لأول مرة، اكتشف فريق بحث في كوريا أن هناك علاقة ذات دلالة إحصائية بين الاكتئاب وتركيز حمض التورين في منطقة "الحُصين" في الدماغ المسؤولة عن وظائف الذاكرة والتعلم. يوفر هذا الاكتشاف الفرصة للتعريف بدور وأهمية التورين في الوقاية من الاكتئاب وتشخيصه وعلاجه في المستقبل.

وباستخدام المجال المغناطيسي الفائق (7 تسلا) أو  (7T) للتصوير البشري بالرنين المغناطيسي، أكد فريق التحليل الكيميائي الحيوي (الدكتور يونغكيو سونغ، والدكتورة جي هيون تشو، والدكتور تشايجون تشيونغ) في المعهد الكوري للعلوم الأساسية  BSI(الرئيس سيونغ كوانغ يانغ) أن تركيز التورين كان أقل بشكل ملحوظ في الحُصين لدى الشابات اللاتي يعانين من الاكتئاب.



الدراسة، التي أجريت بالتعاون مع فرق بحثية بقيادة الدكتورة تشي يون كيم من المعهد الكوري للطب الشرقي (KIOM) والبروفيسور جين هون سون في جامعة تشونغنام الوطنية (CNU)، هي نتيجة لمقارنة مجموعتين من المشاركات الإناث. 

مجموعة من 36 مريضة تعاني من اضطراب الاكتئاب الشديد، ومجموعة مراقبة مكونة من 40 أنثى سليمة. وتتراوح أعمار جميع المشاركين بين 19 و29 عاما.




الاكتئاب مرض يسبب أضرارا وخسائر جسيمة، ليس على المستوى الشخصي فحسب، بل على المستوى الاجتماعي والاقتصادي أيضا. وفقا لمنظمة الصحة العالمية، هناك أكثر من 260 مليون شخص يعانون من الاكتئاب في جميع أنحاء العالم، وأكثر من 800 ألف شخص ينتحرون كل عام.

في كوريا، هناك زيادة ملحوظة في حالات الاكتئاب بين الشباب. ومن بين إجمالي 1,000,744 مريضا بالاكتئاب، كان 185,942 فردا في العشرينات من العمر يمثلون أكبر شريحة سكانية، وقد تضاعف معدل الزيادة خلال خمس سنوات.

ما هو التورين؟

التورين هو حمض أميني سلفونيكي، وهو على عكس معظم الأحماض الأمينية الأخرى، لا يقوم ببناء البروتينات. بدلا من ذلك، فإنه يلعب عدة أدوار حاسمة في الجسم.

يوجد بشكل طبيعي في الدماغ والقلب والعينين والأنسجة العضلية. يمكن للجسم تصنيع التورين، ويمكن الحصول عليه أيضا من خلال النظام الغذائي، خاصة من اللحوم والأسماك ومنتجات الألبان. وهو أيضا مكون شائع في مشروبات الطاقة.

يعمل التورين كناقل عصبي في الدماغ، حيث يمكن أن يكون له تأثير مهدئ على الجهاز العصبي. كما أنه يشارك في تنظيم مستويات الكالسيوم في بعض الخلايا، ويساهم في وظائف القلب، وله خصائص مضادة للأكسدة، مما يحمي الخلايا من التلف. دور التورين في الصحة، وخاصة في صحة القلب والدماغ، يجعله محور العديد من الدراسات الطبية.




يُستخدم التصوير بالرنين المغناطيسي على نطاق واسع في أبحاث أمراض الدماغ حيث يمكنه مسح مواقع محددة في الجسم بدقة والحصول على مجموعة متنوعة من المعلومات الكمية.

ركزت دراسات التصوير بالرنين المغناطيسي السابقة حول الاكتئاب على الكشف عن التغيرات في المستقلبات التي تقتصر بشكل أساسي على منطقة القشرة الدماغية، عند حافة الدماغ. هذه الدراسة هي الأولى التي تكشف عن العلاقة بين المستقلبات والاكتئاب في منطقة الحُصين الموجودة داخل الدماغ.

لتحديد المواد المرتبطة ارتباطا وثيقا بالاكتئاب، قام فريق البحث بقياس ومقارنة تركيزات سبعة مستقلبات، وهي التورين، والكولين، والكرياتين، والجلوتامين، والغلوتامات، وميو-إينوزيتول، وأسبارتات إن-أسيتيل، الموجودة في المناطق الأمامية والقذالية والحُصين من أدمغة الشابات.




عند إجراء فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي، هناك قيود تقنية في قياس تركيز المستقلب (metabolite) في الحُصين بسبب موقعه في الدماغ. أيضا، من الصعب بشكل خاص الحصول على إشارة التحليل الطيفي بالرنين المغناطيسي (MRS) للتورين لأنه يحتوي على تركيز منخفض مقارنة بالمستقلبات الأخرى.

باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي 7T، الذي يحقق حساسية ودقة عالية للإشارة، وتسلسل نبض sLASER المصمم لتقليل أخطاء إزاحة التحول الكيميائي، نجح فريق البحث في قياس الاختلافات الدقيقة في إشارات التورين في حُصين المريض ومجموعات التحكم.

تم أيضا قياس تركيزات المستقلبات بدقة مع الأخذ في الاعتبار التوزيعات الدقيقة للمكونات والمادة البيضاء والمادة الرمادية والسائل النخاعي (CSF) التي تعتمد على الفرد. ومن المتوقع في المستقبل أن يتم تطبيق هذه القياسات على أبحاث أمراض الدماغ المخصصة، والتي تتناسب مع الخصائص الفردية.




أعلنت قائدة فريق البحث في  KBSI، الدكتورة جي هيون تشو، أن "هذه الدراسة ستعزز البحث حول دور التورين في الحُصين وعلاقته بالاكتئاب، وستساهم في أبحاث التسبب في المرض وتطوير تشخيص الاكتئاب".

وأضافت: "باستخدام معدات البحث المتطورة في KBSI، نخطط لإجراء أبحاث متابعة حول التغيرات في تركيزات التورين في الدماغ من خلال المراقبة طويلة المدى لمرضى الاكتئاب، بالإضافة إلى تأثير تناول التورين كعلاج لمرض الاكتئاب".

اقترح فريق البحث في KBSI فكرة البحث الأولية حول العلاقة بين الاكتئاب وتركيز التورين في الحُصين، وأجرى قياس مستقلبات الدماغ باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي 7T، وقام بتحليل البيانات الناتجة.

شاركت فرق البحث من KIOM وCNU في توظيف مرضى الاكتئاب ومجموعات المراقبة الأصحاء، وإجراء اختبارات نفسية ومقابلات سريرية، وإدارة المعلومات الديموغرافية.

 

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحة كوريا الاكتئاب الدماغ كوريا الدماغ الاكتئاب المزيد في صحة سياسة سياسة صحة صحة صحة صحة صحة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة التصویر بالرنین المغناطیسی فریق البحث فی الدماغ

إقرأ أيضاً:

دراسة تكشف مفارقة قاسية في غانا: كسب الرزق من النفايات الإلكترونية مقابل التعرض لسموم خطيرة

ركزت الدراسة، التي قادها الباحث براندون مارك فين من كلية البيئة والاستدامة بجامعة ميشيغان، على منطقة أغبوغبلوشي في العاصمة الغانية أكرا، التي تعد من أكبر مواقع النفايات الإلكترونية غير الرسمية في العالم.

أظهرت دراسة صادرة عن جامعة ميشيغان أن العاملين في إعادة تدوير النفايات الإلكترونية في غانا وفي دول الجنوب العالمي يواجهون مفارقة قاسية؛ تأمين مصدر رزق ضروري للبقاء يقابله تعرض طويل الأمد لسموم خطيرة وتلوث بيئي كبير.

وبحسب الأمم المتحدة، ينتج العالم سنويا 62 مليون طن من النفايات الإلكترونية، ويجري تدوير أقل من ربع هذه الكمية في منشآت رسمية ومنظمة، بينما يتم تدوير الجزء الأكبر في قطاع غير رسمي لا يخضع للحماية أو التنظيم أو التسجيل. وتستقبل غانا وحدها نحو 15 في المئة من النفايات الإلكترونية العالمية.

موقع غير رسمي يهدد صحة البشر والبيئة

ركزت الدراسة، التي قادها الباحث براندون مارك فين من كلية البيئة والاستدامة بجامعة ميشيغان، على منطقة أغبوغبلوشي في العاصمة الغانية أكرا، التي تعد من أكبر مواقع النفايات الإلكترونية غير الرسمية في العالم.

وخلال 55 مقابلة ميدانية، وثق فين ما سماه المفارقة غير الرسمية، حيث يؤدي العمل غير المنظم في إعادة التدوير إلى الإضرار بصحة العمال وتلويث بيئة المدينة بصورة واسعة.

وبالتعاون مع الباحث ديميتريس غوناريديس والأستاذ باتريك كوبيناه من جامعة ملبورن، وجد الفريق أن ازدياد عدد السكان في المنطقة أدى إلى تفاقم التلوث الناتج من الجسيمات الدقيقة، ما رفع المخاطر الصحية والبيئية. ونشرت نتائج البحث في مجلة Urban Sustainability بدعم من معهد غراهام للاستدامة والمركز الإفريقي للدراسات في جامعة ميشيغان.

عامل في شركة "إيرث سينس ريسايكل برايفت ليمتد"، وهي شركة متخصصة في النفايات الإلكترونية، يفصل أجزاء أجهزة الكمبيوتر لإعادة تدويرها، يوم الخميس 17 ديسمبر/كانون الأول 2009. Manish Swarup/AP2009 Related تقنية جديدة تُحول نفايات التخمير إلى أقمشة صديقة للبيئة وتخفف أزمة الجوعتحذيرات من كارثة بيئية.. مئات الأطنان من النفايات تنتشر في جنوب إنجلترادراسة تحذر: نفايات تعدين أعماق البحار تعطل سلاسل الغذاء وتهدد مصايد الأسماك العالمية معادن تستخرج وسموم تنتشر

يعتمد العمال على حرق البلاستيك لفصل المعادن من الأسلاك والأجهزة، أو على استخدام الأحماض لاستخراج المعادن القيّمة، ما يؤدي إلى انتشار جسيمات ضارة في الهواء وتسرب ملوثات خطيرة إلى التربة والبحيرة القريبة.

ويبيع العمال المعادن المستخرجة لتجار محليين يعيدون إدخالها في سلاسل التوريد العالمية، مع أن هذه المعادن ضرورية لصناعات الطاقة الحديثة ولعمليات التحول نحو الطاقة النظيفة.

مخاطر مصدرها الشمال العالمي

أوضح فين أن كثيرا من العاملين هم مهاجرون من شمال غانا حيث تنتشر الفقر والنزاعات، مشيرا إلى أن الأجهزة الإلكترونية تصل إلى البلاد من دول الشمال العالمي ومن دول إفريقية، وغالبا تحت غطاء التبرعات أو المعدات الصالحة للاستخدام رغم أنها غير قابلة للتشغيل.

وقال فين إن المفارقة واضحة؛ نتائج اجتماعية وبيئية خطيرة، مقابل أن هذا العمل قد يكون السبيل الوحيد أمام الناس لكسب المال وتحقيق أي درجة من الحراك الاقتصادي. وأكد أن الاقتصادات الدائرية، إذا قامت على الاستغلال والتعرض للسموم، لا يمكن اعتبارها اقتصادات مستدامة، مضيفا أن سلامة سلاسل التوريد لا تقل أهمية عن الهدف النهائي للطاقة النظيفة.

بيانات تمتد لعشرين عاما

استخدم الباحث غوناريديس بيانات جغرافية تمتد عشرين عاما لقياس العلاقة بين نمو السكان وزيادة الجسيمات الدقيقة PM2.5 الناتجة أساسا من حرق البلاستيك.

وتوصل إلى علاقة مباشرة؛ كلما ازداد عدد السكان في أغبوغبلوشي، ارتفعت مستويات التلوث التي يتعرضون لها.

وقال غوناريديس إن الناس ينتقلون بحثا عن عمل، لكن وجودهم ونشاطهم يسهمان أيضا في تفاقم التلوث الذي يعانون منه.

الحاجة إلى حل وسط

أشار فين إلى أن تنظيم الاقتصاد غير الرسمي في دول الجنوب العالمي يواجه تحديات كبيرة؛ فالتدخلات السابقة إما أدت إلى عمليات إخلاء قاسية شردت السكان، أو فرضت شروطا تعجيزية منعت دخولهم السوق، أو تجاهلت المشكلة تماما.

ويقترح الباحث اعتماد استراتيجية وسطية تخفف الأضرار وتوفر دعما ماليا وتقنيا للعاملين، مثل توفير أدوات stripping للأسلاك لمنع الحرق، أو إنشاء وحدة معالجة مركزية تسمح بإعادة التدوير ضمن ظروف أكثر أمنا وتزيد من شفافية سلاسل التوريد.

وختم فين بأن التدخل لمعالجة المفارقة غير الرسمية ضرورة ملحة في غانا وفي دول أخرى، لكنه حذر من السياسات التي قد تؤدي إلى تفاقم معاناة الفئات الأكثر هشاشة في حال لم تراع السياق الحقيقي والتحديات الفعلية.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة

مقالات مشابهة

  • انخفاض مستويات فيتامين د مرتبط ارتباطا وثيقا بالاكتئاب
  • حماس تكشف وجود محادثات جادة حول المرحلة الثانية من اتفاق غزة
  • فريق من الصليب الأحمر والقسام يستأنف البحث عن جثة آخر محتجز إسرائيلي.. تفاصيل
  • دراسة تكشف سر "نفوق 60 ألف بطريق".. أين وكيف ولماذا؟
  • دراسة جديدة تكشف آلية تجعل الأورام الإيجابية للإستروجين تستجيب للعلاج المناعي
  • نتائج غير متوقعة.. أبحاث تكشف رابطا خفيا بين جهازك الهضمي والنوم
  • بكتيريا الأمعاء قد تكون مفتاح النوم العميق.. اكتشاف يربط الميكروبات بالدماغ
  • دراسة تكشف مفارقة قاسية في غانا: كسب الرزق من النفايات الإلكترونية مقابل التعرض لسموم خطيرة
  • دراسة: نقص شرب الماء يسبب صداعًا مزمنًا ويؤثر على التركيز
  • دراسة: الإكثار من الملح يرفع خطر الجلطات ويؤثر على صحة الدماغ