شعبية متزايدة.. هل تحلّ رواندا مشكلة اللجوء في ألمانيا وأوروبا؟
تاريخ النشر: 26th, December 2023 GMT
برلين- أضحى حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي الألماني (CDU) من أكبر المناوئين لسياسة الانفتاح في الهجرة، خاصة منذ صعود زعيمه الجديد فريدريش ميرتس.
وأضحى خطابه قريبا من خطاب اليمين المتشدد، لكن آخر تصريحات قياديين في الحزب أثارت جدلا كبيرا، ولا سيما اقتراح عضوه ينس شبان، وزير الصحة السابق، بترحيل كل طالبي اللجوء الذين يصلون أوروبا بشكل غير نظامي، إلى دول مثل: رواندا وغانا.
وقال شبان، وهو نائب رئيس المجموعة البرلمانية للاتحاد الأوروبي، إنه "يجب عقد اتفاقيات مع هذه الدول، وإذا قبلت ملفات طالبي اللجوء، فسيكون عليهم البقاء فيها".
وأضاف شبان لصحيفة "نيو أوزنابروكه"، أن رواندا تظهر أكثر قبولا لاتفاق بهذا الخصوص، وكذلك غانا، ويمكن مناقشة ذلك مع دول أوروبية خارج الاتحاد القاري؛ مثل: جورجيا ومولدوفا.
وزعم أن تطبيق الاتفاق سيؤدي إلى خفض "دراماتيكي" لأعداد طالبي اللجوء في أوروبا. لكن اقتراحه لم يلقَ آذانا مصغية داخل التحالف الحكومي الألماني، وانتقدته وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك.
وطالبت بيربوك بالتركيز على الاتفاق الأوروبي الجديد حول اللجوء الذي يتيح إقامة مراكز مغلقة بالقرب من الحدود، لإعادة الذين تُرفض طلبات لجوئهم بسرعة أكبر.
وجاءت تصريحات شبان بعد إقرار مجلس العموم البريطاني مشروع قانون يسمح بالترحيل نحو رواندا لوقف الهجرة غير النظامية عبر بحر المانش.
وارتفع نجم رواندا في استقبال طالبي اللجوء من بلدان أخرى مقابل دعم مالي سخي، واستقبلت لاجئين من مراكز الاحتجاز في ليبيا، كما وقّعت اتفاقية مشابهة مع الدانمارك، وتستقبل لاجئين من بلدان الجوار.
يقول طارق الأوس، المتحدث السابق باسم مجموعة العمل الفدرالية للهجرة واللجوء داخل حزب الخضر للجزيرة نت، إن "اقتراح ينس شبان لا يضرب بعرض الحائط جميع المعايير الإنسانية المتعلقة بمعاملة اللاجئين فقط، بل كذلك المبادئ الدستورية الخاصة بحق اللجوء في ألمانيا وهو تهرّب من مسؤولية الاتحاد الأوروبي التاريخية عموما وألمانيا خصوصا".
من جانبه، يعلّق رئيس القسم الأوروبي بمنظمة "برو أزيل" كارل بوب، قائلا "إذا سمعنا اقتراحا مشابها قبل 3 أو 5 سنوات بأن هناك من يفكر في رواندا كحلّ لعدم قدرته على حل إشكالية الهجرة، فقد كنا سنسخر بصوت عال، لكن الآن هذا الاقتراح الغريب هو رقم 11 من نوعه أوروبيا، ويأتي الآن من أكبر حزب ألماني معارض".
مناخ عام رافض
ويضيف بوب -للجزيرة نت- أن الاقتراح مخالف لأحكام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان وللقانون الدولي الإنساني، كما لا يمكن تطبيقه إذا كان البلد جزءا من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان واتفاقية جنيف للاجئين.
وأشار إلى أنه على أوروبا الاستثمار في نظام هجرة ناجع يضمن الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية، والعمل على خلق مجتمعات متسامحة، خاصة أن كثيرا من ذوي الأصول المهاجرة أضحوا الآن جزءا منها.
ويتفق جُلّ المتتبعين أن المناخ السياسي العام في ألمانيا لم يعُد مُرحِّبا بالمهاجرين واللاجئين كما كان عليه الحال قبل سنوات، والآن بات واضحا، حتى من الأحزاب التي تبنّت سياسة منفتحة تجاههم، أن هذا أصبح من الماضي، خاصة سياسة المستشارة السابقة أنجيلا ميركل التي دفعت في اتجاه قبول حوالي 900 ألف لاجئ سوري.
يقول كارل بوب "ألمانيا تشهد نقاشا سامّا للغاية حول اللجوء.. وهذا النقاش صاحبته أعمال عنف ضد المهاجرين واللاجئين". ويضيف أنه بات متوقعا أن تعبّر حتى أحزاب الائتلاف الحكومي عن مواقف متشددة أكثر تجاه المهاجرين، خاصة أن "حزب البديل من أجل ألمانيا"، من أقصى اليمين، "يزداد قوة يوما بعد يوم".
وأقرت الحكومة مؤخرا مشروع قانون يتيح تسريع وتوسيع العمليات لترحيل اللاجئين والمهاجرين المرفوضين، واتفقت مع حكومات الولايات على خفض الإعانات المقدمة للاجئين، وتشديد القيود على الحصول عليها وطريقة صرفها.
في المقابل، تؤكد برلين أن الحاجة الماسة لليد العاملة يمكن أن تصل إلى 400 ألف في السنوات القادمة. وأعلنت عن خطوات لتشجيع العمال المهرة، ومنها إصدار بطاقة الفرص التي تتيح تنقيط المهاجرين في مجالات عدة، بحيث يمكن للخبرة المهنية أن تحلّ مكان نقص اللغة الألمانية.
كما أعلنت عن إجراءات لتسهيل الحصول على الجنسية، وخفض عدد السنوات المطلوبة إلى 5 بدل 8، لكن كل هذه المشروعات لا تزال تحتاج موافقة البرلمان.
وهذا الأسبوع، أعلنت مجموعة من اللاجئين العرب الاستقالة من حزب الخضر، المشارك في الحكومة، بعد موافقته على إصلاح نظام اللجوء الأوروبي المشترك، بمسوّغ أن القانون "يقضي عمليا على حق اللجوء" وأن توقيع الخضر عليه يمثّل "خيانة تاريخية لسياسته تجاه اللاجئين"، حسب بيان 6 أعضاء مستقيلين.
وقال طارق الأوس، أحد المستقيلين -للجزيرة نت- إن "تبني الأحزاب التقدمية واليسارية لهذا الخطاب، لا يعكس رأي قواعدها".
وأشار إلى ضرورة التفريق بين "الأعضاء الذين يتمسكون بقواعد حقوق الإنسان، وبين القيادات الحزبية التي تتخذ موقفا شعبويا أملا منها باستعادة الأصوات من اليمين الشعبوي، لكن هذا لن يؤدي سوى إلى مزيد من الانتصارات التي يحرزها هذا اليمين".
وكان طارق الأوس قريبا للغاية من أن يكون أول سوري لاجئ يصل إلى البرلمان، لكنه سحب ترشيحه في 2021 بسبب "مخاوف أمنية وتلقيه تهديدات". بينما تشير بيانات رسمية إلى ارتفاع عدد النواب الألمان في البرلمان من أصول مهاجرة، وبات يشكّل حاليا 11.3%، بعكس ما كان قبل سنوات.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: طالبی اللجوء
إقرأ أيضاً:
اختراق الهدنة.. آخر تطورات الأوضاع بين الكونغو ورواندا
اتهمت رواندا، اليوم، كل من جمهورية الكونغو الديمقراطية وبوروندي بـ ارتكاب "انتهاكات متعمدة" لعملية السلام في شرق الكونغو، بعد دخول حركة "إم 23" المسلحة، المدعومة من كيغالي، إلى بلدة استراتيجية قرب الحدود.
أوضح بيان صادر عن الحكومة الرواندية أن الجيشين الكونغولي والبوروندي، إلى جانب مجموعات متحالفة معهم، يقومون بـ قصف ممنهج للقرى التي يقطنها المدنيون بالقرب من الحدود مع رواندا.
ويُستخدم في ذلك طائرات مقاتلة وطائرات مسيرة هجومية، فيما بررت حركة "إم 23" تدخلها بأنها تضطر للتصدي للهجمات على المدنيين.
دخلت حركة "23 مارس" ضواحي بلدة أوفيرا الاستراتيجية يوم الثلاثاء، وهو ما يهدد اتفاق السلام الذي توسطت فيه واشنطن مؤخرًا، ويزيد من مخاطر تصاعد العنف في المنطقة.
الوضع الإنساني المتأزمفر أكثر من 200 ألف شخص من منازلهم خلال الأيام الأخيرة وفق الأمم المتحدة.
قُتل 74 شخصًا على الأقل، معظمهم من المدنيين، ونُقل 83 مصابًا إلى المستشفيات.
تتركز المعارك في قرى شمال بلدة أوفيرا، بين قوات الكونغو المحلية وجماعات تعرف باسم وازاليندو في مواجهة حركة "إم 23".
خطوة دبلوماسية: اتفاق السلام في واشنطن
استضاف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رئيسي رواندا والكونغو في واشنطن يوم الخميس لتوقيع اتفاق سلام بمشاركة قطر، بهدف إنهاء النزاع الطويل.
وأكد ترامب خلال المراسم: "إننا ننجح اليوم فيما فشل فيه كثيرون غيرنا"، مشيرًا إلى أن إدارته أنهت صراعًا دام 30 عامًا وأودى بحياة ملايين الأشخاص.
ويؤكد الاتفاق التزامات الطرفين تجاه وقف الأعمال العدائية والعمل على تحقيق الاستقرار في شرق الكونغو.
خلفية الأزمةتأسست حركة "إم 23" في 23 مارس 2012 كرد فعل على سياسات حكومة الكونغو تجاه القوات المسلحة المتمردة.
وتدعم رواندا الحركة لتعزيز نفوذها في شرق الكونغو، ما أدى إلى توترات مع بوروندي والكونغو الديمقراطية.
وتعاني المنطقة من نزاعات عرقية وسياسية مستمرة، إضافة إلى صراعات على الموارد الطبيعية والغابات الكثيفة، ما يزيد من تعقيد الأزمة.
1. إنساني: تهجير جماعي للمدنيين وخسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات.
2. سياسي: تهديد اتفاقات السلام السابقة وارتفاع التوتر الإقليمي بين الدول المعنية.
3. اقتصادي: توقف الأنشطة الزراعية والتجارية في المناطق المتضررة، ما يزيد من هشاشة الوضع المحلي.
في النهاية تشير التطورات الأخيرة إلى أن تنفيذ اتفاقيات السلام يواجه تحديات كبيرة في مناطق النزاع المعقدة، حيث تتداخل العوامل السياسية والعرقية والعسكرية. ويبرز الدور الحيوي للدول الإقليمية والدولية في الوساطة وحماية المدنيين، في ظل استمرار الاشتباكات التي تُظهر هشاشة السلام في شرق الكونغو، وتؤكد الحاجة الملحة إلى حل شامل يضمن الاستقرار السياسي والإنساني ويمنع تفاقم الأزمة.