أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:" سمعت أن إعطاء الزكاة للفقراء والمستحقين لها من الأقارب كالأخ والأخت أفضل من دفعها إلى غير الأقارب. فنرجو منكم بيان ما مدى صحة هذا الكلام؟". 

لترد دار الإفتاء موضحة: أن الزكاة ركن من أركان الإسلام، نظم الشرع الشريف كيفية أدائها بتحديد مصارفها الثمانية في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 60].

ومن مقاصد الشريعة: أنها قدَّمت في أداءِ الزكاةِ كفايةَ قرابةِ المزكِّي على غيرهم، وجعلت لسدِّ حاجةِ ذوي رحمه وعصبته المحتاجين أولويةً في صرفها؛ مراعاةً لصلة الرحم، وضمانًا لاستمرار الترابط الأسريّ والتكافل العائلي والعشائري الذي هو اللبنة الأساس في التكافل المجتمعي:

فبدأ بهم القرآن الكريم في مطلق العطاء؛ فقال تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 215]، وجعل لهم حقًّا في مال الواجد؛ فقال سبحانه: ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا﴾ [الإسراء: 26]، وجعل ذلك علامة الفلاح، وعدَّه الأفضل لمن يريد وجه الله تعالى: ﴿فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الروم: 38]، وهذا كلُّه يشمل النفقة الواجبة والمندوبة، ويشمل الزكاة في غير ما تجب فيه النفقة.

قال مجاهد: "سألوه: ما لهم في ذلك؟ ﴿قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾، قال: ههنا يا ابن آدم فضَعْ كَدْحَك وسَعْيَك، ولا تَنْفَحْ بها ذا وذاك وتَدَع ذوي قرابتك وذوي رحمك" أخرجه عبد بن حميد في "التفسير"؛ كما في "الدر المنثور" للسيوطي (1/ 585، ط. دار الفكر).


وجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أجرَ الزكاة مضاعفًا إذا أعطاها المزكِّي قرابتَه المحتاجين الذين لا تجب نفقتُهم عليه:
فروى الحُمَيْدي والإمام أحمد والدارمي في "مسانيدهم"، والنسائي والترمذي وحسنه وابن ماجه في "سننهم"، وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وصححه في "صحاحهم"، عن سلمان بن عامر الضَّبِّي رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَهِيَ عَلَى ذِي الرَّحِمِ اثْنَتَانِ: صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ»، وصححه الحافظ ابن الملقن في "البدر المنير" (7/ 411، ط. دار الهجرة).

وروى ابن زنجويه في "الأموال"، والطبراني في "الكبير"، من حديث أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى ذِي قَرَابَةٍ يُضَعَّفُ أَجْرُهَا مَرَّتَيْنِ».

قال الإمام المُناوي في "فيض القدير" (2/ 362، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [(إِنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى ذِي قَرَابَةٍ)؛ أي: صاحب قرابة وإن بعد (يُضَعَّفُ) لفظ رواية الطبراني يضاعف (أَجْرُهَا مَرَّتَيْنِ)؛ لأنها صدقة وصلة وفي كل منهما أجر على حدته، والمقصود أن الصدقة على القريب أولى وآكد من الصدقة على الأجنبي وإن كان القريب كاشحًا] اهـ.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الله ع

إقرأ أيضاً:

هل يجوز إعطاء غير المسلم من الأضحية.. الإفتاء تجيب

أوضحت دار الإفتاء المصرية، ردًا على سؤال حول جواز إعطاء غير المسلم من الأضحية، أن ذلك جائز شرعًا، مشيرة إلى أن السنة للمضحي أن يأكل من أضحيته، ويتصدق منها، ويهدي جزءًا منها، وقد استحب كثير من العلماء تقسيمها إلى ثلاثة أثلاث: ثلث للأكل والادخار، وثلث للصدقة، وثلث للإهداء.

وأشارت الدار، في منشور سابق عبر صفحتها الرسمية على موقع فيسبوك، إلى أنه لا مانع من إعطاء غير المسلم جزءًا من الأضحية، سواء كان ذلك لفقره أو لوجود صلة قرابة أو جوار أو لتأليف قلبه، مستشهدة بحديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، حين قال لها النبي ﷺ: "صِلي أمك"، رغم أنها كانت من كفار قريش، وكذلك بحديث أبي هريرة المتفق عليه: "في كل كبد رطبة أجر".

وفي سياق آخر، شددت دار الإفتاء عبر صفحتها الرسمية على ضرورة الالتزام بالذبح في الأماكن المخصصة لذلك، لما في ذلك من تحقيق للمصلحة العامة والخاصة، مشيرة إلى أنه من لا يستطيع إقامة سنة الأضحية بنفسه، يمكنه توكيل إحدى الجمعيات الخيرية أو غيرها، من خلال شراء صك الأضحية.

شروط صحة الأضحية والعيوب التي يجب أن تخلو منها.. تعرف عليها كاملةمتى يمنع قص الأظافر لمن نوى الأضحية هذا العام؟.. خلال ساعات من الآن

شروط الأضحية

تتضمن شروط الأضحية التي يجب مراعاتها في عيد الأضحى عددًا من الأمور المهمة لضمان صحتها شرعًا، وهي كالآتي:

أن تكون الأضحية من بهيمة الأنعام، وتشمل الإبل والبقر والغنم، سواء من الضأن أو المعز.أن تكون قد بلغت السن المحدد شرعًا؛ وهي الجذعة من الضأن، أو الثنية من غيره.أن تكون خالية من العيوب الظاهرة، مثل: العور البيّن، العرج البيّن، المرض البيّن، أو الهزال الشديد الذي يزيل المخ، ويُلحق بهذه العيوب ما كان في معناها أو أشد منها.أن تكون ملكًا للمضحي، ويجوز أن يضحّي الوكيل من مال موكله بشرط الحصول على إذنه.ألا تكون الأضحية مرهونة، وأن يتم ذبحها في الوقت المقرر شرعًا للأضحية. طباعة شارك الأضحية شروط الأضحية غير المسلم صك الأضحية

مقالات مشابهة

  • دار الإفتاء توضح أفضل الأعمال في أيام العشر من ذي الحجة.. ذكرٌ وصيامٌ وتهليل وأضحية
  • كيف أستغل العشر الأوائل من ذي الحجة؟.. الإفتاء توضح أفضل الأعمال المستحبة
  • ما حكم من أكل أو شرب ناسيا أثناء صيام العشر من ذي الحجة؟.. الإفتاء توضح
  • حكم الأكل أو الشرب ناسيا أثناء صيام العشر من ذي الحجة.. الإفتاء توضح
  • لماذا تعد العشر الأوائل من ذي الحجة أعظم أيام الدنيا؟.. الإفتاء توضح
  • ما حكم إعطاء الزكاة لشخص تبين فيما بعد أنه غير محتاج؟.. الإفتاء تجيب
  • هل يشترط تبييت النية قبل صيام العشر الأول من ذي الحجة؟.. الإفتاء توضح
  • هل يجوز إعطاء غير المسلم من الأضحية.. الإفتاء تجيب
  • هل تقبل النوافل ممن ترك الفرائض؟ الإفتاء توضح
  • أفضل وقت لارتداء ملابس الإحرام لحجاج بيت الله.. الإفتاء توضح