هل فشل الإسرائيليون في تحقيق أهدافهم ؟!
تاريخ النشر: 23rd, December 2023 GMT
بعد نجاح حركة حماس في عمليتها العسكرية النوعية “طوفان الأقصى “ في السابع من أكتوبر الماضي ، أعلن قادة كيان العدو شن حرب على قطاع غزة ، وحددوا لها ثلاثة أهداف :
ـ القضاء على حماس ـ استعادة الأسرى ـ ضمان عدم تعرض الكيان لأي خطر من قطاع غزة مستقبلا .
الأهداف الثلاثة تم صياغتها لتكون شرعية ومقبولة من المجتمع الدولي ، وكي تحظى بتأييد ودعم الشارع الإسرائيلي .
لكن خلف الأهداف الثلاثة المعلنة، أخفى « مجلس الحرب الإسرائيلي” وقادة العدو، هدفهم الحقيقي من حربهم على غزة، وهو : القضاء على قطاع غزة “كديموغرافيا فلسطينية”، وهذا ما يتجسد بوضوح من خلال طبيعة الحرب التي تشن على القطاع منذ أكثر من شهرين ونصف ، وهي حرب- بحسب وصف المراقبين والمنظمات الدولية -حرب إبادة ، تطهير عرقي ، تعتمد على القتل والتدمير الشامل وجعل مدن وأحياء القطاع غير صالحة للعيش ، ودفع السكان جنوبا تمهيدا للتهجير خارج القطاع.
باستثناء الهدف الثاني ـ استعادة الأسرى ـ يرى قادة العدو أنهم بهذه الحرب الوحشية سيحققون الهدفين ، الأول والثالث ، وهما هدفان رئيسيان وينسجمان مع استراتيجية الكيان التوسعية الهادفة لضم ما تبقى من الأراضي الفلسطينية . وعلى مر العقود الماضية ، ظلت قيادات العدو تنظر إلى قطاع غزة مثل خنجر في ظهر الكيان الغاصب ، وهم ينظرون إلى هذه الحرب كفرصة للتخلص من هذا الخنجر نهائيا، كأرض فلسطينية وكشعب فلسطيني.. ولذلك يواصلون حربهم ومجازرهم اليومية رغم الاحتجاجات الرسمية والشعبية في أرجاء العالم ، بما في ذلك أمريكا والدول الأوروبية الحليفة للكيان الإسرائيلي .
إفراغ قطاع غزة من سكانه بالقتل والتهجير تمهيداً لضمه إلى دولة الكيان يعد هدفا استراتيجيا لقادة الاحتلال .. هدف يستحق التضحية بسمعة هذا الكيان ، ويستحق التضحية بمئات وآلاف الجنود الإسرائيليين ، كما يستحق التضحية بالأسرى أيضا . وقد تابعنا طريقة تعامل نتنياهو ومجلس الحرب الإسرائيلي مع ملف الأسرى وعدم جديتهم في استعادة أسراهم، الذي جعلوه هدفا ثانيا لمجرد تضليل الخارج العالمي والداخل الإسرائيلي . ولولا الضغوط الداخلية لما تمت عمليات تبادل الأسرى التي شملت المدنيين من النساء والأطفال بعد شهر ونصف من الحرب . ورأينا قبل ذلك كيف تعامل جيش الاحتلال مع المدنيين الإسرائيليين في المستوطنات المجاورة للقطاع وكيف قصفهم بالدبابات والطائرات ، بشهادة وسائل إعلام إسرائيلية .
بعد انتهاء الهدنة التي استمرت أسبوعا لتبادل الأسرى ، واصل جيش الاحتلال حربه الوحشية على القطاع بوتيرة أعلى من السابق ، حرب لم تستثن حتى أسراه في القطاع ، حيث سقط منهم حتى الآن أكثر من عشرين أسيرا ، ولا يزال قادة الاحتلال يماطلون في عقد صفقات لاستعادة نحو 130 من أسراهم ، لأنهم يرون أن ثمن استعادتهم سيكون باهظا بالنظر إلى شرط فصائل المقاومة في غزة وهو تبييض السجون الإسرائيلية من آلاف الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين .
يعتبر قادة العدو أن حربهم على غزة حربا مصيرية ، وجودية ، بعضهم يرى أنها الحرب الأخيرة ، ولذلك حشدوا لها كل إمكانياتهم العسكرية ، وهكذا يعتبرها حلفاؤهم في واشنطن ولندن ، وهي الحرب الأطول في تاريخ الكيان . ومن خلالها يسعون إلى طي القضية الفلسطينية.. ويمكن القول أن الإسرائيليين لم يفشلوا في تحقيق أهدافهم ، وهم ماضون لتحقيقها ، ما لم يواجهوا موقفاً عربياً إسلامياً رادعاً.
وحدهم الفلسطينيون في غزة ارتقوا إلى مستوى المعركة ، سواء من خلال الصمود الأسطوري والتضحيات التي يقدمها سكان غزة ، أو من خلال البطولات التي تسطرها فصائل المقاومة في القطاع في مواجهة الجيش الإسرائيلي .
المفارقة الغريبة والمثيرة هي في وقوف حلفاء الكيان الإسرائيلي معه في هذه المعركة، يقدمون له الدعم العسكري والسياسي والمالي .. حلفاء تفصلهم آلاف الأميال ، يختلفون في اللغة والعقيدة ، ولا توحدهم سوى أطماعهم الاستعمارية، في حين تقف الدول العربية والإسلامية التي تشارك الفلسطينيين الجغرافيا واللغة والدين- رغم ما تملكه من إمكانيات هائلة- موقف المتفرج ، وكأنها من كوكب آخر .
وتزداد المفارقة إثارة بوقوف اليمن منفردة إلى جانب الفلسطينيين في هذه المعركة .. اليمن التي تخوض حربا وحصارا من تحالف عربي أمريكي منذ أكثر من ثماني سنوات، وحدها اليمن ارتقت إلى مستوى المعركة وقررت الانخراط فيها لدعم غزة مهما كانت التضحيات .
لن نهدر الوقت والحبر بالحديث عن خذلان وتواطؤ الأنظمة العربية والإسلامية في هذه المعركة ، وسنكتفي هنا بتقييم دور محور المقاومة في هذه المعركة عسكريا وإعلاميا.. حركة حماس والفصائل الفلسطينية هي ركن أساسي في محور المقاومة ، وهي تقوم بدورها في هذه المعركة على أكمل وجه ، وقد أدهشت العالم بصمودها وبطولاتها .. وهي بحاجة إلى دعم أكثر من مكونات محور المقاومة لكي تستمر وتنتصر .. بدون ذلك سيحقق الصهاينة أهدافهم ، وسينتقلون إلى حلقة أخرى .
إعلاميا : علينا القطيعة مع “ مدرسة صوت العرب في الستينات “ونقل أحداث المعركة وتداعياتها وأهدافها الحقيقية كما هي ، ودفع صناع القرار في محور المقاومة لبذل المزيد .
نحن نقدر الظروف والحسابات التي تحول دون تصعيد مشاركة بعض مكونات محور المقاومة ، لكن يفترض البحث عن بدائل وتفعيل بعض الأوراق ، كما فعلت صنعاء .
المعركة تستحق بذل الكثير، وجرائم الصهاينة تبرر أي ردود عربية إسلامية.. أميركا وحلفاء الكيان وبعد نحو ثمانين يوما من الجرائم والمجازر الإسرائيلية- لا يستطيعون تنفيذ تهديداتهم التي أعلنوها في بداية المعركة . بايدن وبيته الأبيض بات محاصرا من شعبه ، جرائم الصهاينة باتت عبئاً عليه ولا يمكن له التورط في إشعال جبهات أخرى في المنطقة .
يستطيع “عرب محور المقاومة “ إغلاق مضيقي المندب وهرمز دون أن تتورط إيران .. وليسمع العالم : دماء الفلسطينيين أغلى من نفط الخليج .
aassayed@gmail.com
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
طيار إسرائيلي يرفض العودة للمشاركة في حرب غزة
أعلن ضابط احتياط في سلاح الجو الإسرائيلي، برتبة مقدم طيار، رفضه العودة للمشاركة في الحرب على قطاع غزة، معتبرا أنها تدار بشكل يؤدي إلى "كوارث" مما يعرض حياة الجنود الأسرى للخطر.
وذكرت هيئة البث الإسرائيلية، اليوم الجمعة، أن الضابط الذي عّرف نفسه بالحرف الأول من اسمه "ف" رفض العودة للخدمة بعدما شارك في 3 جولات قتالية منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وهذه ليست الحالة الأولى التي يرفض فيها جنود إسرائيليون العودة للحرب في غزة خلال الأسابيع الأخيرة لأسباب عدة بينها الإرهاق الشديد واليقين بأن الحرب لا تخدم مصالح إسرائيل وإنما مصالح شخصية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المطلوب للعدالة الدولية.
تضارب مصالحوقال الضابط، الذي سبق أن شغل منصب قائد طائرة حربية ومدربا في كلية الطيران قبل أن يعتزل لأسباب تتعلق بالتقدم في العمر، إن "الحرب تدار بدافع تضارب مصالح صارخ، مما يؤدي إلى كوارث ويضعف فرص تحرير (الأسرى)".
وتتهم المعارضة الإسرائيلية وعائلات الأسرى المحتجزين في غزة نتنياهو بالتضحية بذويهم المحتجزين بالقطاع عبر التمسك بمواصلة الحرب، استجابة للجناح اليميني الأكثر تطرفا في حكومته الائتلافية الذي هدد بالخروج من الائتلاف وإسقاط الحكومة حال وقف إطلاق النار.
إعلانوأوضح الضابط "ف" أنه خدم في "مهمة تنسيقية" بين سلاح الجو والوحدات البرية "لضمان تنفيذ الضربات الجوية بأقل قدر ممكن من الأخطاء، مع مراعاة تقليل الأذى للجنود والأسرى".
وأضاف "نحن نخطط للهجمات بدقة لتقليل المخاطر، لكن لا أحد يضمن أن القنبلة التالية لن تقتل مختطفا (أسيرا)". وأشار إلى أن نسبة الخطأ تصل إلى نحو 1%، مما يعني سقوط نحو ألف ذخيرة على أهداف خاطئة، قد تشمل أسرى أو جنودا أو مدنيين.
ولفت الضابط "ف" إلى أن عددا من الطيارين والجنود قرروا التوقف عن أداء الخدمة الاحتياطية، بعضهم لأسباب عائلية أو نفسية، وآخرون احتجاجا على أسلوب إدارة الحرب.
وردا على من يعتبر موقفه سياسيا، قال "لم نعد نعيش في ديمقراطية حقيقية، حين أرى إمكانية إعادة الأسرى لكن ذلك لا يحدث بسبب تضارب مصالح من يقود الحرب، لا أستطيع أن أشارك".
وحذر من "خطر كبير يهدد الأمن" في إسرائيل، منتقدا قرارات نتنياهو بشأن تغيير رئيس هيئة الأركان ورئيس جهاز الشاباك خلال فترة الحرب. وقال "يلعب نتنياهو بالجيش لخدمة مصالحه".
وتقدر إسرائيل عدد أسراها في غزة بـ58 أسيرا منهم 20 أحياء، بينما يقبع بسجونها أكثر من 10 آلاف و100 فلسطيني يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا أودى بحياة العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.
ومن جانبها أكدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) مرارا استعدادها لإطلاق الأسرى الإسرائيليين "دفعة واحدة" مقابل إنهاء حرب الإبادة، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، والإفراج عن أسرى فلسطينيين.
لكن نتنياهو يصر على صفقات جزئية ويتهرب بطرح شروط جديدة، بينها نزع سلاح الفصائل الفلسطينية، ويصر حاليا على إعادة احتلال غزة.