الفيتو الرئاسى ومشهد الإعادة السلبي
تاريخ النشر: 10th, December 2025 GMT
انتابتنى وكثيرون نوبة أمل فى إصلاح المشهد السياسى والانتخابى عندما وجّه الرئيس عبدالفتاح السيسى رسائل واضحة وصريحة للمواطنين بشأن انتخابات مجلس النواب. رسائل لم تحتمل التأويل: لا تنتخبوا من يشترى أصواتكم… صوتكم ليس للبيع… مصر أكبر من أن يُختزل مستقبلها فى حفنة مال سياسى.
كان من المتوقع أن تُشكّل هذه التوجيهات «فيتو رئاسيًا» يضع حدًّا لممارسات طالما لوّثت سمعة العملية الانتخابية، وأن تُستَنفر الجهات المعنية لفرض الانضباط بكل قوة وحسم، تعزيزًا لهيبة الدولة واحترامًا للفيتو الرئاسى قبل أى شيء.
لكن ما جرى على الأرض فى جولات الإعادة والمرحلة الثانية جاء صادمًا، ومخيبًا لآمال كل من راهن على مشهد انتخابى يليق بما يسمى «الجمهورية الجديدة».
فى مناطق عديدة، لم يكن شراء الأصوات مجرد اتهام أو همس فى الخفاء، بل ممارسة علنية تتجاوز حدود العقل. «سعر الصوت»، «نقاط الحشد»، «طابور الدفع»، كلها صارت مشاهد مألوفة، تتكرر فى وضح النهار وكأنها جزء من المشهد الطبيعى.
الغريب أن يحدث كل هذا بعد أيام قليلة من تحذيرات رئاسية مباشرة. وكأن هناك من يصرّ على توجيه رسالة معاكسة، وكأن التوجيهات لا تُلزِم، والفيتو لا يمر، والمشهد يسير كما كان بل أسوأ.
السؤال الذى سيظل معلّقًا على المشهد:
أين كانت الأجهزة المفترض أن تحمى نزاهة الانتخابات؟ بغض النظر عن بعض وقائع الضبط التى أعلنت عنها وزارة الداخلية، لم تُظهر الجهات الرقابية والتنفيذية الحزم المنتظر، ولم نرَ التدخل السريع الذى يعيد الانضباط ويوقف المهزلة. بدا وكأن الدولة تتحدث بلغة، والبعض يتحرك بلغة أخرى تمامًا،
هذه الفجوة بين الموقف الرئاسى وما حدث فى الشارع الانتخابى ليست مجرد خلل؛ إنها مؤشر خطير على وجود مقاومة داخلية لتمرير انتخابات محترمة، أو على الأقل حالة تراخٍ لا يمكن تبريرها أمام غضب الرئيس ورغبته فى تنظيف العملية السياسية.
السؤال الأخطر: من الذى يريد أن يظهر المشهد الانتخابى بصورة لا تليق فى وقت تحاول فيه الدولة ترميم ثقة المواطنين؟
هل هو تهاون؟ هل هى مصالح محلية؟
هل هو ارتباك تنظيمي؟، أم أن هناك من يرى أن "المال السياسي" هو الطريق الوحيد لضبط النتائج، مهما كان ذلك على حساب هيبة الدولة وسمعة النظام؟
أيًّا كانت الإجابة، فالنتيجة واحدة: صورة مؤلمة لا تنتمى إلى الجمهورية الجديدة التى أعلن الرئيس ملامحها.
المطلوب الآن وقبل أن نفقد آخر ما تبقى من الثقة إذا أرادت الدولة أن تنسجم أجهزتها مع رؤية الرئيس، فعليها أن تدرك أن الانتخابات ليست مجرد إجراءات، بل هى مصداقية. والمصداقية تُبنى بالردع ووجود إرادة على إخراج انتخابات نزيهة يشعر فيها المواطن بقيمة صوته.
لا بد من إجراء تقييم شامل لما حدث، ومحاسبة كل من ترك المشهد يخرج عن السيطرة، لأن استمرار هذا الوضع يعنى أن الرسائل الأعلى فى الدولة لا تجد طريقها إلى التنفيذ، وأن هناك خللًا خطيرًا فى سلسلة القرار.
لقد أصدر الرئيس توجيهاته بوضوح.. لكن الطريق من الرئاسة إلى الشارع يبدو مزدحمًا بالتعطيل والمصالح والنفوذ.
الجمهورية الجديدة لا يمكن أن تُبنى بمال سياسى، ولا عبر مشاهد فوضوية تسيء لمصر قبل أن تسيء للنظام نفسه.
ولذلك لا بد من مواجهة صريحة:
إما أن يمر "الفيتو الرئاسي" كاملًا… أو فليتحمل من عطّله مسئولية الإضرار بالثقة العامة وبشكل الدولة أمام مواطنيها.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: هوامش خالد إدريس
إقرأ أيضاً:
مع بدء جولة الإعادة لـ 30 دائرة .. القانون يحدد حالات بطلان الصوت لضمان نزاهة الانتخابات
تزامنًا مع انطلاق جولة الإعادة في انتخابات مجلس النواب لـ 30 دائرة ملغاة، شدد قانون مباشرة الحقوق السياسية على مجموعة من الضوابط المنظمة لصحة الصوت الانتخابي، وذلك لضمان النزاهة الكاملة لعملية الاقتراع والحفاظ على سرية تصويت الناخبين.
وبحسب المادة (47) من القانون، تتولى اللائحة التنفيذية تحديد الطريقة الصحيحة للتأشير على بطاقة الاقتراع بما يكفل سرية التصويت، مع التشديد على عدم جواز استخدام القلم الرصاص أثناء الإدلاء بالصوت.
كما نص القانون على عدد من الحالات التي يُعد فيها الصوت باطلًا، من أبرزها:
إذا كان الصوت معلقًا على شرط أو تضمن رأيًا لعدد أكثر أو أقل من العدد المطلوب انتخابه.
إذا استخدم الناخب بطاقة غير التي تسلمها من رئيس اللجنة الفرعية.
إذا تضمنت البطاقة توقيعًا أو علامة مميزة تشير إلى شخص الناخب أو تكشف هويته.
إذا تضمنت البطاقة أي إشارة من شأنها الإخلال بسرية التصويت.
وفي السياق ذاته، أوضح القانون أنه إذا خصصت اللجنة العليا صندوقًا لبطاقات اقتراع معينة وفسدت عملية الاقتراع الخاصة به، أو تلفت بطاقاته، أو بطلت الأصوات التي احتواها، فإن ذلك لا يؤثر تلقائيًا في صحة العملية الانتخابية في باقي الصناديق، إلا إذا ظهرت شبهات جدية تُقدِّرها اللجنة العليا بأن الخلل أثر في نزاهة أو مصداقية الإجراءات الخاصة بالصناديق الأخرى.
ضوابط الفوز بالمقاعد الفرديةويشير قانون انتخابات مجلس النواب إلى أن الفوز في النظام الفردي يشترط حصول المرشح على الأغلبية المطلقة للأصوات الصحيحة داخل دائرته الانتخابية. وفي حال عدم تحقق هذا الشرط، تُعاد الانتخابات بين المرشحين الحاصلين على أعلى الأصوات، ليتم اختيار الفائزين وفقًا لمن يحصلون على أكبر عدد من الأصوات الصحيحة بعد الإعادة.
كما نص القانون على أنه إذا كان عدد المتنافسين أقل من ضعف عدد المقاعد المطلوب شغلها، تُجرى الانتخابات مباشرة بينهم، ويُعلن فوز أصحاب أعلى الأصوات الصحيحة حسب عدد المقاعد المحددة.
الفوز بنظام القوائموفيما يخص نظام القوائم، شدد القانون على ضرورة حصول القائمة على الأغلبية المطلقة للأصوات الصحيحة للفوز. وفي حال عدم تحقيق أي قائمة تلك الأغلبية، تُعاد الانتخابات بين القائمتين الأعلى تصويتًا، وتفوز القائمة التي تحصد أكبر عدد من الأصوات الصحيحة في جولة الإعادة.
أما في حالة وجود مرشح وحيد أو قائمة واحدة فقط، فتقضي المادة (24) من القانون بأن يعلن فوز المرشح أو القائمة شريطة الحصول على 5% على الأقل من إجمالي الناخبين المقيدين بالدائرة الانتخابية. وفي حال عدم تحقق هذه النسبة، يُعاد فتح باب الترشح لشغل المقعد أو المقاعد المخصصة للدائرة.