وماذا بعد؟ لقد عجزت معكم كل لغات العالم ورسائل الشعوب التى تحركت بها الإنسانية المجردة وغضبت وثارت ضد مذابحكم المتواصلة لأهل غزة، فماذا نخاطب فيكم لوقف جرائمكم الوحشية؟ وقد صمت كبار الساسة وفى الصمت قبول وتهاون وتخاذل سيسألون عنه دنيا وآخرة؟، فماذا نخاطب فيكم؟، الدين!.
أنتم شعب بلا دين، فقد حرفتم التوراة وفصلتم أسفارها على أهوائكم، أدخلتم فيها كل ما ليس منها من ميولكم ونزعاتكم الفاسدة والدموية وكل ما أشرب فى قلوبكم من وثنية، وأسأتم إلى الخالق عز وجل ووصفتموه «سبحانه» بما لا يليق بذاته وصفاته، وطعنتم فى أنبيائه الذين اصطفاهم، وجعلتموهم زورًا من أشرار البشر وأكثرهم وقوعًا فى الفحشاء والمنكر، وصببتم فى أسفاركم الكراهية والحقد على جميع الأمم، تتمسحون بأنكم أمة الله التى تلقت التوراة على يد نبى الله موسى بطور سيناء، بل أنتم أمة عبدت العجل عندما غاب عنكم موسى أربعين يومًا، فكيف حالكم وقد غاب عنكم 3335 عامًا؟!.
ماذا نخاطب فيكم لتوقفوا مذابحكم الوحشية ضد الأطفال والنساء والرجال العزل، مذابح لا ترتكبها أعتى الوحوش البرية شراسة، وأكثر سفاحى العالم دموية، ولكنكم لم ترتووا حتى الآن من دماء ما يقرب من 20 ألف فلسطينى، وكل يوم تسفحون المزيد من الدماء.
بأى أسلوب نخاطبكم؟، بلغة الإنسانية والبكائيات التى أتقنتموها على مدى عقود منذ الحرب العالمية الثانية، وظللتم «تحلبون أموال العالم» بالتعويضات وأنتم تروجون دعاية الهلوكوست النازية، فهل ما فعله بكم أدولف هتلر يعادل نقطة فيما ترتكبونه الآن من إبادة وحشية بكل هذا الفجر؟
بماذا نخاطبكم؟ بلغة المصالح!، أو تنتظرون المزيد؟ وأنتم تحصلون على المليارات من أمريكا ومن دول أوروبا، لأجل عيونكم وطواقيكم السوداء الكريهة وضفائركم القذرة، تخنق هذه الحكومات شعوبها بالضرائب وبأوضاع اقتصادية قاسية لأجل أن ترسل لكم المليارات والأسلحة، لأنكم ذراعها وشوكتها التى زرعوها فى حلقوم المنطقة العربية، ولأنهم لا يرغبون فى أن تفارقوا أرض فلسطين وتعودوا إليهم، وقد تخلصوا منكم ومن فسادكم الذى مارستموه فى دولهم فى عقود ما قبل الملحد السويدى اللعين تيودور هرتزل مؤسس صهيونيتكم ومشجع آباءكم وأجدادكم الملاعين على الهجرة إلى فلسطين ليخلص العالم الغربى منكم، ولتُبتلى بكم أرض فلسطين.
فى الواقع لا أجد لغة، ولا مدخلًا لأخاطبكم به، لا دين، لا إنسانية، لا مصالح إضافية يمكن أن تغريكم لتوقفوا مذابحكم، لكن أصدقكم القول، ما يحدث ليس عيبكم، المحتل لا يهمه إلا توطين نفسه بأرض غيره ولو على حساب أرواح أصحاب الأرض، المحتل سيتوسع طولًا وعرضًا ما لم يجد قوة موحدة رادعة تواجهه، تتصدى له ولأطماعه.
وأنتم منذ أزمنة وجدتم فى فرقة العرب قوتكم، وفى تصارع الفصائل الفلسطينية فرصتكم لتحقيق المزيد من أطماعكم، لكنكم نسيتم وجود إرادة شعب صلب اعتاد الاستشهاد، واعتاد الفقد، واعتاد الجوع والحصار، ولم يعد يرهبه منكم شيء، ولن يغادر الأرض صامدًا أو حتى مجبرًا، شعب يعلم أن اللجوء لوطن الغير عرى من الستر ومذلة ومهانة للكرامة، وأن الموت دفاعًا عن الوطن هو قمة الكرامة.
وما أشبه اليوم بتاريخ الأمس، فى فترة مقاومة الفلاحين الفلسطينيين لحملة إبراهيم باشا، شرد أهالى قرى بأكملها، ذبح الرجال بالمئات، دمر أشجار الزيتون للانتقام، وحين تمكن الاحتلال الإسرائيلى من فلسطين، جاست آلياته تسحق القرى عن آخرها، ودهست البلدوزرات أكواخ الخشب والصفيح فى المخيمات، وسممت الطائرات مئات الفدادين من المحاصيل.
لكن شعب فلسطين لا يموت، مكان الشهيد سيولد ألف شهيد، وسينتصرون، صمودهم فى حد ذاته انتصار، أنتم تدقون المسامير فى نعشكم الأخير بإذن الله، لقد كشفتم أمام شعوب العالم حقيقتكم، وفى هذا مكسب للقضية الفلسطينية طال أمدها أو قصر، فلا تشربوا فى كؤوس ديارهم المهدومة دماءهم نخب انتصاراتكم، نهايتكم قادمة، هذه ثقتنا فى عدالة الله ووعده، فحين يعجز البشر يأتى الحل من السماء.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: فكرية أحمد المنطقة العربية أرض فلسطين الفصائل الفلسطينية الاحتلال الإسرائيلى
إقرأ أيضاً:
عُمان صديقة العالم أجمع
د. أحمد بن علي العمري
سلطنة عُمان البلد المُتميز الضارب بإرثه في جذور التاريخ لم يكن في يوما من الأيام من دعاة الحرب أو الاعتداء، ولكن من يعاديه ينال الويلات والخزي والمذلة لشراسة مقاتليه وافتدائهم لوطنهم بكل شجاعة وشموخ.
وفي عصرنا الحديث لم تكن عُمان من يكيد أو يتربص أو يحقد أو يحمّل الضغائن أو يعتدي أو يتجاوز. ومنذ انطلاق النهضة المتجددة التي يقودها بكل حكمة واقتدار مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- والتي بنى قواعدها على الأساس القوي للسلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- وهو امتداد له كما هو امتداد للدولة البوسعيدية التي أسسها الإمام المؤسس أحمد بن سعيد البوسعيدي- رحمة الله عليه- منذ عام 1744م.
لقد أنطلق جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- في جولات شملت كل بقاع الأرض من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها ناشرًا راية السلام، وهو المبدأ الذي آمنت به سلطنة عُمان واتخذته منهاجًا مادًا يديه الكريمتين للتعاون والتوافق وتبادل المصالح لكل الأطراف وكذلك كانت استقبالات جلالته للضيوف الزائرين بذات النسق ونفس التوجه، وما زيارة الرئيس اللبناني العماد جوزيف عون إلا إحدى هذه المقاصد.
فعُمان ولبنان تربطهما عدة عوامل مشتركة اجتماعية وثقافية وتعليمية وفنية واقتصادية وتجارية وحتى تاريخية في وِدٍ وانسجام ولبنان من أوائل الدول التي افتتحت فيها السفارة العمانية.
لأجل هذا أضحت عُمان اليوم صديقة العالم أجمع؛ فنما اقتصادها وقلت ديونها وارتفع تصنيفها العالمي ومضت بخطوات واثقة إلى الأمام وإلى مستقبل مبشر بكل خير بإذن رب العالمين.
إن خلو عُمان من الإرهاب وابتعادها عن الحروب جعلها واحة للأمن والأمان ودائمة الاستقرار الأمر الذي يجذب المستثمرين ويرغبهم وهاهم بدأوا يتوافدون جمعًا وفرادى من كل أنحاء العالم
ولله الحمد والفضل والمنة.
حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها.
رابط مختصر