الأزمة الداخلية الأكثر خطورة.. 3 سنوات على اقتحام الكابيتول
تاريخ النشر: 6th, January 2024 GMT
واشنطن- لم يعرف التاريخ الأميركي الممتد على مدى 247 عاما يوما واحدا بقوة وجسامة ما شهده مبنى الكابيتول قبل ثلاث سنوات من اقتحام الآلاف من مؤيدي الرئيس السابق دونالد ترامب جلسة مجلسي النواب والشيوخ المشتركة للتصديق على نتائج الانتخابات الرئاسية 2020، والتي انتهت بفوز الرئيس جو بايدن.
وبخلاف الأزمات الكبرى التي واجهت الولايات المتحدة، وعلى رأسها ضرب اليابان ميناء "بيرل هاربر" في السابع من ديسمبر/كانون الأول 1941 واضطرارها لدخول الحرب العالمية الثانية، وهجوم تنظيم القاعدة يوم 11 سبتمبر/أيلول 2001 مما أدى إلى بدء ما تسمى الحرب الأميركية على "الإرهاب" وغزوها العراق وأفغانستان، تُعد أحداث السادس من يناير/كانون الثاني 2021 أكثر خطورة، لأنها صُنعت بالكامل داخل أميركا، وهي أزمة محلية بامتياز تعبّر عما وصل إليه حجم الاستقطاب.
بايدن يدق ناقوس الخطر
وعلى عكس الأزمات السابقة، ضربت أحداث 6 يناير/كانون الثاني 2021 الديمقراطية الأميركية في قلبها، مع رفض رئيس منتخب نتائج انتخابات خسرها، بل تمادى وقال إنها مزوّرة دون أن يقدم دليلا ملموسا على ذلك.
وعلى الرغم من رفض عشرات المحاكم المختلفة ادعاءات الرئيس ترامب، وقبل الخطوة الأخيرة للتصديق على نتائج الانتخابات يوم 6 يناير/كانون الثاني 2021، فإن الملايين من أنصاره الجمهوريين كانوا يؤمنون أن الانتخابات سُرقت منه.
وأصبح ترامب أول رئيس في التاريخ الأميركي يعرقل الانتقال السلمي للسلطة، مما يؤثر في جوهر الديمقراطية الأميركية ذاتها. وإلى الآن لم يتعهد هذا الرجل باحترام وقبول نتائج الانتخابات.
في أول خطاب له في عام الانتخابات الرئاسية، حذّر الرئيس جو بايدن أمس الجمعة الشعب من مخاطر المساس بالديمقراطية، ومن التهديد الذي يعتقد هو وحملته أن الرئيس السابق دونالد ترامب يشكله على الديمقراطية الأميركية.
وقال بايدن "هل الديمقراطية لا تزال قضية أميركا المقدسة؟ حملة دونالد ترامب مهووسة بالماضي وليس المستقبل. إنه على استعداد للتضحية بديمقراطيتنا لوضع نفسه في السلطة. حملتنا نحن مختلفة".
وقال ديفيد سوندبرج مساعد المدير المسؤول في مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) بواشنطن، في بيان له، إنه "بعد ثلاث سنوات من هجوم آلاف الأشخاص بعنف على مبنى الكابيتول الأميركي والاعتداء على ضباط إنفاذ القانون، في محاولة فاشلة لمنع الانتقال السلمي للسلطة في ديمقراطيتنا، يواصل مكتب التحقيقات الفدرالي وشركاؤنا النجاح في محاسبتهم". ولم تنته وزارة العدل من كل التحقيقات والمحاكمات المتعلقة بأحداث هذا اليوم.
كما أنه من المقرر أن تبدأ محاكمة ترامب الفدرالية بتهمة محاولة تغيير نتيجة الانتخابات الرئاسية السابقة في مارس/آذار المقبل، وذلك في خضم موسم الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري.
ويُتهم ترامب بالتآمر للاحتيال على الدولة الأميركية، والتآمر لعرقلة إجراء رسمي، والتآمر على الحقوق. وقد أصر مرارا وتكرارا على أنه لم يخالف القانون.
وتعهد أيضا بمنح عفو رئاسي حال فوزه بانتخابات 2024 للمئات ممن أُدينوا في أحداث الهجوم على مبنى الكابيتول، ويقضون عقوبات سجن تمتد لثلاثين عاما في بعض الحالات.
غياب الثقة والخوف مما هو قادم
ويرى العديد من الأميركيين أن الاستقطاب والانقسامات السياسية لا تقل عمقا الآن عما كانت عليه في الانتخابات الأخيرة. وتعكس هذه الصورة حقيقة سيناريو تكرار المنافسة بين بايدن وترامب والتي لن تؤدي إلا إلى تفاقم المخاوف من الاضطرابات المحتملة.
وأظهر استطلاع أجراه مركز "بيو" للأبحاث على أكثر من 8 آلاف مواطن في الولايات المتحدة الصيف الماضي، أن الأميركيين أكثر استقطابا من ذي قبل، حيث قال 55% إنهم غاضبون من السياسة الأميركية.
كما أن غالبية منهم تخشى أن حدثا آخر مثل 6 يناير/كانون الثاني 2021 يمكن أن يتكرر في المستقبل القريب، وفقا لاستطلاعات الرأي الأخيرة، مما يكشف عن مخاوف واسعة النطاق بشأن الاستقطاب والانقسام في المجتمع الأميركي.
وكشف الاستطلاع، الذي أجرته مجلة نيوزويك يوم 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي على 1500 من الناخبين الأميركيين، أن المزيد منهم يعتقدون أن الحقيقة الكاملة حول الحادث لم يُعلَن عنها.
ويشير الاستطلاع إلى أن 6 يناير/كانون الثاني 2021، بعد ثلاث سنوات، لا يزال تاريخا يثقل كاهل العديد من الأميركيين، الذين قد يرون أنه يمثل بداية حقبة جديدة من الاضطرابات الاجتماعية وانعدام الثقة في المؤسسات العامة.
وعلى الرغم من كل ما ظهر، فإن الكثير بقي على حاله، ولم يردع الرئيس السابق دونالد ترامب عن الترشح للبيت الأبيض مرة أخرى. وتظهر استطلاعات الرأي أن الأميركيين لا يزالون مستقطبين حول أهمية ما حدث، في حين أن خطر حدوث المزيد من العنف السياسي لا يزال مرتفعا بشكل ينذر بالخطر.
ويقول روبرت ليبرمان، أستاذ العلوم السياسية في جامعة جونز هوبكنز، إنه "من المحزن الاعتقاد بأن القوى التي خلقت أحداث 6 يناير/كانون الثاني والتوتر المناهض للديمقراطية في السياسة الأميركية آخذة في الانحسار".
وأضاف ليبرمان "علينا أن نتذكر أن هذا لم يكن نتاجا لمرشح واحد أو رئيس واحد. لا تزال هناك الكثير من الظروف الهيكلية الأساسية في السياسة الأميركية التي تنتج هذا الشعور بالتهديد.. أعتقد أنه سيكون من الخطأ الاعتقاد بأن الخطر قد زال".
وهكذا، وبعد ثلاث سنوات، تظهر استطلاعات الرأي أن وجهات النظر العامة حول هجوم الكابيتول لم تتغير كثيرا. ولا تزال الانقسامات الحزبية قائمة حول نظرة الديمقراطيين والجمهوريين إلى 6 يناير/كانون الثاني 2021.
وفي استطلاع حديث أجرته جامعة كوينيبياك عما إذا كان اقتحام مبنى الكابيتول "هجوما على الديمقراطية لا ينبغي نسيانه أبدا" أو "ما إذا كان الوقت قد حان للمضي قدما"، قال 77% من الجمهوريين "إن الوقت قد حان للمضي قدما"، في حين قال 90% من الديمقراطيين "إنه يوم لا ينبغي نسيانه أبدا".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: مبنى الکابیتول دونالد ترامب ثلاث سنوات
إقرأ أيضاً:
اعتراف صادم من ترامب: الجمهوريون مهددون بخسارة الانتخابات النصفية 2026
واشنطن "وكالات": أقرّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإمكانية خسارة الجمهوريين انتخابات التجديد النصفي عام 2026، على الرغم مما يعدّه نجاحات اقتصادية تحققت خلال نحو عام، وذلك في مقابلة مع صحيفة "وول ستريت جورنال" نُشرت مساء امس وردا على سؤال حول ما إذا كان الجمهوريون سيفقدون السيطرة على مجلس النواب في نوفمبر المقبل، قال ترامب "لا أستطيع أن أجزم. لا أعرف متى سيبدأ ظهور تأثير كل هذه الأموال".
وقال ترامب في المقابلة التي أشارت الصحيفة اليومية الاقتصادية إلى أنها أُجريت الجمعة في المكتب البيضاوي "لقد صنعتُ أعظم اقتصاد في التاريخ. لكن الأمر يحتاج إلى وقت ليدرك الناس ذلك".
وأضاف أن "كل هذه الأموال التي تتدفق إلى بلدنا (تُستخدم) حاليا لبناء أشياء: مصانع سيارات، الذكاء الاصطناعي، والكثير من الأمور. (لكن) لا أستطيع أن أقول لكم كيف سينعكس ذلك على الناخب. كل ما أستطيع فعله هو القيام بعملي".
ومنذ عودته إلى البيت الأبيض في 20 يناير، يؤكد ترامب بانتظام أن الاقتصاد الأمريكي بات مزدهرا، ويواصل إلقاء مسؤولية التضخم على سلفه الديموقراطي جو بايدن.
وقال لصحيفة وول ستريت جورنال "أعتقد أنه بحلول الوقت الذي سنتحدث فيه عن الانتخابات، بعد بضعة أشهر، أعتقد أن مستوى الأسعار سيكون جيدا"، وذلك قبل نحو عام من انتخابات التجديد النصفي المرتقبة مطلع نوفمبر من العام المقبل، لتجديد كامل مجلس النواب وثلث مجلس الشيوخ.
وأقرّ قطب العقارات السابق البالغ 79 عاما والذي انتُخب للمرة الأولى في 2016، بأن "حتى أولئك، كما تعلمون، الذين كانت رئاستهم ناجحة"، تعرّضوا لانتكاسات.
وقال ترامب للصحيفة الأمريكية "سنرى ما الذي سيحدث. ينبغي أن نفوز. لكن، كما تعلمون، إحصائيا، من الصعب جدا الفوز".
وكان الرئيس الأمريكي قد قال لموقع بوليتيكو في مقابلة نُشرت الاسبوع الماضي، إن أكبر اقتصاد في العالم يستحق علامة "25/20" (أي بتقدير أعلى من ممتاز).
وأكد ترامب، الذي أُعيد انتخابه في نوفمبر 2024 بناء على وعد خفض معدل التضخم، أن الأسعار آخذة في التراجع، في حين يواصل كثير من الأمريكيين الشكوى من غلاء المعيشة.
وبحسب استطلاع رأي أجرته جامعة شيكاغو لصالح وكالة أسوشييتد برس ونُشر الخميس الماضي، فإن 31 %فقط من الأمريكيين راضون عن السياسة الاقتصادية للرئيس الأمريكي.
وكان ترامب قد كتب حينها عبر منصته "تروث سوشيال": "متى ستعكس استطلاعات الرأي عظمة أمريكا اليوم؟ متى سيُقال أخيرا إنني صنعتُ، من دون تضخم، ربما أفضل اقتصاد في تاريخ بلدنا؟ متى سيفهم الناس ما الذي يجري؟".
ويقول ترامب إن سياساته الاقتصادية بما في ذلك فرض رسوم جمركية واسعة النطاق على الواردات تسهم في توفير فرص عمل وتدعم سوق الأسهم وتجذب المزيد من الاستثمارات إلى الولايات المتحدة. وبعد أن خاض حملته الانتخابية العام الماضي متعهدا بكبح التضخم، تذبذب موقف ترامب في الأسابيع القليلة الماضية بين وصف مشاكل عدم القدرة على تحمل تكاليف المعيشة بأنها خدعة وإلقاء اللوم على الرئيس السابق جو بايدن بشأنها والوعد بأن سياساته الاقتصادية ستفيد الأمريكيين العام المقبل.
وأضاف ترامب في المقابلة "أعتقد أنه بحلول الوقت الذي يتعين علينا فيه التحدث عن الانتخابات، والذي يحل بعد بضعة أشهر أخرى، ستكون أسعارنا في وضع جيد".
وفي الشهر الماضي، خفض الرئيس الرسوم الجمركية على أكثر من مئتي سلعة غذائية بعد تزايد الاستياء بين المستهلكين من ارتفاع أسعار سلع غذائية أساسية.
وقالت الصحيفة إن ترامب لم يفصح عما إذا كان سيخفض الرسوم الجمركية على المزيد من السلع.
وارتفعت شعبية ترامب قليلا إلى 41% في استطلاع جديد أجرته رويترز إبسوس لكن نسبة التأييد لأدائه فيما يتعلق بتكلفة المعيشة سجلت 31 %فقط.
وتمكن الديمقراطيون من الفوز في عدة ولايات خلال انتخابات محلية مع تنامي قلق الناخبين إزاء تمكنهم من تحمل تكلفة المعيشة مع ارتفاع أسعار الغذاء.
وقال مسؤولون إن ترامب سيبدأ في المشاركة في الحملة الانتخابية لمرشحي الحزب الجمهوري في العام الجديد وليؤكد على ما يقول إنها نجاحات تحققت نتيجة سياساته الاقتصادية.
ويرى ترامب أن خفض الضرائب وفرض رسوم جمركية على السلع المستوردة سيزيد من النقود المتاحة لدى الأسر الأمريكية.
من جانبه، يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة فرجينيا كومنولث أليكس كينا "ستظل هناك فئة من مؤيديه تتبعه مهما فعل. حتى لو قال إن السماء ليست زرقاء، سيقولون إنها ليست زرقاء".
لكنه يوضح لوكالة فرانس برس أن "هذه الفئة لا تمثل أغلبية الأمريكيين. في لحظة ما يخرج الناس من منازلهم للتسوق، وعندها يرون الحقيقة ساطعة أمامهم".
وبحسب استطلاع رأي أجرته جامعة شيكاغو لصالح وكالة أسوشيتد برس ونُشر الخميس الماضي، فإن 31% فقط من الأمريكيين راضون عن سياسات دونالد ترامب الاقتصادية.
وتساءل ترامب على شبكته الاجتماعية "تروث سوشيال"، "متى ستعكس استطلاعات الرأي عظمة أميركا اليوم؟ متى سيُقال أخيرا إنني صنعتُ، من دون تضخم، ربما أفضل اقتصاد في تاريخ بلدنا؟ متى سيفهم الناس ما الذي يجري؟".
خلال حملته الانتخابية، اتهم ترامب منافسه جو بايدن بتجاهل معاناة الأسر ذات الدخل المحدود.
اليوم، كما فعل سلفه، يحاول الرئيس الجمهوري توجيه جزء من استياء المستهلكين نحو الشركات الكبرى التي يُشتبه بضلوعها في عمليات تلاعب بالأسعار.
ومثل الرئيس الديموقراطي السابق، يكافح ترامب لحشد التأييد لخططه لدعم القدرة الشرائية.
وعلى غرار جو بايدن أيضا، يثير ترامب تساؤلات بشأن وضعه الصحي، رغم أنها لم تصل بعد إلى الدرجة نفسها من الشكوك حيال صحة بايدن التي غذّاها ترامب نفسه.
يشير أليكس كينا إلى أن وصف ترامب للرئيس الديموقراطي السابق بأنه رجل عجوز غير قادر على الحكم ينطوي على "استغلال لاستياء حقيقي" من شيخوخة الطبقة السياسية الأميركية.
لكن هذه الاستراتيجية قد تنقلب ضد أكبر رئيس منتخب في تاريخ الولايات المتحدة، إذ بات دونالد ترامب محط متابعة دقيقة في كل إطلالة علنية له.
كما بات يتعرض لهجمات على وسائل التواصل الاجتماعي. فقد انتشرت الخميس الماضي على سبيل المثال صورة مفبركة له وهو يستخدم عكازا.
هل استسلم الرئيس الجمهوري للنعاس أثناء اجتماع مجلس الوزراء، أم أنه نظر إلى الأسفل للحظة؟ هل الكدمة المغطاة بضمادة على ظهر يده هي حقا، كما يؤكد البيت الأبيض، نتيجة لكثرة المصافحات؟ اعتاد فريق جو بايدن إصدار بيانات غاضبة لنفي مثل هذه الادعاءات، لكنه في الوقت نفسه حرص بشكل متزايد على حماية الرئيس الثمانيني من تطفّل الجمهور وأسئلة الصحافيين.
في المقابل، لا يزال دونالد ترامب أكثر احتكاكا بالعالم الخارجي، وكثيرا ما يُجري حوارات مطولة وعفوية مع الصحافة.
لكنه لا يتقبل مطلقا أي تشكيك في حيويته ووتيرة عمله اليومي، كما فعلت صحيفة نيويورك تايمز مؤخرا.
وكتب على منصته "تروث سوشل"، "إنها فتنة، بل ربما خيانة عظمى، عندما تنشر صحيفة نيويورك تايمز وغيرها باستمرار مقالات كاذبة لتشويه سمعة رئيس الولايات المتحدة والتقليل من شأنه".