عدن الغد:
2025-07-03@12:14:02 GMT

شيء من الماضي (اقصوصة)

تاريخ النشر: 16th, December 2023 GMT

شيء من الماضي (اقصوصة)

بقلم / عصام مريسي

حان وقت الإفطار  بعد أن قام بتجهيز مائدته المتواضعة صحن من قلابة الفاصوليا  و قوالب الروتي  ( الخبز المصنوع من الدقيق الابيض الخالص)  وعلى غير عادة أهل الحي يقبع في بيته المكون من مخزن  ( غرفة النوم والمعيشة)  والدارة  ( غرفة مفتوحة تناسب المعيشة صيفا)
طاولة خشبية مهترئة يلتف حولها كرسيان  قديمان من الخشب المنحوت  كان قد احضرهما عند عودته من البلد الاوربي الشرقي حيث كان مبعوث هناك يدرس الطب ؛  بعد أن ارتدى قميصه البني القاتم و قف أمام المرآة يمشط شعره الاسود حيث تغازله بعض الشعيرات البيضاء يخط على رأسه  فرقة تقسم رأسه إلى نصفين يتجه نحو طاولة طعامه يسحب كرسيه الذي يحدث صريرا اعتاد سماعه وبه يكسر حاجز الصمت الرهيب يفتح دفتي النافذة المصنوعاتان من الخشب الاحمر فيدخل بصيص ضوء ويرتسم ظل الطاولة على الجانب الآخر من الغرفة  ويبعث دبيب الشارع حالة من الانتعاش في نفسه تمر الشابة التي كلما رأها ذكرته بفتاة أحلامه التي تركها وقطع كل التواصل معها بعد ابتعاثه للدراسة ولم يعد إلاو هي ذات عيال وبصوت أنثوي ما زال تخالطه نبرات الطفولة:
صباح الخير ياعم
وبتصرف غير ارادي يضع أطراف أنامله السمراء على خصلات الشعر الابيض في رأسه يتحسسها.


يجلس على طاولة طعامه التي ينفرد بها في الحي بل في مدينته الصغيرة حيث يجلس الناس على حصيرة على الأرض يلتفون حول سلقة (  مائدة مصنوعة من سعف النخيل)  يغمسون كسر الخبز في طبق الفاصولياء المقلوبة ( إدام من مطبوخ الفاصولياء مع بعض الخضار ورشة من البهارات  والسمن أو زيت السمسم )  يمد يده إلى الشوكة يحاول أن يلتقط حبات الفاصولياء التي تنزلق بعيدا فيحاول تتبعها بيده يلتقطها ويضعها في فمه ؛
فإذا به  يمد يده نحو اطباق اللحم المطبوخ بالاجبان فيمد يده نحو فم صديقته ومن حولهم كؤوس المشروب الذي كان سببا في عودته وقطع رحلة الابتعاث  والصالة تعج بالراقصين والراقصات ونساء كاسيات عاريات  ؛
فينصرف الجميع نحو أعمالهم ودراستهم وهو ما زال غارق في سكره وتعديه على نفسه حتى يحضر الناذل ويطلب منه المغادرة ؛ 
عليك المغادرة ٠٠٠ سنغلق الحان
يحاول القيام وهو يتخبط يمنة ويسرة يحاول أن يستند على الطاولات حتى يصل نحو بوابة الحانة ويغادر ' يختلف المذاق فالذي في فمه فاصولياء وليس شرائح اللحم المقدد ينكس رأسه  يقلب بصره هنا وهناك فلا يرى إلا اثاثا قديمة أحضرها عند عودته  يحتسي رشفات من كوب الشاي الذي أعده بالسكر الزيادة  يضع الكوب على الطاولة بأناة ويتبادر إلى مسمعة رنين أقداح المشروب الذي اعتاد احتسائة طيلة يومه في بلد الابتعاث وهي تصدر اصوات تحدث ضوضاء تهز الحانة وتبعث فيها حالة من الصخب تعزل المرتداين عن الصواب وتغرقهم في الغياب عن الواقع وتغمسهم  في ظلمات المجهول. ينهض نحو شماعة الملابس المثبتة على أحد الجدران يضع القبعة الكحلية على رأسه ليخفي صلع قد بدأ يظهر في مؤخرة رأسه ويلقي نظرة أخيرة على هندامه ينحي يمسح مقدمة حذائه  يتجه نحو الباب يفتح دفة الباب الخشبي القديم فيملأ  الغرفة صريرا يلتفت عله قد نسي  شيء  يقدم أحد ساقيه خارجا يتابع يغلق الباب بقفل حديدي قديم كان قد اشتراه أبوه فيتذكر ما قاله له قبل أن يسافر للابتعاث :
ولدي إياك أن تغرق في جديد تلك البلاد وتنسى أو تتناسى ماضيك ، فالإنسان بماضيه وحاضره يصنع المستقبل.
خطوات إلى الامام خارج باب منزله ثم يلتف مرة أخرى نحو الباب يخرج من جاكيث كان يرتديه  المفتاح الوحيد فيفتح القفل وينطلق مسرعا باتجاه أحد أطراف الغرفة حيث تقبع سحارة خشبية قديمة (صندوق خشبي تحفظ فيه الملابس والأشياء الثمينة)  كان لوالديه لم يقترب منه لأكثر من عشرين سنة يمد كلتا يديه يمسح الغبار عن غطاء الصندوق يفتحه فيتراءى له كل الماضي أمه تعد طعام الفطور على مراكيب الصعد( موقد خشبي) خبز البر الاحمر ودلة الشاي الممزوج بالحليب وطبق الفاصولياء المقلوبة بمهارة أمه المميز وأبوه يجلس في أحد أركان المنزل بيده مسبحة مصنوعة من حبات العود الهندي عبق رائحتها يملأ المكان  وهو يرتل آيات من القرآن الكريم متكىء على جدار الغرفة المصنوع من الطين المبيض بالنورة ( الجير الابيض)  .
يمد يده صوب الصندوق يلتقط مسبحة والده  وكوفيته( مغفر للرأس مصنوع من الصوف والكتان المطرز) وفي الجانب الآخر من   الصندوق عقد من الكهرب بألوانه الزنجالي ( اخضر مائل نحو الزرقة) يتحسسها حبة حبة ثم يقربها نحو وجهه ليشم عبق أمه المميز وفي أنحاء الصندوق أغصان من عيدان الريحان يابسة كان يضعها والده على رأسه مشقر بعد أن يلف عمامته حول الكوفية .
وفي أحد أركان السحارة مأزر لوالده كان يرتديه لصلاة يوم الجمعة يتناوله ويحاول ارتدائه فلم يرتدي مأزر لزمن طويل فاعتاد اللباس الاوربي وكأنه لم يعد بعد من ذلك البلد الاوربي الشرقي
يضع الكوفية ويلف حولها العمامة ثم يغادر الغرفة .. تتجه صوبه الأنظار ويهمس بعض أهل الحي :
كم هذا الغريب الذي خرج من بيت البولندي هكذا كان يكنيه أهل الحي البولندي.. ينطلق صوت أخر:
إنه البولندي بعينه
عجوز تقف على إحدى نواصي الشارع تبيع بعض المكسرات والحلوى: 
كأنه والده 
وهو يسير غير أبه لما يلحظ من نظرات التعجب والاستغراب وربما بعض الكلمات والعبارات كانت تروق له فيزداد بها اعجاب وزهو وهو يرفع كفه ويلقي التحية عن يمينه وشماله لكل من يقع عليه بصره
عصام مريسي

المصدر: عدن الغد

إقرأ أيضاً:

حظر استيراد السلع في مناطق الحوثي يهدد الاقتصاد اليمني بالشلل

في خطوة تصعيدية جديدة، تواصل مليشيات الحوثي فرض إجراءات صارمة تهدد الاقتصاد اليمني، تمثلت مؤخرًا في إصدار قرار يقضي بحظر شامل على استيراد مجموعة واسعة من السلع والبضائع اعتبارًا من أغسطس المقبل، وذلك بزعم "حماية المنتج المحلي وتعزيز الصناعات الوطنية".

غير أن هذه الخطوة، وفق خبراء واقتصاديين، لا تعكس أي رؤية استراتيجية للتوطين أو التنمية، بل تعد محاولة لفرض مزيد من السيطرة على السوق والاقتصاد، بما يضر بالمواطن والتاجر على حد سواء.

مليشيات الحوثي تكرّس "دولة الجبايات": ضرائب غير قانونية تُجهز على الاقتصاد اليمني وتضاعف معاناة المواطنين تساؤلات مشروعة.. العقيد وضاح الدبيش يوضح لـ "الفجر"..هل كان الحوثي يجهل تبعات استهداف السفن الأمريكية؟ الغرفة التجارية ترفض القرار وتصفه بالخنق الاقتصادي

وعلى خلفية هذا القرار، أعلنت الغرفة التجارية الصناعية بأمانة العاصمة صنعاء رفضها القاطع لقرار مليشيات الحوثي، واصفة إياه بأنه "يمثل خنقًا للاقتصاد الوطني، ويفرض قيودًا تعسفية على التجارة".

وأكد بيان الغرفة أن هذا القرار لا يراعي طبيعة السوق المحلي ولا إمكانياته الإنتاجية المحدودة، كما سيؤدي – في حال تطبيقه – إلى هروب رؤوس الأموال، وركود حاد في النشاط التجاري، وارتفاع جنوني في أسعار السلع، مما يضاعف الأعباء المعيشية على المواطنين.

اتهامات بالاحتكار وتعطيل المنافسة

البيان ذاته حذر من أن القرار الحوثي يفتح الباب أمام الاحتكار والتلاعب في السوق، ويقضي على مبدأ المنافسة العادلة. كما اعتبرت الغرفة أن الحظر أشبه بـ "البيع الغرري"، ومخالف صريح للقانون من حيث منعه أو تقييده لحصص السلع الأساسية.

وشددت الغرفة التجارية على أنها ترفض السياسات العشوائية التي تضر بالاقتصاد، وتؤكد تمسكها بالدفاع عن حقوق المواطنين والتجار التي كفلها الشرع والدستور، داعية إلى مراجعة القرار فورًا.

حظر واسع النطاق يطال سلعًا أساسية

وشمل القرار الحوثي، الصادر عن وزارات المالية والاقتصاد والصناعة في حكومتهم غير المعترف بها، حظر استيراد سلع مهمة مثل الألبان، والعصائر الصناعية، والمناديل الورقية، إلى جانب تقييد استيراد سلع أخرى كالسكر المكرّر، ومعجون الطماطم، والبقوليات المعلبة، وحفاضات الأطفال، والسيراميك، وأكياس التعبئة.

ورغم ادعاء الحوثيين أن الحظر يستهدف حماية الإنتاج المحلي، إلا أن السوق المحلي – حسب الغرفة التجارية – يفتقر إلى القدرة الإنتاجية والتنافسية لسد هذه الفجوة، مما يهدد بأزمة توريد خانقة وارتفاع إضافي في أسعار المواد الأساسية.

دعوات للحوار وتفادي الانهيار الاقتصادي

ودعت الغرفة التجارية الجهات الحوثية إلى مراجعة القرار بشكل عاجل، والانخراط في حوار موسع مع القطاع الخاص لتفادي الانهيار الاقتصادي المحتمل، مشددة على أهمية إشراك أصحاب المصلحة في اتخاذ القرارات الاقتصادية الحساسة.

ويبدو أن استمرار هذه السياسات قد يؤدي إلى تداعيات كارثية، ليس فقط على الاقتصاد، بل على الأمن الغذائي والمعيشي للمواطن اليمني، الذي يدفع الثمن الأكبر في ظل استمرار الصراع وتضييق الخناق الاقتصادي.

اليمن في مفترق طرق: مبادرات أممية وأزمة تمويل تهدد ملايين المدنيين تراجع التمويل الدولي يفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن: 90 مليار دولار خسائر و6 ملايين مهددون بالجوع

مقالات مشابهة

  • حظر استيراد السلع في مناطق الحوثي يهدد الاقتصاد اليمني بالشلل
  • انهيار أسرة أحمد عامر في جنازته الشعبية بمسقط رأسه بسمنود.. صور
  • القطاع الصناعي الأردني يحقق نمو 3.8% وينتظر قفزات مستقبلية
  • غرفة الإسكندرية تبحث التعاون مع سوق الجملة في برشلونة لتبادل الخبرات
  • غرفة الإسكندرية تبحث تعزيز التعاون التجاري مع سوق ميركابارنا في برشلونة
  • تفاصيل الـ72 ساعة الأخيرة في حياة أحمد عامر.. محبوه يودعونه من مسجد الحريري بسمنود ..صور
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (الصورة…. ٢)
  • العراق أكبر مصدر للنفط إلى أمريكا خلال أيار الماضي
  • «شمس» تضيء فضاء الإبداع عبر غرفة «البودكاست» أمام المواهب
  • جمال عارف لإدارة الاتحاد: لا تناموا على وسادة الموسم الماضي