الوطن:
2025-07-30@00:56:32 GMT

أ. د. شوقي علام يكتب.. احتفاء قرآني بميلاده

تاريخ النشر: 6th, January 2024 GMT

أ. د. شوقي علام يكتب.. احتفاء قرآني بميلاده

لا تخطئ عين القارئ المنصف المتدبّر لآيات القرآن الكريم مدى الحفاوة والتعظيم لميلاد السيد المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام، وقد تحدّث القرآن عن حادثة ميلاد المسيح عيسى، عليه السلام، باعتبارها معجزة خارقة لكافة النواميس الكونية المعتادة فى الخلق والإيجاد، وهذا الميلاد المعجز يتشابه مع خلق آدم أبى البشر من حيث إنه قد استند إلى طلاقة القدرة الإلهية مع انقطاع الأسباب العادية، قال تعالى (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ)، وقد كان السيد المسيح بجعل الله تعالى كلمة الله وروحاً منه، فقال تعالى (إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ) وهذه الإضافات تعنى التشريف والإجلال.

وكل مسلم يعلم أن الإيمان بالمسيح عليه السلام ركن من أركان إيمانه، وأنه لا يُقبل منه إيمان ولا إسلام إلا إذا آمن بالمسيح عيسى عليه السلام، وبالكتاب الذى أنزل إليه، وقد أفرد الله تعالى سورة كاملة باسم السيدة مريم البتول، وذكر فيها تفاصيل الميلاد المعجز لسيدنا المسيح عليه السلام، قال الله (وَاذْكُرْ فِى الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِيّاً)، وقال تعالى فى سورة آل عمران (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ)، لقد كانت مريم عليها السلام زاهدة عابدة متوجّهة إلى الله تعالى وقد منّ الله عليها بكرامات وتجليات لإعدادها إلى هذا الأمر الكونى المعجز، فقال الله فى سورة آل عمران (إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِى الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ)، ولما اكتمل إعداد مريم عليها السلام لتكون محلاً لهذا التجلى العظيم آتاها أمر الله (فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً قَالَتْ إِنِّى أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيّاً قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَاماً زَكِيّاً)، وغالباً ما تكون هذه التجليات الإلهية على بعض أصفياء الله سبباً فى الابتلاء والحسد من قِبل المنكرين الجاحدين، وفى حالة السيدة مريم عليها السلام كان الابتلاء عظيماً لم يخلُ من الإيماء إلى التهمة فى العرض والشرف وهى الزاهدة العابدة الصديقة صاحبة السيرة الحسنة والكرامات المشهودة، وكان حرياً بهم أن يسندوا الأمر المعجز إلى طلاقة القدرة الإلهية، لكن الحسد صرفهم عن ذلك، ولأنها تعلم غلاظة قلوب الناس فى هذا الوقت وجحودهم لآيات الله تمنّت الموت عند حدوث المخاض، حتى لا ترى منهم التهمة فى الشرف والعرض (فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَالَيْتَنِى مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيّاً فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِى قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً) وكما طمأنها عيسى عليه السلام بمعجزة النُّطق فى المهد، أنطقه الله ببراءتها وطهرها وعفتها على الملأ المتهمين الجاحدين من بنى إسرائيل (فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِى الْمَهْدِ صَبِيّاً قَالَ إِنِّى عَبْدُ اللَّهِ آتَانِىَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِى نَبِيّاً). إن إيماننا بهذا الميلاد المعجز لسيدنا المسيح عليه السلام قد انعكس على المسلمين محبة له ومحبة كذلك للمنتسبين إليه الذين آمنوا به، وانعكس كذلك قُرباً وحباً لإخواننا فى الوطن من الأقباط وسبب ذلك؛ أولاً: وصف الله تعالى لهم بأنهم أقرب أهل الأديان إلى قلوب ووجدان المسلمين، وأنهم أقربهم مودة ومحبة لنا، وثانياً: لأننا نتشارك مصيراً واحداً ووطناً واحداً قد اختلطت دماؤنا وأرواحنا فى فدائه والتضحية من أجله وذوداً عنه فى كثير من الملاحم والحروب. كل عام وجميع البشرية فى خير بمناسبة ميلاد سيدنا المسيح عليه السلام. كل عام وإخواننا فى الوطن بكل خير.

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: محبة المسيح رسائل السلام التسامح هوية المصريين المسیح علیه السلام الله تعالى مریم علیه

إقرأ أيضاً:

ريمة تحيي ذكرى قدوم الإمام الهادي عليه السلام

الثورة نت/..

أقيمت في محافظة ريمة مساء اليوم، ندوة ثقافية إحياءً لذكرى قدوم الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين عليه السلام، إلى اليمن.

واستعرضت محاور الندوة بجامع المنصح بحضور مدير مكتب الهيئة العامة للأوقاف فتح الدين النهاري ومسؤول قطاع الإرشاد بالمحافظة أحمد الدرسي، عدداً من المحاور، حول سيرة الإمام الهادي، وأهمية إحياء هذه الذكرى وما تحمله من دلالات تجسد معاني التضحية والفداء في سبيل الله والدفاع عن الإسلام.

ولفتت إلى ما اتصف به الإمام الهادي من تواضع ومكانة وشجاعة في مقارعة الظلم والطغيان والانتصار للمظلومين والمستضعفين .

وتطرقت المحاور إلى الجوانب المشرقة في رحلة الإمام الهادي إلى اليمن وكيف تمكن من جمع الأمة على كلمة الحق، ودعوته إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

وحثت على السير على نهج النبوة بالاستفادة من حياة أعلام الهدى المجددين وما يقدمونه للأمة من علم للرقي بها والحفاظ على عزتها وكرامتها.

مقالات مشابهة

  • ريمة تحيي ذكرى قدوم الإمام الهادي عليه السلام
  • الإفتاء: القلب السليم أصدق من صورة الطاعة أو المعصية
  • "الأرصاد": أمطار متوسطة وأتربة مثارة ورياح نشطة على الباحة وجازان
  • أعطاه صدقة فاكتشف لاحقًا أنه غير مستحق هل له أن يستردها؟ الأزهر يجيب
  • لماذا سميت سورة يس بقلب القرآن؟.. 10 أسباب لا يعرفها كثيرون
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (نحن…)
  • ما هي صفات الذين يدخلون الجنة بغير حسام؟.. أمر واحد يجعلك منهم
  • ثبات غزة يقهر الطغيان ويغيظ العدى
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (نشرة مشاعر)
  • تنفيذ حُكم القتل تعزيرًا في باكستاني لتهريبه الهيروين إلى المملكة