توقع جمال صالح، المدير العام لاتّحاد مصارف الإمارات، نمو إجمالي التمويلات الخضراء والمستدامة في الدولة بمعدلات مرتفعة مع نهاية العام الجاري مع زيادة الاقبال على تمويل المشاريع العملاقة والمبتكرة في مجال الاستدامة بالإمارات والمنطقة.

وأضاف جمال، في تصريحات لوكالة أنباء الإمارات “وام” إن تمويل البنوك الإماراتية لا يقتصر على المشاريع المحلية، بل يمتد ليشمل المشاريع المستدامة في الدول الصديقة والشقيقة، موضحاً بانه خلال العام الماضي بلغ إجمالي التمويلات الخضراء لـ 6 بنوك إماراتية أكثر من 190 مليار درهم خصصت لمشاريع متنوعة في مجال الطاقة المتجددة، وتحويل النفايات إلى طاقة، والتكنولوجيا الخضراء.

وأشار إلى ان النمو الكبير في التمويل المستدام يأتي نتيجة لمبادرات وتوجيهات المصرف المركزي لتعزيز التمويل الأخضر والمستدام، حيث يضع الاستدامة ضمن أولوياته الاستراتيجية، وأطلق عدداً من المبادرات التي تحدد الأطر اللازمة لضمان الامتثال لمعايير الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية.

وأوضح أنه في ظل هذه التوجيهات والسياسات العامة للمصرف المركزي، يعمل اتحاد مصارف الإمارات من أجل دعم القطاع المصرفي والمالي لمواصلة إنجازاته في تطوير حلول مصرفية مستدامة بما يتماشى مع استراتيجية الدولة لخفض الانبعاثات وتحقيق الحياد المناخي بحلول العام 2050، وأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.

وذكر صالح أن إصدارات الصكوك والسندات الخضراء، تشهد إقبالاً في السنوات الأخيرة كإحدى وسائل التمويل المبتكرة، مشيراً إلى أن الإمارات تعتبر رائدة وسبّاقة في تبني معايير ومبادئ الاستدامة في القطاع المصرفي والمالي، حيث قامت بإطلاق إعلاني أبوظبي ودبي للتمويل المستدام في العامين 2016 و2019، فضلاً عن المبادئ الإرشادية للتمويل المستدام لتعزيز تطوير سوق مالي أخضر في العام 2020، والإطار الوطني للتمويل المستدام في العام 2021، الأمر الذي وضع الأسس اللازمة لتطوير بيئة أعمال مزدهرة لهذه الإصدارات.

وأكد صالح على أن المؤسسات المصرفية والمالية في الدولة تعد من أبرز الجهات التي بادرت لإصدار الصكوك والسندات الخضراء، إذ وصل إجمالي سوقها في الإمارات إلى نحو 62.4 مليار درهم خلال السنوات الماضية، وذلك بهدف الاعتماد على مصادر تمويل مؤسسي تسهم في خفض الآثار السالبة على المناخ والبيئة، وتعزيز دور القطاع في تحقيق منظومة متكاملة للتنمية المستدامة، فضلاً عن توفير عوائد مجزية للمستثمرين.

ولفت صالح إلى أن الإصدارات الخضراء الصادرة من دولة الإمارات مثلت في العام الماضي نحو نصف إجمالي السندات والصكوك الخضراء والمستدامة في دول مجلس التعاون الخليجي التي شهدت نمواً كبيراً حيث ارتفعت إلى 8.5 مليار دولار من 15 إصدار مقارنة بـ 605 ملايين دولار من 6 إصدارات في 2021، موضحاً أن هذا النمو الملحوظ جاء رغم تراجع إجمالي قيمة السندات الخضراء في العالم بنسبة 6.8% إلى 487.1 مليار دولار.

وأشار المدير العام لاتّحاد مصارف الإمارات، إلى ان النصف الأول من العام الجاري، شهد معدل نمو الصكوك الخضراء بنحو 50%، فيما من المتوقع أن يتواصل نمو الصكوك والسندات لتلبية نمو الطلب على مشاريع وبرامج الاستدامة.

وقال جمال صالح إن اتحاد مصارف الإمارات يركز على الحلول المستدامة في ظل الإشراف المباشر للمصرف المركزي ومجموعة عمل التمويل المستدام التي يتركز عملها على الإفصاح والحوكمة وإدارة المخاطر والتصنيف فيما يتعلق بمخاطر تغير المناخ. وتنصب مبادراتنا على مساندة وتمكين البنوك الأعضاء في بناء وتطوير الأعمال التنافسية والمستدامة التي تدعم العملاء والمجتمع والاقتصاد.

وأضاف صالح: “لا تقتصر جهودنا في مجال بناء نموذج أعمال مستدام وتنافسي على الجانب البيئي، كما قد يتبادر لأذهان البعض، حيث يشمل دورنا مساعدة وتمكين البنوك الأعضاء في الاتحاد على بناء وتطوير منظومة متكاملة توفر الأسس المتينة لتقديم خدمات مصرفية من أجل دعم العملاء والمجتمع والتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة”.

وأوضح انه ضمن جهود اتحاد مصارف الإمارات لترسيخ دور القطاع المصرفي في مجال الاستدامة وتوفير التمويل الأخضر وصناديق الاستثمار، قام بإنشاء لجنة إشراف رفيعة المستوى للممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات تضم خبراء متخصصين للعمل على تعزيز مبادئ وأطر التمويل الأخضر تحت الإشراف المباشر للمصرف المركزي، الذي يتبنى مبادئ الاستدامة في العمل المصرفي والمالي ويعتبر نموذجاً في تطبيق هذه الأطر في إدارة عملياته، كما يوفر السياسات العاملة التي تضمن التزام القطاع بمعايير الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية.

وذكر صالح أن الاتحاد يعمل بالتنسيق مع الهيئات التنظيمية والإشرافية والرقابية، في ضمان الالتزام بالقواعد والسياسات التي تعزز ممارسات التمويل المستدام، إذ يعتبر دور القطاع المصرفي حيوياً في تحقيق أهداف الاستدامة عبر ابتكار وسائل تمويل المشاريع التي تسهم في تسريع وتعميق التحول إلى الاقتصاد المستدام، ودعم المؤسسات المصرفية والمالية على الكشف عن المعلومات المتعلقة بالإدارة البيئية والاجتماعية والحوكمة ودمج عوامل الاستدامة في عمليات صنع القرار الخاصة بها.

وأكد على أن دولة الإمارات من أولى الدول التي تضع تقارير الاستدامة ضمن الإفصاحات الأساسية والملزمة لشركات المساهمة العامة المدرجة في الأسواق المالية، الأمر الذي يعكس الأهمية التي تمنحها الجهات التنظيمية للاستدامة.

وأشار صالح إلى إبرام شراكة مع هيئة الأوراق المالية والسلع بهدف تعزيز التعاون في تطوير القطاع المالي وترسيخ مكانة الدولة كوجهة جاذبة ورئيسة لإدارة الأصول والثروات بما يتماشى مع تطلعات الإمارات ويضمن النمو المستدام للاقتصاد الوطني، مشيراً إلى ان الشراكة تركز على خلق بيئة مرنة وجاذبة لإنشاء شركات محلية لإدارة الأصول والمساعدة في دعم وتعزيز صناعة صناديق الاستثمار بما في ذلك الصناديق الخضراء والمستدامة.

ولفت صالح إلى أن اتحاد مصارف الإمارات منذ تأسيسه قبل أربعة عقود، يركز على تحقيق الرؤية الاستراتيجية للقيادة في ترسيخ مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة كواحدة من أكثر الاقتصادات تطوراً من خلال تمكين البنوك الأعضاء في تطوير أعمال تنافسية ومستدامة وتبني الممارسات المبتكرة وتنفيذ الحلول الرقمية المتقدمة في القطاع المالي والمصرفي للعب دورها الحيوي في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، ووضع التنمية البشرية والاستدامة والامتثال للقوانين واللوائح المحلية والدولية في صميم جهودنا ومبادراتنا.

وذكر أن الاتحاد يسهم في التعامل مع القضايا الحيوية للبنوك الأعضاء من خلال ابتكار الحلول التي تعزز معايير الحوكمة والأطر القانونية، واعتماد أفضل الممارسات المصرفية، فضلاً عن الارتقاء بالوعي العام حول المساهمات المالية والاقتصادية والاجتماعية للمصارف والمؤسسات العاملة في القطاع، حيث تضمنت استراتيجية الاتحاد لعام الجاري جهوداً مكثفة لتعزيز الاستدامة والتحول الرقمي وتسريع جهود التوطين، الذي يمثل أولوية قصوى لنا، حيث نستهدف توسيع قاعدة المواطنين العاملين في البنوك وشركات التأمين مع وضع خطة تدريب متطورة وبعيدة الأمد لتوفير الظروف الملائمة من أجل تأهيل قيادات المستقبل في القطاع المصرفي والمالي.

وقال المدير العام لاتّحاد مصارف الإمارات، إن الجوانب التي يركز عليها الاتحاد هي تعزيز الأمن السيبراني ورفع مستويات أمن وحماية البنية التحتية الرقمية وزيادة وعي العملاء، كما نحرص على تعزيز الشمول المالي، ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة عبر توفير الخدمات المصرفية لها للقيام بدورها المهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. بالإضافة إلى ذلك، فإن الاتحاد يتعاون مع الشركاء الاستراتيجيين داخل وخارج الدولة لضمان مواكبة الأنظمة والسياسات وأفضل الممارسات وابتكار الحلول الرقمية المتطورة لتطوير القطاع بما يتماشى مع النظم الدولية المتبعة ومع استراتيجيات دولة الإمارات.

وأكد جمال صالح على حرص الاتحاد على الارتقاء بمعايير الممارسات المصرفية وتعزيز الثقة والمصداقية في القطاع المصرفي، الأمر الذي أثمر عن ارتفاع ثقة العملاء في القطاع المصرفي، حيث سجلت المصارف الإماراتية معدل 84% لثقة العملاء في العام 2022 وفقاً لاستبيان مؤشر الثقة السنوي الذي يُجريه الاتحاد، مشيراً إلى أن القطاع يتفوق على المتوسط العالمي لمؤشر الثقة في القطاعات المصرفية عالمياً والذي بلغ 67% لتحلّ دولة الإمارات في المركز الثاني عالمياً، متفوقةً بذلك على عدد من المراكز المالية العالمية المتطورة في مجال الخدمات المالية والمصرفية.

ورداً على سؤال حول خطط اتحاد المصارف لتعزيز دور القطاع المصرفي في دعم الاستدامة والتمويل المناخي.

قال صالح إن البنوك والمؤسسات المالية الأعضاء في اتحاد المصارف تلعب دوراً مهماً في دعم أهداف الاستدامة. ومن أجل تعميق وتسريع التحول إلى الممارسات المستدامة في القطاع المصرفي والمالي، سيركز الاتحاد على دعم المشاريع الخضراء من خلال توفير التمويل وإصدار السندات الخضراء، والعمل على تعزيز الممارسات المستدامة وتبني نمط حياة صديق للبيئة بين العملاء، والشركات الصغيرة والمتوسطة، والموردين، والبائعين. كذلك، سيقوم الاتحاد والبنوك الأعضاء بالعمل على الحد من الانبعاثات وإدارتها بكفاءة والإفصاح عن التأثيرات الناتجة عنها.

واختتم صالح حديثه قائلا: “لا شك أن التطوير الشامل لآليات التمويل المناخي والتنمية المستدامة سيسهم في دعم نشاط التمويل المستدام والإصدارات الخضراء، ونرى أن البنوك الوطنية تمتلك القدرات اللازمة للاستفادة من هذه التحولات المهمة لضمان تنمية مستدامة على الصعيدين المحلي والعالمي”.وام


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: اتحاد مصارف الإمارات البیئیة والاجتماعیة فی القطاع المصرفی التمویل المستدام دولة الإمارات المستدامة فی الأعضاء فی دور القطاع فی العام فی مجال فی دعم إلى أن من أجل

إقرأ أيضاً:

مدير مجمع الشفاء لـعربي21: يجب وقف المجزرة في غزة وإنقاذ المنظومة الصحية

قال مدير مجمع الشفاء الطبي، الدكتور محمد أبو سلمية، إن وضع المنظومة الصحية في قطاع غزة كارثي، ويزداد سوءا وكارثية بعد استئناف العدوان الإسرائيلي وإغلاق المعابر.

وأكد أبو سلمية في مقابلة خاصة مع "عربي21"، أن استمرار إغلاق المعابر ومنع دخول المعدات الطبية والأدوية والسماح للجرحى بالسفر خارج القطاع للعلاج، هو بمثابة حكم إعدام عليهم جميعا.

كما طالب العالم والدول العربية والإسلامية بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي لفتح المعابر والسماح للمرضى والجرحى بالخروج للعلاج خارج قطاع غزة، كذلك السماح بالدخول الطواقم الطبية وما يلزم القطاع الصحي من معدات ومستهلكات طبية.

وأوضح أن الاحتلال يهدف من استهدافه للمستشفيات والكوادر الطبية دفع سكان القطاع لمغادرته والتشرد خارجه، فالمستشفيات هي الأمل الوحيد لهم للبقاء على قيد الحياة.

وتاليا نص الحوار كاملاً:

كيف هو حال القطاع الصحي في غزة في ظل القصف الشديد والمتواصل منذ عودة الحرب؟
الوضع الصحي في قطاع غزة يمر بأسوأ حالاته الآن في ظل غياب كل ما يلزم القطاع الصحي من مستلزمات طبية وأدوية وأجهزة التخدير وغرف العناية المركزة ومع عدم وجود أسرة كافية في المستشفيات والنقص الكبير في أجهزة الاشعة ومحطات الأكسجين.

أيضا منذ ما يقرب من 70 يوما أو أكثر لم يدخل إلى قطاع غزة ولا حبة دواء واحدة، كذلك يأتي الجرحى إلى المستشفيات ويموتوا أمام اعيننا ولا نستطيع تقديم الخدمات الطبية لهم ليس لعجز الأطباء ولكن لعدم وجود الإمكانيات اللازمة، فحتى أبسط الأشياء غير متوفرة الآن في قطاع غزة.


فمثلا المعدات الجراحية اللازمة لتثبيت الكسور غير متوفرة ولذلك نستخدم الأخشاب عوضا عنها، بالتالي القطاع الصحي في قطاع غزة يمر الآن بوضع صعب جداً جداً في ظل غياب أدنى مقومات الحياة الصحية وانهيار كامل المنظومة الصحية هنا.

كذلك هناك أزمة وقود حاليا تعصف بالقطاع الصحي لعدم إدخال الوقود اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية للمستشفيات، وهذا يؤثر على تشغيل محطات الأكسجين وغرف العمليات وأقسام العناية المركزة وغسيل الكلى وحضانات الأطفال الخُدج، لذا زادت نسبة الوفيات في قطاع غزة بشكل كبير بسبب ما ذكرته من نقص في المعدات والمستلزمات الطبية.

كيف يؤثر نقص الكوادر الطبية والمعدات والمستلزمات الطبية على إنقاذ حياة الجرحى والمرضى؟
للأسف نضطر لأن نقوم بالمفاضلة بين الجرحى لإنقاذ أكبر عدد ممكن منهم، ولكننا نخسر الكثير من الجرحى ولا نستطيع تقديم الرعاية الطبية لهم لأن الاحتلال دمر كل مستشفياتنا في قطاع غزة.
فالاحتلال منذ بداية العدوان شن حرب بلا هوادة على المستشفيات، حيث دمر مستشفيات - الرنتيسي، والنصر للأطفال، والعيون، والصحة النفسية، ومجمع الشفاء الطبي وهو الأكبر في قطاع غزة - ، كذلك دمر مستشفيات أبو يوسف النجار، وبيت حانون، والهلال الإماراتي.

والاحتلال لم يكتف بتدمير جميع المستشفيات تقريبا في قطاع غزة، بل أيضا قتل الكثير من الكوادر الطبية وقتل أطباء يُعتبرون من مفاصل العمل الطبي، مثلا الدكتور رأفت لُبد مدير قسم الباطني في مجمع الشفاء.

كذلك قتل الاحتلال الدكتور همام اللوح والذي كان بمثابة العمود الفقري لمشروع زراعة الكلى في قطاع غزة، كما قتل الدكتور محمد دبور والدكتور حسام حمادة الذي يُعد من أهم استشاري علم الأنسجة.

أيضا قتل الاحتلال الدكتور عمر فروانة، وتعمد قتل الكثير من الأطباء، حتى يحرم أهلنا في قطاع غزة من المنظومة الصحية، والتي هي أصلا خرجت عن الخدمة تماماً بعد استشهاد هؤلاء الكوادر الطبية.

كما اعتقل الاحتلال عدد كبير من الكوادر الطبية وما زال أكثر من 300 شخص منهم موجودين داخل السجون الإسرائيلية، منهم الطبيبين حسام أبو صفية، ومحمد أبو عبيد الذي يُعد من الركائز الأساسية في عمليات الكسور.

ومن الأطباء الذين لا زالوا في الأسر الدكتور غسان أبو زُهري وهو من أهم وأفضل الكوادر الطبية في قطاع غزة فهو رئيس قسم العظام في مستشفى ناصر الذي كان يعمل على عمليات زراعة المفاصل، كذلك لا زال الاحتلال يعتقل الدكتور أكرم أبو عودة رئيس قسم العظام في المستشفى الإندونيسي.

لقد قتل الاحتلال الكثير من ركائز العمل الطبي، حيث قتل أكثر من 1400 كادر طبي، منهم الدكتور عدنان البُرش والدكتور إياد الرنتيسي اللذان قتلهما الاحتلال داخل المُعتقلات الإسرائيلية في تحدِ صارخ لكل الأعراف والمواثيق الدولية.

تعمد الاحتلال اعتقال وقتل رموز وكوادر القطاع الطبي في غزة.. من بينهم انت دكتور .. لماذا يلاحق الاحتلال القطاع الطبي رغم أنه جهة مدنية تقدم خدمة إنسانية تحت غطاء القوانين الدولية؟
تعمد الاحتلال إخراج المنظومة الصحية عن الخدمة في قطاع غزة وخصوصا في مدينة غزة وشمال القطاع بشكل كامل تماما، حيث كان لدينا هناك حوالي 2000 سرير في المستشفيات، الآن يوجد فقط حوالي 300 سرير.

أما بالنسبة لغرف العمليات والعناية المركزة، فقد كان لدينا حوالي 50 سرير بينما الآن يوجد 10 أسرة فقط، أيضا كان يوجد أكثر من 100 جهاز لغسيل الكلى الآن يتوفر 30 جهاز فقط، كما كان هناك 100 من حضانات الأطفال لكن الآن لا يوجد في كل مدينة غزة وشمال قطاع غزة سوى 30 حضانة فقط.

وبالتالي هناك خطر حقيقي على هؤلاء المرضى من - الأطفال الخُدج ومرضى غسيل الكلى والمرضى المحتاجين لعمليات جراحية وغرف عناية مركزة -، والاحتلال عندما أراد تدمير المنظومة الصحية كان هدفه إخراج الناس وتشريدهم من شمال القطاع إلى جنوبه.

وذلك لأن المستشفيات هي عامل رئيسي لدعم المواطن الفلسطيني والأمل الذي كان يرتكز عليه، وكان هناك هجمة ممنهجة من الاحتلال، والكل كان يشاهد الهجمة الكبيرة على مجمع الشفاء الطبي.

أيضا الكل شاهد كيف ضخم الإعلام الإسرائيلي مجمع الشفاء وكأنه مجمع يرعى الإرهاب كما يقولون، وثبت بالدليل القاطع عندما خرجنا من السجن بدون أي محاكمة أنه كان فقط يخدم المرضى والجرحى.

وبالتالي كان تدمير المستشفيات هو عنوان من عناوين هذه الحرب، في تحدِ صارخ للقوانين والأعراف الدولية والقانون الدولي الإنساني، وهذا ليس بشهادتنا نحن بل بشهادة كل المنظمات الدولية العاملة في قطاع غزه مثل منظمة الصحة العالمية وأطباء بلا حدود والصليب الأحمر الدولي والأونروا، حيث كلها تحدثت عن أن هناك تدمير ممنهج للمنظومة الصحية في قطاع غزة.

ما نسبة تواجد المنظمات الطبية الدولية في قطاع غزة حاليا مثل منظمة الصحة العالمية وأطباء بلا حدود؟ وهل لديكم تواصل معها؟
طبعا نحن على تواصل تام مع جميع المنظمات الدولية العاملة في قطاع غزة - منظمة الصحة العالمية وأطباء بلا حدود والصليب الأحمر الدولي والأونروا – ولدينا تواصل يومي معهم.

ولكن الاحتلال أيضا يمنع هذه المنظمات من إدخال المواد اللازمة لعملهم، وتحدثت منظمة الصحة العالمية عن أن هناك مئات من الأطنان من الأدوية والمستلزمات الطبية موجودة على المعابر ولا يسمح الاحتلال بدخولها.

كذلك الأمر بالنسبة لأطباء بلا حدود والصليب الأحمر الدولي والأونروا، هم أيضا تحدثوا إلينا بأن هناك مستشفيات ميدانية والكثير من المعدات الطبية والأدوية ما زالت على المعابر ولكن الاحتلال لا يسمح بدخولها.

أيضا في تحدِ أخر يمنع الاحتلال دخول الطواقم الطبية التي يتم التنسيق لها عبر منظمة الصحة العالمية سواء القادمة من أوروبا أو أمريكا أو من الدول العربية، والذين كانوا يأتون إلى قطاع غزة لمساعدة الأطباء في علاج الجرحى.

لكن منذ استئناف الحرب على قطاع غزة يمنع الاحتلال هذه الوفود من الدخول إلى القطاع، ويحدث هذا في ظل النقص الكبير في الكوادر الطبية، والتي كانت طوال 18 شهراً تعمل دون كلل أو ملل رغم أن لديهم الكثير من المشاكل وهموم هذا البلد كما بقية أبناء شعبنا.

فالطواقم الطبية الآن تقريبا استهلكت واستنفذت كل قواها لكنها ما زالت تعمل ولا زالت باقية مع أهلنا وشعبنا تقوم بإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الجرحى، ومنهم ما كان يستقبل وهو على رأس عمله أحد أفراد أسرتها أو كلها شهداء، وبالتأكيد هذا يؤثر على نفسيتهم، ولكن مع ذلك طواقمنا الطبية ما زالت تُقدم كل ما لديها حتى تُنقذ حياة أهلنا في قطاع غزة.

كم عدد الجرحى والمرضى الذين هم بحاجة للعلاج خارج غزة؟
لدينا أكثر من 14 ألف مريض وجريح بحاجة إلى العلاج بالخارج، منهم جرحى العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ومرضى – السرطان، والقلب، والفشل الكلوي، ومرضى الدم، والأعصاب – كلهم بحاجة إلى إخلاء طبي عاجل حتى نتمكن من علاجهم خارج القطاع بسبب عدم وجود أي إمكانيات لعلاجهم هنا.

ولكن للأسف المعابر مغلقة وبالتالي لم يخرج منهم أحد، ويوميا يستشهد العشرات من هؤلاء المرضى وهم ينتظروا العلاج اللازم والدواء، خاصة مرضى السرطان الذين لا يتوفر لهم العلاج الكيمياوي في قطاع غزة.

كذلك الجرحى الذين يحتاجون لعمليات متقدمة في جراحة المخ والأعصاب وجراحة الأوعية الدموية وترميم العظام، هؤلاء كلهم يعانون الآن، فمنهم من يستشهد ومنهم من يلتهب جروحه ومن أصبح عاجزاً غير قادر على التحرك، ومنهم أيضا من أصيب بالشلل نتيجة لعدم القدرة على إخراجهم خارج القطاع لتلقي الرعاية الطبية.

وبشكل عام المنظومة الصحية تعيش الآن أيام صعبة جداً جداُ، فبالإضافة للمرضى والجرحى هناك أيضا الأطفال الراقدين على أسرة مجمع الشفاء والذين يعانون من سوء التغذية، ونحن نقدم لهم المحاليل اللازمة لهم في ظل عدم وجود التغذية اللازمة لهم.


وهذه المشاهد التي نراها من سوء تغذية عند الأطفال الذين أصبحوا عبارة عن جلد على عظم لم نراها ولم نعهدها في قطاع غزة منذ سنوات كثيرة، يعني انا على مدار 25 سنة من العمل في القطاع الصحي لم أرى من هذه المشاهد من سوء التغذية عند الأطفال وحتى كبار السن أيضا.

ولا يقتصر سوء التغذية على الأطفال بل أيضا النساء الحوامل يعانين مثلهم، فلدينا 50 ألف امرأة حامل يعانين من سوء التغذية، بل حتى الاجنة الذين يولدوا الآن يكون لديهم بعض التشوهات الخلقية أو يولدوا قبل موعدهم وهذا يدل على أن الاحتلال يستخدم أسلحة مُحرمة دوليا لم نعهدها من قبل.

ومن التشوهات التي نراها عند المواليد حديثا والتي أصبح حجمها كبير، مثلا عدم وجود الرأس وهناك من يُولد ليس له أطراف ومن لديه مشاكل في القلب أو البطن، بالتالي نحن أمام كارثة صحية حقيقية.

أخيرا، ما المخاوف لديكم حال استمر الحصار وإغلاق المعابر؟ وماذا تقول للعالم أجمع؟
إذا لم يُدخل الاحتلال خلال أيام قليلة المستهلكات الطبية والأدوية والوقود سنكون أمام حالة كارثية بالفعل، نحن الآن أصلا في حالة كارثية ولكنها ستزداد كارثية وسوء وسيكون هناك أعداد من المرضى والجرحى يموتون أمام أعيننا ولا نستطيع تقديم الرعاية الطبية لهم.

نحن الآن في وضع مأساوي لم نعهده من قبل على مدار هذه الحرب المجنونة حرب الإبادة على قطاع غزة، فبالتالي الآن مرضانا وجرحانا هم على المحك وهم يموتون يومياً ولا نستطيع تقديم ما يلزم لهم.

وفي حال لم يدخل الوقود ستتوقف المستشفيات وستكون عبارة عن مقابر جماعية، لأنها لا يمكن أن تعمل بدون كهرباء، - العناية المركزة وغسيل الكلى والحضانات وغرف العمليات الجراحية وأجهزة الاشعة، والمختبر وبنك الدم - كل هذه الأقسام لا يمكن أن تعمل بدون كهرباء، وبالتالي سنكون أمام حالة كارثية تماماً وسيكون لدينا أرقام غير مسبوقة من الشهداء والجرحى.

لذا نُطالب العالم الحر ودولنا العربية والإسلامية إن بقي في هذا العالم من الأحرار أن يضغطوا على الاحتلال لفتح المعابر وإدخال المستهلكات الطبية والأدوية إلى قطاع غزة، كذلك إدخال المستشفيات الميدانية والطواقم الطبية في أسرع وقت ممكن، والأهم من هذا كله وقف هذه المقتلة والمجزرة التي امتدت وطالت على أبناء شعبنا.

مقالات مشابهة

  • تحذير إسباني من خطورة الوضع في غزة وإدانة لتصاعد وتيرة العدوان
  • مجلة إسرائيلية: تدمير مباني غزة يهدف إلى جعل القطاع غير صالح للعيش
  • مجلس الصحوة الثوري: الإعتداءات المؤسفة التي نفذتها الإمارات على بورتسودان
  • مدير زراعة حمص يطلع على احتياجات القطاع الزراعي في تدمر
  • مدير مجمع الشفاء لـعربي21: يجب وقف المجزرة في غزة وإنقاذ المنظومة الصحية
  • انتخاب ممثل الإمارات نائباً لرئيس لجنة المناخ والبيئة لـ «الإيكاو»
  • مدير عام الجوازات المكلّف يتفقّد أعمال مراكز اللجان الإدارية الموسمية بمداخل العاصمة المقدسة
  • وزير الزراعة: نتوقع إنتاج 10 ملايين طن قمح هذا العام
  • ما هي الملفات التي تناولتها محادثات ترامب في الإمارات؟
  • أخبار العالم| عشرات الشهداء والمصابين في قصف الاحتلال شمال غزة.. قلق إسرائيلي من تسارع المحادثات النووية بين أمريكا وإيران.. وبن زايد: أجريت مباحثات مثمرة مع ترامب