حكومة دولة الإمارات تصدر قانوناً اتحادياً بشأن الصحة النفسية
تاريخ النشر: 21st, December 2023 GMT
أصدرت حكومة دولة الإمارات قانوناً اتحادياً يواكب التوجهات والمفاهيم الحديثة في مجال الصحة النفسية، ويحفظ حقوق المريض النفسي ويضمن توفير الرعاية الصحية اللازمة له.
ويهدف القانون إلى تنظيم العلاقة بين المريض النفسي ومختلف الأطراف المتعاملة معه، وتوفير الرعاية الصحية اللازمة له وفق أفضل المعايير المعمول بها في هذا المجال، وحماية وحفظ حقوقه وكرامته، وتقليل الآثار السلبية للاضطرابات النفسية في حياة الأفراد والأسرة والمجتمع، وتعزيز اندماج المريض النفسي في المجتمع.
ويسري القانون على كل ما يتعلق بالصحة النفسية والمريض النفسي والمنشأة الصحية النفسية، وأي منشأة أخرى في الدولة معنية برعاية المريض النفسي أو التعامل معه، بما في ذلك المناطق الحرة.
تعريف الصحة النفسية والمريض النفسي
ويُعرِّف القانون الصحة النفسية وفق أحدث المفاهيم المعمول بها في هذا المجال، باعتبارها حالة من الاستقرار النفسي والاجتماعي، يستطيع الفرد من خلالها أن يحقق أهدافه طبقاً لإمكانياته الشخصية وأن يتعامل مع الضغوط الحياتية ويعمل وينتج ويساهم في المجتمع.
كما يعيد القانون تعريف المريض النفسي بأنه الشخص الذي تم تشخيصه بأنه يعاني من اضطراب في التفكير أو المزاج أو السلوك أو الإدراك أو الذاكرة أو القدرات العقلية الأخرى بعضها أو كلها على أن يؤدي ذلك إلى خلل في الوظائف الاجتماعية أو الوظيفية أو التعليمية أو المعاناة النفسية للشخص وتصنف هذه الاضطرابات وفق تصنيفات الطب النفسي المعترف بها من المنظمات والهيئات الدولية المختصة.
ويحظر القانون تقديم خدمات الصحة النفسية دون الحصول على ترخيص من الجهة الصحية المختصة في الدولة وفق الشروط والضوابط التي تحددها اللائحة التنفيذية للقانون.
حقوق عامة للمريض النفسي
يستحدث القانون مجموعة من الحقوق العامة التي يتمتع بها المريض النفسي، ومن أهمها: تلقي شرح واف عن كافة حقوقه داخل المنشأة الصحية النفسية بما فيها حقه في التظلم أو تقديم الشرح لمن يمثله في حال عجز المريض النفسي عن فهمها، واحترام المريض النفسي وتقديم الخدمات اللازمة له في بيئة ملائمة بما يصون كرامته ويفي باحتياجاته الصحية، والاحتفاظ بحقوقه المدنية المقررة قانوناً وعدم الحد منها إلا لغرض حمايته من الأذى أو بموجب حكم قضائي، وعدم فرض قيود على عمله أو توظيفه أو إنهاء عمله إلا بناءً على تقرير من لجنة طبية مختصة، والحماية من المعاملة المهينة والاستغلال المادي والجسدي والجنسي وغير ذلك.
كما تضمن القانون حق المريض النفسي في حماية سرية المعلومات الخاصة به والمحافظة على خصوصياته ومتعلّقاته الشخصية في مكان إقامته في المنشأة الصحية النفسية، والحصول على خطة للرعاية النفسية والاجتماعية بعد خروجه من المنشأة الصحية النفسية، والحصول على التأمين الصحي بما يضمن الرعاية الصحية الشاملة وفقاً للتشريعات النافذة، بالإضافة إلى تقديم الدعم لتسهيل حصوله على التعليم وممارسة الأنشطة الترفيهية والثقافية، والاستعانة بمن يراه مناسباً لتمثيله لدى الغير داخل وخارج المنشأة الصحية النفسية، والاستفادة من خدمات الاتصال ما لم يكن في ذلك تأثير سلبي على حالته الصحية، واستقبال الزوار أو منع استقبالهم وفق نظام الزيارة في المنشأة الصحية النفسية ووفقاً لما تمليه المتطلبات العلاجية.
حقوق الرعاية الصحية للمريض النفسي
كما يستحدث القانون حقوقاً مرتبطة بالرعاية الصحية للمريض النفسي بما يجعل القانون أكثر توافقاً مع قائمة التحقق الدولية في مجال الصحة النفسية ومن أهمها: الحصول على العلاج النفسي والأدوية النفسية طبقاً للأصول الطبية المتعارف عليها، ومعرفة تشخيصه ومعلومات كاملة عن الخطة العلاجية وسيرها والطرق العلاجية والفوائد والمخاطر والأعراض الجانبية المحتملة والبدائل العلاجية الممكنة والحصول على موافقته أو موافقة من يمثله قانوناً على ذلك، والمشاركة الفعلية والمستمرة في الخطة العلاجية بقدر ما تسمح به حالته للتعبير عن إرادته، والحصول على الرعاية الصحية البدنية وتلقي العناية الواجبة في بيئة آمنة ونظيفة، وعدم الخضوع لأي علاج تجريبي أو بحث طبي دون موافقته أو موافقة من يمثله وبعد توفر الشروط المقررة قانوناً، والحصول على تقرير طبي شامل عن حالته والفحوصات والإجراءات العلاجية التي خضع لها في المنشأة الصحية.
ضمانات لمراعاة الفئة العمرية ومصلحة المريض النفسي القاصر
وأحاط القانون المريض النفسي القاصر بضمانات صحية خاصة تراعي فئته العمرية وحالته النفسية وتحقق مصلحته، ومنها حقه في تلقي التعليم، وأن يسبق أي إجراء يخصه تهيئة من أخصائي اجتماعي أو نفسي، وتخصيص أماكن لهم لدخول المنشآت الصحية النفسية، وضرورة فصل أماكن أقامتهم عن أماكن البالغين وتوفير مرافق منفصلة لهم.
لجنة للرقابة والمتابعة في كل إمارة
ينصّ القانون على أن تُنشأ في كل إمارة بقرار من رئيس الجهة الصحية “لجنة الرقابة والمتابعة” تكون الجهة المركزية المسؤولة عن ضمان حماية حقوق المريض النفسي وتختص بمتابعة التقارير الواردة من المنشآت الصحية النفسية والمتعلقة بحالات الدخول الإلزامي، والرقابة على المنشآت الصحية النفسية والتأكد من التزامها والعاملين فيها بتطبيق المعايير والإجراءات المقررة في القانون ولائحته التنفيذية والقرارات الصادرة تنفيذاً له، بالإضافة إلى مراجعة تقارير لجنة رعاية حقوق المرضى والبت في الشكاوى والتظلمات والاعتراضات على قرارات هذه اللجنة، والبت في الشكاوى الواردة بشأن الخدمات العلاجية النفسية الخارجية والمراكز والعيادات.
لجنة رعاية حقوق المرضى في المنشأة الصحية النفسية
كما ينصّ القانون على أن تُنشأ في كل منشأة صحية نفسية “لجنة رعاية حقوق المرضى” تختص بشكل رئيسي بحماية حقوق المريض النفسي وتلقي أي شكاوى تقدم من المرضى النفسيين أو من يمثلهم واتخاذ ما يلزم بشأنها والبت فيها. كما يمنح القانون المريض النفسي الحق في التظلم من قرارات لجنة حماية حقوق المرضى لدى لجنة الرقابة والمتابعة المشكلة في كل إمارة، وفقاً لإجراءات وضوابط محددة تضمن تحقيق مبادئ الحوكمة والفعالية.
تنظيم الدخول إلى المنشأة الصحية النفسية
ويحدد القانون أنواع الدخول إلى المنشأة الصحية النفسية حيث يكون دخول الشخص لتقييمه، أو علاجه طوعياً أو علاجه إلزامياً، أو دخولاً طارئاً، أو إيداعاً. كما يحدد القانون الضوابط المتعلقة بالدخول الطوعي لغرض العلاج من تعاطي المخدرات أو المؤثرات العقلية من حيث عدم إفشاء أي معلومات أو بيانات لأي جهة أخرى غير الجهات الصحية والسلطة القضائية والجهات الأمنية عن الأشخاص الذين يتم دخولهم إلى المنشأة الصحية لهذا الغرض، كما ينص القانون أنه في حال تقدّم المتعاطي البالغ لسن الرشد، أو ولي القاصر أو الوصي عليه طوعاً لغرض العلاج من الإدمان على المخدرات أو المؤثرات العقلية، قبل صدور أمر بالقبض عليه فلا يتطلب الدخول للمنشأة أو الخروج منها موافقة النيابة العامة، ولا تُقام الدعوى الجزائية عليه في هذه الحالة.
كما يحدد القانون التزامات المنشأة الصحية النفسية في حال هروب المريض النفسي، وفي حالة وفاة المريض النفسي داخلها، وضوابط دقيقة ومحددة لحالات تقييد المريض النفسي وعزله ونقله داخل الدولة وخارجها، والحالات التي يخضع فيها للرعاية العلاجية الخارجية الإلزامية.
عقوبات مخالفة أحكام القانون
ويفرض القانون مجموعة من العقوبات على مخالفة أحكامه، وأهمها الحبس والغرامة التي لا تقل عن (50,000) درهم ولا تزيد على (200,000) درهم لكل من أثبت عمداً في تقريره الطبي ما يخالف الواقع في شأن الحالة النفسية لأي شخص بقصد إدخاله المنشأة الصحية النفسية أو إخراجه منها، ولكل من تسبب بسوء نية في إدخال أي شخص منشأة صحية نفسية خلافاً للمقرر في القانون، والحبس والغرامة التي لا تقل عن (50,000) درهم ولا تزيد على (100,000) درهم لكل من ساعد شخصاً خاضعاً للدخول الإلزامي على الهرب، أو كان مكلفاً بحراسة أو رعاية أو تمريض أو علاج مريض نفسي وتعمد إساءة معاملته أو إهماله. وتشدد العقوبة إذا ترتب على سوء المعاملة أو الإهمال مرض خطير أو إصابة بليغة أو إعاقة.وام
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
كيف يؤثر العمل من المنزل على الصحة النفسية؟
أستراليا – في خضم التحول التاريخي الذي تشهده بيئات العمل حول العالم، حيث أصبح العمل عن بعد ممارسة راسخة، يبرز سؤال محوري بشأن مدى تأثير هذا التغيير على صحتنا النفسية.
وتقدم دراسة أسترالية إجابات قائمة على أدلة دامغة، تكشف أن الفوائد النفسية لهذا النمط للعمل ليست موحدة ولا بسيطة، بل تخضع لتفاصيل دقيقة تتعلق بالجندر والحالة النفسية المسبقة.
وبعد تحليل بيانات 20 عاما لـ16 ألف موظف أسترالي، توصل باحثون من جامعة ملبورن إلى استنتاجات مذهلة: العمل من المنزل يعزز الصحة النفسية للنساء بشكل ملحوظ، بينما تأثيره على الرجال ضئيل أو منعدم. ولكن المفاجأة الحقيقية تكمن في التفاصيل.
وتوضح الدراسة أن الفائدة النفسية للنساء تصل إلى ذروتها عند اتباع نموذج العمل الهجين المتوازن: حيث تعمل المرأة غالبية الأسبوع من المنزل، وتذهب إلى المكتب ما بين يوم إلى يومين فقط. والنساء اللواتي اتبعن هذه الصيغة، خاصة ذوات الصحة النفسية الهشة، سجلن تحسنا نفسيا يعادل زيادة دخل الأسرة بنسبة 15%.
وهذه ليست مجرد أرقام، بل ترجمة ملموسة لتحسن في جودة الحياة، ويتوافق هذا الاكتشاف مع دراسات سابقة وجدت أن النمط الهجين يحسن أيضا الرضا الوظيفي والإنتاجية.
والأمر الأكثر إثارة أن هذه الفوائد ليست فقط نتيجة لتوفير وقت التنقل. فعندما عزل الباحثون تأثير المواصلات إحصائيا، وجدوا أن العمل من المنزل يقدم مزايا نفسية إضافية مستقلة. ويعزو الباحثون ذلك إلى أسباب مثل تخفيف ضغوط بيئة المكتب التقليدية، وتوفير مرونة أكبر لإدارة عبء “المناوبة المزدوجة” بين العمل والمنزل، وهو عبء ما يزال يقع بشكل غير متكافئ على عاتق المرأة في العديد المجتمعات.
في المقابل، يقدم الرجال صورة مختلفة. فالعمل من المنزل بحد ذاته لا يظهر تأثيرا إحصائيا واضحا على صحتهم النفسية، سواء إيجابيا أو سلبيا. لكن العامل الحاسم للرجال، خاصة أولئك الذين يعانون أساسا من تحديات نفسية، هو وقت التنقل.
ووجدت الدراسة أن إضافة نصف ساعة فقط للرحلة ذهابا إلى العمل تعادل نفسيا انخفاض دخل الأسرة بنسبة 2% للرجل المتوسط. وهذا يشير إلى أن التكلفة النفسية للازدحام والوقت الضائع في المواصلات قد تكون أكبر على الرجال.
وتوضح نتائج الدراسة أن الأفراد ذوي الصحة النفسية الأضعف هم الأكثر تأثرا ببيئة عملهم. فهم يستفيدون أكثر من العوامل الإيجابية (كالعمل من المنزل للنساء) ويتأذون أكثر من العوامل السلبية (كالتنقل الطويل للرجال). بينما يبدو الأفراد ذوو الصحة النفسية القوية أكثر مرونة وقدرة على التكيف مع مختلف الترتيبات العملية.
وبناء على هذه النتائج، تقدم الدراسة خارطة طريق لكل الأطراف:
للموظف/ة: راقب تأثير بيئة العمل على نفسيتك. خطط لإنجاز المهام الأكثر تطلبا في الأيام والأماكن التي تشعر فيها بأكبر قدر من الراحة والتركيز. لصاحب العمل: تجنب سياسات “مقاس واحد يناسب الجميع”. اعتمد النماذج الهجينة المرنة، واعترف بأن وقت التنقل جزء من عبء العمل ويؤثر على إنتاجية الموظف ورفاهيته، خاصة لمن يعانون من تحديات نفسية. لصانع السياسة: استثمر في تحسين وسائل النقل العام لتقليل الازدحام. عزز التشريعات التي تدعم العمل المرن. ووسع نطاق الوصول إلى خدمات الصحة النفسية في أماكن العمل.وبحسب الدراسة، فإن العمل من المنزل ليس رفاهية ولا حلا سحريا، بل هو أداة قوية يمكن تصميمها بشكل ذكي لتحسين الصحة النفسية، خاصة للفئات الأكثر حاجة.
المصدر: ساينس ألرت