علي جمعة: الإسلام فيه تصورات عقائدية تجعل الإنسان مطالبا بالمحافظة على بيئته
تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، إن الله عز وجل نصب الإنسان حارسا وخليفة في الكون، وجعله مهيمنا على ما فيه من منافع وتسخيرات حتى يظل سيدا وخليفة فلا يُحْتَكَمُ عليه من غير جنسه، وهي مسؤولية يحاسب عليها في الآخرة، ويجازى بمقتضى فعله فيها إن خيرا وصلاحا فخير وإن شرا وفسادا فشر.
وأوضح أن إعمار الكون والمحافظة على البيئة عملية تقوم على بعدين: البعد الأول يتعلق بالتصورات العقائدية التي ترسم العلاقات بين الإنسان والكون والإله، والبعد الثاني يتعلق بالتصورات الفقهية التي تصدر عنها الأحكام الشرعية وتنظم العلاقات بين الإنسان والكون وبين الإنسان والخالق.
وأشار إلى أن هذا المنهج يعكس ما جاء في الإسلام من تصورات عقائدية وأحكام فقهية جعلت الإنسان مطالبا وقادرا ومدفوعا إلى المحافظة على بيئته الإنسانية، والمشاركة والتعاون على عدم الإفساد فيها، بل التوضيح للعالمين أن الشرع الإسلامي لم يقف عند حدود المحافظة، بل تعداها إلى التنمية والإصلاح وغير ذلك، لأن الإسلام حض على العمل والتفكر والبحث عن أسرار الكون استدلالا على الوجود الإلهي ووصولا إلى المحبة.
وأضاف أن التصور الذي رسمه الإسلام للسماء والأرض والجماد والنبات والحيوان كان أدعى إلى حصول الاهتمام والرعاية من الإنسان لبقية المخلوقات، بل الرفق والرحمة والمحبة بها، لأن المسلم بحبه لله تَحْصُلُ في قلبه المحبةُ لكل ما خلق الله وأبدع.
أما عن الكون، فهو يشارك الإنسان في الطاعة والتسبيح، قال –تعالى-: (وَكُلًّا آَتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ) [سورة الأنبياء: آية ٧٩]، وقال –سبحانه-: (وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ) [سورة سبأ: آية ١٠].
وأشار الدكتور على جمعة إلى أن نبي الله داوود -عليه السلام- الذي جعله الله خليفة في الأرض وآتاه الحكم والعلم ورزقه الحكمة، وأمره أن يحكم بالحق فَحَكَمَ، كان جزاؤه أن سخر الله له الجماد والحيوان تسخيرا خاصا، فكان إذا سبح داوود -عليه السلام- أجابته الجبال، وكان -عليه السلام- إذا وجد فَتْرة وقلة نشاط أمر الله –تعالى- الجبال فسبحت فيزداد نشاطا واشتياقا.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
كل أسبوع.. «الأضحية» تكافل وتراحم وصلة
يوافق يوم الجمعة المقبل 6 يونيو، أول أيام عيد الأضحى المبارك، فكل عام ومصرنا الحبيبة في نعمة وخير وسلام وأمن وأمان، وفى حفظ الله مما يحاك لها من أعداء الداخل والخارج، ونسأله سبحانه أن يجعل الأمتين: الإسلامية والعربية، وسائر بلاد العالمين في نعمة وخير وسلام وأمان، وبراءة من البغضاء والشحناء، والنزاعات المسلحة التي تزعج العالم، وتحصد أرواح الكثيرين من المتنازعين والأبرياء على حد سواء.
اللهم أدم علينا الفرح والأعياد وعلى من حولنا، فقد جعل الله الفرح بالعيدين الفطر والأضحى تشريعا للمسلمين، ويصاحب الفرح بعيد الأضحى التوسعة على الفقراء، فالناس إما غني أو فقير، وعندما يشعر الفقير بعطف الغني عليه وإعطائه من ماله دون الإقتار عليه، يكون هناك من المودة والحب والألفة ما يجعل المحتاج يحافظ على مال الغنى لأنه مستفيد منه، كما أن الغني يصل بعطائه إلى درجة عالية من التقوى والقرب من الله عز وجل.
وأمر العبادة كل العبادة مبناه على تعظيم الله جل وعلا، وتعظيم شعائره، والناظر في الآيات التي تتكلم عن الذبائح سواء كانت هديا في حق الحاج أو أضحية في حق غيره من المسلمين القادرين، يجد قول الله تعالى في ختام الحديث عنها: "لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم.. "، وقبلها في ثنايا الحديث عن الحج، نجد قوله تعالى: "ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه.. "، وقوله: "ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب.. "، فتعظيم الله وتقديره حق قدره يملأ القلب يقينا بأن الملك العظيم لا يأمر بعبث، بل له في كل أمر حكمة ومن وراء كل تشريع مقصد.
ولننظر إلى عطاء الله تعالى للمسلمين في يوم عرفة والعيد: "ارجعوا عبادي مغفورًا لكم ولمن شفعتم له"، كما نرى أن الأضحية فيها توسعة على الفقراء وتقوية للتكافل والتراحم والصلة بينهم، ما يجعل المجتمع المسلم نسيجا واحدًا، القادر يقف بجانب الضعيف، وهذا هو لب الشريعة ومقصدها، وتقوية لمبدأ التواد والتراحم بين المسلمين جميعا.
ولا بد أن ندرك جيدًا قيمة الزمان وشرف الوقت الذي نحياه، فنحن قد منً الله علينا بإدراك هذه الأيام التي هي من أفضل أيام الدهر، والعمل الصالح فيها أحب إلى الله تعالى من العمل في غيرها.
ومن أحب العبادات لله ورسوله عبادة إطعام الطعام، فإن شريعة الإسلام لا تعرف ذلك المجتمع الذي يموت بعض أبنائه تخمة بينما يموت البعض الآخر جوعا، وإنما تعنى بأن يتقاسم الناس فى المجتمع الواحد كل شيء حتى الشدائد، وفى ذلك يقول نبينا - صلى الله عليه وسلم - فى معنى الحديث: "ليس منا من بات شبعانا وجاره إلى جنبه جائع وهو يعلم"، فإذا كانت الأضحية التي هي من إحدى السنن التي تؤدى يوم عيد الأضحى أو في أيام التشريق جعل لها رسول - صلى الله عليه وسلم - فقها خاصا، حيث أمر أصحابه أن يأكلوا من لحوم الأضاحي ويتصدقوا ولا يدخروا فوق ثلاث، فلما كان العام القادم ذكروا له ذلك وما فيه من المشقة عليهم، فقال لهم: كلوا وتصدقوا وادخروا.
فهو فقه إذاً وتناغم مع الواقع وتبصر بحال الناس ومراعاة لأوقات الحاجة، فما أحوجنا في أيامنا هذه إلى أن نعظم الله سبحانه وتعالى ونمتثل أمره وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم وأن نطبق الشرع الشريف تطبيقا واعيا يعرف المرادفات الشرعية ويمتثل المقاصد الفقهية.
اللهم اهدنا صراطك المستقيم، واحفظ مصرنا وأدم أمننا واجمع على الحق شملنا.. آمين. [email protected]
اقرأ أيضاً«لو ناوي تضحي».. آداب وكيفية توزيع الأضحية
هل يجوز الجمع بين نية الأضحية والعقيقة في ذبيحة واحدة؟ الإفتاء تجيب
عيد الأضحى 2025.. ما هي الشروط الواجب توافرها في الأضحية والمضحي؟