دشن معالي المهندس سالم بن ناصر العوفي وزير الطاقة والمعادن جناح سلطنة عمان رسميا على هامش مشاركة سلطنة عمان في أعمال النسخة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP28» الذي تستضيفه دولة الإمارات العربية المتحدة خلال الفترة الممتدة من 30 نوفمبر حتى 12 ديسمبر في مدينة إكسبو سيتي دبي.

ويضم جناح سلطنة عمان عدة مشروعات ومبادرات خضراء مستدامة تهدف جميعها لإيجاد حلول فعالة لحفظ الكوكب، وقسم يشرح جهود حفظ أشجار المانجروف والمؤشرات البيئية لسلطنة عمان، وعرض حول مشروع الهيدروجين الأخضر وتطلعات السلطنة في إنتاجه، وتقنية احتجاز الكربون، وعرض الاستراتيجية العمرانية لسلطنة عمان ومدينة السلطان هيثم المستدامة، بالإضافة إلى قسم يعرض معادن من جيولوجية عمان وأهم استخداماتها، وعرض لمنظومة الإنذار المبكر وعمان مستعدة الذي تفردت به سلطنة عمان عن باقي دول العالم، فضلًا عن مشروعات البحث العلمي وآخر الدراسات البحثية والعلمية الحديثة في المجال ذاته، وآليات استثمار الشباب العماني في إقامة دورات تدريبية في المجال ذاته في إطار الجهود الوطنية والمشروعات والمبادرات التي تنفذها سلطنة عمان نحو الحياد الصفري الكربوني.

وخلال حفل التدشين اطلع وزير الطاقة والمعادن بمعية عدد من أصحاب السعادة الوكلاء والمسؤولين على أبرز الأقسام التي يضمها الجناح، وقال معالي المهندس سالم بن ناصر العوفي في كلمة له: نشارك العالم في مناقشات واجتماعات متعددة لأهمية إيجاد حلول عملية ومستدامة للتغير المناخي من خلال استراتيجيات وسياسات عمل واضحة، وكذلك المبادرات التي تنفذها الدول المشاركة من أجل تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة وحماية البيئة واستدامتها وتعزيز الحلول المستدامة للطاقة النظيفة، وبالنسبة لنا في سلطنة عمان اتخذنا إجراءات مهمة للوصول إلى الحياد الصفري الكربوني من خلال التوجيهات السامية بتحديد عام 2050م موعد لذلك، وإنشاء مركز عمان للاستدامة، واستراتيجية التحول في الطاقة التي بدأنا فعليا في تنفيذها من خلال العديد من مشروعات الطاقة المتجددة والهيدروجين.

جناح تفاعلي

وأشار العوفي إلى أن سلطنة عمان تشارك بجناح تفاعلي يحاكي ما تقدمه من جهود ومبادرات عمل تساهم في تحقيق أهدافنا الطموحة، كما يجسّد الجناح الرؤية التي توليها الحكومة في مجال الاستدامة، واستراتيجياتها الطموحة على صعيد التحول في الطاقة وتقليل الانبعاثات واحتجاز الكربون وحماية البيئة والمدن المستدامة، ويعد الجناح ومشاركة سلطنة عمان فرصة مؤاتية، ليتعرف العالم على تجربة سلطنة عمان في هذه المجالات، إضافة إلى مشاركتها في مختلف الاجتماعات والجلسات النقاشية والقمم الرئاسية.

وتضمن حفل تدشين الجناح على عرض فيديو يتحدث عن رؤية سلطنة عمان في المستقبل تحت شعار «عمان مستقبل مستدام»، عقب ذلك عقدت جلسة حوارية وزارية تحت عنوان «الطاقة والمناخ: مساران متوازيان لعُمان» تحدث فيها كل من سعادة السفير حميد بن علي المعني رئيس دائرة الشؤون العالمية بوزارة الخارجية، وسعادة خميس بن محمد الشماخي وكيل وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات للنقل، وسعادة الدكتور عبدالله بن علي العمري رئيس هيئة البيئة، تم خلال الجلسة مناقشة أربعة تحولات نموذجية وهي: تسريع عملية تحول الطاقة وخفض الانبعاثات قبل عام 2030، والوفاء بالوعود القديمة ووضع إطار لصفقة جديدة بشأن التمويل، ووضع الطبيعة والناس والحياة وسبل العيش في قلب العمل المناخي والتعبئة من أجل مؤتمر أطراف أكثر شمولا.

التحديث الأول

وسلّمت سلطنة عمان التحديث الأول للتقرير الثاني للمساهمات المحددة وطنيًا إلى أمانة اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، التي تشمل رفع سقف هذه المساهمات بما يضم زيادة جهود خفض الانبعاثات وتعزيز الاعتماد على التقنيات الحديثة والطاقة النظيفة والنقل الأخضر ومشروعات الكربون الأزرق والمدن والنظم المستدامة للزراعة وإدارة النفايات والتنوع الاقتصادي.

وبموجب بنود اتفاق باريس للمناخ الذي تم اعتماده في عام 2015، فإن المساهمات المحددة وطنيا تعتبر الإطار الذي يبرز جهود الدول للحد من الانبعاثات على المستوى المحلي والتكيف مع آثار التغير المناخي.

وقد برزت أهداف خفض الانبعاثات الكربونبة كجزء محوري في المساهمات المقدمة، وذلك في إطار التركيز على قياس التقدم المحرز للوصول إلى معدل درجة الحرارة العالمية التي حددتها الاتفاقية، ويقدم التحديث الثاني للمساهمات المحددة وطنيا نظرة شاملة على تطلعات سلطنة عمان للوصول إلى الحياد الصفري للكربون بحلول عام 2050 والانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون.

خطوات استباقية

وتتخذ سلطنة عمان خطوات استباقية خلال هذا العقد لتقليل الانبعاثات بنسبة 21٪ مقارنة بانبعاثاتها المتوقعة بناءً على سيناريو العمل كالمعتاد بحلول عام 2030، وتعد هذه خطوة مشهودة وضرورية لمعالجة أزمة المناخ العالمية وتقليل آثار انبعاثات الغازات الدفيئة.

كما تستعرض سلطنة عمان أحدث استراتيجياتها وبرامجها الوطنية للتغير المناخي، ويوضح هذا التحديث بشكل أكبر الجهود السابقة والمستمرة والمستقبلية في مجال التكيف والتخفيف في جميع قطاعاتها، كما ترتبط هذه الجهود بالركائز الأساسية لسلطنة عمان في التنويع الاقتصادي والمشاركة الفعالة للشباب، ويتجلى الالتزام الجاد لسلطنة عمان بالمشاركة الفعالة في العمل المناخي العالمي من خلال شمولية وتكامل برامج ومبادرات التغير المناخي الخاصة بها.

«عُمان مستقبل مستدام»

وتشارك سلطنة عمان في هذا المؤتمر بشكل فاعل تحت شعار "عُمان مستقبل مستدام» امتدادًا لمشاركتها بقية دول العالم لإيجاد حلول عملية ومستدامة للمشكلات العالمية، واستعراض جهودها عبر الاستراتيجيات والسياسيات والمبادرات التي تنفذها من أجل تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة وحماية البيئة واستدامتها وتعزيز الطاقة المتجددة.

وقد اتخذت سلطنة عمان خطوات مهمة للوصول إلى الحياد الصفري الكربوني من خلال التوجيهات السامية بتحديد عام 2050م موعد لذلك، وإنشاء مركز عمان للاستدامة.

مشاركات الوفد

وقد شارك معالي المهندس سالم بن ناصر العوفي وزير الطاقة والمعادن في انطلاق قمة «مجموعة 77 والصين» خلال قمة «كوب 28» بمشاركة قادة دول وحكومات المجموعة، لمناقشة كيفية توحيد المجتمع العالمي لدفع العمل المناخي من أجل مستقبل مستدام، وقد تشكلت «مجموعة 77 والصين» في عام 1964، من قبل 77 دولة نامية، في اجتماع «مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية» المعروف باسم «أونكتاد»، لحماية المصالح المشتركة لدولها الأعضاء في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، بحسب الأمم المتحدة، وتمثل أول قمة على الإطلاق للمجموعة خلال قمة مناخ.

وعلى صعيد متصل، اجتمع سعادة الدكتور عبدالله بن علي العمري رئيس هيئة البيئة مع المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، تم خلال الاجتماع مناقشة مجالات التعاون الثنائي بين سلطنة عمان وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة في المجالات المعنية بالبيئة والعمل المناخي وصون الطبيعة، واستعرض الاجتماع جهود سلطنة عمان والمشروعات التي تنفذها في مجال العمل المناخي وتقليل مخاطر ظاهرة الاحتباس الحراري وتغير المناخ ومنها خطة الحياد الصفري الكربوني بحلول 2050 والاستراتيجية الوطنية للانتقال المنظم في الطاقة ومشروع الكربون الأزرق الذي سيتم من خلاله زراعة ملايين أشجار المانجروف ومشروعات الطاقات المتجددة والنظيفة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وتنفيذ حملات وطنية لاستزراع بملايين أشجار القرم (المانجروف)، وغيرها من المشروعات والمبادرات الأخرى.

وثمّنت المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة الجهود والمباريات والمشروعات التي تقوم بها سلطنة عمان في مجال العمل المناخي ومساهمتها مع جهود المجتمع الدولي من أجل مواجهة مخاطر ظاهرة الاحتباس الحراري وتغير المناخ وتحقيق أهداف اتفاق باريس بشأن تغير المناخ.

وفي نهاية الاجتماع وجّه رئيس هيئة البيئة الدعوة للمديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للمشاركة بكلمة في افتتاح مؤتمر عمان للاستدامة البيئية المقرر عقده في مسقط في نهاية شهر فبراير 2024.

كما شارك كل من سعادة الدكتور عبدالله بن علي العمري وسعادة الشيخ خليفة بن راشد الحارثي وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية في اجتماع رفيع المستوى بشأن التقييم العالمي الأول للتخفيف، ضمن جدول أعمال النسخة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP2».

تبادل الخبرات والتجارب

وأكد رئيس هيئة البيئة في تصريح له «أن جناح سلطنة عمان يعد مساحة لإبراز الجهود الوطنية التي تبذل من مختلف القطاعات، وفرصة سانحة لتبادل الخبرات والتجارب من خلال الحلقات والجلسات النقاشية التي انطلقت اليوم في مقر الجناح، ويقدم الجاهزية لمشروع الإنذار المبكر والتصدي أو التخفيف من آثار الأنواء المناخية والتغير المناخي، خاصة أن سلطنة عمان تعتبر رائدة في هذا المجال، واستعراض الحلول من الطبيعة بما فيها تأهيل القطاع النباتي التي تزرع فيها المانجروف، واحتجاز ثاني أكسيد الكربون من خلال الصخور والتجارب التي انطلقت في هذا الشأن، والفرص الواعدة في مجال الطاقة المتجددة والطاقة النظيفة».

وأشار إلى أن الجناح يستقطب العديد من الزوار والمهتمين والمختصين، وهي فسحة جيدة لإيصال رسالة سلطنة عمان في موضوع الاستدامة والحفاظ على الطاقة النظيفة.

وعرج العمري إلى الحديث عن مشاركة الوفد العماني رفيع المستوى في العديد من الجلسات، وأبرزها حفل انطلاق المؤتمر، وجلسات التكيف رفيعة المستوى، وجلسة التحفيض رفيعة المستوى، وجلسات الطبيعة والحلول من الطبيعة، وهناك جدول يومي للمشاركة للوفد، لاتخاذ القرار في ختام أعمال القمة، وهو المحك الرئيسي لأخذ التدابير اللازمة لحماية كوكب الأرض.

تحضيرات مسبقة

وأوضح أن قمة المناخ لها تحضيرات مسبقة، ونوقشت فيها العديد من الموضوعات، واجتماعات رفيعة المستوى تأتي على هامش اجتماعات القمة، لوضع اللمسات الأخيرة على هذه القرارات بما يخدم صالح كوكب الأرض وساكنيه والحفاظ عليه.

من جهته قال سعادة السفير حميد بن علي المعني رئيس دائرة الشؤون العالمية بوزارة الخارجية: انعقاد قمة المناخ في نسختها الـ28 بدولة الإمارات العربية المتحدة تعتبر مناسبة كبيرة على مستوى دول الخليج العربية لإبراز جهودها، والتناغم مع السياق الدولي المطلوب، والاستفادة والتعاون في مجال الطاقة النظيفة والتغيرات المناخية، وهناك جهود كبيرة بذلت وتبذل تنسجم مع التوجهات العالمية.

وعلّق على أبرز مناقشات الاجتماعات الهامشية، حيث أكد سعادته جملة من النقاط التي بحاجة إلى آلية تفاوض أكثر عمقا، خاصة فيما يتعلق بصندوق التغير المناخي ودعم الأضرار والخسائر، وقد قطعت تلك الموضوعات شوطا كبيرا، وهناك آراء متباينة، والأمل معقود لإيجاد توازن يحفظ مصالح الدول النامية والمتقدمة في هذا الجانب.

من جهته قال سعادة المهندس خميس بن محمد الشماخي وكيل وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات للنقل في تصريح له: تركزت مشاركاتنا في الاجتماعات والجلسات مع عدد من القطاعات الحكومية والخاصة لإبراز دور سلطنة عمان في قطاع النقل «البري والشؤون البحرية أو الموانئ أو الجوي»، وتحدثنا عن أبرز مبادرات سلطنة عمان المتعلقة بقطاع النقل التي تمثل جزءًا مهمًا جدًا في خطط الحياد الصفري 2050، كما تحدثنا عن مبادراتنا في إدخال السيارات الكهربائية، واستخدام الطاقة الكهربائية للموانئ، واستخدام الهيدروجين وتطبيقاته في النقل الثقيل، وهي مبادرات تعمل عليه سلطنة عمان حاليا.

التسهيلات والحوافز

وأشار الشماخي إلى أن سلطنة عمان قدمت مجموعة من التسهيلات والحوافز التي تعمل عليها، وهي موفرة لتشجيع المواطن وسائل النقل النظيفة، وتشجيع الاستثمار في هذا المجال الجديد، وقطاع النقل يعد قطاعا حيويا جدا في خطط الحياد الصفري الكربوني الذي يمثل 3% من نسبة 21% التي نطمح إليها في سلطنة عمان بحلول 2030، وربما تفوق النسبة إلى أعلى من ذلك مستقبلا مع زيادة سقف المبادرات والمشروعات.

وقال: نحتاج إلى تسويق لسلطنة عمان بأنها دولة رائدة في موضوع الحياد الصفري والمبادرات في المضمار ذاته والجهود الوطنية التي تبذل حاليا.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: رئیس هیئة البیئة بشأن تغیر المناخ جناح سلطنة عمان الطاقة النظیفة الأمم المتحدة العمل المناخی مستقبل مستدام سلطنة عمان فی لسلطنة عمان التی تنفذها للوصول إلى فی المجال العدید من فی مجال من خلال من أجل فی هذا بن علی

إقرأ أيضاً:

دراسة لجامعة نزوى: 4% من أراضي سلطنة عمان صالحة لزراعة القمح حتى عام 2080

في إطار الجهود البحثية الرامية إلى فهم تداعيات تغير المناخ على الأمن الغذائي أجرى فريق بحثي من جامعة نزوى دراسة علمية متقدمة حول تأثير تغير المناخ على إنتاج القمح في سلطنة عمان، باستخدام خوارزمية «MaxEnt» وتقنيات تعلم الآلة لتحليل ملاءمة الأراضي الزراعية خلال فترات زمنية مختلفة تمتد حتى عام 2080، وتهدف الدراسة إلى توفير قاعدة بيانات علمية دقيقة تسهم في دعم الخطط الوطنية لتحقيق الأمن الغذائي، واستشراف التغيرات البيئية المحتملة التي قد تؤثر على استدامة زراعة المحاصيل الاستراتيجية، لاسيما القمح، في بيئة مناخية تتسم بالتقلب والندرة المائية، وقد أظهرت النتائج العديد من المؤشرات المهمة التي يمكن أن تُسهم في صياغة السياسات الزراعية وتعزيز مفهوم الزراعة الذكية والمستدامة في سلطنة عمان.

وقال الدكتور خليفة بن محمد بن ساعد الكندي، أستاذ مساعد في كرسي جامعة نزوى لتطبيقات الذكاء الاصطناعي وأحد الباحثين المشاركين في الدراسة: إن الدراسة العلمية كشفت عن تأثيرات تغير المناخ على إنتاج القمح في سلطنة عُمان، مركّزة على تحديد المناطق المثلى لزراعته خلال فترات زمنية مختلفة باستخدام خوارزمية «MaxEnt»، حيث أظهرت نتائج الدراسة، ومن خلال التحليل الزمني لمناطق ملاءمة زراعة القمح، أن المناطق ذات الملاءمة العالية جدا ظلت محدودة للغاية طوال الفترات الزمنية الممتدة بين 1970 و2080، حيث لم تتجاوز نسبتها 3 إلى 4% من إجمالي مساحة سلطنة عمان، أي ما يعادل نحو 9,285 إلى 12,380 كيلومترا مربعا فقط، وعلى الرغم من التحسن الطفيف في المساحة المصنفة كعالية جدا، إلا أن هذه المناطق بقيت نادرة، مما يؤكد ضرورة تركيز الجهود الزراعية والتقنيات الحديثة لتعظيم الاستفادة من هذه الرقعة المحدودة وضمان الاستدامة الإنتاجية فيها.

أما عن المناطق المصنفة بملاءمة عالية فقال الدكتور خليفة الكندي: إن هذه المناطق حافظت على استقرار ملحوظ خلال مختلف الفترات، لتغطي حوالي 8% من إجمالي مساحة الأراضي (حوالي 24,760 كيلومترا مربعا) حيث يشير هذا الثبات إلى وجود قاعدة بيئية مناسبة يمكن البناء عليها في تطوير الإنتاج الزراعي، شريطة تطبيق إدارة رشيدة للموارد المائية والتربة لتعزيز الإنتاجية والاستدامة في هذه المناطق، وفي المقابل، شهدت المناطق متوسطة الملاءمة تذبذبا ملحوظا خلال الفترة المدروسة، حيث سجلت ارتفاعا مؤقتا في منتصف القرن ثم عاودت الانخفاض بنهاية الفترة، ويعكس ذلك هشاشة هذه المناطق أمام التغيرات المناخية، ويدعو إلى ضرورة تبنّي استراتيجيات زراعية مرنة تعتمد على استحداث أصناف قمح مقاومة للجفاف واستخدام تقنيات الزراعة الذكية للتكيّف مع الظروف المتغيرة، وفيما يتعلق بالمناطق منخفضة الملاءمة فقد ظلت مسيطرة على المساحة الأكبر من الأراضي الزراعية بنسبة تتراوح بين 40% و43% طوال الفترات الزمنية المدروسة، ويدل استمرار هذه النسبة العالية على محدودية القطاعات الزراعية الفعّالة للقمح ووجوب الاستثمار في تحسين الخصائص البيئية والتقنيات الزراعية من أجل تعزيز الإنتاج في هذه المناطق ذات الإمكانيات المحدودة، وعلى ضوء هذه النتائج، يتبين أن المساحة الفعّالة لإنتاج القمح في سلطنة عمان تظل محدودة نسبيا مقارنة بالطلب الوطني، مما يستوجب إعطاء الأولوية لاستثمار المناطق الأكثر ملاءمة وتكثيف الجهود البحثية والتقنية لمواكبة تحديات التغير المناخي وتحقيق الأمن الغذائي المستدام في سلطنة عمان.

دعم الأمن الغذائي

وفيما يتعلق بكيفية إسهام خوارزمية «MaxEnt» وتقنيات تعلم الآلة في دعم خطط الأمن الغذائي في ظل التحديات المناخية المتوقعة، أوضح الدكتور الكندي أن هذه الأدوات المتقدمة تتيح تعزيز قدرة قطاع الزراعة على مواجهة التحديات المناخية المتزايدة واستدامة الأمن الغذائي، حيث تتجلى أهميتها من خلال عدة محاور وظيفية وعملية تدعم التخطيط الاستراتيجي والإنتاج الزراعي، فمن ناحية، تقوم خوارزمية «MaxEnt» على تحليل العوامل البيئية الرئيسية مثل درجات الحرارة، الأمطار ونوعية التربة بهدف تحديد المناطق الأكثر ملاءمة لزراعة المحاصيل، ما يمكّن المخططين من توجيه الاستثمارات والموارد الزراعية إلى المناطق ذات الإنتاجية المرتفعة والمستدامة، ويسهم في رفع الكفاءة الزراعية في مواجهة التقلبات المناخية، ومن ناحية أخرى، تُسهم تقنيات تعلم الآلة في رصد وتحليل سيناريوهات التغيرات المناخية المستقبلية وتأثيراتها على المحاصيل الزراعية، وعبر بناء نماذج محاكاة دقيقة، يمكن استنباط الحلول الفعالة للتكيف مثل تطوير أصناف جديدة مقاومة للجفاف أو الحرارة، وتحسين أنظمة الري الذكية بما يتلاءم مع التوقعات المناخية.. كما تتيح خوارزمية «MaxEnt» وأدوات تعلم الآلة إنتاج بيانات دقيقة وحلول مبنية على معطيات واقعية، ما يعزز من جودة قرارات صناع السياسات الزراعية، حيث يمكن للمخططين توقع توزيع المخاطر وتحديد الأولويات في استغلال الموارد، مما يساعد على تطوير خطط استباقية لضمان الأمن الغذائي في الفترات الحرجة، ومن جانب آخر، تمكّن الخوارزميات الحديثة من الاعتماد على كميات ضخمة من بيانات الاستشعار عن بعد وتحليلها باستمرار، وذلك لتحسين أداء النماذج والتنبؤات الزراعية، وتسهم هذه التقنيات في ابتكار حلول مثل الزراعة الدقيقة والمراقبة الميدانية المستمرة، مما يرفع من كفاءة الموارد ويقلل من الهدر، وتوفر النماذج المعتمدة على «MaxEnt» وتعلم الآلة مرونة أكبر للنظم الزراعية لمواجهة تأثيرات الظروف المناخية غير المتوقعة، حيث تساعد هذه الأدوات في اختبار مدى فعالية السياسات والتقنيات الزراعية قبل تطبيقها الفعلي، مما يقلل من المخاطر ويعزز من استدامة الأمن الغذائي على المدى الطويل.

توقعات مستقبلية قوية

وأكد الدكتور الكندي أن تحقيق نموذج «MaxEnt» لقيم AUC تتجاوز 0.8 يعكس مستوى عاليا من الدقة والموثوقية في تصنيف المناطق الملائمة وغير الملائمة لزراعة القمح خلال الفترات الزمنية المختلفة، وهو ما يعزز من قدرة النموذج على تقديم توقعات مستقبلية قوية تدعم عمليات التخطيط الزراعي وتعزيز استراتيجيات الأمن الغذائي في ظل التغيرات المناخية، ورغم هذه الدقة المرتفعة، فإن مدى موثوقية التوقعات المستقبلية يظل مرتبطا بجودة البيانات البيئية والمناخية المستخدمة، وبمدى واقعية السيناريوهات المفترضة في النمذجة، مما يتطلب الحرص على تحديث هذه البيانات باستمرار لمواكبة التغيرات الفعلية في البيئة المحلية، ومع ذلك، فإن تطبيق نتائج النموذج على أرض الواقع يواجه عددا من التحديات الجوهرية، من أبرزها عدم اليقين الملازم لتنبؤات السيناريوهات المناخية طويلة الأمد، حيث تؤثر التداخلات المعقدة للعوامل البيئية وتغير استخدامات الأراضي بشكل كبير على موثوقية التوقعات، علاوة على ذلك، قد تؤدي محدودية البيانات المحلية الدقيقة، مثل خصائص التربة وتوزع المياه الجوفية، إلى حدوث فجوة بين النتائج النظرية والتطبيق العملي، خاصة في المناطق التي تعاني من نقص في البنية الأساسية البحثية والتقنية.. كما تلعب الظروف المفاجئة، سواء كانت مناخية متطرفة أو ناتجة عن تغيرات في السياسات أو توافر الموارد، دورا في إعادة تشكيل الواقع الزراعي بشكل أسرع من قدرة النماذج على التنبؤ بذلك، وهو ما يستدعي المرونة في التكيف وسياسات المتابعة المستمرة. وبناءً على ما سبق، يمكن القول: إن توقعات نموذج MaxEnt تُعد أداة فعّالة لدعم التخطيط الزراعي الاستراتيجي، لكنها تتطلب تكاملها مع الرصد الميداني المستمر وتحديث النماذج بشكل دوري لتحقيق أعلى استفادة عملية، وضمان مواكبة التغيرات السريعة ضمن خطط الأمن الغذائي المستدام في سلطنة عمان.

مفهوم الزراعة المستدامة

وأوضح أن نتائج هذه الدراسة حول التحليل الزمني لمناطق ملاءمة زراعة القمح في سلطنة عمان تُعد ركيزة أساسية تدعم التوجّه الوطني نحو الزراعة المستدامة، إذ وفرت بيانات علمية دقيقة حول المناطق المثلى للزراعة واحتمالات تغيّرها بفعل المناخ، ما انعكس بشكل مباشر على رسم السياسات الزراعية في سلطنة عمان، فقد أضحت مثل هذه الدراسات عنصرا مركزيا في بناء الاستراتيجيات التطويرية للقطاع الزراعي، حيث عززت من قدرة الجهات المختصة على توجيه الاستثمارات نحو المناطق الزراعية الأكثر جدوى، وتحسين التخطيط المستقبلي للمحاصيل الاستراتيجية، والاستفادة الأمثل من الموارد الطبيعية، مع الارتقاء بكفاءة إدارة المياه والتربة استنادا إلى مستجدات البيئة المناخية. وانطلاقا من هذه الأسس العلمية، أطلقت الحكومة العمانية والجهات الزراعية عددا من المبادرات الفعلية الداعمة للزراعة المستدامة، من بينها الاستراتيجية الوطنية للزراعة المستدامة التي تركز على رفع كفاءة الإنتاج واستدامة الموارد، مع إيلاء اهتمام بالغ لإدارة المياه وحماية التنوع الزراعي. كما وضعت خططا لدعم إنتاج القمح المحلي من خلال توفير البذور المحسنة والدعمين المالي والفني للمزارعين، بالإضافة إلى تعزيز تسويق الإنتاج بالتعاون مع القطاع الخاص، وتتجسد الجهود كذلك في تبني مشاريع المدن الزراعية وتطبيق تقنيات الزراعة الذكية مثل الزراعة المائية وأنظمة الري الذكي، فضلا عن اعتماد ممارسات الزراعة الذكية مناخيا، من خلال تنويع المحاصيل وتطوير الأصناف المقاومة للجفاف وجدولة مواعيد الزراعة حسب توقعات التغير المناخي. إضافة إلى ذلك، تعتمد الجهات المختصة على نتائج الأبحاث العلمية في رسم السياسات الوطنية، كما هو واضح في استراتيجية التكيّف والتخفيف من آثار التغيرات المناخية للفترة 2020–2040، الهادفة إلى تقليل المخاطر المناخية وتعزيز استدامة الإنتاج الزراعي بتطبيق خطط عملية واقعية، وخلاصة القول: تؤكد هذه الدراسة الدور الحيوي للمعطيات العلمية ونماذج التنبؤ البيئي في توجيه السياسات والاستراتيجيات الحكومية الرامية إلى تحقيق الزراعة المستدامة في سلطنة عمان، مع ترجمتها في صورة استجابات عملية ومشاريع نوعية تعكس مدى التفاعل المؤسسي مع التحديات المناخية واستغلال الفرص المتاحة في المناطق الأكثر ملاءمة، مما يعزز من فعالية رسم خطط الأمن الغذائي وتطوير إدارة الموارد الطبيعية على المدى البعيد.

وتطرق الدكتور خليفة الكندي إلى أن هذه الدراسة تلعب دورا محوريا في مساعدة سلطنة عمان على رسم خارطة طريق واضحة نحو تحقيق الأمن الغذائي في ظل التحديات البيئية والمناخية المتسارعة، فمن خلال تحليل علمي دقيق لمناطق ملاءمة زراعة القمح، أصبحت الجهات المختصة تملك بيانات حديثة وموضوعية تساعدها على تحديد الأراضي الأكثر كفاءة للإنتاج الزراعي، مما يوجه الاستثمارات والجهود نحو المناطق ذات العائد الأعلى، ويقلل من المخاطرة والهدر في الموارد الشحيحة بطبيعة البيئة العمانية. وتكمن أهمية الدراسة في أنها لم تكتفِ بتشخيص الوضع الحالي، بل قدمت توقعات مستقبلية تأخذ في الاعتبار سيناريوهات التغير المناخي حتى نهاية القرن، مما يسمح بوضع خطط وتدابير استباقية للتكيف مع ارتفاع درجات الحرارة، تغير معدلات الأمطار، أو ندرة الموارد. وقد انعكس ذلك بشكل عملي على قدرة صناع القرار في تطوير استراتيجيات تدعم استدامة القطاع الزراعي، عبر تعزيز الابتكار، وتبني الأنظمة الذكية في الري وإدارة التربة، وتشجيع تطوير أصناف قمح مقاومة للجفاف والظروف القاسية. كما أسهمت نتائج الدراسة في رفد السياسات الوطنية للمياه والزراعة، ودعم مبادرات مثل الاستراتيجية الوطنية للزراعة المستدامة، وشجعت على دمج العلم الحديث في برامج التدريب والإرشاد للمزارعين المحليين. هذا التكامل بين التخطيط العلمي والمجتمعي يرفع من جاهزية المجتمع الزراعي لمواجهة المفاجآت المناخية ويزيد من مرونته، بما يضمن استقرار الإمداد الغذائي للبلاد ويقلل من الاعتماد على الخارج في فترات الأزمات. وباختصار، فإن هذه الدراسة تمثل ركيزة علمية ضرورية لتوجيه السياسات والابتكارات في الزراعة العمانية، وهي ترجمة عملية لإرادة السلطنة في بناء منظومة أمن غذائي أكثر قوة ومرونة، مهما بلغت حدة التحديات المناخية المقبلة.

تأثيرات التغير المناخي

من جانبه قال الدكتور علي اللواتي أستاذ مساعد، علم الوراثة النباتية مركز أبحاث العلوم الطبيعية والطبية في جامعة نزوى واحد المشاركين في مشروع الدراسة: تهدف هذه الدراسة إلى متابعة تأثير التغير المناخي على إنتاج القمح في سلطنة عمان من خلال تحديد المناطق الأنسب للزراعة عبر أربع فترات زمنية مختلفة تشمل الفترة المرجعية (1970 ـ 2020)، والفترات المستقبلية «2021 ـ 2040»، و«2041 ـ 2060»، و«2061 ـ 2080»، وقد أظهرت نتائج الدراسة دقة تنبؤية عالية لنموذج «MaxEnt»، حيث سجل متوسط أداء النموذج AUC حوالي 0.82 في الفترة المرجعية، وانخفض بشكل طفيف إلى 0.81 للفترة «2021 ـ 2040»، قبل أن يرتفع مجددًا إلى 0.82 و0.83 للفترتين اللاحقتين، على التوالي، مما يدل على موثوقية التنبؤات المستخلصة، كما أشارت النتائج إلى أن العوامل البيئية التي تؤثر على زراعة القمح تشمل درجات الحرارة الموسمية وتغير درجات الحرارة في فصل الشتاء، وطول فترة هطول الأمطار، ومن بين الشروط البيئية المثلى للزراعة تجاوز التغير الحراري الموسمي لـ 300، وارتفاع درجات الحرارة الشتوية إلى أكثر من 17 ـ 18 درجة مئوية، وهطول أمطار يتجاوز 100 ملم في أبرد فصل، و75 ملم في أكثر الشهور مطرًا، وفي المقابل، فإن طول فترة هطول الأمطار قد يكون له تأثير سلبي على الإنتاج، نظرًا لاعتماد الأصناف المحلية على الري، وهو ما قد يعرض المحصول للفقد.

وأكد أن الدراسة أوصت بدمج النماذج التنبؤية في خطط التخطيط الزراعي لتحديد المناطق المثلى للزراعة، وتحقيق الأمن الغذائي في ظل التغيرات المناخية .. كما تدعو إلى دراسة خصائص التربة، وتوظيف مصادر بيانات خارجية والتوقعات المناخية بعيدة المدى، بهدف بناء إطار زراعي مرن وقادر على التكيف مع تغير المناخ.

مقالات مشابهة

  • 11.7 % نمو قطاع السياحة.. و202 مليون ريال مساهمته في الناتج المحلي خلال الربع الأول
  • سلطنة عمان تشارك في مؤتمر دولي حول القضية الفلسطينية
  • تدوير النفايات في سلطنة عمان..  ثقافة المواطن أم غياب البنية؟
  • سلطنة عمان تحتفل باليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر
  • مروان بن تركي يفتتح "ملتقى الصداقة العماني الصيني 2025".. غدا
  • سلطنة عُمان تستعرض تقدمها في مؤشرات الأمن الغذائي بقمة الأمم المتحدة في إثيوبيا
  • الاقتصاد العماني وسياسات التنويع والابتكار
  • دراسة لجامعة نزوى: 4% من أراضي سلطنة عمان صالحة لزراعة القمح حتى عام 2080
  • سلطنة عمان تؤكد التزامها الراسخ بحقوق الإنسان وصون كرامته
  • عُمان تشارك في المؤتمر الدولي لتسوية القضية الفلسطينية بنيويورك