بأغلبية ساحقة.. الأمم المتحدة تعتمد «السيادة الدائمة لشعب فلسطين على موارده الطبيعية»
تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT
اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، أمس الثلاثاء، مشروع القرار المعنون "السيادة الدائمة للشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، وللسكان العرب في الجولان السوري المحتل على مواردهم الطبيعية" بأغلبية ساحقة.
وصوّتت لصالح القرار 158 دولة، فيما عارضته 6 دول هي الولايات المتحدة الأمريكية، إسرائيل، كندا، ناورو، ميكرونيزيا، بالاو، في حين امتنعت عن التصويت 13 دولة، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).
ويؤكد هذا القرار على مجموعة من المبادئ والأسس المتعلقة بالموارد الطبيعية الفلسطينية كانطباق اتفاقية جنيف المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب على الأرض الفلسطينية المحتلة، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. كما يستذكر فتوى محكمة العدل الدولية بشأن جدار الفصل والتوسّع العنصري.
وأكد مشروع القرار على الحقوق الثابتة غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني في موارده الطبيعية، وطالب إسرائيل بالكف عن استغلال هذه الموارد، كما أكد حق الشعب الفلسطيني في المطالبة بالتعويض عن استغلال إسرائيل لهذه الموارد، وشدد على جملة من الأمور من بينها أن ما تقوم به إسرائيل من تشييد للمستوطنات والجدار وغيرها من الأعمال هي أعمال مضرة بالبيئة الفلسطينية.
وأعاد التأكيد على النداء الموجه من قِبل مجلس الأمن في قراره 2334 الذي دعا فيه الدول للتمييز بين إقليم دولة إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة.
بدوره، عبّر المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة رياض منصور، عن عميق شكره لجميع الدول على هذا التأييد الكاسح والتعاطف المتزايد للمجتمع الدولي، وخاصة في خضم العدوان الهمجي الإسرائيلي على أهلنا في قطاع غزة والضفة الغربية، مؤكدًا ضرورة إلزام إسرائيل بتنفيذه.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الجمعية العامة للأمم المتحدة فلسطين غزة
إقرأ أيضاً:
في حضرة الكرامة نام الإقليم
هند الحمدانية
تتراقص الصواريخ فوق رؤوسنا
ويضحك القتلة من خلف الستار
نحصي القتلى...
ونحصي عدد القنوات ...
ونسأل: هل الحرب نار..
أم دخانٌ للفُرجة؟
تحفر غزة مجدها بين أنقاضها
ويصعد المقاومون من رحم الحصار
ونتدثر نحن بصمتنا
نبدل القناة...
ونورثُ أبناءنا عار السؤال:
متى نملك القرار؟
في حياة الأمم لحظات تتكشف فيها الحقائق، ويسقط الزيف، وتتجلى أمام النَّاس صورة أوطانهم كما هي، لا كما كانوا يتوهمون، هي هذه الأيام التي تعبث فينا ونحن في أوج هذا الصراع المُتصاعد بين إيران وإسرائيل؛ إذ يبدو فيها الإقليم كمن نُزعت عنه ثيابه فظهر عاريًا من قراره، هشًا يتردد بين الخوف والخذلان، لا يدري أهي حرب حقيقية تُدار من حوله أم مسرحية رُتبت من أجل إرهابه؟! والكارثة ليست في الأحداث ذاتها؛ بل في هذا العجز الذي سكن النفوس حتى صار مألوفًا، وهذا الصمت الذي اتُخِذَ عقيدة وفضيلة.
وإنني لأنظر اليوم في مجريات هذه الحرب التي لطالما توجسنا من اندلاعها، فأرى في كل ضربة وصاروخ رسالة إلى من يتوهمون أنَّ المال حِصن، وأن التحالفات دِرع، فإذا هم عُراةٌ من القوة، مجردون من القرار، يسيرون في ركاب غيرهم، يلعبون دور المُتفرج منتظرين النتيجة ليصفقوا للفائز أو ليواكبوا الغالب.
فما أشد أن يرى العربي وطنه رهينةً، لا يملك من أمره شيئًا إلّا ما يُملى عليه، ولا من قراره سوى ما يُوزَّع عليه من فتات الإرادة، وما أشد على القلب أن تصبح مجرد مُتفرِّج على مسرح يصنعه العدو ويصفق له الجاهل ويُبرِّرُه الخائف الجبان.
لقد باتت بعض دول الإقليم في موقع المُتفرِّج المُرتبك، تتساءل شعوبها في المجالس والدواوين: "هل ما بين إيران وإسرائيل حرب حقيقية، أم مسرحية تتقاسم أدوارها أجهزة الاستخبارات العسكرية؟"، وفي كلا الحالين نحن الخاسر الأكبر، فإن كانت مسرحية فهدفها إخافتنا، وإن كانت حربًا فويلٌ لنا من تداعياتها.
أما المسجد الأقصى.. ذلك الحرم الذي كانت تُشد إليه الرحال، وتسيل من أجله دماء الأولياء والصالحين، فصار اليوم صورة باهتةً في شريط أخبار يمضي كالماء فوق الحجر، لا يحرك في الصدور وجيبًا ولا في الجيوش زحفًا، ولا في القرار روحًا تُبعثر السكون وتُحيي الضمير العربي المُحتضِر.
العجب كل العجب، أن تظل غزة تلك البقعة الصغيرة التي لا تملك من خزائن الأرض شيئًا محاصرةً بين البحر والسياج، تقاتل وحدها عمَّا تبقى من نخوة العرب وتحمل وحدها عبء الكرامة المكسورة، تناضل بما بقي لها من حجارةٍ يتيمة، وتُشيع أبناءها العزل إلى قبورٍ جماعية ضيقة، وتبحث بين شظاياها عن موتٍ يتكرر. في غزة وحدها يحفر الفتية في جوف الأرض أنفاقهم، لا هربًا من الموت؛ بل بحثا عن حياة تليق بأحلامهم، يتنفسون الحصار كأنهم خلقوا لامتحان الصبر، ويقتاتون خيانة الأخ والقريب كمن اعتاد أن يكون وحده في ساحة الخُذلان، ويمضون بأقدامٍ حافية على دربٍ تعلموا أن الشرف فيه لا يُشترى ولا يُورث، هناك تحت الأرض تمسي الحياة سؤالًا عن معنى أن تبقى إنسانًا حين يتنازل الجميع عن إنسانيتهم، وعن سِر الكرامة، حين تُصبح عملةً نادرة في سوق الأوطان.
لقد آنَ أنْ نُقر بحقيقة مُرة، طالما تهربنا من مواجهتها، وهي أنَّ البلدان التي امتلأت خزائنها بالأموال، لم تعرف كيف تُقيم لنفسها كيانًا مُستقلًا يعتمد على سواعد أبنائه، فهُم ما زرعوا قوتهم، ولا أنتجوا دواءهم ولا صنعوا سلاحهم، فأصبحوا ألعوبة في يد من يملكون الغذاء والسلاح والإعلام، يتوهمون أنَّهم آمنون في قصورهم وبيوتهم، وأن ما يحدث من حولهم لن يصل إليهم ما دامت خزائنهم عامرة، وتحالفاتهم قائمة، وعلاقاتهم بالقوى الكبرى وثيقة، ونسوا أو تناسوا أنَّ الأمان لا يصنعه المال ولا تُحققه المعاهدات، ولا تمنحه الابتسامات في اللقاءات الثنائية، إنما الأمان يصنع بأيدٍ تصون الأرض والعرض، وبقلوب لا تخضع إلا لله، وبعقول تملك القرار قبل أن تطلب الإذن.
وإني لأتساءل، كما يتساءل كل من بقيت في صدره نفحةٌ من نخوة وغيرة: ما الذي سوف نتركه للأجيال القادمة وأولادنا من بعدنا، إذا كنَّا الآن لا نملك من أمرنا شيئًا؟ أي عار هذا الذي سنُوَرِّثه لأبنائنا؟! وأي ميراث هذا الذي سيحمله أولادنا على كواهلهم؟! ميراثٌ من الصمت والخوف والانقياد، فنحن قومٌ استطابوا الذُل وتوارثوه، يوصي به الجد لحفيده: أن الزم الصمت ولا تجهر بالحق؛ فالموت في الكلمة، والحياة في التبعية، فأي حياة تلك؟ وأي كرامة؟ وكيف يكون مصير الأبناء في أرض تحكمها يد الأجنبي وتدار فيها الأرزاق والمصالح من وراء البحار، وهل ترضى كرامة إنسان أن يرى أبناءه وأحفاده يكبرون في ظل ذلٍ صنعه آباؤهم بسكوتهم وخوفهم وطاعتهم العمياء؟
إنَّ التاريخ لا يرحم من وقف متفرجًا على اغتصاب أرضه، ولا يعذُر من كان له صوتٌ فصمت، وكان له سلاحٌ فركنه، وكان له قرارٌ فسلمه لغيره.
وغدًا- وإن طال الصمت العربي- سَيُسأَل الجميع: أين كنتم حين سُلب الأقصى وسُفك دم أهل غزة، وتحولت بلادكم إلى ملعبٍ للآخرين؟
فيا عرب، من لا يملك قراره لن يملك مصيره، ومن لا يزرع سيأكل من فُتات موائد الآخرين، ومن لا يُدافع عن عرضه وأرضه، سيأتي عليه زمان يُباع ويُشترى.
وسيبقى المسجد الأقصى يُناديكم، وستبقى غزة تُذكِّركُم أن الشجاعة لا تُقاس بعدد القصور، ولا بعقود النفط، ولا بحجم الاستثمارات؛ بل تُقاس بما يبقى في الأرض بعد أن يذهب المال والجاه، وسيبقى التاريخ شاهدًا على الجميع المقاومين والشجعان والخونة والمُتخاذلين.
رابط مختصر