أكد ناصر بن محمد بن صالح الرزيقي -جيولوجي بالمديرية العامة للطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، بوزارة الطاقة والمعادن، عضو فريق جناح سلطنة عمان في مؤتمر قمة المناخ بدبي «كوب 28»- أهمية المعادن في تشغيل تقنيات الطاقة النظيفة التي أصبحت في صدارة الاهتمام. وأشار في تصريح لـ«عمان» إلى أن سلطنة عمان تبرز بمواردها المتنوعة والموجودة في مواقع استراتيجية كمورد لهذه العناصر الأساسية التي تدعم الانتقال نحو مصادر الطاقة المتجددة.

وعرض الجناح العماني في «كوب28» دور هذه المعادن الحيوية في تعزيز أجندة الطاقة العالمية، ضمن التوجه العالمي نحو التحول إلى الطاقة النظيفة وإعداد استراتيجيات مستقبل طاقة مستدامة.

أكد سعادة الدكتور عبدالله بن علي العمري رئيس هيئة البيئة في كلمة سلطنة عمان أمام رؤساء الوفود المشاركة بمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP28 اليوم المقام حاليا بدولة الإمارات العربية المتحدة بدبي تقدير سلطنة عمان لكافة الجهود العالمية المبذولة من قبل مختلف دول العالم وكذلك جهود الأمانة العامة للاتفاقية الإطارية بشأن تغير المناخ، الرامية إلى الحد من تأثيرات التطرف المناخي وتدهور النظم البيئية، من أجل إبقاء الكوكب في مستوى الاتزان والاستقرار ولتفادي الارتفاعات المحتملة في درجات الحرارة التي قد تحدث خللا كبيرا في توازن الطبيعة.

وأعرب عن شكره وامتنانه لدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة على جهدها المميز في إدارة هذا الملف الحساس والمهم وعلى حسن استقبالها لجميع الوفود المشاركة وكذلك على التنظيم المتقن لقمة المناخ العالمية وعلى مساهمتها المالية النوعية لصندوق الأضرار والخسائر. الذي سيسهم إسهاما فعالا في جبر الأضرار المناخية التي تتعرض لها العديد من دول العالم جراء الأعاصير والحرائق وارتفاع مستوى سطح البحر وغيرها من التطرفات الطبيعية.

وقال العمري: «قد شهدت سلطنة عمان نقلة نوعية على مختلف الأصعدة في ظل نهضتها المتجددة بقيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- لتحقيق الرؤية الوطنية الطموحة «عمان 2040»، التي ترتكز على أربعة محاور رئيسية هي: مجتمع إنسانه مبدع، واقتصاد بنيته تنافسية، ودولة أجهزتها مسؤولة، وبيئة عناصرها مستدامة، الأمر الذي يجعل مسؤولية الحفاظ على البيئة مسؤولية وطنية عابرة للقطاعات والمؤسسات وجعله جزءا أصيلا من كافة خطط واستراتيجيات جميع مؤسسات الدولة».

موضحا أنه نظرا لأهمية العمل المناخي في سلطنة عمان ومواكبة للتوجهات العالمية، فقد تم اعتماد الاستراتيجية الوطنية للانتقال المنظم إلى الحياد الصفري بحلول عام 2050، التي تسعى إلى تحقيق غايتها من خفض الانبعاثات في القطاعات الرئيسية المتمثلة في قطاعات الطاقة والصناعة والنقل والمدن والمباني، كما قامت سلطنة عمان بتحديث تقريرها الثاني للمساهمات المحددة وطنيا وقد تم تسليمه مع انطلاقة أعمال قمة المناخ الحالية، محددا نسبة خفض تصل إلى حوالي 21% بحلول 2030. وفي سبيل ذلك فقد عزز بلدي سلطنة عمان إنتاجه من الطاقة المتجددة التي تعد فرصها واعدة جدا، خاصة الهيدروجين الأخضر الذي نستهدف إنتاج ما يقرب من مليون طن منه بحلول 2030، وإنتاج ما يقرب من 8 ملايين طن بحلول 2050. كما نعمل في سلطنة عمان على تنفيذ العديد من المشروعات الرائدة والنوعية في مجالات رفع كفاءة الطاقة واحتجاز ثاني أكسيد الكربون وتعدينه في صخور الافيولايت وكذلك في مجال استخدام الحلول المعتمدة على الطبيعة حيث تم مؤخرا تدشين مشروع عمان للكربون الأزرق الذي يستهدف زراعة 100 مليون شجرة منجروف خلال 4 سنوات كمرحلة أولى، بالإضافة إلى تعزيز الإنتاج المستدام للغذاء عبر العديد من مشروعات الاستزراع السمكي والزراعة الحديثة.

ودعا سعادته جميع دول العالم إلى ضرورة الوفاء بالتعهدات تجاه اتفاقية باريس للمناخ، الأمر الذي يعتبر المسار الوحيد نحو إنقاذ الكوكب والبشرية من مخاطر التدهور المناخي، الذي قد تتضاعف كلفته وتصبح جسيمة وأكبر من حجم التوقعات كلما تأخرنا في الوفاء.

مؤكدا أن هذه الجهود العالمية النوعية الساعية إلى الحفاظ على البيئة ونظمها الطبيعية هدف إلى استدامتها لنا وللأجيال القادمة، عليها أن تدرك بأن حماية الإنسان يجب أن تكون أولوية قصوى، فلا يستقيم الحديث عن جهود الحفاظ على البيئة في ظل تجاهل ما يتعرض له الإنسان من قتل جماعي وتهجير قصري وبشكل يومي في غزة تحت القصف الإسرائيلي الوحشي. وعليه فقد وجب أن يضع العالم حدا لهذه الانتهاكات الصارخة لحقوق الطفل والمرأة والإنسان في الحياة، وإلا فلا قيمة للحفاظ على البيئة ومواردها الطبيعية.

النحاس أساس الطاقة النظيفة

وقال الرزيقي: «النحاس أصبح يعد أساس الطاقة النظيفة، ويُعتبر عنصرا مهما بسبب قدرته الكهربائية الاستثنائية، وهو العنصر الأساسي في قطاع الطاقة النظيفة، وتوفر ترسبات عمان -المرتبطة أساسا بتكوينات قشرة المحيط، مثل الصخور البركانية الوسادية والصفائح المشقوقة والجابرو- مصدرا قيّما، ويلعب هذا المعدن دورا حيويا في الشبكات الكهربائية وأنظمة الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية والبنية الأساسية التي تدعم استخدام مصادر الطاقة المتجددة، مما يجعل ترسبات النحاس في عُمان حيوية لتطوير البنية الأساسية للطاقة المستدامة.

السيليكون

وتطرق ناصر الرزيقي إلى الحديث عن السيليكون واستخداماته الواسعة، حيث أشار إلى أن السيليكون يظهر كحجر الأساس في تقنيات الطاقة النظيفة، خاصة في الخلايا الشمسية الفوتوفولتية وحلول تخزين الطاقة، وتعزز ترسبات عمان المرتبطة بالكروميت في الأجزاء الشمالية من سلطنة عمان أهمية هذا العنصر، وتطبيقات السيليكون المتعددة في الألواح الشمسية وأنظمة تخزين الطاقة وإضاءة LED وأجهزة الموصلات الكهربائية تعزز دوره في تعزيز كفاءة الطاقة وتوليد الطاقة المتجددة.

المعادن البلاتينية

وأكد الرزيقي أن مجموعة المعادن البلاتينية مصدر تحفيز حلول نظيفة، حيث يؤدي البلاتين والبالاديوم -كجزء من مجموعة المعادن البلاتينية- دورا حيويا في المحولات الحفازة، مما يقلل من انبعاثات محركات الاحتراق الداخلي، وتمتد أهميتها أيضا إلى خلايا الوقود بالهيدروجين، مما يعزز كفاءة هذه المصادر النظيفة للطاقة، مشيرا إلى أن سلطنة عمان تمتلك إمكانات كبيرة في هذه المعادن، مما يُسهم في جهود العالم للحد من الانبعاثات وتعزيز وسائل النقل وإنتاج الطاقة الأكثر نظافة.

وتطرق إلى عناصر الليثيوم، والنيكل، والكوبالت التي تعد ركائز تخزين الطاقة، حيث أشار إلى عنصري الليثيوم والنيكل، المستخدمين أساسا في البطاريات للسيارات الكهربائية وتخزين الطاقة المتجددة، وتلعب دورا محوريا في الانتقال نحو الطاقة المستدامة، كما أن ترسبات عُمان من الكوبالت والنيكل، المرتبطة بتكوينات اللاتيرايت في مناطق مثل إبراء والكامل وصور، تسهم بشكل كبير في سلسلة الإمداد لهذه العناصر الحيوية، مما يدعم الطلب المتزايد على حلول تخزين الطاقة النظيفة على مستوى العالم.

العناصر الأرضية النادرة

وعرج إلى العناصر الأرضية النادرة (REEs) التي تسهم في تعزيز كفاءة الطاقة، وهي تُعتبر من العناصر الأرضية النادرة، وتعد جزءًا لا يتجزأ من تحسين كفاءة الطاقة، خاصة في توربينات الرياح والسيارات الكهربائية وإضاءة الطاقة الفعّالة وإنتاج الهيدروجين والبطاريات المتقدمة، وتأتي ترسبات عمان المرتبطة بالصخور البركانية القاعدية والكربوناتية في مناطق مثل صور وخور جرامة التي بدورها تُعزز مكانة البلد كمورد محتمل في تطوير هذه التقنيات.

وعلّق ناصر الرزيقي عن دور سلطنة عمان في الانتقال العالمي للطاقة، مؤكدا أن ثراء عُمان يظهر من المعادن الثمينة، الموجودة بشكل استراتيجي في تشكيلاتها الجيولوجية، إمكانيتها لتصبح مساهما مهما في الانتقال العالمي نحو الطاقة النظيفة، كما يُظهر النهج النشط للبلد في استغلال هذه الموارد بشكل مسؤول وابتكاري قدرته ليس فقط على تلبية الاحتياجات الطاقوية المحلية ولكن أيضًا المساهمة بشكل كبير في ثورة الطاقة النظيفة على المستوى العالمي.

وأوضح أن ترسبات عُمان المتنوعة والوفيرة، من النحاس إلى العناصر الأرضية النادرة، تؤكد دورها المحوري في الانتقال العالمي نحو الطاقة النظيفة عن طريق الاستفادة من هذه الموارد بشكل مسؤول وابتكاري، وتتموقع عُمان لتلبية مطالبها الطاقوية الخاصة وتقديم مساهمات كبيرة في الانتقال العالمي نحو الطاقة النظيفة والمستدامة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الطاقة المتجددة الطاقة النظیفة کفاءة الطاقة تخزین الطاقة العالمی نحو على البیئة نحو الطاقة سلطنة عمان

إقرأ أيضاً:

وزير المالية: نسعى للتوسع في مشروعات الطاقة النظيفة والصحة والتعليم

قال الدكتور محمد معيط وزير المالية، محافظ مصر لدى بنك التنمية الجديد «NDB»، إننا حريصون على تعزيز الاستثمارات التنموية المشتركة بين الدول الأعضاء ببنك التنمية الجديد، من خلال استكشاف آفاق جديدة للتعاون الإقليمي، وتحقيق التكامل الاقتصادي في مواجهة التحديات العابرة للحدود، استهدافًا لبناء مستقبل اقتصادي أكثر مرونة واستدامة، يقوده القطاع الخاص.

تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية

وأضاف محافظ مصر لدى بنك التنمية الجديد «NDB»، في الملتقى الدولي الأول للبنك بالعاصمة الإدارية بحضور الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، إن الشراكة الاستراتيجية مع بنك التنمية الجديد، تدعم الأولويات المصرية في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ودفع حركة النمو الاقتصادي الشامل، ونتطلع خلال المرحلة المقبلة إلى التوسع في مشروعات الطاقة النظيفة والصحة والتعليم والمياه والنقل والخدمات اللوجستية، مع استهداف خلق بيئة محفزة للتحول الرقمي وريادة الأعمال والتحول إلى «اقتصاد المعرفة».

ولفت إلى أن بنك التنمية الجديد «NDB» يلعب دورًا محوريًا في تلبية احتياجات البنية التحتية والتنمية المستدامة للاقتصادات الناشئة خاصة الدول الأعضاء، في نماذج ناجحة للتعاون متعدد الأطراف.

الاقتصاد المصري يمتلك القدرة على مواجهة التحديات الخارجية

وأشار «معيط»، إلى أن الاقتصاد المصري مازال يمتلك القدرة على الصمود في مواجهة التحديات الخارجية والداخلية، وأننا مستمرون في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية وتحسين مناخ الأعمال، لتحقيق الاستقرار والنمو الاقتصادي، إدراكًا لما تمتلكه مصر من مقومات تؤهلها إلى أن تصبح مركزًا إقليميًا للإنتاج والتصدير، موضحًا أن الدولة اتخذت العديد من الإجراءات والتدابير والمبادرات المحفزة للاستثمار، التي تفتح آفاقًا واعدة للقطاع الخاص، بما في ذلك إلغاء المعاملات التفضيلية لشركات وجهات الدولة على نحو يسهم في إرساء دعائم الحياد التنافسي.

مقالات مشابهة

  • ركائز التكامل في سلطنة عمان
  • الصيرفة الإسلامية في سلطنة عمان تنمو بشكل متسارع في حجم الأصول والودائع
  • شركس: البنك المركزي أدرك مبكراً أهمية الحفاظ على البيئة وتشجيع الطاقة المتجددة
  • سلطنة عمان تستعرض تجاربها السياحية في السوق الروسي
  • وزير المالية: نسعى للتوسع في مشروعات الطاقة النظيفة والصحة والتعليم
  • صور تحتضن النسخة الثالثة من "معرض النيازك في سلطنة عُمان"
  • "الطاقة والمعادن" تحتفي بتخريج الدفعة الأولى من برنامج "كفاءات التعدين"
  • 68 % من السويسريين يؤيدون قانونا لتسريع آليات تطوير الطاقة المتجددة
  • سلطنة عمان تدين المجزرة التي ارتكبها الاحتلال في مخيم النصيرات
  • تخريج الدفعة الأولى من برنامج كفاءات التعدين