لم يكن ينقص رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران بعد تلقّيه صفعة التمديد سوى أن يشاهد خصميه السياسيين، أو بالأحرى الرجلين اللذين يشكّلان لديه ازمة رئاسية، جالسين جنبًا إلى جنب إلى مائدة عشاء دعا إليها قائد الجيش العماد جوزاف عون رئيس تيار "المردة" الوزير السابق سليمان فرنجيه.
كان يُعتقد قبل التمديد، الذي صوّت لصالحه النواب المحسوبون على فرنجية، أن المسافة التي تفصل بنشعي عن اليرزة أبعد بكثير مما كان يتخّيله البعض أو يتمناه، وأن إمكانية التقارب بين المنافسين الجدّيين في السباق الرئاسي مستحيلة.
وعلى أساس ما فهمه من إشارات "الحزب" سيبني باسيل على الشيء مقتضاه، وستكون تحالفاته المستقبلية على "القطعة". وهذا ما سيبلوره في خطابه السياسي في المرحلة اللاحقة، انطلاقًا من نظرية "المعاملة بالمثل"، وهو عازم عن سابق تصوّر وتصميم على ألا يكون أي شيء مجاني في العمل السياسي، وهو الذي لا يترك مناسبة إلاّ ويذكّر "حزب الله" بأن "التيار" هو الوحيد على الساحة المسيحية، باستثناء تيار "المردة"، الذي حمى خاصرة المقاومة في حرب تموز، وهذا ما يفعله اليوم بتأمين التغطية لحرب المساندة لقطاع غزة انطلاقًا من جنوب لبنان.
فالنائب باسيل يعتقد أن "حزب الله" خذله أكثر من مرّة. الأولى عندما فضّل فرنجية عليه كمرشح جدّي لرئاسة الجمهورية، والثانية عندما لم يسايره في اعتبار الحكومة الحالية غير شرعية وغير ميثاقية، والثالثة عندما "قبّ باطه" في جلسة التمديد للعماد عون، والرابعة في تأمين الظروف الملائمة للقاء اليرزة.
وبعيدًا من حسابات باسيل الضيقة فإن لقاء اليرزة هو الأول من نوعه بين متنافسين، وإن كان الأول هو مرشح علني ومدعوم من "الثنائي الشيعي" من دون منازع حتى الآن، وحصل على 51 صوتًا في آخر جلسة انتخابية صورية. أمّا الثاني فلا هو أعلن عن نفسه أنه مرشّح لرئاسة الجمهورية، ولا أحد من الذين دعموا التمديد له يجاهر بتزكية ترشيحه كمرشح مطروح من بين الأسماء الكثيرة المطروحة.
فاللقاء بينهما لا يعني بالضرورة أن يقنع الواحد الآخر بأن حظوظه الرئاسية أفضل من غيره، بل جاء في سياق طبيعي، وليس بالتأكيد نكاية بجبران، كما يحاول بعض المقربين منه الإيحاء به. فلا فرنجية مستعدّ للتنازل عن حقّ يعتبره طبيعيًا، وليس في وارد التفريط مرّة جديدة بهذا الحق كما فعل في المرّة السابقة عندما استجاب لرغبة "حزب الله" بالانسحاب من المعركة الرئاسية لمصلحة العماد ميشال عون.
قد يكون لقاء فرنجية – عون كلقاء عون مع رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" الحاج محمد رعد. فكلا اللقاءين أزعجا باسيل، ولكن لقاء عشاء اليرزة أحدث لديه صدمة غير منتظرة، خصوصًا أنها أتت بعد خسارته في معركة منع التمديد.
المصدر: لبنان 24
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
الرئيس اللبناني: نأمل التمديد لقوات اليونيفيل للمساهمة في استقرار جنوب البلاد
بيروت- أعرب الرئيس اللبناني جوزاف عون، الأربعاء 25 يونيو 2025، عن أمله تمديد فترة عمل قوة الأمم المتحدة المؤقتة "يونيفيل" باعتبارها "أساسا" لحفظ الاستقرار على حدود بلاده الجنوبية، وسط ترقب اتخاذ مجلس الأمن الدولي قرارا نهائيا بهذا الشأن في أغسطس/ آب المقبل.
جاء ذلك خلال استقبال الرئيس عون في قصر بعبدا بالعاصمة بيروت، للمستشار الأول لدى وزارة الدفاع البريطانية لشؤون الشرق الأوسط الأدميرال إدوارد الغرين، بحضور سفير لندن هايمش كاول، وفق وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية.
وفي اللقاء، أبلغ الرئيس عون المستشار البريطاني أن "لبنان يعتبر التمديد لقوات اليونيفيل عاملا أساسيا لحفظ الاستقرار والأمان على الحدود اللبنانية الجنوبية. لذا يعلق آمالا كبيرة على دعم الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي ومنها بريطانيا، كي يتم التمديد في موعده، دون أي عراقيل".
وأكد عون أن "وجود اليونيفيل في منطقة جنوب الليطاني يساعد كثيرا في تطبيق القرار 1701، خصوصا أن التعاون بين الجيش اللبناني والقوات الدولية قائم على التنسيق الدائم (مع القوات الدولية) وفق القرارات الدولية ذات الصلة".
وفي 2006، اعتُمد القرار 1701 بالإجماع في الأمم المتحدة بهدف وقف الأعمال العدائية بين "حزب الله" وإسرائيل، ودعا مجلس الأمن إلى وقف دائم لإطلاق النار على أساس إنشاء منطقة عازلة.
وفي تحد لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين إسرائيل و"حزب الله" في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، نفذ الجيش الإسرائيلي انسحابا جزئيا من جنوب لبنان، بينما يواصل احتلال 5 تلال لبنانية سيطر عليها في الحرب الأخيرة.
وشدد الرئيس عون على أن "استمرار إسرائيل في احتلالها التلال الخمس ومحيطها، لا يزال يعرقل استكمال انتشار الجيش حتى الحدود" الجنوبية للبنان.
وأوضح أن "استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على البلدات الجنوبية وامتدادها أحيانا إلى مناطق لبنانية أخرى في الجبل والضاحية الجنوبية من بيروت، يبقي التوتر قائما ويحول دون تطبيق ما تم الاتفاق عليه من إجراءات تحفظ سيادة لبنان وأمنه واستقراره".
ومنذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر 2024، ارتكبت إسرائيل نحو 3 آلاف خرق له، خلّفت ما لا يقل عن 213 قتيلا و508 جرحى، وفق إحصاء للأناضول استنادا إلى بيانات رسمية.
وفي 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، شنت إسرائيل عدوانا على لبنان تحول إلى حرب واسعة في 23 سبتمبر/ أيلول 2024، ما أسفر عن أكثر من 4 آلاف قتيل ونحو 17 ألف جريح.
ووفق تقارير إعلامية عبرية، يوجد توافق أمريكي إسرائيلي على الدعوة لإنهاء مهمة اليونيفيل، مع توقع اتخاذ قرار نهائي بهذا الشأن في مجلس الأمن الدولي خلال أغسطس المقبل.
وقبل أسبوعين، قالت صحيفة "يسرائيل هيوم" إن واشنطن تسعى لخفض تكاليف تشغيل اليونيفيل، فيما تعتبر إسرائيل أن تنسيقها مع الجيش اللبناني كافٍ، ولم تعد هناك حاجة للقوة الأممية، متهمة الأخيرة بالفشل في "منع تسلّح الجماعات المسلحة".
ولم تعقب واشنطن أو تل أبيب أو اليونيفيل على ما أوردته الصحيفة الإسرائيلية.
وتأسست اليونيفيل عام 1978، بموجب قراري مجلس الأمن 425 و426، عقب الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان.
وكانت مهمتها التأكد من انسحاب القوات الإسرائيلية، واستعادة السلم الدولي، ومساعدة الدولة اللبنانية على استعادة سلطتها في المنطقة.
وبعد انسحاب إسرائيل عام 2000، بقيت القوة الأممية تُراقب المناطق الحدودية.
لكن عقب حرب 2006 بين لبنان وإسرائيل، تم تعديل مهام اليونيفيل وفق القرار 1701، لتشمل دعم الجيش اللبناني في تنفيذ الانتشار بالجنوب، ومراقبة وقف الأعمال العدائية، وتسهيل المساعدات الإنسانية للمدنيين.
وتنفذ اليونيفيل حاليا دوريات منتظمة على امتداد الحدود بين إسرائيل ولبنان، ويبلغ قوامها نحو 10 آلاف عنصر من أكثر من 50 دولة، مهمتهم الحد من التوترات بين "حزب الله" والجيش الإسرائيلي.