإمام الشافعي للمسألة الواحدة بين العراق ومصر، ووجود أكثر من فتوى لبعض المسائل عند الإمام أحمد بن حنبل. 

هل يجب على المرأة خدمة زوجها؟ عالم أزهري يجيبأعضاء لجنة تحكيم جائزة زايد للأخوة الإنسانية يشيدون بمسيرة الأزهر في بناء الجسور بين الثقافاتملتقى المرأة بالجامع الأزهر يستعرض التشخيص النفسي والعلاج الديني لمواجهة التفكك الأسريوكيل الأزهر يهنئ وزير الرياضة برئاسة لجنة التربية البدنية باليونسكو

وأكد المشرف العام على الأنشطة العلمية بالرواق الأزهري، على المنزلة المحورية للعقل في الإسلام، ولو نظرنا في القرآن الكريم نجد أن كلمة "العقل" ومشتقاتها وردت فيه ما يزيد عن 300 مرة، وتتجلى هذه الأهمية القصوى في أن التكليف الشرعي يسقط عن غير العاقل؛ فالعقل هو مناط التكليف، وقد أكد القرآن الكريم هذه الحقيقة بلسان أهل النار أنفسهم، حيث قالوا: "قالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير"، مما يبرهن على أن قضية العقل بالغة الأهمية؛ إذ هو الأداة الأساسية التي تمكن الإنسان من معرفة المولى سبحانه وتعالى واستيعاب رسالته، مؤكدًا بذلك أن الإسلام دين يقوم على الاقتناع الفكري والبحث عن الحقيقة، لا على التسليم الأعمى.

الدكتور مجدي عبد الغفار: العقل هو الميزان الذي يحدد مكانة الفرد في مجتمعه، وهو الأداة لإعمار الأرض 

من جانبه أكد الدكتور مجدي عبد الغفار أن نعمة العقل هي من أجل النعم على الإطلاق، فهي الميزان الذي يحدد مكانة الفرد في مجتمعه، والأداة الأساسية التي يتحقق بها إعمار الإنسان للأرض، وبناءً على ذلك، وأن أي مسعى لـ "عمار" بلادنا وأوطاننا وأمتنا يقوم على ثلاثة أركان جوهرية: الإنسان، حيث يكون (الإنسان قبل البنيان)، ثم يليه ركن الوعي، والركن الثالث هو العبادة (الساجد قبل المساجد).

وأوضح الدكتور مجدي عبد الغفار أن التدبر في آيات الكون هو المنهج الإلهي الذي سلكه المولى – سبحانه وتعالى- مع سيدنا إبراهيم عليه السلام للوصول إلى اليقين، حيث قال تعالى: " وَكَذَٰلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ" وهذا التوجيه الرباني بالنظر والتفكر يجب أن يلتزم به الدعاة والعلماء اليوم، لأنه هو الحديث الأكثر نفعًا وفائدة، وهو المنهج الذي سار عليه السلف من علماء هذه الأمة، فنجد قول أحد علمائها الإمام الجويني: "لولا العقل ما فهمنا حقيقة النقل"، لأن العقل هو أساس التكليف، والنقل (الشرع) هو أساس الهداية، ولا يوجد أي تعارض أو خلاف بينهما؛ فكلاهما مصدر للعلم والمعرفة، ويعملان بتناغم للوصول إلى الحقائق الإيمانية والكونية.

طباعة شارك ملتقى الجامع الأزهر الجامع الأزهر الأزهر ملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة مكانة العقل وبناء المجتمع

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: ملتقى الجامع الأزهر الجامع الأزهر الأزهر ملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة مجدی عبد الغفار الجامع الأزهر

إقرأ أيضاً:

مرصد الأزهر يُعزز المناعة الفكرية في معسكر بلطيم .. محاضرات عن الحرية المسؤولة

اختتمت فعاليات اليوم الثاني من معسكر بلطيم للطلاب، الذي ينظمه الأزهر الشريف، ببرنامج تثقيفي مكثف هدفه بناء "المناعة الفكرية" للشباب، حيث نظمت سلسلة من المحاضرات المتخصصة ركزت على مفاهيم الحرية المسؤولة، ومكافحة التنمّر، وأهمية الحفاظ على الهوية الوطنية في عصر الرقمنة.

مرصد الأزهر يشارك في المؤتمر الختامي لمبادرة مكافحة التطرف بالمغربمرصد الأزهر: نائب فرنسي يدعم مسلمي فرنسا ردًا على استطلاع متحيز وهجمات المساجدباحث بـ مرصد الأزهر: الإسلام أكثر دين كرم الإنسان مهما كان لونه أو جنسهمرصد الأزهر: برلمان إقليم نافارا الإسباني يمنح أرفع وسام له للشعب الفلسطيني وعمال الإغاثة


الحرية بين الانضباط والتوازن
تناولت المحاضرة الأولى، التي قدمها الدكتور محمد عبد الرحمن مشرف وحدة الرصد باللغة العربية، مفهوم "الحرية في الإسلام"، مؤكدًا أنها حرية مسؤولة ومقيدة بالقيم، وليست مطلقة أو منفلتة. وأوضح أن هذه الحرية تتسم بثلاث خصائص أساسية:
- المسؤولية حيث يتحمل الإنسان مسؤولية اختياراته.
- التوازن لضمان مراعاة حقوق الفرد والمجتمع معًا.
- الهدف أن تكون خادمة للغاية الوجودية للإنسان، وهي عبادة الله وإعمار الأرض.
وشدد الدكتور محمد عبد الرحمن على أن ضوابط الحرية في الشريعة جاءت لحماية الضروريات الخمس التي اتفقت الأمة على حفظها، وهي: الدين، النفس، العقل، النسب والعرض، والمال.

التنمّر ومواجهة العنف المجتمعي
في سياق متصل، قدم الأستاذ أحمد حسن، الباحث بوحدة الرصد باللغة الفرنسية بالمرصد، محاضرة عن التنمّر من حيث المفهوم وصوره وأسبابه وطرق الوقاية منه. واستهل الباحث حديثه بتعريف مهام مرصد الأزهر، موضحًا رسالتها التي تقوم على ترسيخ تعاليم الدين الإسلامي في إطار من الوسطية والتسامح والأخوة الإنسانية، وتعزيز مكانة مصر العالمية في مجال مكافحة التطرف وبناء السلم المجتمعي، عبر تقديم محتوى معتدل بمختلف اللغات.
ثم تطرق إلى تعريف التنمّر كشكل من أشكال العنف والإيذاء الذي يمارسه شخص أو مجموعة ضد شخص أضعف منه عمدًا وعلى نحو متكرر، مشيرًا إلى أن التنمّر قد يحدث في أي مكان، بما في ذلك المدارس والأماكن العامة وعبر الإنترنت، وقد يصل في بعض الأحيان إلى حد الجريمة.


صيانة الهوية في عصر الرقمنة
كما تناول الدكتور عبد القادر أحمد، الباحث بوحدة الرصد باللغة الصينية، الهوية وأهمية الحفاظ عليها في عصر الرقمنة، حيث عرّف الهوية بأنها الركيزة التي يقوم عليها وجود الإنسان، وهي مزيج من القيم، والمعتقدات، واللغة، والتاريخ، والموروث الثقافي.
وأكد الدكتور عبد القادر أن الأسرة والدين والقيم الأخلاقية هي أهم عوامل الحفاظ على الهوية، حيث تشكل القيم الأخلاقية "عمودًا أساسيًا" يمنح الفرد بوصلة واضحة للسلوك، ويجعله أكثر ثباتًا أمام محاولات التشويه أو الانحراف الثقافي.


اختتمت فعاليات المحاضرات بتوضيح رؤية مرصد الأزهر في بناء هذه المناعة الفكرية لدى الشباب، كاستراتيجية وقائية للتحصن من تأثير الجماعات المتطرفة والأفكار الهدامة. كما تم في ختام الفعاليات توزيع نسخ من إصدارات المرصد على الطلاب المشاركين.


نظمت فعاليات المعسكر تحت إشراف الدكتورة نوال حسني، رئيس الإدارة المركزية لرعاية الطلاب بالأزهر الشريف، والأساتذة: ناجي إبراهيم محمد مسؤول النشاط الكشفي بالإدارة المركزية لرعاية الطلاب، وأيمن أبو سعيفة مدير المعسكر، وليد عبدالعزيز السكري مشرف تنفيذ البرامج، أبوبكر عبدالحميد رضوان المشرف الرياضي، سيد مسعد سيد المشرف الإداري، هانى الخضيرى مدير البيت وسعيد خفاجى لجنة إعلام المعسكر.

طباعة شارك الأزهر الشريف المناعة الفكرية مكافحة التنمّر التنمر الحرية مرصد الأزهر

مقالات مشابهة

  • انطلاق اختبارات مسابقة القرآن الكريم الكبرى للرواق الأزهري بأسيوط بمشاركة نحو ١٠٠٠ دارس
  • 6 خصال تفتح لك أبواب الجنة.. مكارم أخلاق وعد بها النبي
  • سيرة شيخ الأزهر الشريف فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب
  • الجامع الأزهر يعقد ملتقى القراءات للختمة المرتلة برواية الإمام قالون عن الإمام نافع
  • شيخ الأزهر: العقل الإسلامي في أبهى تجلِّياته يحتفظ لأوزبكستان بأعلى درجات التقدير
  • شيخ الأزهر: العقل الإسلامي في أبهى تجلياته يحتفظ لأوزبكستان بأعلى درجات التقدير
  • مرصد الأزهر يُعزز المناعة الفكرية في معسكر بلطيم .. محاضرات عن الحرية المسؤولة
  • الجامع الأزهر يعقد ملتقى القراءات للختمة المرتلة برواية الإمام قالون عن الإمام نافع.. اليوم
  • الرواق الأزهري يُواصل أنشطته الموجهة لخدمة المجتمع بجميع فئاته بالأقصر