غطت الحرب الإسرائيلية المتواصلة في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي على المشاكل الاقتصادية والسياسية في مصر، ومنحت الرئيس عبد الفتاح السيسي دورا حيويا على الساحتين الإقليمية والدولية، وهو ما استفاد منه بينما يخوض انتخابات، الأحد والإثنين والثلاثاء، من شبه المؤكد أن يفوز عبرها بولاية رئاسية ثالثة تستمر 6 سنوات.

ذلك ما خلصت إليه فيفيان يي، في تقرير بصحيفة "ذا واشنطن بوست" الأمريكية (The Washington Post) ترجمه "الخليج الجديد"، مضيفة أن السيسي "لا يحظى بشعبية كبيرة، ويفرض قبضته الاستبدادية على البلاد، وتضررت شعبيته بشدة بسبب الانهيار الاقتصادي".

واستدركت: "لكن الأسابيع التي تلت ذلك طغت على كل شئ، إذ حلت الحرب محل المخاوف المالية باعتبارها الموضوع الأهم في أذهان الكثير من المصريين".

وتابعت: "وبالنسبة للشركاء الغربيين والخليج العربي، سلطت الأزمة الضوء على دور مصر الحيوي كقناة للمساعدات الإنسانية لغزة (عبر معبر رفح البري) ووسيط بين إسرائيل و(حركة) حماس".

و"يبدو أن السيسي، وهو لواء (عسكري) سابق يتمتع بموهبة التعامل مع النكسات المستمرة، حصل على فرصة أخرى سمحت له بوضع نفسه كبطل للقضية الفلسطينية في الداخل وزعيم إقليمي لا غنى عنه في الخارج"، وفقا لفيفيان.

وأردفت أنه "من المتوقع أن تؤكد الانتخابات الرئاسية بقاء السيسي (الذي يحكم منذ عام 2014) في السلطة لفترة ولاية أخرى مدتها ست سنوات، إذ لا يملك أي من منافسيه الثلاثة فرصة للفوز".

وأضافت أن "حملة أحمد الطنطاوي، منافس السيسي الوحيد الذي ولّد بعض الزخم (لم يستوف شروط الترشح)، قالت إنه تم إبعاده من السباق الرئاسي بعد أن منع عملاء الحكومة بعنف أنصاره من تسجيل توكيلات تتيح له المشاركة في الانتخابات".

وزادات بأنه "أثناء محاكمة الطنطاوي (وآخرين) بما تصفه جماعات حقوق الإنسان بتهمة ملفقة (تداول أوراق خاصة بالانتخابات دون إذان السلطات)، قال إنه جرى اعتقال 137 من أعضاء حملته".

اقرأ أيضاً

انتخابات الرئاسة المصرية.. شوارع تعج بلافتات السيسي وناخبون "مجبرون" على تأييده

معاناة غزة

و"مع ارتفاع الدعم الشعبي للفلسطينيين، فإن المصريين يقظون لأي إشارة تفيد بأن حكومتهم قد تكون متواطئة في معاناة غزة، سواء بالموافقة على القيود الإسرائيلية على المساعدات المتدفقة من مصر إلى القطاع أو مقترحات لنقل سكان غزة إلى سيناء (المصرية) مقابل مساعدات (غربية للقاهرة)"، كما زادت فيفيان.

وفي غزة يعيش نحو 2.4 مليون فلسطيني يعانون حتى من قبل هذه الحرب أوضاعا كارثية؛ جراء حصار إسرائيلي مستمر للقطاع منذ أن فازت حركة "حماس" بالانتخابات التشريعية في عام 2006.

وقتل جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة حتى مساء الأحد 17 ألفا و997 فلسطينيا، وأصاب 49 ألفا و229 بجروح، معظمهم أطفال ونساء، بالإضافة إلى دمار هائل  في البنية التحتية و"كارثة إنسانية غير مسبوقة"، بحسب مصادر رسمية فلسطينية وأممية.

وتابعت فيفيان أن "مصر تلقي باللوم على إسرائيل في الحد من دخول المساعدات إلى غزة، لكن الدعوات تزايدت في الأسابيع الأخيرة لإنهاء الحصار الإسرائيلي المصري المشترك المستمر منذ 16 عاما على غزة، ولتوقف القاهرة عن منح إسرائيل أي حق في السيطرة على المعبر الحدودي المصري مع غزة".

وأردفت: "ومع ذلك، لا تملك مصر ترف إغضاب إسرائيل، التي أقامت معها شراكة أمنية قوية أو إثارة الداعمين الغربيين، وخاصة عندما تحتاج القاهرة إلى كل الدعم المالي الذي يمكنها الحصول عليه".

ولفتت إلى أنه من المتوقع أن يتفاقم التضخم، الذي يتجاوز 35% سنويا، إذا خفضت الحكومة قيمة العملة مجددا كما هو متوقع بعد الانتخابات الراهنة، تلبيةً لأحد شروط صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار.

اقرأ أيضاً

ما بعد فوز السيسي بالانتخابات.. 2024 عام حاسم "ماليا" لمصر

ملف الرشوة

و"في الخارج، نفد صبر صندوق النقد الدولي والممولين الخليجيين الأثرياء في انتظار أن تفي مصر بوعودها بالإصلاح الاقتصادي، وليس معروفا كيف يمكن أن تتجنب التخلف عن سداد ديونها الخارجية البالغة 165 مليار دولار"، بحسب فيفيان.

وبينما يقول محللون إن مصر تماطل في تلبية شروط صندوق النقد الدولي، أعلنت مديرة الصندوق كريستالينا جورجييفا أنه من "المحتمل جدا" تعزيز مبلغ القرض على ضوء الحرب.

وأضافت فيفيان: "وخوفا من أزمة هجرة أخرى (إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط)، يعمل الاتحاد الأوروبي على تسريع وتيرة تمويل مصر بنحو 10 مليارات دولار".

كما غطت الحرب على ملف آخر مثير للجدل تنفي القاهرة التورط فيه، إذ قالت إن "واشنطن كانت في حالة ضجة بسبب اتهامات بأن مصر قامت برشوة عضو كبير في مجلس الشيوخ الأمريكي (رئيس لجنة العلاقات الخارجية بوب مينينديز) مقابل خدمات رسمية ومعلومات حساسة؛ مما دفع الكونجرس إلى منع مساعدات عسكرية إضافية لحكومة السيسي بقيمة 235 مليون دولار".

وخلال حديث مع فيفيان بشأن الانتخابات، تساءل صلاح علي، وهو مهندس مصري من مدينة أسوان (جنوب)، مستنكرا: "ماذا تعنين بالانتخابات؟!"، مرددا اعتقادا واسع النطاق بأن نتيجتها محسومة مسبقا بفوز السيسي.

وشدد "علي"، وهو يعمل في أحد مشاريع العاصمة الإدارية الجديدة (شرق القاهرة)، على أنه "مع كل حرب تندلع، تكون هناك فرصة جيدة له (السيسي) لجعلها ذريعة للأزمة الاقتصادية".

اقرأ أيضاً

لمصر وإسرائيل وغزة.. هذا ما تعنيه ولاية السيسي الرئاسية المقبلة

المصدر | فيفيان يي/ ذا واشنطن بوست- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: ولاية رئاسية السيسي حرب غزة إسرائيل مصر

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تفرض ضرائب جديدة على الموظفين لتمويل نفقات حرب غزة

فرضت الحكومة الإسرائيلية ضرائب جديدة على الموظفين لتمويل جزء من نفقات الحرب المستمرة في قطاع غزة، والتي تجاوزت 600 يوم، وألحقت خسائر فادحة بالاقتصاد الإسرائيلي. 

وذكرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية أن الكنيست أقر قانونًا يلزم أصحاب العمل بتحويل جزء من المكافآت والمنح السنوية الممنوحة للموظفين إلى خزينة الدولة، تحت مسمى "مبالغ المشاركة"، وهو ما يعد بمثابة ضريبة غير مباشرة جديدة على الموظفين.

الهمص يتهم الجيش الإسرائيلي باستهداف المستشفيات بشكل ممنهج في قطاع غزة جمعية الإغاثة الطبية في غزة: قصف المدنيين أثناء توزيع المساعدات جريمة لا تُغتفر

وبحسب الصحيفة، فإن هذه الخطوة أثارت انتقادات واسعة بين الموظفين والنقابات العمالية، خاصة وأن العديد من الموظفين خدموا لفترات طويلة في الاحتياط بالجيش الإسرائيلي، مما يزيد من حالة السخط الشعبي تجاه السياسات الحكومية.

 

تفاصيل الضريبة الجديدة

تنص القوانين الجديدة على أن يتم اقتطاع مبالغ المشاركة من المكافآت التي تُمنح عادة للموظفين بعد مرور 12 شهرًا على عملهم في جهة معينة، وتحتسب وفقًا لمعدل التضخم.

ويتوجب على أصحاب العمل دفع هذه المبالغ لمصلحة الضرائب الإسرائيلية عبر نظام ضريبة الرواتب المقتطعة، بدءًا من شهر يوليو 2025.

وتأتي هذه القرارات في ظل ارتفاع تكلفة الحرب في غزة، والتي بلغت أكثر من 142 مليار شيكل (ما يعادل 40 مليار دولار)، وفق تقديرات إعلامية إسرائيلية. 

وتعكس هذه الخطوة عجز الحكومة الإسرائيلية عن تغطية تكاليف الحرب والتمويلات العسكرية المتزايدة، ما دفعها إلى تحميل جزء من الأعباء للموظفين وتقليص امتيازاتهم الاجتماعية، في محاولة لتخفيف الضغط على الميزانية العامة.

تداعيات اقتصادية خطيرة

حذر محافظ بنك إسرائيل المركزي، أمير يارون، في وقت سابق، من أن استمرار الحرب لمدة ستة أشهر إضافية قد يؤدي إلى تقليص معدل النمو الاقتصادي بنصف نقطة مئوية خلال عام 2025، إضافة إلى ارتفاع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي. 

وأشار البنك المركزي إلى أن الوضع الاقتصادي في البلاد يعاني من عدم اليقين، مع تزايد المخاوف بشأن تداعيات توسع الحرب في غزة، خاصة في ظل ضعف سوق العمل وتراجع الاستثمارات والصادرات بشكل كبير، فضلًا عن تعليق حركة الطيران.

مخاطر على التصنيف الائتماني وعجز الميزانية

كانت وكالات التصنيف الائتماني قد أبدت مخاوفها من التداعيات الاقتصادية للحرب، حيث أبقت وكالة فيتش التصنيف الائتماني لإسرائيل عند مستوى "A" مع نظرة مستقبلية سلبية، متوقعة ارتفاع العجز الفعلي عن المستهدف البالغ 4.9% بسبب التكاليف غير المتوقعة للحرب، وارتفاع الدين العام إلى 73% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2026، مقارنة بـ68% في 2024.

فيما حذرت وكالة ستاندرد آند بورز من استمرار القلق بشأن اتساع الحرب وتأثيره على الاقتصاد الإسرائيلي، مؤكدة أن العجز قد يصل إلى 6% من الناتج المحلي، وهو أعلى بكثير من هدف الحكومة الإسرائيلية.

انكماش اقتصادي وتراجع في المؤشرات الرئيسية

منذ بداية الحرب على غزة، انكمش الاقتصاد الإسرائيلي بنسبة 1.5%، وتراجعت الصادرات والاستثمارات بشكل كبير، بينما تأثرت حركة الطيران بشكل سلبي، مما ألقى بظلاله على الناتج المحلي الإجمالي. 

وتزداد المخاوف من تأثير هذه السياسات الضريبية الجديدة على أوضاع الموظفين المعيشية وثقتهم في الحكومة، في ظل استمرار الأوضاع الاقتصادية المتدهورة وتزايد الأعباء المالية الناجمة عن الحرب.

مقالات مشابهة

  • مفاوضات غزة: إسرائيل تُقرّر عدم إرسال وفد تفاوضي إلى الدوحة
  • ليست حماس فقط.. إسرائيل تستهدف الجميع
  • مغردون: هجوم أوكرانيا على روسيا يستدعي ذكريات بيرل هاربور ومخاوف حرب عالمية ثالثة
  • رئيس تشيلي يتعهد بتكثيف الضغوط على إسرائيل بسبب حرب غزة
  • هذا ما تخطط له إسرائيل بديلاً عن الحرب
  • صلاح: الرمادي استفاد من مباراة فاركو قبل نهائي الكأس
  • غادرت إلى جهة مجهولة ولم تعد... فيفيان مفقودة (صورة)
  • إسرائيل تفرض ضرائب جديدة على الموظفين لتمويل نفقات حرب غزة
  • إيكونوميست: السيسي أحد الخاسرين في الشرق الأوسط الجديد.. ماذا بعد؟
  • إعلام تركي: الحزب الحاكم يدرس ترشيح أردوغان لولاية رئاسية ثالثة