الفيتو الأميركي ترخيص بالقتل
تاريخ النشر: 13th, December 2023 GMT
جاء استخدام واشنطن لحقِّ النقض في جلسة مجلس الأمن الدولي ليلة التاسع من كانون الأوَّل/ديسمبر 2023، ضدَّ مشروع قرار بوقف العدوان على قِطاع غزَّة، بمثابة ترخيص مكشوف وسافر لدَولة الاحتلال للاستمرار بأعمال القتل والتدمير لشَعبنا في قِطاع غزَّة. وهو استخدام يتمُّ الآن للمرَّة الثالثة خلال أقلَّ من شهرَيْنِ، وادَّعت الولايات المُتَّحدة على لسان نائب المندوبة الأميركيَّة لدى مجلس الأمن روبرت وود «أنَّ الولايات المُتَّحدة استخدمت (الفيتو) ضدَّ مشروع القرار لأنَّه لا يُدين حركة حماس، ولا يؤكِّد حقَّ «إسرائيل» في الدِّفاع عن نَفْسها…!!!».
لقَدْ جاء الفيتو الأميركي على التعاكس مع إرادة شعوب العالَم الَّتي خَرَجت إلى كُلِّ الميادين في مُدُن العالَم، بما فيها مُدُن الولايات المُتَّحدة ومُعْظم مُدُن الغرب الأوروبي، وهي تصرخ لوقف العدوان على القِطاع، وانتصارًا للشَّعب الفلسطيني وكفاحه العادل. في مشاهد لَمْ تَحدُث في تاريخ التضامن الشَّعبي والرأي العامِّ العالَمي مع شَعبٍ من الشعوب كما يحدُث الآن. مندوب جمهوريَّة الصين الشَّعبيَّة الدَّائم لدى الأُمم المُتَّحدة (تشانج جون) أعلن على الملأ: «نأسف لاستخدام الولايات المُتَّحدة لحقِّ النَّقض ضدَّ مشروع قرار يُطالب بوقف إطلاق النَّار واستمرار المجازر في قِطاع غزَّة». كذلك مندوب روسيا الاتحاديَّة (فاسيلي نيبيزيا) الَّذي أعلن أنَّ: «الولايات المُتَّحدة تعرقل من جديد وقف إطلاق النَّار في غزَّة لِتَحكمَ بالقتل على آلاف المَدنيِّين واستمرار المجازر». لقَدْ صوَّتت إلى جانب مشروع القرار (١٣) دَولةً (من أصل (15) دَولة عضوًا بمجلس الأمن دائمة ومؤقتة)، وامتنعت بريطانيا عن التصويت، فكانت واشنطن بمثابة الصوت الرافض الوحيد لمشروع القرار، والمسانِد والمؤيِّد لاستمرار العدوان «الإسرائيلي»، وصاحبة التغطية والحماية لدَولة الاحتلال في المُجتمع الدولي الَّذي باتَ يضيقُ ذرعًا بمواقف الإدارة الأميركيَّة. وقَدْ جاء طلب الأمين العامِّ للأُمم المُتَّحدة البرتغالي أنطونيو جوتيريش، الطلب المُهمَّ والَّذي يدلُّ على شجاعة الموقف ـ في ظلِّ الواقع الصَّعب الَّذي يعمل في كواليسه الدبلوماسيَّة ـ وذلك بالعودة للبند التاسع والتسعين من ميثاق الأُمم المُتَّحدة يحمل المعاني الصَّارخة على تململ المُجتمع الدولي من السِّياسات الأميركيَّة خصوصًا بالنسبة لفلسطين. فالعودة للبند التاسع والتسعين إيَّاه يتمُّ في حالة تعرُّض السِّلم العالَمي للخطر. كما تعني العودة للقرار (٣٧٧) المعنون بـ»الاتِّحاد من أجْل السَّلام» بدعوة الجمعية العامَّة للأُمم المُتَّحدة للاجتماع واتِّخاذ قرار مُلزم بوقف الحرب بالعودة للحلول السِّياسيَّة، وقَدْ تمَّ اللجوء إلى هذا الإجراء أربع مرَّات في تاريخ الأُمم المُتَّحدة وكان أوَّلها في الحرب الكوريَّة عامَ ١٩٥٢، عِندما كان العالَم على شفير الهاوية باستخدام السِّلاح النووي، فتمَّ وقف الحرب في شِبه الجزيرة الكوريَّة، وهي حرب كوريَّة ـ كوريَّة في ظاهرها، لكنَّها كانت حربًا طاحنة بَيْنَ الكتلتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَشكَّلتا بعد الحرب العالَميَّة الثانية (حلف الناتو+ حلف وراسو)، وعِندها تمَّ التوصل إلى تسوية سياسيَّة على قاعدة الحلول الوسط (كومبرمايز) بتقسيم شِبه الجزيرة الكوريَّة. كما تمَّ اللجوء للمادَّة (99)، وقرار (377)، في أزمة هنجاريا (المجر) عام 1954 والَّتي لَمْ تطلق رصاصة واحدة خلالها وتمَّ حلُّها بهدوء تامٍّ، كذلك إبَّان العدوان الثلاثي على مصر نهاية 1956، وأثناء أزمة الصواريخ السوفيتيَّة في كوبا (الَّتي عُرفت بأزمة خليج الخنازير) عام 1962. ونُعيد التذكير في هذا المجال، بأنَّ استخدام الولايات المُتَّحدة لحقِّ النَّقض (الفيتو) بمجلس الأمن، تكرَّر على الدوام لحماية دَولة الاحتلال، وفي مواجهة أيِّ قرارٍ أُممي ينتقد «إسرائيل»، فاستخدمت واشنطن (الفيتو) ضدَّ قرارات تُدين «إسرائيل» نَحْوَ خمسين مرَّة مع الفيتو الأخير.
علي بدوان
كاتب فلسطيني
عضو اتحاد الكتاب العرب
دمشق ـ اليرموك
ali.badwan60@gmail.com
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: الولایات الم ت مشروع القرار العال م
إقرأ أيضاً:
المبعوث الأميركي يلوح بإعادة لبنان إلى بلاد الشام
حذر المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص توم باراك من سيطرة قوى إقليمية على لبنان في حال لم تنجح حكومته في التغلب على إشكالية سلاح حزب الله.
وقال باراك -في تصريح لصحيفة "ذا ناشيونال"- إنّ لبنان بحاجة إلى حلّ هذه المشكلة، وإلاّ فقد يواجه تهديدًا وجوديًا.
وجاء في هذه التصريحات "إسرائيل من جهة، وإيران من جهة أخرى، والآن سوريا تتجلّى بسرعة كبيرة، وإذا لم يتحرّك لبنان، فسيعود إلى بلاد الشام من جديد".
وكان باراك قدم مؤخرا اقتراحًا لنزع سلاح حزب الله وتطبيق إصلاحات اقتصادية، للمساعدة في انتشال هذا البلد من أزمته المالية المستمرة منذ 6 سنوات.
وتصر أميركا على نزع سلاح حزب الله قبل تقديم المساعدة في إعمار لبنان، كما تربط وقف الاعتداءات العسكرية الإسرائيلية على هذا البلد بنزع سلاح حزب الله.
ومن جانبها، قدمت السلطات اللبنانية وثيقة تدعو لانسحاب إسرائيلي كامل من الأراضي المتنازع عليها بما في ذلك مزارع شبعا، وإعادة تأكيد سيطرة الدولة على جميع الأسلحة مع التعهد بتفكيك سلاح حزب الله في جنوب لبنان.
لكن إسرائيل تريد تزع سلاح حزب الله على كامل الأراضي اللبنانية.
وقال المبعوث الأميركي إن الجيش اللبناني شريك محايد وموثوق في الأزمة الحالية، لكنه يواجه نقصًا حادًا في التمويل بسبب الانهيار الاقتصادي في لبنان.
حرب أهلية
في ذات الوقت، أقرّ باراك بأن أي محاولة لنزع سلاح حزب الله بالكامل تهدد بإشعال حرب أهلية.
وتحدث عن سيناريو يتضمن موافقة حزب الله على نزع أسلحته الثقيلة طواعيةً، بما في ذلك الصواريخ والطائرات المسيرة، وتسليمها إلى مستودعات مراقبة بموجب "آلية" تشمل الولايات المتحدة وفرنسا وإسرائيل والجيش اللبناني.
وقال باراك إن الجيش اللبناني يفتقر إلى الموارد والقوى العاملة اللازمة للقيام بمثل هذه المهمة.
إعلانوأضاف أن الولايات المتحدة تواصلت مع شركائها الخليجيين لطلب تمويل للقوات المسلحة اللبنانية.
لكنه لفت إلى أن دول الخليج مترددة في الاستجابة لهذا المطلب نظرا لمخاوفها من أن تذهب هذه الأموال لحسابات النخبة السياسية في لبنان، حسب تعبيره.