جريدة الرؤية العمانية:
2025-12-12@21:17:44 GMT

المعايير المزدوجة للسياسة الغربية

تاريخ النشر: 3rd, December 2023 GMT

المعايير المزدوجة للسياسة الغربية

د. صالح الفهدي

لا تخجل الأنظمة السياسية الغربُية في مجملهِا أن تتحدَّث بلسانها عن حقوق الإِنسان، إلا إنْ كانت تقصد حقوقه في الشذوذ وانحراف الفطرة الإنسانية السَّوية، وليس حقوقه في الحرية والكرامة والعيش الكريم في الحياة كإنسانٍ سويٍّ!

لا تخجلُ أن تتحدَّث عن الديمقراطية إلا إنْ كانت تقصدُ الاستبدادَ وفعل ما لا يوافق شعوبها، وليست الديمقراطية التي تعبِّرُ عنها شعوبها في المظاهرات الحاشدة التي تمتلئ بها شوارعها وساحاتها.

لا تخجلُ أن تتحدث بلسان المجتمع الدولي الذي لم يخوِّلها الحديث عنه إلا إنْ كانت تقصد نسبة 1% من دول العالم التي تساند العدوان على شعبٍ يرزحُ تحت الاِحتلال منذ 75 عاماً! وليس عن نسبة 99% من المجتمع الدولي الذي يطالب بوقف العدوان "البربري" عليه من عدوٍّ غاشم.

لا تخجل تلك الأنظمة أن تتحدَّث عن حق الدفاعِ عن النفس لمحتلِّ وطن، ولا تتحدث عن حق استرداد وطنٍ، وقمع وتهجير أهلهِ، ووضعهم في سجونٍ مغلقة ومفتوحة.

لا تخجل أنْ تتحدث عن الإرهاب وهي تدعم أسبابه ودواعيه، وتغذِّي جذوره، ولهذا استعاد الشعب الأمريكي رسالة بن لادن التي عزا فيها أسباب هجوم 11 سبتمبر لما تمارسه من دعم للكيان المحتل، ونظامه السياسي الحالي يُعيد إنتاج الأسباب نفسها.

لا تخجل الأنظمة الغربية في كيل الاتهامات بمعاداة السامية وهي تكبت الضمائر الحرية من أبناء شعبه الأحرار، وتصدر القوانين المجرِّمة لذلك، أو لمن يدعم حقوق شعبٍ يواجه إبادةً جماعية.

لا تخجل الأنظمة الغربية أن تتحدث عن مبادئ القانون الدولي وهي تنتهكه، وتلقي به في الحضيض، وتعارضُ كل قرار يوقفُ العدوانَ على شعب محاطٍ بأسوارٍ من كل جهة.

لقد انحسرتْ كلُّ الأوراق الغربية، وهذا بالطبع ليس مفاجئاً، ولكن التأييد العلني الصريح من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ومن ألمانيا وفرنسا، وهما قائدتا الاتحاد الأوروبي، ووقوفهما بكل صفاقةٍ ووقاحةٍ مع مغتصبِ وطنٍ، ومحتلِّ أرض، وقوةٍ طائشة العقل، لا ضميرَ لها هو ما قضى على آخر ما تبقى لها من شعارات؛ فلا هي تستجيبُ للضغوطات الداخلية من شعوبها وسياسيِّها أصحاب الضمائر الحرَّة، ولا هي تقفُ مع المجتمع الدولي وشعوبه التي تهتفُ بأعلى صوتها "Cease fire" أي: "أوقفوا الحرب!"، فما هو هذا الضمير المزدوج الذي تمتلكه هذه الأنظمة التي تشجبُ روسيا من جهة، وتدعمُ الكيان الصهيوني من جهةٍ أُخرى؟! وما هو هذا اللسان الذي تتحدثُ به عن حقوق الإنسان من جهة وترسل الأسلحة المدمرة والفرقاطات الحربية والغواصات وحاملات السفن للقضاء على هذا الإنسان؟ ما هو هذا الوجه المزدوج الذي توصي به العدو الغاشم لتجنُّب قتل المدنيين، ثم توصيه بالقضاء على المقاومين؟ ما هو هذا القانون الدولي الذي يصدر مذكرة للقبض على الرئيس الروسي ولا يصدر مذكرة للقبض على رئيس الكيان الصهيوني؟

وإن كان هذا السياق يستدعي في المقابل الإشادة بدور ومواقف بعض الدول الأوروبية التي كان لها موقفٌ مشرِّفٌ في الوقوف مع الشعب الفلسطيني وهي أيرلندا والنرويج وأسكتلندا؛ حيث تفرَّدت منذ البداية في تعبيرها عن حقوق الشعب الفلسطيني وتنديدها بأفعال الكيان المحتل، ولحقتهما مؤخراً إسبانيا التي هدَّدت أوروبا بأنها ستتخذ قراراً مستقبلا بالاعتراف بدولةٍ فلسطينية مستقلة إن لم يُوافقها الاتحاد الأوروبي في قرارها.

تساقطت أقنعة السياسة فكشفت عن وجوهها دون ذرة خجل، أو وخزة ضمير، فهل سيأتي من يأتي ويتحدث عن قيم العدالة وحقوق الإنسان والحرية التي يتبناها الغرب وهو يعاني من الانفصام في سياسته، والازدواج في معاييره؟! هل للغرب لسانٌ يتحدثُ به عن الديمقراطية وحق الشعوب في تقرير مصيرها بعد أن أسهم في الإبادة الجماعية، فأكَّد بذلك أن عقلية المستعمر ل اتزال مستقرَّةً فيه، وإن ادَّعى التحضُّر والتقدم؟

أما "الخير الذي يخرجُ من بطنِ الشرِّ"، فإنَّ الأحداث الجارية اليوم على الساحة الدولية هي بمثابة بداية لعالم جديد بمفاهيم جديدة، لابد أن يشهد مخاضها قسوةً وشدَّة وفوضوية ستخرجُ منها الدول المظلومة منتصرة، وحرة، ومستقلة القرار.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: ما هو هذا

إقرأ أيضاً:

جبران: ملتزمون بتوفير بيئة عمل آمنة وصحية تتوافق مع المعايير الدولية

نظّمت وزارة العمل بالتعاون مع منظمة العمل الدولية بالقاهرة، اليوم الأربعاء ،الموافق 10 ديسمبر 2025، ورشة عمل تشاورية ثلاثية الأطراف، تستمر على مدار اليومين، بهدف تعزيز وضع الاستراتيجية الوطنية للسلامة والصحة المهنية والبرنامج المصاحب لها، وذلك في إطار التزام الدولة بتوفير بيئة عمل آمنة وصحية تتوافق مع معايير العمل الدولية والأولويات الوطنية،تنفيذا لتكليفات فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس الجمهورية ..

وقال خالد عبدالله مستشار وزير العمل للسلامة والصحة المهنية أن الاستراتيجية تستهدف وضع إطار وطني شامل لتحسين معايير السلامة في أماكن العمل، والحد من المخاطر المهنية، وترسيخ ثقافة الوقاية في مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية، بما ينعكس إيجابًا على حماية العنصر البشري وتعزيز الإنتاجية وجودة العمل.

وتجمع الورشة ممثلين عن الحكومة، ومنظمات أصحاب العمل، والمنظمات النقابية العمالية، إلى جانب المراكز البحثية المعنية، لمناقشة مسودة الاستراتيجية الوطنية للسلامة والصحة المهنية، باعتبارها إحدى الخطوات الأساسية نحو اعتمادها وتنفيذها.

وتُعد هذه الورشة منصة للحوار الاجتماعي، تتيح للشركاء الاجتماعيين تبادل الرؤى والخبرات، وتحديد الأولويات، وضمان أن تعكس الاستراتيجية الجديدة احتياجات وتطلعات جميع الأطراف ذات الصلة. وستُسهم الملاحظات والتوصيات التي يتم تجميعها خلال هذه المشاورات في استكمال صياغة الاستراتيجية والبرنامج التنفيذي المرتبط بها، بما يضمن نهجًا تشاركيًا فعالًا وتحقيق تنفيذ مستدام على المستوى الوطني.

وتؤكد وزارة العمل أن تعزيز معايير السلامة والصحة المهنية يمثل أحد محاور العمل الرئيسية خلال المرحلة المقبلة، انطلاقًا من توجيهات القيادة السياسية بأهمية توفير بيئة عمل لائقة وآمنة تلبّي متطلبات التنمية وتدعم سلامة العاملين في كافة مواقع العمل.

طباعة شارك وزارة العمل العمل الدولية السلامة والصحة المهنية

مقالات مشابهة

  • زاخاروفا: الدول الغربية لم تدعم القانون الدولي
  • خبير سياسي: مصر الوحيدة التي تواجه المشروع الدولي لتقسيم سوريا وتفكيك الدولة
  • عميد قصر العيني: أعمال التطوير تواكب المعايير العالمية
  • عاشور: مبادرة «تحالف وتنمية» نموذجًا متقدمًا للتطبيق العملي للسياسة الوطنية للابتكار المستدام 2030
  • النواب الأمريكي يقر مشروع قانون شامل للسياسة الدفاعية بـ 900 مليار دولار
  • أحمد أبو الغيط: الصين القطب الدولي الصاعد الذي يشكّل تهديداً مباشراً لأمريكا
  • مقررة أممية: الجوع الذي يعانيه الأطفال في فلسطين نتيجة خيارات” تل أبيب” ودعم العواصم الغربية
  • تجهيزات متكاملة تواكب المعايير العالمية.. مشروع سياحي جديد بالبحر الأحمر
  • قومي حقوق الإنسان: الكرامة الإنسانية هي الأساس الذي يُبنى عليه أي نظام ديمقراطي
  • جبران: ملتزمون بتوفير بيئة عمل آمنة وصحية تتوافق مع المعايير الدولية