بلومبرج: التعويم أبرز تحركات السيسي الحاسمة بعد الانتخابات لانتشال اقتصاد مصر
تاريخ النشر: 11th, December 2023 GMT
اعتبرت وكالة بلومبرج الأمريكية، أن التعويم الجزئي وربما الكامل لسعر صرف العملية المحلية في مصر (الجنيه) سيكون أبرز تحركات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بعد إعادة انتخابه المتوقع؛ لانتشال اقتصاد بلاده المتعثر، والحصول على مساعدات مالية دولية وخليجية.
وذكرت الوكالة أن الخبراء يتوقعون أن يتم تنفيذ خطوة التعويم في الفترة ما بعد الانتخابات الجارية وقبيل الانتهاء من مراجعات صندوق النقد الدولي في أوائل 2024.
وأشارت الوكالة إلي أن سندات مصر الخارجية واجهت ضائقة مالية خلال معظم العام الماضي، ومن المرجح أن تكون هناك حاجة لمزيد من التخفيضات في قيمة الجنيه (التعويم) لإطلاق المزيد من حزم الإنقاذ.
قال عبد القادر حسين، العضو المنتدب للدخل الثابت في "أرقام كابيتال ليمتد" في دبي: "فوز السيسي بالانتخابات هو التوقع السائد. أما بالنسبة لما يلي، فأعتقد بأن السوق تتوقع دعم صندوق النقد الدولي ودول مجلس التعاون الخليجي، وربما حتى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لمصر اعتماداً على كيفية تطور المأساة في غزة".
تعويم جزئي أو كامل
يدرس صندوق النقد الدولي زيادة حزمة مساعداته لمصر، مما قد يرفع برنامجه إلى أكثر من 5 مليارات دولار مقارنة بـ3 مليارات مقررة حالياً. ومصر بالفعل ثاني أكبر مقترض من الصندوق بعد الأرجنتين التي تخلفت عن السداد أكثر من مرة.
وتتزايد التكهنات أيضاً بأن مصر ستحصل على المزيد من الأموال من الحلفاء العرب في مجلس التعاون الخليجي، بل والغرب، كونها المنفذ الحاسم لوصول المساعدات إلى غزة وسط حرب إسرائيل مع حركة "حماس".
ولكن الشرط الأهم لصرف جزء من رأس المال هذا يتوقف على تخفيف الضوابط المفروضة على سوق الصرف الأجنبي؛ إن لم يكن التحرير الكامل.
ورغم أن الجنيه المصري فقد نحو نصف قيمته مقابل الدولار منذ مارس/آذار 2022، يراهن المتعاملون في سوق المشتقات المالية على أن مصر ستضطر إلى السماح بانخفاض سعر الجنيه 40% أخرى خلال العام المقبل.
وهذا من شأنه أن يهوي بالعملة إلى ما يقل قليلاً عن 50 جنيهاً مقابل الدولار الواحد، مقارنة بـ30.85 حالياً.
وقال تشارلز روبرتسون، رئيس استراتيجية الاقتصاد الكلي في "إف آي إم بارتنرز" "أتصور أنه بعد فوز السيسي سيجري تخفيض قيمة العملة 20% ثم الحصول على تمويل أكبر من صندوق النقد الدولي. ربما يكون هذا أمراً إيجابياً للسندات المصرية بالدولار -ربما للأسهم أيضاً- إذا اعتُبر انخفاض قيمة الجنيه كافياً للتخلص من أزمة العملات الأجنبية".
بالنسبة لسندات مصر الخارجية، فإن السؤال هو ما إذا كانت مصر قادرة على إنجاز كل المطلوب لمعالجة الاضطرابات التي تعاني منها سوقها الاقتصادية والمالية.
اقرأ أيضاً
التعويم الرابع للجنيه.. هل تستبعده مصر أم تنتظر سيولة أجنبية؟
وساعد التفاؤل بأن السيسي سيحاول بذل الكثير من الجهد في رفع قيمة السندات خلال الأسبوع الماضي.
بل إن علاوة المخاطر التي يطلبها المستثمرون للاحتفاظ بسندات مصر الدولارية بدلاً من سندات الخزانة الأمريكية انخفض إلى ما دون عتبة 1000 نقطة أساس التي يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها مؤشر على التعثر.
وقال أدريان دو توا، مدير الأبحاث الاقتصادية للأسواق الناشئة بمؤسسة "ألاينس برنشتاين" المقيم في لندن: "كان أداء سندات اليوروبوند جيداً على أساس التوقعات بأنه بمجرد زوال المخاطر المتعلقة بالانتخابات، سيكون لدى الحكومة المصرية مساحة أكبر للمناورة وسيستجيب صندوق النقد الدولي بالمثل. نعتقد بأن هذا معقول وأن الرهانات الهبوطية عفا عليها الزمن".
ويرى دو توا أن الخطر، بطبيعة الحال، يتمثل في أن توقعات الانتعاش وتراجع السندات ستتلاشى إذا لم يكن هناك إنجاز للتعهدات بحلول أوائل عام 2024.
الأموال الساخنة وتراكم فوائد الديون
في قلب الأوضاع المالية السيئة التي تعاني منها مصر حالياً، تبرز إشكالية الأموال الساخنة، حيث تتدفق محافظ الأموال المتقلبة على الأسهم والسندات، ولكنها يمكن أن تغادر بنفس السرعة التي وصلت بها (إلى الأصول المصرية).
وعرضت مصر منذ فترة طويلة بعضاً من أعلى أسعار الفائدة الحقيقية في العالم من أجل جذب النقد الأجنبي اللازم لسد العجز. لكن ذلك تركها ترزح تحت عبء ديون مرهقة.
وطوال العقد الماضي، اضطرت مصر إلى تخصيص أكثر من نصف دخلها الضريبي لدفع الفوائد على ديونها.
وفي الفترة من يوليو/ تموز إلى سبتمبر/أيلول هذا العام، بلغت تكاليف الفائدة أكثر من 1.5 مرة إيرادات الضرائب، وفقاً لبيانات وزارة المالية. واقترنت استدامة هذه الاستراتيجية باستمرار تدفق رؤوس الأموال.
لكن عندما غزت روسيا أوكرانيا في 2022، لم تتوقف الأموال الساخنة عن التدفق فحسب، وإنما تخارجت مع ارتفاع التضخم على واردات السلع الأساسية المكلفة، مثل القمح والنفط.
وانخفض صافي تدفقات استثمارات المحافظ إلى 3.8 مليار دولار في السنة المالية "2022-2023"، مقارنة بـ21 مليار دولار في السنة السابقة.
وتحاول مصر منذ ذلك الحين إعادة اقتصادها إلى المسار الصحيح وجذب المستثمرين مرة أخرى.
لكن وكالتي "فيتش" و"موديز إنفستورز سيرفيس" خفضتا تصنيف مصر الائتماني في الأشهر القليلة الماضية، وأشارتا إلى النقص المستمر في العملات الأجنبية والديون المكلفة على البلاد.
هذه المخاطر مجتمعة -وارتفاع أسعار الفائدة العالمية- حرمت مصر من الدولارات التي تحتاجها لدفع ثمن السلع الأساسية المستوردة وأجبرتها على تخفيض قيمة العملة.
كتب الخبراء الاستراتيجيون في "دويتشه بنك"، بمن فيهم كريستيان فيتوسكا، في مذكرة بتاريخ 6 ديسمبر/ كانون أول، أن الاتساع الكبير بين السعر الفوري للعملة المحلية وسعر السوق الموازية (السوداء) يشير إلى ضغوط متزايدة، ما يؤكد الحاجة إلى تخفيضات إضافية لقيمة الجنيه.
وأوضح الخبراء: "من المرجح القيام بجولة جديدة من تخفيض قيمة العملة بعد الانتخابات الرئاسية وقبيل الانتهاء من مراجعات صندوق النقد الدولي في أوائل 2024".
اقرأ أيضاً
توقع تأجيل التعويم.. سيتي جروب: التوقعات التشاؤمية للاقتصاد المصري وصلت إلى ذروتها جزئياً
المصدر | بلومبرج- ترجمة وتحرير الخليج الجديد
المصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: عبدالفتاح السيسي التعويم الجنيه المصري أحداث غزة الانتخابات الرئاسية صندوق النقد الدولی أکثر من
إقرأ أيضاً:
صندوق النقد الدولي يرفع توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي إلى 3.2% في 2025
أصدر صندوق النقد الدولي تقريره الجديد حول آفاق الاقتصاد العالمي، والذي أشار إلى تأثير محدود للرسوم الجمركية على النشاط الاقتصادي العالمي حتى الآن، مع تحسن طفيف في معدلات النمو المتوقعة خلال العامين المقبلين.
ورفع صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي في عام 2025 إلى 3.2%، بزيادة قدرها 0.2 نقطة مئوية عن تقديراته السابقة، فيما أبقى على توقعاته لعام 2026 عند 3.1%.
وعلى صعيد الاقتصادات الكبرى، رفع الصندوق توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكي إلى 2% في 2025، بزيادة قدرها 0.1 نقطة مئوية، كما رفعها إلى 2.1% لعام 2026.
توقعات النمو في منطقة الشرق الأوسط
وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA)، عدّل صندوق النقد الدولي توقعاته أيضًا، ليرتفع معدل النمو المتوقع إلى 3.3% في 2025 و3.7% في 2026.
أما بالنسبة إلى الاقتصاد السعودي، فقد رفع صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو إلى 4% في عامي 2025 و2026، بزيادتين قدرهما 0.4 و0.1 نقطة مئوية على التوالي، ما يعكس استمرار التعافي المدعوم بقطاعي الطاقة والاستثمارات غير النفطية.
من المتوقع أن يتسارع نمو منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى من 2.6% في عام 2024 إلى 3.5% في عام 2025 ثم إلى 3.8% في عام 2026، مع تلاشي آثار اضطرابات إنتاج النفط والشحن البحري وتراجع تأثير الصراعات المستمرة.
وبالمقارنة مع توقعات شهر أبريل، فقد تم رفع تقديرات النمو لعام 2025 بمقدار 0.5 نقطة مئوية، ويُعزى ذلك بشكل رئيسي إلى تطورات في دول مجلس التعاون الخليجي، لا سيما المملكة العربية السعودية، حيث جاء إلغاء تخفيضات إنتاج النفط أسرع من المتوقع، وكذلك مصر التي سجلت أداءً أفضل من المتوقع خلال النصف الأول من عام 2025، بحسب الاسواق العربية.
ورغم أن المنطقة أقل تأثراً نسبياً بالنظام الجمركي الأميركي الجديد مقارنة بتوقعات أكتوبر 2024، فإن تقديرات النمو لعامي 2025 و2026 انخفضت بمقدار تراكمي يبلغ 0.8 نقطة مئوية، نتيجة الآثار غير المباشرة لتراجع الطلب العالمي على أسعار السلع الأساسية.