طبيب عماني يبتكر رقائق حيوية ذكية تكشف عن تعفن الدم مبكرًا
تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT
يُمكن لهذه التقنية اكتشاف البكتيريا الدخيلة وتعزيز التئام الجروح
تشكل الجروح المزمنة عبئًا صحيًا عالميًا، حيث تؤثر على أكثر من مائة وخمسين مليون شخص سنويًا، ويتجاوز الإنفاق العالمي على الرعاية الصحية للجروح المزمنة أكثر من عشرين مليار دولار سنويًا. بالإضافة إلى ذلك، فإن التهديد المتزايد للبكتيريا المقاومة للمضادات يشكل تهديدًا خطيرًا.
ويعد الكشف المبكر عن الإنتان -وهو حالة خطيرة تحدث عندما يكون لدى الجهاز المناعي في الجسم استجابة شديدة للعدوى، ويسبب رد فعل الجسم ضررًا لأنسجته وأعضائه- وعلاجه يصبح أمرًا حيويا بالغ الأهمية لتحسين نتائج المرضى، لكن طرق التشخيص السريع الحالية غالبًا ما تكون بطيئة وغير موثوقة وتتطلب اختبارات معملية.
وتنجم الجروح المزمنة في المقام الأول عن أمراض تؤخر عملية الشفاء مثل: مرض السكري أو الحوادث أو الحروق أو الالتهابات التي تصيب الجروح بعد العمليات الجراحية، وتكون هذه الجروح عرضة للإصابة بأنواع من البكتيريا الخطيرة التي يمكن أن تؤدي إلى الإنتان الذي بدوره ينتقل من مكان الجرح إلى إنتان الدم ويهدد حياة المريض.
وحتى وقتنا الحالي، لا توجد منتجات للعناية بالجروح لها القدرة على اكتشاف الالتهابات البكتيرية بشكل أو توفر إنذارات مبكرة لغزو البكتيريا، وتحديدا البكتيريا المقاومة للأدوية المتعددة. وقد ركزت الأبحاث السابقة في مجال الكشف عن إنتان الجروح وعلاجه بشكل أساسي على الاختبارات المعملية لعينات الدم أو الأنسجة لتحديد وجود البكتيريا. وعلى الرغم من أن هذه الأساليب موثوقة بشكل عام، إلا أنها تستغرق وقتًا طويلًا، وتعد مكلفة وتتطلب معدات متخصصة وموظفين مدربين. بالإضافة إلى ذلك، هناك تأخير كبير بين جمع العينات وتحليلها، مما قد يؤدي إلى تأخير العلاج والذي بدورة قد يؤدي لتفاقم حالة المرضى.
وفي الآونة الأخيرة، تم تطوير أجهزة يمكن ارتداؤها لمراقبة العلامات الحيوية وغيرها من المعالم الفسيولوجية في وقت آني مما يعطي مؤشرات للطبيب المعالج بوجود إنتان في الدم. ومع ذلك، فإن هذه الأجهزة محدودة في قدرتها على اكتشاف وجود البكتيريا، ولا توجد حاليًا أجهزة يمكن ارتداؤها تجمع بين الكشف عن وجود البكتيريا الدخيلة والعلاج الموجه لهذه الميكروبات لدى المرضى الذين يعانون من جروح مزمنة. وهنا يأتي دور جهازنا، حيث أنه يسد الفجوة في التقنيات الحالية من خلال توفير الكشف المبكر والعلاج الموجه للإنتان لدى المرضى الذين يعانون من جروح مزمنة.
علاج موجه وسريع
ويعمل الجهاز على تقنية جديدة تعتمد على دمج الإنزيمات المصممة مخبريا داخل ورقة بوليمير بطريقة المحاكاة الحيوية للجهاز المناعي في جسم الإنسان، ويمكن لهذه الورقة اكتشاف وجود البكتيريا الدخيلة، كما تساعد على تعزيز التئام الجروح، وتطبق أجسام مضادة تحاكي عمل الأجسام المضادة الموجودة في جهازنا المناعي، كما تم دمج شريحة إلكترونية ذكية تعمل كنظام مراقبة لتوفير إشارات إنذار مبكر لأي علامات للعدوى. ونهدف من خلال تطوير هذه التقنية إلى توفير حل فعال ومبتكر لإدارة الجروح المزمنة، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى تحسين النتائج الصحية للعلاج وتقليل تكاليف الرعاية الصحية.
ولكي تنجح البكتيريا في سلوكها الجماعي في ظل مواقف معينة مثل الغزو البكتيري للجروح المزمنة، فإنها تستخدم نظام اتصال كيميائي يسمى استشعار النصاب هو نظام استشعار واستجابة مرتبط بالكثافة العددية ويعتمد هذا الاتصال من خلية إلى أخرى على الإنتاج والكشف والاستجابة لجزيئات الإشارة خارج الخلية التي تطلقها البكتيريا التي تسمى المحرضات الذاتية. وينصب تركيزنا في هذا البحث على استشعار النصاب في بكتيريا الزائفة الزنجارية وهي إحدى أنواع البكتيريا التي تصيب الجروح المزمنة ، والذي يؤدي دخولها إلى جسم الإنسان إلى عواقب وخيمة على صحته. حيث بكتيريا الزائفة الزنجارية تفرز مادة البيوسيانين وهي مادة نشطة تحفز إنتاج أنواع الأكسجين التفاعلية. ويعد الجسم المضاد أ (الغلوبولين المناعي أ) الجسم المضاد الأكثر وفرة في الإفرازات البشرية، وإحدى وظائفه الأكثر شهرة هي الإقصاء المناعي والذي يقوم به الجسم المضاد أ الإفرازي. ويقوم الجسم المضاد الإفرازي بالالتحام بالمسموم والمستضدات السطحية للبكتيريا الغازية وتجميعها ليتم التخلص منها بشكل أفضل.
وخلال القيام بالتجارب في بحثنا هذا قمنا بتصنيع الجسم المضاد أ الإفرازي مخبريا وربطه ببروتين مصنع مخبريا أيضا الذي يملك القدرة على الخضوع لتغيير تكويني عكسي عندما يتلقى إشارة دخول البكتيريا الغازية. وبعد حدوث التغيير التكويني العكسي يقوم هذا البروتين بإفراز الأجسام المضادة أ ليلتحم هو بدوره بسطح البكتيريا الدخيلة.
وختاما، تعد الرقائق الحيوية الذكية القادرة على الكشف عن الإنتان وعلاجه حلًا واعدًا لمرضى الجروح المزمنة الذين يحتاجون للكشف المبكر عن إنتان الجروح وعلاجه. ومن خلال استخدام الإنزيمات النشطة كهربيا والاتصالات اللاسلكية مع نظام ذكي يعتمد على الذكاء الاصطناعي فإن هذه التكنولوجيا المبتكرة لديها القدرة على تحسين نتائج المرضى بشكل كبير وتقليل أعباء الرعاية الصحية. ونعتقد أن هذه الرقائق يمكن أن تحدث ثورة في تكنولوجيا الرعاية الصحية حول العالم.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الرعایة الصحیة
إقرأ أيضاً:
طالب عُماني يبتكر جهازًا لتحويل المياه المهدرة إلى طاقة متجددة
نزوى- العُمانية
نجح الطالب مبين بن موسى الدغاري من مدرسة أبو عبيدة للبنين بولاية نزوى بمحافظة الداخلية في تصميم ابتكار تقني يعتمد على استغلال المياه المالحة المهدرة من فلاتر الشرب في المنازل لإنتاج الطاقة المتجددة، في إنجاز طلابي يعكس روح الابتكار لدى الشباب العُماني.
وأوضح مبين بن موسى الدغاري أن فكرة الابتكار جاءت من ملاحظة أن المياه التي تُهدر يومياً بعد عملية ترشيح مياه الشرب ليتحول هذا الهدر إلى فرصة عملية من خلال جهاز ذكي بحجم أصغر من نصف أسطوانة الغاز التقليدية, يتميز بسهولة الحمل والتنقل ولا يحتاج إلى الكهرباء لتشغيله بل يعتمد بالكامل على الطاقة المتجددة لإنتاج الطاقة.
وأضاف أنه من خلال المشروع استطاع تحويل المياه المهدرة إلى ثلاث فوائد رئيسة وهي غاز للطهي أقوى بـ8 مرات من غاز الطبخ التقليدي وطاقة كهربائية عالية الكفاءة عبر تقنية خلية الوقود وسماد عضوي يمكن استخدامه لتعزيز نمو الأشجار أو بيعه كمورد اقتصادي إضافي، كما أن التصميم راعى الجوانب البيئية والاقتصادية والأمان للاستخدام اليومي.
وقال إن الابتكار يتميز بإنتاج (غاز الهيدروجين الأخضر المرن) والذي يعد من أقوى أنواع الوقود حيث تتفوق طاقته بـ 5 مرات على وقود السيارات التقليدي وبـ 8 مرات مقارنة بغاز الطبخ، مع إمكانية توليد الكهرباء عالية القدرة بفضل تقنية “خلية الوقود” التي أصبحت متاحة في بعض الأسواق رغم ندرة استخدامها حالياً.
وأشار الدغاري إلى أن الجهاز لا يقوم بتخزين الغاز وهو ما يجعله أكثر أماناً خاصة أن “الهيدروجين” عندما يتراكم في مساحة مغلقة يصبح أكثر قابلية للانفجار، موضحاً أن الابتكار يعتمد طريقة جديدة لإشعال الغاز بشكل مباشر وآمن دون أن يتسبب في تجمعات خطرة، والجهاز بُني بهيكل خارجي من مادة Cladding sheet وهي مادة معدنية منخفضة التكلفة مقاومة للحرارة والأكسدة وقادرة على تحمل السقوط من ارتفاع يصل إلى مترين ونصف دون أن يتأثر الجهاز، كما تم تزويده بأنظمة أمان تشمل حساس الحرارة والرطوبة والغاز ومستوى الماء.
وبيّن أن الابتكار دخل حيز التنفيذ الفعلي ويتم حالياً تطويره لإضافة خصائص جديدة مثل إمكانية التحكم عن بُعد وتقليل الحجم لزيادة كفاءة الحمل والنقل وتعزيز الاستخدامات، ويستهدف شرائح متعددة من المجتمع كأصحاب السيارات، خاصة مع وجود سيارات تعمل بالهيدروجين.
والابتكار يناسب مختلف الفئات العمرية وهو بسيط وسهل الاستخدام ويوفر طاقة نظيفة بتكلفة منخفضة وجودة عالية، ما يجعله نموذجاً عمليًّا قابلاً للتطبيق في الواقع، ويعكس قدرة الشباب العُماني على تقديم حلول لطاقة ذكية ومستدامة تخدم البيئة والمجتمع وتواكب تطلعات المستقبل.