في ظل تصاعد التوترات بين إسرائيل وإيران، تتباين المواقف الدولية حيال احتمالية اندلاع مواجهة عسكرية أوسع، في وقت يشهد فيه العالم اضطرابات اقتصادية شديدة التأثر بتطورات المشهد في الشرق الأوسط. 

وبينما تحاول بعض الأصوات في الولايات المتحدة الدفع نحو التهدئة، تتجه مواقف أخرى إلى تبني نبرة أكثر حدة، وسط قلق عالمي من تداعيات كارثية على الاستقرار الاقتصادي والسياسي.

وفي هذا الصدد، يقول السفير محمد العرابي وزير الخارجية الأسبق، ورئيس المجلس المصرى للشؤون الخارجية، إن الحرب المحتملة بين إيران وإسرائيل ستؤدي إلى تكبد كلا الطرفين خسائر فادحة، ولن تخرج أي منهما منها دون أذى. ورغم ما تم استهدافه من مواقع داخل إيران.

وأضاف العرابي خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن  القدرات النووية الإيرانية الجوهرية لم تتعرض لضربات حاسمة، إذ لا تزال منشآت إيران النووية الحيوية قائمة في أعماق الأرض وعلى مسافات يصعب الوصول إليها، أما ما طالته الهجمات، فهي في معظمها منشآت سطحية أو ذات طابع خارجي لا تمثل عمق البرنامج النووي الإيراني الحقيقي.

وأشار العرابي، إلى أن  إسرائيل تدخل مرحلة جديدة من المواجهة، وتضع نفسها في مواجهة مفتوحة مع الإقليم بأكمله، فهي لا تزال منخرطة في حرب مستمرة في قطاع غزة والضفة الغربية، وتبدو محاولاتها للتصعيد ضد إيران كنوع من صرف الأنظار عن تصعيداتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، الأمر الذي قد يؤدي إلى توسيع رقعة العداء لها في المنطقة بشكل غير مسبوق.

ومن جانبه، أكد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، أنه يسعى إلى "نهاية حقيقية" للملف النووي الإيراني، مشددا على ضرورة "تخلي إيران الكامل عن برنامجها النووي". 

وجاءت هذه التصريحات بحسب ما نقله مراسل شبكة CBS News عبر منصة "إكس"، عقب مغادرة ترامب كندا منتصف ليل الاثنين، بعد مشاركته في قمة مجموعة السبع.

وألمح ترامب إلى أن إسرائيل لن توقف هجماتها على إيران في الوقت القريب، وقال خلال حديثه على متن الطائرة الرئاسية: "ستعرفون ذلك خلال اليومين المقبلين.. لم يخفف أحد هجماته حتى الآن".

وعند سؤاله عن احتمالية إرسال المبعوث الأميركي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، أو نائب الرئيس جيه دي فانس للقاء مسؤولين إيرانيين، رد ترامب قائلا: "ربما"، مضيفا: "الأمر يعتمد على ما سيحدث عند عودتي".

على صعيد آخر، أعلن النائب الجمهوري توماس ماسي، المعروف بموقفه الرافض للتدخلات العسكرية الخارجية، أنه سيقود مبادرة داخل مجلس النواب تهدف إلى منع أي تدخل عسكري أميركي في النزاع المتصاعد بين إسرائيل وإيران.

وكتب ماسي على منصة "إكس": "هذه ليست حربنا، لكن إن كانت كذلك، فيجب أن يكون القرار بيد الكونغرس وفقا لدستورنا".

وأشار إلى أنه سيقدم مشروع قرار ثنائي الحزب بموجب قانون صلاحيات الحرب، داعيا أعضاء الكونجرس إلى دعمه والانضمام إليه. 

ورغم ذلك، فإن فرص طرح هذا المشروع للتصويت تبقى ضئيلة، خاصة في ظل معارضة سابقة لمشروع مشابه عام 2020.

وفي السياق نفسه، تقدم السيناتور الديمقراطي تيم كاين بمشروع قرار مشابه في مجلس الشيوخ، يهدف إلى منع أي انخراط عسكري أميركي في الصراع، وهو من نوع "القرارات الخاصة"، ما يمنحه القدرة على فرض التصويت عليه مباشرة.

الإدارة الأميركية: لا نية للمشاركة الهجومية ضد إيران

رغم تنامي التكهنات بشأن احتمال تدخل الولايات المتحدة عسكريا إلى جانب إسرائيل، أكدت مصادر أميركية لشبكة CBS أن الإدارة الأميركية لا تعتزم الانخراط في العمليات الهجومية الإسرائيلية ضد إيران، ما لم تقم طهران باستهداف المصالح أو الأفراد الأميركيين.

وبحسب موقع "أكسيوس"، أبلغت إدارة ترامب عددا من الحلفاء في الشرق الأوسط، الأحد، بأنها لا تخطط للتدخل العسكري الفعال ما لم تهاجم إيران المصالح الأميركية مباشرة.

ضربات إسرائيل على إيران تهز الأسواق العالمية

لم تكن التداعيات محصورة في الجانب السياسي والعسكري، إذ أحدثت الغارات الجوية الإسرائيلية على المنشآت النووية والعسكرية الإيرانية صدمة قوية في الأسواق المالية العالمية. 

وأشارت صحيفة "الكوميرثيو" الإسبانية إلى أن تلك الضربات أحدثت "تحولا نفسيا عميقا في السوق العالمي"، من التفاؤل إلى القلق، ومن السعي وراء الأرباح إلى الهروب من الخسائر.

وقد تراجعت مؤشرات الأسهم حول العالم، ففي آسيا، انخفض مؤشر نيكي 225 الياباني بنسبة 1.3%، وكوسبي الكوري الجنوبي 1.1%، وهانغ سنغ في هونغ كونغ 0.8%.

وفي أوروبا، هبط مؤشر ستوكس 600 الإقليمي إلى أدنى مستوى له في ثلاثة أسابيع بنسبة 0.6%، بينما تراجع مؤشر داكس الألماني بنسبة 1.2%، وانخفض مؤشر فوتسي 100 البريطاني بنسبة 0.4%.

أما في الولايات المتحدة، فقد أظهرت العقود الآجلة تراجعات ملحوظة:

 - داو جونز بنسبة 1.8%

 - ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 1.1%

 - ناسداك التكنولوجي بنسبة 1.3%

وقد أكد هذا الانخفاض أن المخاطر الجيوسياسية في الشرق الأوسط أصبحت العامل الأبرز في توجيه ثقة المستثمرين عالميا.

 الملاذ الآمن في زمن الأزمات

ورافق تراجع الأسهم إقبال ملحوظ على أصول الملاذ الآمن، فقد ارتفع الذهب بنسبة 1% ليتداول عند 3426 دولارا للأونصة، مقتربا من ذروته التاريخية عند 3500 دولار. 

كما شهد سوق السندات تدفقا كبيرا، ما أدى إلى انخفاض عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات إلى 4.31%، وهو أدنى مستوى له خلال شهر، ما يعكس رغبة المستثمرين في حماية رؤوس أموالهم وسط الضبابية.

خلال اقل من ساعة.. إيران تشن موجة جديدة من الصواريخ علي اسرائيلمستشارة الاتحاد الأوروبي: استمرار تخصيب اليورانيوم داخل إيران يمثل مصدر قلق

والجدير بالذكر، أن بين التصعيد العسكري، والمواقف السياسية المتباينة في واشنطن، والتقلبات الحادة في الأسواق المالية، تبقى الأزمة بين إيران وإسرائيل مفتوحة على جميع الاحتمالات.

 ففي حين تسعى بعض الأطراف إلى تهدئة الأوضاع، قد تؤدي أي خطوة خاطئة إلى انزلاق أوسع لنزاع إقليمي قد يصعب احتواؤه، مع ما يحمله ذلك من تداعيات اقتصادية وسياسية على المستوى العالمي.

الذهب يهبط أكثر من 1% وسط تصاعد الصراع بين إيران وإسرائيلترامب: مغادرتي مبكرا لاجتماع مجموعة السبع لا علاقة له بوقف النار بين إسرائيل و إيران طباعة شارك إسرائيل إيران الاحتلال غزة أمريكا الولايات المتحدة ترامب

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: إسرائيل إيران الاحتلال غزة أمريكا الولايات المتحدة ترامب الولایات المتحدة بین إیران بنسبة 1 إلى أن

إقرأ أيضاً:

تصعيد خطير بين إيران وإسرائيل .. صواريخ تشعل حيفا ورد الاحتلال لاستهداف طهران

تشهد الساعات الحالية تصعيدًا عسكريًا غير مسبوق بين إيران وإسرائيل، بعد أن أعلنت وسائل إعلام إسرائيلية عن اشتعال النيران في مدينة حيفا نتيجة سقوط صواريخ أُطلقت من الأراضي الإيرانية.

وأكدت إذاعة الجيش الإسرائيلي وجود تقارير أولية عن سقوط صواريخ بشكل مباشر في منطقتي حيفا والكريات، في حين أشار المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي يشن في هذه الأثناء هجمات على أهداف عسكرية داخل العاصمة الإيرانية طهران.

وأصدرت الجبهة الداخلية الإسرائيلية تعليمات عاجلة للستوطنين بالبقاء بالقرب من الملاجئ واتباع تعليمات الطوارئ، وسط حالة من التأهب القصوى في مختلف المناطق الشمالية والوسطى من البلاد.

في المقابل، أعلن التليفزيون الإيراني أن القوات الجوية التابعة للحرس الثوري شنت هجومًا مركبًا على إسرائيل باستخدام الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، مؤكدًا أن الهجوم جاء ردًا على ما وصفه بـ"العدوان الإسرائيلي على منشآت إيرانية حساسة".

وفي تطور لافت، قال مساعد وزير خارجية إيران إن بلاده "ستتخذ إجراءات جديدة في منشآتها النووية" مؤكدًا أنها "لن تُبلغ الوكالة الدولية للطاقة الذرية بها"، مضيفًا أن "إسرائيل قوّضت المسار الدبلوماسي، والولايات المتحدة شريكة في هذا العدوان".

طباعة شارك إيران وإسرائيل اشتعال النيران في مدينة حيفا إيران الجيش الإسرائيلي منطقتي حيفا والكريات طهران

مقالات مشابهة

  • روسيا تفتح باب الوساطة بين إيران وإسرائيل وسط تصعيد عسكري خطير وتحركات دولية لاحتواء الأزمة
  • تصعيد يهدد الاقتصاد العالمي.. أسعار النفط والغذاء إلى ارتفاع وتضخم عالمي وشيك
  • هل تدخل الولايات المتحدة الحرب بين إيران وإسرائيل؟ ترامب يجيب
  • أبو شامة عن حرب إيران: أهداف الولايات المتحدة تختلف عن إسرائيل
  • تصعيد خطير بين إيران وإسرائيل.. دمار واسع ومخاوف من هجمات جديدة
  • تصعيد خطير بين إيران وإسرائيل.. دمار واسع ومخاوف من موجة هجمات جديدة
  • إيران وإسرائيل في تصعيد الأحد.. بنك أهداف اقتصادية
  • تصعيد خطير بين إيران وإسرائيل| صواريخ تشعل حيفا.. ورد إسرائيلي يستهدف طهران
  • تصعيد خطير بين إيران وإسرائيل .. صواريخ تشعل حيفا ورد الاحتلال لاستهداف طهران