الزيتون يبكى على الشجر والتطرف يهدد أصحابه والسياج جريمة بلا حل منذ عقدين.. الحصاد المحرم جريمة إسرائيلية بحق فلسطين
تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT
في هذا الوقت من العام، عادة ما يعمل مزارعو الزيتون الفلسطينيون بجد في بساتينهم. ولكن خلال موسم الحصاد هذا، لا يستطيع المزارع ثائر الطاهر البالغ من العمر 35 عاماً من الضفة الغربية أن ينظر إلا من بعيد إلى بساتين الزيتون التي يملكها على سفح التل. وبسبب الحرب في غزة، لم يتمكن من الوصول إلى أرضه، ويقول وهو يشير إلى حاجز يمتد عبر التضاريس الجبلية القاحلة: "هل ترى السياج هناك؟"، توقف الطاهر على جانب الطريق المتعرج المؤدي إلى قريته بيتونيا، "هل ترى أشجار الزيتون هناك على التل على الجانب الآخر من السياج؟" هو يقول، "كل هذه الأراضي هي أراضي بيتونيا التي لا يمكن الوصول إليها".
فلا يمكن الوصول إليها لأن الأرض تقع على الجانب الآخر من الجدار الذي يفصل الضفة الغربية عن إسرائيل، وحتى في الأوقات العادية، يكون موسم الحصاد محفوفًا بالمخاطر بالنسبة للمزارعين الفلسطينيين الذين يعيشون بالقرب من الجدار، فلا يُسمح لهم بالوصول إلى أشجار الزيتون إلا لعدد محدود من الساعات والأيام، وفي هذا العام، لم تعن الحرب بين إسرائيل وحماس سوى القليل من إمكانية الوصول على الإطلاق، وذلك بحسب تقرير نشرته صحيفة NPR الأمريكية.
عقدان من الزمن وجدار يمنع الحق عن أصحابه
ووفقا للصحيفة الامريكية، فقد بنت إسرائيل الجدار قبل عقدين من الزمن، على خلفية الانتفاضة الفلسطينية والتفجيرات الانتحارية المتكررة المعروفة باسم الانتفاضة الثانية، وفي المناطق الحضرية، يبلغ طول الحاجز 22 قدمًا، فهنا، هناك سلك شائك، وسياج مكهرب، ويمتد الجدار الدائري الذي يبلغ طوله 440 ميلا إلى أراضي الضفة الغربية – بما في ذلك معظم الأراضي التي يقول الطاهر إنه ورثها عن جده.
فيما تقول جيسيكا مونتيل، وهي مدافعة إسرائيلية عن حقوق الإنسان، تعمل منظمتها "هاموكيد" أو "الخط الساخن" على تمكين الفلسطينيين من الوصول إلى منازلهم: "قبل عشرين عامًا، عندما تم الكشف عن هذا المسار من الجدار العازل لأول مرة، كان المجتمع الدولي بأكمله في حالة غضب، بسبب الأراضي الزراعية التي قطعها الجدار، وقد قدمت الحكومة الإسرائيلية الكثير من الوعود بأن هذا لن يعطل بأي حال من الأحوال الأشخاص الذين يعيشون على طول الطريق، ولكن هذا بالضبط ما فعله الجدار، كما تقول لإذاعة NPR في مكتبها في القدس الشرقية، وتوضح أن ذلك قد عزل الفلسطينيين عن ما يزيد قليلاً عن 9% من أراضيهم، وتتمحور حياة المزارعين الآن حول نظام التصاريح وجداول الوصول التي تحدد متى سيفتح الجنود الإسرائيليون بوابات الجدار.
مراحل الذل حتى الوصول للأرض .. وغلق تام بعد 7 أكتوبر
ويشرح الطاهر كيف أنه في الأوقات العادية، يتعين على المزارعين الفلسطينيين التسجيل لموسم قطف الزيتون، ويقول: "تأتي في الصباح الباكر عند البوابة، ويتحقق الجنود من هويتك ويسمح لك بالوصول إلى بساتينك"، ويضيف أنه لا أحد يمر إذا لم يكن اسمه مدرجا في القائمة، والعائلات مقيدة بعدد معين، يتذكر أنه ذهب إلى نفس الأرض مع والده عندما كان صبيا، قبل بناء الجدار، ويقول: "في الصباح، كنا نفحص العنب، والزيتون، وفي فترة ما بعد الظهر، كنا نذهب لقطف التين، فقد كانت الحياة في بيتونيا تتمحور حول الزراعة وكنا قادرين على الذهاب إلى أراضينا مرتين في اليوم".
ناصر الخطيب، البالغ من العمر ثمانية وأربعين عاماً، وهو أيضاً مزارع زيتون وصديق الطاهر، يعتبر الزراعة غريزة موروثة عن أسلافه، ويقول الخطيب إن 17.000 ياردة مربعة من بساتين الزيتون الخاصة به تقع خلف الجدار العازل، ولا يمكنه أبدًا الاعتناء بها بشكل صحيح، ويقول: "ليس لدينا ما يكفي من الوقت في بساتيننا، ولا نستطيع أن نأخذ الأدوات التي نحتاجها، فإذا كنت أحمل مقصاً، لا يُسمح لي بأخذه. فهم يعتبرون أنه قد يشكل خطراً على الآخرين"، وخلال موسم قطف الزيتون النموذجي، تُفتح البوابات ويتمكن المزارعون من الوصول إلى أراضيهم لمدة 40 يومًا تقريبًا، من الصباح الباكر حتى المساء، ولكن بعد عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر، لم يُسمح للفلسطينيين بدخول إسرائيل، ولكن مونتيل يشير إلى أن "هؤلاء المزارعين لا يريدون دخول إسرائيل. إنهم يريدون دخول أراضي داخل الضفة الغربية، على الجانب الآخر من الجدار العازل".
المحكمة على هوى الرؤى العسكرية
قدم موقع HamoKed التماسًا إلى المحكمة العليا الإسرائيلية لفتح البوابات أمام المزارعين، وفي الأسبوع الماضي، تم رفض هذا الالتماس، وردت الحكومة بأن القيود المفروضة على الحركة كانت نتيجة الوضع الأمني "غير العادي" و"المعقد" بسبب الحرب، وقالت إن الوضع تتم مراجعته يوميا من منطلق الرغبة في العودة إلى الروتين، لكن مونتيل يقول إن الوقت قد فات على الأرجح بالنسبة للمزارعين الفلسطينيين، وتقول: "هناك نافذة صغيرة لإنهاء حصاد هذه البساتين، فإذا لم يتمكنوا من الوصول، فسوف يخسرون ما يعادل دخل عام كامل.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، يقول مزارعو الزيتون الفلسطينيون إنهم يواجهون أيضًا مضايقات متزايدة من المستوطنين الإسرائيليين هذا العام، ويقول الخطيب إن المستوطنين يتواجدون دائمًا في وقت الحصاد، ويوضح: "يأتون كل عام عندما ندخل لقطف أشجارنا، فنحاول تجنبهم، لكن الجو يصبح متوترا للغاية، فإنهم يلتقطون صورا لنا ويقومون باستمرار بأشياء لإزعاجنا وإزعاجنا".
المستوطنين يستغلون مناخ الخوف لتعزيز أجندتهم السياسية
فيما يقول روي يلين، رئيس قسم التوعية في منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية بتسيلم، إن المستوطنين، الذين تسلح الدولة الكثير منهم، يستغلون الآن مناخ الخوف الجديد في إسرائيل لتعزيز أجندتهم السياسية. ووردت تقارير عن أعمال عنف وترهيب للمزارعين الفلسطينيين، حيث قام المستوطنون باقتلاع وحرق أشجار الزيتون، ويقول إن إسرائيل تدعي أن الجدار يهدف إلى حماية المستوطنات اليهودية.
وتابع: "لكن الأمر يتعلق في الأساس بسرقة الأراضي الفلسطينية، فعندما يمنعون الناس من الذهاب إلى أراضيهم، فإنهم يعززون وجودهم على هذه الأراضي"، ويقول محمد علوان، نائب رئيس اتحاد المزارعين الفلسطينيين، إن قطاع الزيتون ومشتقاته يشكل أكبر قطاع اقتصادي في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، فهم يقتلعون شجرة واحدة، ونحن نزرع عشرة، ولكن الامر كذلك أعمق من فكرة الاقتصاد، فالزيتون وأشجار الزيتون رمز ثقافي، فنحن نعزز الوجود الفلسطيني على الأرض، رمزيا وواقعيا، فما بين 50% إلى 90% من دخل المزارعين في هذه المنطقة يأتي من الزيتون.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
عضو بأسطول الحرية: إسرائيل تعلم أنها على وشك ارتكاب جريمة حرب ضدنا
قال عضو لجنة ائتلاف أسطول الحرية تياغو أفيلا إن إسرائيل تدرك أنها على وشك ارتكاب جريمة حرب بما تخطط له من اعتراض السفينة مادلين، محذرا من تبعات انتهاك القانون الدولي وحقوق المدنيين على متنها.
وأكد أفيلا -في مقابلة مباشرة أجراها من على متن السفينة التي تبحر في البحر الأبيض المتوسط- أن التهديدات الإسرائيلية باعتراض السفينة أو مهاجمتها بالسلاح، لا تخيف المشاركين على متنها، مؤكدا أن مهمتهم إنسانية بامتياز وتهدف إلى إيصال رسالة تضامن مع الشعب الفلسطيني المحاصر في قطاع غزة منذ سنوات طويلة.
وأشار الناشط البرازيلي إلى أن "مادلين" باتت على بعد نحو 100 ميل بحري من قطاع غزة، موضحا أن الرحلة تأتي في إطار التحرك الدولي الشعبي المناهض للحصار المفروض على أكثر من مليوني فلسطيني، والرامي إلى كسر صمت العالم حيال ما يتعرض له القطاع من قصف وتجويع.
ولفت إلى أن المتطوعين على متن السفينة، وعددهم 12 ناشطا من جنسيات مختلفة، يتجهون نحو غزة رغم إدراكهم أن إسرائيل على استعداد لاستخدام العنف لوقفهم، كما حدث في رحلات سابقة تعرضت فيها سفن مماثلة لهجمات إسرائيلية دامية أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى.
وأوضح أن الطاقم واجه خلال الأيام الأخيرة تحليقا مكثفا لطائرات استطلاع غير مأهولة فوق السفينة، إلى جانب تشويش إلكتروني طال أنظمة الاتصال لديهم، الأمر الذي اعتبره مؤشرا على احتمال شن عملية عسكرية لوقف رحلتهم الإنسانية، لكنه شدد على أنهم مصممون على الاستمرار.
إعلانوشدد أفيلا على أن المشاركين في الرحلة يتبنون نهجا سلميا بالكامل، وأنهم تلقوا تدريبات على مقاومة العنف دون الرد عليه، معتبرا أن مجرد تهديد إسرائيل لزورق صغير يحمل مساعدات غذائية يفضح مدى هشاشة خطابها الأمني وازدواجية معاييرها في التعامل مع العمل الإنساني.
العالم يتابع
وأضاف أن إسرائيل، في حال أقدمت على اعتراضهم أو مهاجمتهم، فإنها بذلك تنتهك القانون الدولي انتهاكا صارخا، لا سيما أن محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية تؤكدان الحق في إيصال المساعدات وتجرّمان عرقلة العمليات الإنسانية، مشيرا إلى أن العالم يتابع ما يحدث ولن يقبل تكرار المآسي السابقة.
ودعا أفيلا المجتمع الدولي، شعوبا وحكومات، إلى الوقوف بوجه أي عدوان على سفينتهم، مطالبا الدول باحترام المواثيق والمعاهدات الدولية التي وقعوا عليها، بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة واتفاقية روما، مؤكدا أن التاريخ لن يغفر لمن يلتزمون الصمت أو يتواطؤون مع الاحتلال.
واعتبر أن إسرائيل تدرك تماما أن الاعتداء على هذه الرحلة الإنسانية سيُضاف إلى سجلها الطويل من جرائم الحرب ضد المدنيين، لافتا إلى أن التعبئة الشعبية العالمية المتزايدة تعكس وعيا متناميا بعدالة القضية الفلسطينية ورفضا للصمت الرسمي المستمر.
وأشار إلى أن "مادلين" تبحر حاليا باستخدام الأشرعة فقط، في محاولة لترشيد استهلاك الوقود والوصول إلى غزة في وضح النهار، وذلك بهدف تفادي سيناريوهات المواجهة الليلية، وتوفير أكبر قدر من الحماية للمشاركين، الذين يؤمنون بأن رسالتهم تتجاوز الخطر المحدق.
التزام أخلاقي
وذكّر أفيلا بأن الهدف من الرحلة لا يقتصر على إيصال الطعام والدواء، بل أيضا لإعادة الأمل لسكان غزة، وكسر حالة الحصار السياسي والإعلامي المفروض عليهم منذ أكثر من 18 عاما، موضحا أن التضامن مع الشعب الفلسطيني هو التزام أخلاقي عالمي يجب ألا يخضع لحسابات المصالح.
إعلانوختم حديثه بالتأكيد أن المخاطر التي يواجهها المشاركون في السفينة لا توازي شيئا أمام ما يعيشه الفلسطينيون في القطاع من ويلات الحرب والحصار والحرمان من أبسط الحقوق، داعيا إلى أوسع حملة تضامن دولية ترفع الصوت عاليا بوجه الظلم المستمر بحق غزة.
وكانت السفينة أبحرت مطلع يونيو/حزيران الجاري من ميناء كاتانيا الإيطالي باتجاه القطاع، في رحلة ترمي لكسر الحصار المفروض عليه من قبل إسرائيل.
وتحمل سفينة مادلين على متنها 12 ناشطا من جنسيات متعددة، إضافة إلى مساعدات إنسانية تشمل الغذاء والدواء والمعدات الطبية.
ومادلين هي السفينة الـ36 ضمن تحالف أسطول الحرية، الذي يهدف إلى كسر الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ عام 2007.
وقد سُميت السفينة على اسم مادلين كُلاب، وهي أول فتاة فلسطينية احترفت صيد الأسماك في قطاع غزة، وقد فقدت والدها ومصدر رزقها بعد اندلاع الحرب الإسرائيلية في أكتوبر/تشرين الأول 2023.