"حارس الرخاء" في البحر الأحمر!
تاريخ النشر: 24th, December 2023 GMT
علي بن مسعود المعشني
ali95312606@gmail.com
التحالف البحري في البحر الأحمر، أو ما أُطلق عليه عملية "حارس الرخاء"، بقصد حماية الملاحة والسفن العابرة في البحر الأحمر، وكما أشاعت أمريكا، هو تحالف وُلِدَ ميتًا بحق، فقد تعثّر في عضويته، وتلكأ وتردد من انضم له في ذكر اسمه وإعلانه؛ الأمر الذي دفع بوزير الدفاع الأمريكي إلى التصريح بأن لكل دولة مشاركة بالحلف الحق في الإعلان عن مشاركتها أو إخفاء ذلك.
هذه الرتوش والجزئيات لا تعني شيئًا مُقابل امتناع دول فاعلة في المنطقة مثل المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة من المشاركة فيه، ثم إعلان بعضها الانسحاب منه قبل انطلاق عملياته مثل فرنسا وإسبانيا وإيطاليا! وتلى ذلك تسريبات صحفية أمريكية مفادها أن أمريكا لا تملك القوة الكافية لتنفيذ المهمة ومواجهة المخاطر المرتقبة!!
الواقع يقول إن تحركات صنعاء واضحة ومُحددة ومحصورة في استهداف السفن المملوكة للكيان الصهيوني، بشكل كُلي أو جزئي، والسفن التي تحمل بضائع من وإلى الكيان، وما عدا ذلك فالملاحة والعبور في البحر الأحمر طبيعية وعادية جدًا.
لهذا ظهر عوار التحالف المذكور ووضحت نواياه بأنه تحالف لحماية السفن الصهيونية فقط لا غير، وظهر دور أعضاء التحالف أنهم شركاء للكيان الصهيوني في الدم العربي الفلسطيني بغزة.
بكل تأكيد موقف اليمن من الحرب على غزة هو موقف فطري قبل أن يكون موقفًا سياسيًا. فمن الطبيعي، وكما فزع الغرب للكيان وغيره من أبناء جلدته وثقافته تاريخيًا، أن يفزع اليمن لأبناء فلسطين؛ كواجب شرعي وأخلاقي، كعرب ومسلمين وأشقاء الدم والتراب والتاريخ والمصير.
دعم ومباركة الغرب للصهاينة في تدميرهم وقتلهم المُمنهج لغزة وأهلها، لم يُعرِّيهم أمام حلفائهم العرب فحسب؛ بل عرَّاهم أمام شعوبهم أكثر، وبيَّن زيف ما يتشدقون به من حريات وديمقراطية وحقوق إنسان لعقود خلت. وهذا الانكشاف الغربي بدأ مع الأزمة الأوكرانية، وتُوِّجت فصوله ومفرداته وتجلياته في غزة.
أمريكا، ليس مشهود لها بالبراعة في إنتاج الفشل وتجربة المُجرب حتى تفشل؛ بل مشهود لها بفن صناعة الأعداء الحقيقيين لها، ومنحهم كل المبررات والأسباب والدوافع للقوة ومواجهتها بها لاحقًا.
إيران الحليف المثالي السابق لأمريكا- كمثال- لم تستوعب أمريكا التحولات الجذرية الكُبرى التي أحدثتها الثورة عام 1979 داخليًا وإقليميًا ودوليًا، فتعاملت معها كـ"انقلاب عسكري" أو حراك سياسي محدود الأهداف والأثر؛ الأمر الذي جعل من إيران الثورة- وكردة فعل طبيعية- عدوًا كاملًا لأمريكا، وتتلمس لنفسها كل أسباب القوة السياسية والعسكرية والاقتصادية لمواجهة المخطط الأمريكي الشامل لزوال الثورة والإجهاز عليها؛ فأصبحت إيران اليوم قوة عسكرية وسياسية واقتصادية هائلة ومُهابة في المنطقة والعالم.
كان يمكن لأمريكا احترام إرادة الشعب الايراني في اختيار من يحكمه وكيف يحكمه، واعتبار ما حدث شأنًا داخليًا، وبهذا تحتفظ أمريكا لنفسها بما يشفع لها لرسم علاقات جديدة مع إيران الثورة، بالرهان على عنصري الزمن والمتغيرات، ولكن أمريكا كقوة بلا عقل، وكما عُرف عنها، توظِّف القوة بلا عقل وبلا رُشد فتفقد الاثنين معًا.
تُكرر أمريكا ذات النهج والسياسات مع اليمن اليوم؛ حيث أهدت جماعة أنصار الله نصرًا كبيرًا وبلا حرب، حين أشهرت هذا التحالف، والذي فهمه القاصي والداني منذ لحظة ولادته، وبالنتيجة، أن الانصار كسبوا تعاطف وتأييد شرائح واسعة من الشعب اليمني؛ حيث أصبح الخيار عقاب اليمن على نُصرة غزة وأهلها.
قبل اللقاء.. تبقى خطيئة أمريكا الكبرى في اليمن، هي مماطلتها في مراحل الهدنة؛ الأمر الذي كلّفها اليوم أثمانًا باهظة جدًا للعودة إلى المربع الأول للهدنة والسيطرة على شيء في اليمن.
وبالشكر تدوم النعم.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مهرجان البحر الأحمر يزيح الستار عن "كنوز البحر الأحمر" في دورته الخامسة
كشف مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي عن تفاصيل برنامج "كنوز البحر الأحمر" السينمائي لدورته الخامسة، الذي يستعرض ستّ روائع خالدة من السينما العربية والعالمية، إلى جانب أول عرض سينمائي صامت مصحوب بموسيقى حية في تاريخ المملكة؛ والمقرر عرضها خلال الدورة الخامسة من المهرجان المُزمع إقامتها من 4 إلى 13 ديسمبر 2025 في البلد جدة التاريخية.
يحتفي البرنامج هذا العام بروائع سينمائية خالدة أُعيد ترميمها لتُعرض لجيل جديد من عشّاق الفن السابع، مكرمًا إرث السينما المصرية بعرض فيلمين نادرين للمخرج أحمد بدرخان من بطولة أيقونة الفن العربي أم كلثوم، بعد ترميمهما من قبل مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي ومدينة الإنتاج الإعلامي في مصر؛ فيلم "عايدة" (1942)، وفيلم "نشيد الأمل" (1937)، ليُعرضا بنسختيهما المُرمّمتين بدقة 4K للمرة الأولى على الإطلاق.
يُقدّم "عايدة" لوحةً سينمائية نابضة بالعاطفة والموسيقى، حيث تؤدي أم كلثوم دور ابنة المزارع الموهوبة التي يتخطّى صوتها حواجز الطبقة والمكانة، ليصبح رمزًا للحبّ والإلهام والانتصار على القيود، في حكاية تجسّد ملامح بداياتها كنجمة للسينما العربية. أمّا «نشيد الأمل»، فيرسم صورة مؤثرة لامرأة تتمزّق بين شغفها بالفنّ وضغوط المجتمع، في سردٍ يعكس نضال أم كلثوم الواقعي من أجل تمكين صوتها وفرض حضورها، ويُجسّد الفنّ كوسيلة مؤثرة للتعبير عن الذات.
وعلى الجانب الدولي، يحتضن البرنامج روائع سينمائية خالدة، من أبرزها فيلم "أمراو جان"، إحدى كلاسيكيات السينما الهندية الذي رُمِّم بدقّة 4K هذا العام من قبل «الأرشيف الوطني للأفلام في الهند» ضمن «المبادرة الوطنية لتراث الأفلام»، ويُعرض للمرة الأولى خارج الهند في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي.
كما يقدّم البرنامج النسخة المرمّمة عام 2024 من فيلم "مسحور" للمخرج العالمي ألفريد هيتشكوك، بالشراكة مع «ذا فيلم فاونديشن» بقيادة مارتن سكورسيزي، وهي أول مرة يعرض فيها المهرجان فيلماً مُرمّماً من هذا الصرح العالمي لترميم الأفلام. أما فيلم "الأزرق الكبير" للمخرج الفرنسي لوك بيسون، فيعيد إلى الشاشة تحفة سينمائية ساحرة تجمع بين الحبّ والصداقة والمنافسة القاتلة في عالم الغوص الحرّ.
وفي تجربة فريدة من نوعها في المملكة، يُقدّم برنامج كنز البحر الأحمر فيلم "الاستعراض المذهل الصامت" بقيادة الموسيقي البريطاني نيل براند، المتخصص في مرافقة الأفلام الصامتة بالعزف الحي، حيث سيُعيد الحياة إلى ثلاث من روائع السينما الصامتة لأساطير الكوميديا باستر كيتون، وتشارلي تشابلن، وثنائي لوريل وهاردي، في عرض عائلي فريد يمزج الموسيقى بالضحك الحيّ.
من جانبه، قال فيصل بالطيور، الرئيس التنفيذي لمؤسسة البحر الأحمر السينمائي: "تحتفي اختيارات هذا العام بأساطير الفن السابع وأعمالهم الخالدة التي شكّلت ذاكرة السينما العالمية، لتعود إلى الشاشة بنسخ مرمّمة تجمع بين أصالة الماضي وبهاء الحاضر. ويشرّفنا أن نكون جزءًا من رحلة إحياء إرث أم كلثوم السينمائي عبر ترميم اثنين من أبرز أفلامها، تأكيدًا لالتزامنا المستمر بصون التراث السينمائي العربي والعالمي ومشاركته مع جمهورنا خلال الدورة الخامسة من المهرجان".
قائمة الأفلام – برنامج "كنوز البحر الأحمر":
فيلم "عايدة"
إخراج: أحمد بدرخان – مصر
يقدّم فيلم عايدة (1942) مزيجًا آسرًا من الرومانسية والتعليق الاجتماعي والتألّق الموسيقي، من بطولة أم كلثوم التي تؤدي دور ابنة المزارع الموهوبة «عايدة»، في قصة حبّ مع شاب نبيل يصطدم برفض والده. يتغيّر مجرى الأحداث حين يُبهر الباشا بموهبتها الغنائية، فيلين قلبه ويقبل ارتباطهما. أُعيد ترميم الفيلم بدقة 4K في مدينة الإنتاج الإعلامي بالقاهرة بدعم من مؤسسة البحر الأحمر السينمائي.
فيلم "نشيد الأمل"
إخراج: أحمد بدرخان – مصر
في هذا الفيلم الكلاسيكي (1937)، تجسّد أم كلثوم شخصية «أمل» التي تمزّقها الصراعات بين طموحها الفني وقيود المجتمع الذي يفرض عليها أدوارًا تقليدية. ورغم نهاية الفيلم التي تعكس التنازل عن الأحلام، إلا أن أم كلثوم في الواقع تحدّت تلك القيود، مما يجعل العمل شهادة على قوّة الفن، ورمزًا لمثابرة المرأة العربية.
فيلم "مسحور"
إخراج: ألفريد هيتشكوك – الولايات المتحدة
تحفة نفسية من عام 1945، تتناول الهوس بالتحليل النفسي من خلال علاقة غامضة بين طبيبة نفسية (إنغريد بيرغمان) ومريض يدّعي أنه طبيب (غريغوري بيك). يقدَّم الفيلم بنسخته المُرمّمة عام 2024 من إنتاج «استوديوهات والت ديزني» بالتعاون مع «ذا فيلم فاونديشن» و«أرشيف الأكاديمية»، مع شكر خاص لمارتن سكورسيزي وستيفن سبيلبرغ.
فيلم "الأزرق الكبير"
إخراج: لوك بيسون – فرنسا، الولايات المتحدة، إيطاليا
رحلة شاعرية إلى أعماق البحر في فيلم عبقري أُنتج عام 1988، يجسّد قصة صداقة ومنافسة بين غواصَين حُرّين، بأداء لافت من جان رينو وجان مارك بار. بموسيقاه الحالمة وصوره المائية الخلابة، يُعدّ الفيلم أحد أنجح الأعمال في تاريخ السينما الفرنسية، إذ حقق مبيعات تجاوزت عشرة ملايين تذكرة.
فيلم "الاستعراض المذهل الصامت"
إخراج: تشارلي تشابلن، باستر كيتون، لوريل وهاردي – الولايات المتحدة
عرض حيّ فريد يقدّمه نيل براند، أحد أبرز العازفين المرافقين للأفلام الصامتة في العالم، يُعيد الحياة إلى كوميديا القرن الماضي بمرافقة موسيقية حية على البيانو والطبول. تجربة عائلية ممتعة تمزج بين الفن والضحك في أمسية لا تُنسى.
فيلم "أمراو جان"
إخراج: مظفّر علي – الهند
تحفة من كلاسيكيات السينما الهندية، مقتبسة من رواية «أمراو جان آدا» (1899)، تروي قصة شاعرة وراقصة من لكناو تصعد إلى الشهرة في أجواء من الشعر والموسيقى والجمال الشرقي. تألقت النجمة «ريخا» في أدائها الأيقوني، بينما صاغ المخرج مظفّر علي لوحة بصرية شاعرية خالدة تحتفي بالثقافة الأوَديّة العريقة.