اهتمت الدولة تحت قيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال السنوات الـ10 الماضية بصناعة السياحة باعتبارها قاطرة التنمية، وهو ما أدى إلى استعادة الحركة الوافدة لمصر لمعدلاتها التى كانت عليها قبل عام 2011، ووفقاً للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، حققت صناعة السياحة إيرادات بلغت 63.4 مليار دولار، كما زارها نحو 90.

1 مليون سائح خلال الـ10 سنوات الماضية، وذلك دون احتساب إيرادات العام الحالى التى تقترب من 15 مليار دولار.

«رؤية مصر 2030» تستهدف تحقيق إيرادات بقيمة 30 مليار دولار

ونظراً لتأثر السياحة بالأحداث السياسية والاضطرابات الدولية، فقد واجهت مصر العديد من التحديات التى أثرت بالسلب على الحركة السياحية الوافدة، وعلى مستوى الإيرادات بتدابير وجهود مكّنت القطاع من استعادة الأرقام التاريخية، وكان عام الذروة السياحية فى 2010، حيث زار مصر نحو 14 مليون سائح، ما أدى إلى استمرار النمو الثابت لتحقيق الاستراتيجية الوطنية والوصول إلى 30 مليون سائح 2028، وأدت فترة عدم الاستقرار ومجموعة الأحداث السياسية والأمنية التى شهدتها مصر بعد عام 2011 إلى تراجع السياحة، خاصة فى أعوام 2016 وعامى 2020 و2021 بسبب كورونا، بشكل يفوق المعتاد، إلا أن الإجراءات التى اتخذتها مصر خلال تلك الفترة أسهمت فى استعادة الحركة السياحية لمعدلاتها بما يتناسب مع استراتيجية السياحة ورؤية مصر 2030 للوصول إلى إيرادات 30 مليار دولار.

واستطاعت الدولة جذب -فى النصف الأول من العام الجارى- نحو 7 ملايين سائح كرقم قياسى تحققه السياحة المصرية للمرة الأولى فى تاريخها، وكان شهر أبريل الماضى هو الأكبر من حيث عدد السائحين مسجلاً 1.3 مليون سائح، وشهد عدد السائحين على مدار العشر سنوات الماضية تزايداً مطرداً، ليسجل نحو 90.1 مليون سائح حتى عام 2022، وأسهمت الإجراءات الحكومية التى تم اتخاذها فى الحفاظ على القطاع السياحى كقطاع عالى التأثير لمواجهة التقلبات الاقتصادية العالمية، وهو ما أدى إلى التوقع بتحقيق نمو بين 25% و30% سنوياً، بما يصل بعدد السياح إلى 30 مليون سائح بحلول 2028.

خطة الإصلاح الاقتصادى ساعدت القطاع على تحقيق عائدات دولارية كبيرة بعد الاتجاه إلى أسواق سياحية جديدة

ووفقاً للأرقام المحققة، فمن المتوقع أن يصل عدد السياح القادمين خلال عام 2024، إلى نحو 18 مليون سائح، وأن يكون عدد الذين استقبلتهم فى الفترة من (2016 - 2025) إلى نحو 120.5 مليون سائح، مقارنة بنحو 110.2 مليون سائح فى فترات ما قبل الأزمات (2006 - 2015)، وعكفت الجمهورية الجديدة على وضع خطة للإصلاح الاقتصادى، فكان قطاع السياحة هو الأسرع تحقيقاً للعائدات الدولارية، وتمثلت مظاهر هذه الخطة فى تنوع السوق السياحية المستهدفة، حيث كان عام 2016 هو العام الحاسم فى تنوع السوق السياحية المصرية، نتيجة تأثر السياحة المصرية بالأسواق الأكثر قدوماً للمقصد المصرى، فوضعت الدولة خططاً استراتيجية للأسواق البديلة، وهو ما انعكس على زيادة خطوط الطيران مع الدول المختلفة، وتقديم حزم برامج تحفيز الطيران لتسهيل عملية الوصول.

وتنوع المنتج السياحى من خلال العمل على ربط السياحة الثقافية بالشاطئية، وخلق منتجات سياحية جديدة، وتقنين السياحة الصحراوية والاهتمام بالسياحة الريفية، والاهتمام بالأحداث الضخمة لجذب الانتباه للمقصد السياحى المصرى، وافتتاح العديد من المتاحف الجديدة أو تجديد المتاحف القائمة وأشهرها «المتحف المصرى الكبير»، وأعمال ترميم قصر البارون، وافتتاح متحف المركبات الملكية وهرم زوسر للزيارة، والعمل على إنشاء متحف فى كل محافظة مصرية، فيوجد نحو 31 متحفاً وموقعاً أثرياً مفتوحة للزيارة، أضف إلى ذلك تنظيم احتفالات كبرى، مثل موكب «المومياوات الملكية»، وافتتاح طريق الكباش بالأقصر، والعمل على إطلاق البوابة المصرية للسياحة المستدامة لزيادة الاستثمار فى المحميات الطبيعية وخارجها، إضافة إلى مشروع إدراج صون التنوع البيولوجى واستخدامه المستدام فى تنمية السياحة.

298.9 مليون دولار حجم الاستثمار الأجنبى المباشر فى مجال السياحة عام 2023

وحرصت الدولة على دعم القطاع أثناء الأزمات، حيث أسهمت الإجراءات فى حماية القطاع السياحى من تبعات أزمة كورونا، واعتماد استراتيجيات تسويقية وتحفيزية لاستعادة الحركة السياحية، وهو ما انعكس على ثقة المستثمرين فى إمكانية تحقيق القطاع نمواً متزايداً، فارتفع الاستثمار الأجنبى المباشر فى مجال السياحة ليسجل نحو 298.9 مليون دولار، مع توقع زيادة الإيرادات بنحو 60% خلال عام 2023، وتمثلت تلك الإجراءات التى استمر بعضها حتى الآن فى تقديم سياسات نقدية وتحفيزية للقطاع الخاص، ودعم تمويل قطاع السياحة بمبادرات تمويل منخفضة الفائدة، وتقديم حوافز لاستعادة الحركة السياحية، وتنفيذ إجراءات لضبط العمل السياحى، وحماية العنصر البشرى خلال الأزمات.

اعتماد استراتيجيات تسويقية انعكس على ثقة المستثمرين فى إمكانية تحقيق القطاع نمواً متزايداً

كما تم العمل على تطوير البنية التحتية من خلال مجموعة من الآليات التى تشمل التحول الرقمى، حيث أظهرت جائحة كورونا الحاجة إلى ضرورة وجود بنية تحتية رقمية هائلة، تم الاستفادة منها فى تحويل العديد من المناطق الأثرية إلى الزيارات الافتراضية للحفاظ على السائح المستهدف، وبناء صورة جيدة أثناء فترات العزل خلال الجائحة بجانب التحول للدفع غير النقدى، وتطوير المواقع الإلكترونية للمتاحف والمنشآت السياحية، والانتهاء من نحو 80% من مشروع ميكنة خدمات المنشآت الفندقية والسياحية، والعمل على زيادة سعة الإنترنت فى المنشآت الفندقية، وتطوير منصات حجز المواقع الأثرية والمتاحف، وجارٍ العمل على توفير خدمات الإنترنت بالمواقع الأثرية، والعمل على إنشاء تطبيق محمول للترويج للسياحة.

وشهدت الطاقة الفندقية فى مصر ارتفاعاً ملحوظاً وصولاً إلى نحو 211.6 ألف غرفة فندقية بنهاية العام المالى 2022/2023 محققة نمواً سنوياً يصل إلى 2% مع توقع الوصول إلى 500 ألف غرفة فندقية عام 2028 وزيادة معدلات النمو إلى نحو 25% سنوياً، كما شهدت الدولة طفرة فى مجال البنية التحتية من طرق ونقل ومواصلات، فتمتلك مصر 27 مطاراً بسعة 30 مليون راكب، وطورت قطاع الطيران لكون السائحين القادمين جواً هم الأكثر عدداً، فدشنت شركة طيران منخفض التكلفة كجناح لشركة مصر للطيران، فضلاً عن تطوير البنية التشريعية بإصدار العديد من القوانين المحفزة للاستثمار وجذب المستثمرين للعمل فى قطاع السياحة فى ظل قدم القوانين السياحية التى لا تتناسب وطبيعة السياحة المتطورة، مثل تعديل قانون التحرش، وقانون إنشاء غرف سياحية وتنظيم اتحاد برقم 27 لسنة 2023، وقانون رقم 8 لسنة 2022 بإصدار قانون المنشآت الفندقية والسياحية كبديل للقانون الصادر عام 1973، وقانون رقم 19 لسنة 2022 بإنشاء صندوق دعم السياحة والآثار، وقانون رقم 84 لسنة 2022 بتنظيم الحج وإنشاء البوابة المصرية الموحدة للحج.

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: السياحة صندوق دعم السياحة والآثار المنشآت الفندقية البنية التحتية

إقرأ أيضاً:

سوريا.. هل يتبخّر حلم انتعاش السياحة أمام الفوضى الأمنية والقيود على الحريات؟

بعد سقوط الأسد، تواجه السياحة في سوريا أزمة مزدوجة: فوضى أمنية وقيودا على الحريات تهدد بانهيار كامل للقطاع، رغم آمال الانتعاش الاقتصادي ورفع العقوبات. اعلان

مع مرور أشهر على سقوط نظام بشار الأسد وسيطرة "هيئة تحرير الشام" سيطرتها على مفاصل الدولة تحت قيادة أحمد الشرع الذي عُين رئيسًا للمرحلة الانتقالية، تواجه سوريا تحديات جسيمة، أبرزها تعافي قطاع السياحة ، الذي كان يومًا ما من أهم روافد الاقتصاد الوطني.

لكن الواقع الحالي كشف عن فجوة عميقة بين الآمال الكبيرة وبين المعوقات التي تعصف بالقطاع من الداخل والخارج، وتهدد بتحوله إلى رافعة اقتصادية ضائعة، إن لم يتم التصدي لها بشكل سريع وفعّال.

خسائر مضاعفة عبر سنوات الحرب

تكبد قطاع السياحة في سوريا خسائر فادحة خلال سنوات الحرب، حيث توقف نحو 544 مشروعًا سياحيًا عن التنفيذ بين عامي 2011 و2014 ، وهو مؤشر أولي على حجم الدمار الذي لحق بهذا القطاع الحيوي حتى قبل أن تمتد الحرب بشكل كامل لتطال معظم أنحاء البلاد.

وفي عام 2019، كشف وزير السياحة في حكومة نظام بشار الأسد، رامي مرتيني، عن خروج 1468 منشأة سياحية من الخدمة ، بينها 365 فندقًا و1103 مطاعم ، إضافة إلى تضرر 403 منشآت سياحية بشكل كلي أو جزئي ، مما يعكس حجم الدمار الذي تعرض له هذا القطاع الاستراتيجي.

ومنذ ذلك الحين، حاولت الحكومة إعادة تنشيط القطاع ضمن المناطق التي كانت تحت سيطرتها، وفي عام 2024، واصل النمو زخمه نسبيًّا، إذ بلغ عدد الزوار القادمين إلى سوريا حتى بداية شهر تموز/يوليو الماضي نحو 1.002 مليون زائر ، بزيادة قدرها 5% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق ، ما يُعد مؤشرًا إيجابيًّا رغم استمرار التحديات المتعلقة بالبنية التحتية والأوضاع الأمنية الهشة.

العامل الأمني: فوضى لا ترحم المنشآت ولا الزوار

لكن كل هذه المؤشرات الإيجابية انقلبت رأسًا على عقب مع سقوط النظام وبدء المرحلة الانتقالية، حيث أصبحت المنشآت السياحية هدفًا مباشرًا للفصائل المتطرفة التي تسعى إلى فرض نمط حياتي صارم، يتنافى مع طبيعة الحياة التي اعتاد عليها السوريون والسياح.

خلال الأشهر الماضية، رصدت يورونيوز بشكل دقيق تصاعد أعمال العنف ضد المنشآت السياحية، خصوصًا في العاصمة دمشق وطرطوس وحمص. حيث تعرضت مطاعم ومقاهٍ ومواقع سياحية لهجمات متكررة من فصائل متشددة تتبع لجماعات متطرفة، تتهم أصحاب هذه المنشآت بمخالفة "الأعراف الإسلامية"، مثل تقديم الكحول أو السماح بالموسيقى أو الرقص.

في إحدى الحالات، تم تدمير محلات تبيع المشروبات الكحولية في منطقتي دمشق وطرطوس، كما تم تهديد أصحاب المطاعم الذين يسمحون لزبائنهم بشرب الكحول، ما أدى إلى حالة من الرعب والتخوف من استمرار العمل في مجال السياحة.

Relatedدُمرت محالّهم وطُلب منهم دفع الجزية.. مسيحيو سوريا ضحايا انتهاكات الفصائل المتطرفةمطاعم دمشق القديمة في قبضة الأمن العام: لا غناء ولا حرية ولا أمان!سرقة ورعب في أحد ملاهي دمشق: اعتداءات على الحريات وفصائل مسلحة غير منضبطة

وقال أحد أصحاب المطاعم في دمشق ليورونيوز: "بعد سقوط النظام، تخيلنا أن يكون هذا الصيف بداية نهضة جديدة، وأن تعود المنشآت السياحية إلى سابق عهدها، لكن المفاجأة كانت صادمة. لم تتجاوز نسبة الإشغال العشرات، والمطاعم شبه خالية، والحفلات النادرة التي أُقيمت لم تستمر أكثر من ليلة واحدة بسبب الضغوط الأمنية."

أما صاحب منتجع سياحي في اللاذقية، فقد أكد أن غياب الأمن هو أكبر عائق أمام استعادة القطاع لدوره الاقتصادي: "الدولة تفقد اليوم مصدرًا رئيسيًا للدخل، وتفوت فرصة تحريك العجلة الاقتصادية، فقط لأنها لم تستطع ضبط الأمن في الساحل السوري، حيث تكثر حالات القتل والخطف كل يوم. إذا أردت الاستثمار، عليك أولًا باستعادة الأمان."

قيود على الحريات: قرارات غريبة تقيد النشاطات السياحية

إلى جانب الجانب الأمني، برزت تحديات ثقافية وإدارية داخلية ، كان أبرزها القرارات الصادرة عن وزارة السياحة السورية مؤخرًا، والتي أثارت جدلًا واسعًا داخليًا وخارجيًا.

من بين تلك القرارات، التوجيهات الجديدة حول حرية اللباس في الشواطئ العامة، حيث تم تقسيم الشواطئ بناءً على نوع الملابس المسموح بها، مع ترك حرية أكبر للفنادق الفاخرة (4 و5 نجوم) في حين فُرضت قيود صارمة على الشواطئ الشعبية.

وقال خبير اقتصادي ليورونيوز، طلب عدم ذكر اسمه: "السياحة ليست فقط أماكن تراثية وبحر وجبل، بل هي أيضًا ثقافة الحريات التي تدرّ المال. التجربة واضحة في تركيا ولبنان، حيث لا يتم تقييد الزائر، بل تُقدَّم له الخيارات. أما عندنا، فإن مثل هذه القرارات العشوائية تقتل أي أمل في استعادة الثقة لدى السائح المحلي أو الأجنبي."

وأضاف: "اليوم الدولة تخسر ملايين الدولارات بهذه القرارات وتساهم في انتشار البطالة بما توفره السياحة من توظيف أيدي عاملة في كل سوريا، كان من الأجدى على وزارة السياحة أن تدعم القطاع لا أن تصدر قرارات تُقيد الحريات. المجتمع السوري متنوع، وثقافته قادرة على الموازنة بين القيم والحرية، دون الحاجة إلى تدخل تعسفي."

هل هناك بصيص أمل؟

رغم حالة التشاؤم التي تسود المشهد السياحي، إلا أن هناك بعض المؤشرات التي قد تكون مبشّرة، لو توفرت لها الإرادة السياسية والأمنية:

الاهتمام الدولي المتزايد بالمواقع الأثرية مثل تدمر وحلب القديمة.الطلب الداخلي على السياحة الداخلية رغم انخفاض مستوى الدخل.إمكانية عودة السياح العرب والأوروبيين لو استقرت الأوضاع الأمنية وانتظمت الخدمات.

لكن لتحقيق ذلك، يرى الخبراء أنه على الحكومة الانتقالية أولًا استعادة الأمن والاستقرار، وثانيًا إعادة النظر في القرارات التي تقيّد الحريات ، حتى ولو كانت تدعي الحفاظ على الأخلاقيات.

فالسياحة، كما يقول أحد أصحاب المطاعم: "ليست فقط مبنى أو شاطئ، بل هي تجربة إنسانية تبدأ من الحرية وتنتهي بالراحة. مضيفاً، بدون خطوات عملية لإصلاح البيئة الأمنية والثقافية والسياحية، فإن سوريا ستظل بعيدة عن استعادة دورها كوجهة سياحية مهمة في المنطقة".

اليوم، يتوقع الكثيرون خسائر جمّة ما لم يتم تداركها ، خصوصًا أن الناس تنتظر المستثمرين في هذا القطاع الحيوي والأساسي، وبعيدًا عن العقوبات الاقتصادية التي رُفعت مؤخرًا، فإن التحدي الحقيقي يبقى في إعادة الثقة وبناء بيئة آمنة وحرّة تُحفِّز السياح على العودة.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • أسعار النفط تقفز عالمياً وسط توقعات بقفزات جديدة خلال الساعات القادمة
  • "المشروع X" يتصدر شباك التذاكر ويحقق إيرادات تتجاوز 100 مليون جنيه
  • أكثر من 100 مليون.. إجمالي إيرادات فيلم "المشروعX"
  • أسعار النفط تقفز بأكثر من 12 بالمئة
  • Lilo & Stitch يواصل صدارته للبوكس أوفيس.. ويحقق 800 مليون دولار
  • 611 مليون درهم إيرادات المنشآت الفندقية في أبوظبي خلال مارس
  • 3.1 مليار دولار الدخل السياحي خلال 5 اشهر
  • سوريا.. هل يتبخّر حلم انتعاش السياحة أمام الفوضى الأمنية والقيود على الحريات؟
  • ارتفاع الدخل السياحي في الأردن إلى 3.1 مليار دولار
  • طاقة النواب تثمن خطة الحكومة للاستثمار في قطاع الكهرباء خلال الـ10 سنوات القادمة