البحرية الأمريكية تواجه أزمة جديدة في السويس
تاريخ النشر: 21st, December 2023 GMT
موجة الهجمات الأخيرة على السفن في البحر الأحمر، وهو القناة الجنوبية الوحيدة إلى قناة السويس المصرية، تشكل تهديداً خطيراً على التجارة العالمية، كما تشير مجلة "إيكونومست" البريطانية في تقرير جديد.
وأطلق الحوثيون المدعومون من إيران، أكثر من 100 طائرة بدون طيار وصواريخ على سفن مرتبطة بأكثر من 35 دولة، لإظهار دعمهم الفلسطينيين أمام إسرائيل، لكن المجلة ترى أن حملتهم هي "إهانة لمبدأ حرية الملاحة، والتي هي بالفعل في خطر كبير على طول المسافة من البحر الأسود إلى بحر الصين الجنوبي"، مشددة على ضرورة التعامل مع هذا التهديد من قبل أمريكا وحلفائها بحزم ومن دون تصعيد الصراع في الشرق الأوسط.
أزمة في التوريد
وتشرح المجلة أنه يمر 20% من حجم الحاويات العالمية و 10% من التجارة المنقولة بحراً و 8-10% من الغاز والنفط المنقول بحراً عبر البحر الأحمر وطريق قناة السويس.
وبعد أسابيع من الفوضى، أوقفت أربع من أكبر خمس شركات شحن حاويات في العالم الرحلات عبرها، وأوقفت شركة "بريتيش بتروليوم" شحنات النفط مؤقتاً.
وعلى الرغم من أن تأثير ذلك على أسعار الطاقة كان ضعيفاً بسبب وفرة الإمدادات، إلا أن أسعار أسهم شركات الحاويات ارتفعت، حيث يتوقع المستثمرون ضغوطاً على القدرات، فيما ارتفعت تكلفة شحن حاوية بين آسيا وأوروبا، لذلك إذا لم يتم حل الأزمة، فسوف تتسبب في أزمة في سلسلة التوريد.
ويقول التقرير إن مخزون الحوثيين من الطائرات بدون طيار والصواريخ، الذي توفره إيران، هو موضع "حسد" للعديد من الجيوش، إذ إن هذه الجماعة تعد واحدة من القوى بالوكالة التي تستخدمها إيران لمهاجمة المصالح والعربية والغربية.
في عام 2022 شن الحوثيون هجمات متعددة على منشآت أرامكو السعودية المسؤولة عن أكثر من 10% من إنتاج النفط العالمي، ما جعل العديد يتساءلون من أين تمتلك ميليشيا كهذه صواريخ باليستية قادرة على الطيران لمسافة 2000 كيلومتر وضرب الناقلات؟
نهج دفاعي
أمضت السفن الحربية الأمريكية والبريطانية والفرنسية أسابيع في تصدي طائرات بدون طيار وصواريخ من السماء، ففي 16 ديسمبر (كانون الأول) أسقطوا 15. ومع ذلك، من الصعب الحفاظ على هذا النهج الدفاعي.
وللحفاظ على النهج الدفاعي، توضح المجلة أن هذا يتطلب ثلاث خطوات. أولاً، وجود بحري دولي أكبر في الشرق الأوسط.
في 18 ديسمبر (كانون الأول)، أعلنت أمريكا عن فرقة عمل جديدة مكونة من 10 دول للقيام بدوريات في المنطقة، وتتألف بشكل أساسي من الدول الغربية، والبحرين هي الدولة العربية الوحيدة التي وقعت على الاتفاقية، ومن المتوقع أن تنضم إليها دولاً أخرى في مقدمتها الهند، التي تعتمد على السويس ولديها سفن في المنطقة.
Attacks on shipping threaten to upend peace talks in Yemen. The Saudis want to conclude their war with the Houthis, even as America may fight them milita https://t.co/sndkYe9LfQ ????
— The Economist (@TheEconomist) December 20, 2023وتشير المجلة إلى أنه ما لا يقل عن 5 مدمرات أمريكية موجودة الآن في البحر الأحمر، بينما تستعد حاملة الطائرات الأمريكية دوايت أيزنهاور قبالة جيبوتي، بأسرابها الأربعة من الطائرات التي تطال نطاق أراضي الحوثيين، كما أنها تحمل نحو 600 أنبوب لإطلاق الصواريخ. وفي الوقت الحالي، ستلعب فرقة العمل الدولية هذه دور الدفاع.
الدبلوماسية
وأحد الخيارات بحسب المجلة هو توفير الحراسة المسلحة للسفن التجارية، كما فعلت أمريكا في الخليج في عام 1980 خلال ما يسمى حروب الناقلات، لكن مع مرور الوقت يتطلب هذا الكثير من السفن الحربية، فمن المرجح أن تنشئ فرقة العمل ممراً آمناً، مع دفاع جوي ضد الطائرات بدون طيار والصواريخ.
وهذا ينقلنا إلى الخطوة الثانية، وهي الدبلوماسية، إذ تقف السعودية على أعتاب اتفاق لتمديد وقف إطلاق النار مع الحوثيين والذي قد ينهي حرب اليمن، ويمكن أن تشمل ضمن شروطها التزامات لإنهاء الهجمات البحرية، وقد يناسب ذلك أمريكا التي تحرص على تخفيف حدة التوترات الإقليمية، وتمدد أسطولها البحري، حيث إن هناك حاجة ماسة إلى حاملاتها في آسيا.
ومع ذلك، قد تفشل الدبلوماسية وقد لا يحترم الحوثيون أي اتفاق، لهذا السبب يجب على أمريكا وحلفائها الاحتفاظ بخيار شن ضربات على الحوثيين، على الرغم من أن إيران متهورة، إلا أنها ربما لا تريد حرباً إقليمية شاملة، وقد يتم إقناعها بكبح جماح عميلها جماعة الحوثي، لكن يجب أن تفهم أنه إذا فشلت في القيام بذلك، فإن الانتقام من الحوثيين أمر لا مفر منه.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل مونديال الأندية الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل اليمن بدون طیار
إقرأ أيضاً:
حرب الـ12 يوما.. ما التغييرات التي طرأت على إيران بعد الهجوم الإسرائيلي؟
نشرت صحيفة “الجارديان” البريطانية، مقالا لباحث إيراني يعيش في طهران في الوقت الحالي وشهد حرب الـ12 يوما بين إيران وإسرائيل خلال يونيو الماضي.
ويصف الباحث حسين حمدية، الحاصل على درجة دكتوراه مشتركة في الجغرافيا والأنثروبولوجيا من جامعة هومبولت في برلين وكلية كينغز في لندن، كيف أضحت إيران بعد انتهاء العدوان الإسرائيلي.
دروس الحرب الإيرانية الإسرائيليةويؤكد حمدية في مقاله أن هناك عددا من الدروس التي خرج بها الإيرانيون من المواجهة ضد إسرائيل، أبرزها أنه لا ثقة مرة أخرى في الغرب، وأن السلاح النووي بات امتلاكه أمرا ملحا وهو اقتناع تسرب إلى الذين عارضوا امتلاكه من قبل.
ويقول الباحث الإيراني: "لمدة ١٢ يومًا، عشنا في العاصمة تحت وطأة هجمات إسرائيلية متواصلة، وما رأيناه غيّرنا إلى الأبد: جيران موتى، مبانٍ مدمرة، وقلق - قلق لا ينتهي، عميق - على وجوه الناس".
وأضاف: "هناك راحة في الحديث عن "الشعب الإيراني" كما لو كنا كتلة واحدة موحدة لكن، كما هو الحال في معظم المجتمعات، لدى الإيرانيين آراء متباينة".
وأشار إلى أنه عندما اندلع القتال لأول مرة، كان هناك من سعد برؤية قوة أجنبية تستهدف كبار قادة الحرس الثوري الإيراني، المكروهين على نطاق واسع، على الأقل في البداية لكن آخرين - وإن كانوا معارضين أنفسهم - استاؤوا بشدة من فكرة الغزو الأجنبي.
ولفت الباحث الإيراني إلى أنه رأى بعض المتشددين في هذه الحرب مهمةً خلاصيةً يجب خوضها حتى النهاية المريرة؛ بينما شعر آخرون بالخدر تجاه ما يحدث، ولكن مع امتلاء الأخبار بصور الضحايا المدنيين، وازدياد حدة الهجمات وتراجع استهدافها، بدأت مختلف الفصائل الاجتماعية تتوحد حول مفهوم "الوطن".
وتابع: "اكتسبت الوطنية رواجًا جديدًا، وساد الفخر الوطني على معظم الألسنة وكثرت مشاهد التضامن - وإن كان لا يزال من غير المعلوم مدى استمرارها -: أصحاب العقارات يُلغون الإيجارات في ظل الأزمة؛ وسكان خارج طهران يستضيفون الفارين من العاصمة؛ ولا اندفاع نحو محلات البقالة، ولا فوضى، ولا عمليات إجلاء مذعورة".
الغرب والحرب الإيرانية الإسرائيليةوأوضح حسين حمدية قائلا: "في رأيي، لعبت طريقة رد فعل الدول الأوروبية على الهجوم الإسرائيلي دورًا رئيسيًا في هذا التحول ودعمت الدول الثلاث، إلى جانب دول صامتة أخرى في جميع أنحاء القارة، الضربات الإسرائيلية، مستخدمةً جميع المبررات المعتادة، من البرنامج النووي الإيراني إلى دعمها للإرهاب، كل ذلك بينما كان الرئيس الأمريكي يرسم صورة وردية لعظمة إيران المزعومة "في اليوم التالي" على منصة "الحقيقة الاجتماعية". لكن نحن في الشرق الأوسط ندرك ذلك".
ونوه إلى أن صور الدمار الجديد في غزة تظهر يوميًا، ونتذكر الفوضى في ليبيا، والحرب الأهلية في سوريا، وعقدين من الاحتلال في العراق، وعودة طالبان إلى أفغانستان لم يكن هناك أي أمل في هذه الصراعات - لم تُزرع بذور الديمقراطية، ومن المؤكد أن حقيقة العدوان الإسرائيلي السافرة ستُصدم نفس القوى التي أدانت، عن حق، غزو روسيا لأوكرانيا - حتى لا تُدمر حرب أخرى المنطقة مرة أخرى.
وقال إنه من المؤكد أن هذه الهجمات - الوحشية، وغير المُبررة، والمُتعمدة - كان ينبغي أن تُقابل بفيض من الإدانة والغضب لتجاهلها ميثاق الأمم المتحدة لكن لم يحدث شيء، وكان الصمت مُطبقًا تذكيرٌ بأن حياة الإيرانيين، بلا شك، أقل قيمةً من حياة الآخرين هذا، بالنسبة للكثيرين منا، كان الدرس الرئيسي من دعم الدول الغربية لإسرائيل وكانت الحرب على إيران، لكنها بُرِّرت بنفس المنطق القديم: العنصرية. لامبالاة وتقاعس من يملكون سلطة التدخل؛ لهجة الإعلام السلبية عند الإشارة إلى الضحايا من غير البيض؛ التجاهل المُعتاد لمعاناتهم؛ واللامبالاة تجاه الهجمات على دول خارج المدار الغربي - حتى أن المستشارة الألمانية قالت: "هذا عملٌ قذرٌ تقوم به إسرائيل من أجلنا جميعًا".
ولفت إلى أن كثيرا من الإيرانيين يغضب من هذا الظلم، لدرجة أن فكرة بناء سلاح نووي، التي كانت في السابق حكرًا على هامش الراديكالية السياسية، تكتسب الآن زخمًا بين عامة الناس، وكما عبّر أحد المستخدمين على منصة “إكس”: "لا يبدو أن أحدًا مهتم بحالة حقوق الإنسان في كوريا الشمالية"، مشيرًا إلى أن الرؤوس الحربية النووية لا تزال الرادع الوحيد الموثوق ضد العدوان.
إسرائيل تخرق الاتفاقياتوأكد أنه من “الحماقة أن نثق بإسرائيل لوقف إطلاق النار فلدى هذا البلد سجل حافل بانتهاك الاتفاقيات دون عقاب، هذا يعني أن سيفًا مسلطًا على طهران لا يزال مسلطًا عليها، حتى مع خفوت دوي الانفجارات”.
وأوضح أنه “من بعيد، قد تبدو هذه المدينة التي يزيد عدد سكانها على 10 ملايين نسمة وكأنها عادت إلى صخبها المعتاد، لكن الغموض لا يزال يخيم على الأجواء، وما يزيد الأمر سوءًا هو غياب أي وسيط موثوق قادر على إنهاء الحرب، بالنسبة للكثيرين هنا، فإن مشاركة الغرب الضمنية أو الصريحة أو حتى النشطة في الصراع تحرمه من أي دور كمفاوض حسن النية”.
واختتم مقاله قائلا: "من موقعي هذا، تترسخ مرة أخرى مشاعر عدم الثقة تجاه أوروبا ستُعاد بناء المباني، وستُصلح البنية التحتية لكن ما قد يتضرر بشكل لا يمكن إصلاحه - ربما بشكل لا يمكن إصلاحه - هو النسيج الأخلاقي الذي تستند إليه أوروبا لتبشّر الآخرين، ازدواجية المعايير. النفاق. الظلم الكامن في كل هذا. العقلية الإمبريالية - التي لا تزال حيةً ونابضةً بالحياة - تُلقي بظلالها الثقيلة على كيفية النظر إلى أوروبا. ليس فقط على الإيرانيين، على ما أظن، بل على كثيرين في جميع أنحاء الجنوب العالمي".
وأضاف: “هذه أوقات عصيبة نعيشها لا أعلم ما إذا كانت إيران ستصمد في هذه اللحظة، أو ستُبرم اتفاقًا، أو ستواصل مسارها الانتقامي الحالي لكن المؤكد هو أن من يحكم إيران في المستقبل لن ينسى ما حدث هنا”.