استفتاء دستوري في تشاد تمهيدا لعودة المدنيين إلى السلطة
تاريخ النشر: 17th, December 2023 GMT
بدأ التشاديون، الأحد، التصويت في استفتاء على دستور جديد من المفترض أن يمهّد الطريق أمام إجراء انتخابات وعودة المدنيين إلى السلطة، وهو ما كان وعد به المجلس العسكري قبل عامين ونصف العام لكن تمّ تأجيله حتى نهاية 2024.
ودعا جزء كبير من المعارضة ومنظمات المجتمع المدني إلى مقاطعة الاستفتاء، معتبرا أنه يهدف إلى التحضير لانتخاب الرئيس الانتقالي الحالي الجنرال محمد إدريس ديبي إيتنو، وإدامة "سلالة" والده في السلطة، بعدما كان قد وصل إلى الحكم قبل 33 عاماً عبر انقلاب.
مع ذلك، فإن الموافقة على الدستور الجديد تبدو الأكثر ترجيحاً بعدما قادت السلطات العسكرية حملة استخدمت فيها الكثير من الأموال وتمكّنت من خلالها من إضعاف المقاطعة. كما أن الدستور الجديد نال دعم أحد المعارضين الرئيسيين وهو سوكسيه ماسرا الذي دعا إلى التصويت بـ"نعم"، في مواجهة معارضة منقسمة تعاني القمع منذ أكثر من عام.
في نجامينا، تغطّي الملصقات الجدران، مع عبارة "نعم" للدستور بهدف "دولة موحدة ولا مركزية".
ويعتبر البعض أنّ هذه الدولة لن تختلف كثيراً عن تلك التي ألغتها المؤسسة العسكرية في العام 2021، بعدما كرّست نظاماً يكون فيه رئيس الدولة مركز السلطة.
من جهة أخرى، يميل جزء من المعارضة الذي ينادي برفض الدستور، إلى الفدرالية. غير أنّ المعسكر المؤيد للدستور الجديد يؤكد أنّ مركزية الدولة هي السبيل الوحيد للحفاظ على الوحدة، بينما تعمّق الفدرالية "الانفصالية" و"الفوضى".
ومن المتوقع صدور النتائج الرسمية غير النهائية في 24 كانون الأول/ ديسمبر، على أن تصدّق عليها المحكمة العليا في الـ28 منه.
"سلالة ديبي"
في 20 نيسان/ أبريل 2021، عيّن الجيش محمد ديبي إيتنو (37 عاماً) على رأس مجلس عسكري مكوّن من 15 ضابطاً، بعد وفاة والده إدريس ديبي إيتنو الذي قُتل على يد متمرّدين وهو في طريقه إلى الجبهة.
وحكم هذا الأخير الدولة الواقعة في وسط أفريقيا، والتي تعد ثاني أقل البلدان نمواً في العالم وفقاً للأمم المتحدة، بقبضة من حديد لأكثر من 30 عاماً.
ووعد الجنرال الشاب بإجراء انتخابات بعد فترة انتقالية مدتها 18 شهراً، كما أنه تعهّد أمام الاتحاد الأفريقي بعدم الترشّح. لكن مع انقضاء هذه الفترة، فإن نظامه مدّد المرحلة الانتقالية إلى عامين وأَذن له بالترشح في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها أواخر الـ2024.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية استفتاء دستور العسكري عسكر دستور استفتاء تشاد سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
اليمن بعد 35 عاماً على الوحدة…دولة غائبة ومشاريع تتنازع الجغرافيا
يمن مونيتور/وحدة التقارير/خاص
في الذكرى الخامسة والثلاثين لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية، يعود هذا الحدث الوطني الكبير في ظل مشهد سياسي واجتماعي متصدّع، ودولة غائبة، وسلطة متنازعة بين قوى تتقاسم الجغرافيا، وتتعارض مشاريعها مع جوهر الوحدة ومضمونها.
فرغم أن 22 مايو 1990 مثّل محطة مفصلية في تاريخ اليمن الحديث، أنهت عقوداً من التشطير والصراع، فإن واقع اليوم يشي بانقلاب تدريجي على ذلك المنجز، من خلال ضعف القرار السيادي، وتفكك مؤسسات الدولة، وصعود كيانات مسلحة تتعامل مع الجغرافيا كغنيمة، ومع الوحدة كعقبة أمام طموحاتها السياسية.
فقد بات المشروع الوحدوي يواجه أعنف اختبار منذ تأسيسه، ليس بفعل الحرب والانقسام فحسب، بل نتيجة غياب القيادة القادرة على حماية هذا المنجز، وتحوّل السلطة إلى كيان هش تتقاسمه قوى متنافرة، كلٌ يعمل لمصلحته الخاصة أو لمصلحة داعميه الإقليميين.
ورغم ما تحمله هذه المناسبة من رمزية وطنية عالية، فإنها تأتي هذا العام في ظل واقع مأزوم تتعمق فيه الأزمات الإنسانية والمعيشية، وتُطوى فيه يوميات اليمنيين تحت وطأة الحرب والتمزق الجغرافي، وانهيار الخدمات، وتدهور العملة، وانقطاع الرواتب، وتفاقم الأزمات الأساسية مثل الكهرباء والرعاية الصحية. إلا أن كثيرين يرون أن ركائز المشروع الوطني الوحدوي لا تزال صامدة في وجه هذه التحديات، باعتبارها من الثوابت التي تشكلت في الوعي العام كمنجز تاريخي لا يمكن التفريط به بسهولة.
تقاسم السلطة عطّل الدولة
يرى الكاتب والمحلل السياسي ضيف الله شمسان أن الحرب في اليمن لم تُنتج دولة أو حتى مشروعاً وطنياً، بقدر ما عمّقت نزعات الاستحواذ السياسي والعسكري على الجغرافيا، ورسخت واقعاً شاذاً تقاسمت فيه المكونات المسلحة – بدعم خارجي – السلطة والنفوذ على حساب الدولة المركزية ومشروعها الوطني.
وفي حديثه لـ”يمن مونيتور”، يوضح شمسان أن ضعف القرار المركزي وتآكل مؤسسات الدولة أفسح المجال أمام تغوّل النزعات الانفصالية، خصوصاً حين تجد هذه النزعات حواضن إقليمية تمولها وتمنحها شرعية موازية. ويضيف أن هذا الواقع أنتج مشهداً سياسياً مشوهاً، تعددت فيه المكونات السياسية والعسكرية، واحتكرت فيه جماعات مسلحة مواقع النفوذ دون أن تنضوي تحت مظلة الدولة.
وأشار إلى أن أخطر ما في الأمر هو أن هذه المكونات المسلحة، التي يفترض أنها خارجة عن مؤسسات الدولة، أصبحت جزءاً من هرم السلطة نفسه، كما هو حال المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يتزعمه عيدروس الزبيدي – وهو في الوقت ذاته عضو في مجلس القيادة الرئاسي، ما يعكس ازدواجية خطيرة بين الانتماء للوحدة وممارسة الانفصال.
ويضيف شمسان أن تركيبة المجلس الرئاسي بحد ذاتها تمثل امتداداً لحالة التشظي، إذ يتكوّن – حسب وصفه – من “ثمانية رؤوس متخاصمة متصالحة مع الفساد والتبعية والمحاصصة”، ولا تمتلك القدرة أو الإرادة لردع المليشيات، ما سمح للمجلس الانتقالي بالمضي قدماً في خطواته الانفصالية دون أي رادع فعلي من الحكومة التي يفترض أنه جزء منها.
ويؤكد شمسان أن الذكرى الخامسة والثلاثين للوحدة اليمنية تحل في وقت تعيش فيه البلاد غياباً كاملاً لمؤسسات الدولة، يقابله حضور طاغٍ للمليشيات في الشمال والجنوب، في ظل تراجع مخيف في مؤشرات التنمية وتفشي الفساد المالي والإداري، مستشهداً باستمرار تواجد كبار المسؤولين خارج البلاد، وتلقيهم رواتب ومزايا بالدولار، ما يجعل من العودة إلى الداخل خياراً غير مُحفّز.
تقويض الوحدة
يرى الباحث التاريخي والمحلل السياسي مختار هاشم أن الصراع الداخلي بين أعضاء مجلس القيادة الرئاسي لا يمثل فقط خللاً في بنية السلطة، بل يُعد تهديداً مباشراً لخيار بقاء اليمن موحداً، من خلال إضعاف مركز القرار وتكريس واقع التقاسم المناطقي والجغرافي بين القوى المسلحة، كلٌّ بحسب ولائه الخارجي أو مشروعه الخاص.
وفي سياق تحليله للمشهد، يؤكد هاشم أن “المجلس الرئاسي بتركيبته الحالية ليس فقط عاجزاً عن الدفاع عن الوحدة، بل يتحول – من حيث يدري أو لا يدري – إلى منصة لإدارة الانقسام وتمكين الأطراف الانفصالية من التمدد تحت مظلة شرعية معطّلة”. ويضيف: “الصراع بين أعضاء المجلس لا يدور حول بناء الدولة، بل على النفوذ والتمثيل والمكاسب، وهو ما ينعكس سلباً على صورة الدولة اليمنية الموحدة أمام الداخل والخارج”.
ويشير إلى أن الانقسامات داخل المجلس تسهم بشكل مباشر في إضعاف مؤسسات الدولة، وتمنح المكونات الانفصالية – وعلى رأسها المجلس الانتقالي الجنوبي – فرصة تعزيز مشروعها، مستغلةً غياب الردع وازدواجية الخطاب داخل الشرعية نفسها.
ويقول هاشم: “حين يكون رئيس المجلس الرئاسي عاجزاً عن فرض الانضباط البروتوكولي في مهمة رسمية، كما حدث في قمة العراق، ويظهر نوابه كمتزاحمين على مشهد لا يحترم هيبة الدولة، فماذا يتبقى من صورة الوحدة؟ الوحدة ليست شعاراً يُردد في المناسبات، بل قرار سياسي وسيادي لا يقبل التنازع”.
ويختم بالتحذير من أن استمرار هذا النموذج الهش من القيادة “سيحوّل الدولة إلى مجرد غطاء لسلطات أمر واقع تتقاسم الجغرافيا، ويجعل من الوحدة مجرد ذكرى يحتفل بها البعض، فيما يتم تفكيكها عملياً بنداً بنداً، ومن داخل السلطة ذاتها.
تكريس الانفصال تحت غطاء الشرعية
يحذر الصحفي اليمني مصعب عفيف، في تصريحات خاصة لموقع “يمن مونيتور”, من خطورة الدور الذي يلعبه المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، على مستقبل الوحدة اليمنية، مؤكداً أن ما يقوم به المجلس لا يخرج عن إطار مشروع ممنهج لتفكيك البلاد وتمزيق نسيجها الوطني.
وقال عفيف: “الانتقالي الجنوبي لا يؤمن بالدولة اليمنية ولا بمشروعها الوطني، بل يتحرك وفق أجندة خارجية واضحة، تموله وتوجهه أبو ظبي، ويستغل غطاء مشاركته في مجلس القيادة الرئاسي لفرض واقع انفصالي على الأرض، مستفيداً من الفراغ السياسي وتشتت القرار داخل الشرعية”.
وأضاف: “المشكلة ليست فقط في طموح الانتقالي إلى الانفصال، بل في أن سلوكه اليومي يعكس مشروعاً عدائياً تجاه فكرة الدولة الواحدة، فهو يدير المناطق التي يسيطر عليها ككيان مستقل، بقوات مسلحة وهيئات إدارية لا تخضع للحكومة، بل ترفضها صراحةً”.
وأشار عفيف إلى أن تمكين الانتقالي من مؤسسات الدولة، ومنحه غطاءً رسمياً عبر عضويته في المجلس الرئاسي، هو “كارثة سياسية”، لأنه – حسب قوله – “يساهم في شرعنة مشروعه، ويمنحه القدرة على التحرك إقليمياً ودولياً كطرف يمثل الجنوب، لا كجزء من الدولة اليمنية”.
وتابع: “أخطر ما في الأمر أن بعض الأطراف الإقليمية، وعلى رأسها الإمارات، تدفع بهذا المشروع إلى الأمام، ضمن ترتيبات سياسية وعسكرية تهدف إلى تقويض وحدة اليمن، والتحكم بموانئه ومنافذه الحيوية، وكل ذلك يتم في ظل صمت مطبق من المجلس الرئاسي، أو تواطؤ غير مباشر”.
وختم عفيف بالقول: “الوحدة اليمنية اليوم لا تواجه تهديداً من ميليشيات الحوثي فقط، بل من أطراف داخل الشرعية نفسها، وعلى رأسها المجلس الانتقالي، الذي يتعامل مع الجنوب كدولة قائمة، ويحاول فرض أمر واقع انفصالي ستكون كلفته باهظة على اليمنيين جميعاً”.
وحدة اليمن تتجاوز نزعات الانفصال
رغم احتدام الصراع في اليمن، وتعدّد مراكز النفوذ العسكرية والسياسية، لا يزال مشروع دولة الوحدة يُمثّل المصير المشترك لليمنيين، شمالاً وجنوباً، باعتباره الضمانة الوحيدة للاستقرار وإعادة بناء الدولة. وبرغم محاولات التشظي، تؤكد مؤشرات الواقع أن أي طرف محلي لا يستطيع، منفرداً، فرض مشروع انفصالي أو حكم جغرافي منعزل، في ظل ترابط القضايا وتشابك المصالح بين أبناء الوطن الواحد.
ويؤكد عدد من الناشطين السياسيين في حديثهم لموقع “يمن مونيتور” أن مصير الشعب اليمني يظل واحداً، وأن وحدة البلاد تبقى الخيار الأوحد الذي يتوافق عليه الجميع، رغم تعقيدات المشهد. وقالوا إن المليشيات التي تتحكم بالجغرافيا لا تمثل مشروعاً وطنياً، بل تسعى إلى تمزيق البلاد، لكنها، برأيهم، لن تنجح، “فالأمر مسألة وقت، وستزول جميعها”، بحسب تعبيرهم.
ويرى هؤلاء الناشطون أن الحرب دمّرت معظم منجزات ما قبلها، لكنها في المقابل خلقت وعياً جديداً لدى اليمنيين بحقيقة مصيرهم المشترك، فالجميع – في الجنوب كما في الشمال – يتجرّع مرارة الانهيار الاقتصادي وتردي الخدمات وتفاقم الفساد، ما عزّز الشعور بأن الانقسام لا يولّد إلا المزيد من المعاناة والشتات.
وتشير قراءات الواقع إلى أن نزعات الانفصال، رغم صخبها السياسي والإعلامي، بدأت تتراجع تدريجياً، خاصة بعد فشل المكونات الانفصالية في تقديم نموذج بديل قادر على إدارة مناطق سيطرتها، ناهيك عن تزايد السخط الشعبي نتيجة تدهور الأوضاع وغياب الأمن والخدمات الأساسية.
الباحث في التاريخ محمد عبد العزيز جابر، يقول لـ”يمن مونيتور” إن “كل قضايانا نحن اليمنيين متداخلة ومترابطة، لا الانتقالي قادر على الانفصال، ولا الحوثي يستطيع فرض دولته”. ويضيف: “بعد سنوات من الصراع، لم يتحقق شيء سوى الفشل والانقسام والفساد, والحل الوحيد هو العودة إلى مشروع دولة الوحدة، كإطار جامع يعيد بناء اليمن بقيادة وطنية مستقلة”.
في ظل هذه الرؤية، يتجدد الحديث عن أن بقاء اليمن موحّداً ليس فقط خياراً سياسياً، بل هو ضرورة وطنية تفرضها الجغرافيا والمجتمع والتاريخ، وأن تجاوز المحنة الراهنة يتطلب قيادة حقيقية تضع الوطن فوق الحسابات الفئوية والإقليمية، وتعيد صياغة المشروع الوطني على أسس العدالة والشراكة.