قوة وتحول رؤية للسكك الحديدية الهندية
تاريخ النشر: 9th, January 2024 GMT
بقلم : سونانندا جارين
نيو دلهي : حقق مشروع ربط سكك الحديد أودهامبرو – سريناغر – باراملا في الهند مؤخراً انجازاً ملحوظاً من خلال اكمال أطول نفق هروب حوالي ( 12.895 كم ) داخل السكك الحديدية الهندية والذي يربط محطتي خاري – بانيهال وهذا لا شك انجاز هندسي رائع تمثل علامة بارزة في ربط منطقة كشمير مباشرة بشبكة السكك الحديدية الأوسع في الهند .
كما اشاد وزير السكك الحديدية الهندي آشويني فايشناو بهذا الإنجاز معترفاً بتفاني ومثابرة المهندسين والعمال المشاركين في المشروع حيث يتولى مشروع USBRL مهمة جريئة لربط اقصى الشمال بالشبكة الواسعة للقطارات التي تعبر البلاد ويتغلب هذا الإنجاز الهندسي على تحديات الهيمالايا الصغيرة من القمم الوعرة والتحديات الجيولوجية .
علماً أن الإكمال الناجح للنفق T1 من خلال استخدام طريقة حفر الأنفاق النمساوية الجديدية ( NATM ) يدل على التخطيط والتنفيذ الدقيقين حيث يعتبر هذا الإنجاز الرائد ليس فقط استعداداً لتحديات الجيولوجيا المعقدة ولكن أيضاً له تأثير ايجابي على السيناريو الإجتماعي و الإقتصادي للمنطقة مع مشاركة أكثر من 75% من العمال القرى المجاورة . وبإعتباره كأطول نفق في البلاد ، يرمز هذا النفق إلى خطوة حيوية في بنية السكك الحديد الهندية والتي تربط المناطق الشمالية بشبكة الحديدية الواسعة ويعزز سبل جديدة للتنمية والآفاق.
ومن جهته ، انه تحت قيادة رئيس الوزراء مودي ، تشهد السكك الحديدية الهندية تحولاً ثورياً حيث سلط رئيس الوزراء مودي نفسه الضوء على التقدم الذي تم احرازه مؤخراً عندما وضع حجر الأساس لتحديث 508 محطة كما اعلن مودي بخفر واعتزاز أن الهند قد تجاوزت بلدان مثل جنوب آفريقيا وأوكرانيا والمملكة المتحدة في وضع مسارات السكك الحديدية في غضون تسع سنوات فقط . وعلاوة على ذلك، في عام واحد ، قامت الهند ببناء مسارات أكثر من شبكات كوريا الجنوبية ونيوزيلندا والنمسا مجتمعاً حيث تعكس هذه الإنجازات الكثير من الجهود التي تبذلها الحكومة لتحديث وتوسيع شبكة السكك الحديدية في الهند.
كما شهدت الهند خلال العام الماضي ، توسعة شبكة السكك الحديدية الواسعة بمقدار مذهل بلغ 5243 كيلو متراً بما في ذلك الخطوط الجديدة ، وتحويلات للمسافات بين العجلات والمسارات المزدوجة يبلغ اجمالي الإمتداد الملحوظ 25000 كيلو متر والتي تشمل حتى المناطق الشمالية الشرقية التي تمت اهمالها في السابق حيث تتبنى الهند وسائل النقل المستدامة من خلال خطة طموحة لكهربة السكك الحديدية من اجل انشاء أكبر شبكة صديقة للبيئة في العالم حيث حققت 14 ولاية واقليم بالفعل الكهرباء بنسبة 100% اعتباراً من مارس 2023م . وهذا الإنجاز الرائع يقلل بشكل كبير من التأثير البيئي.
كما تشهد محطات السكك الحديدية عملية تجميل دراماتيكية حيث تم تجديد أكثر من 400 محطة والتي تضم نقاط دخول وخروج محددة ومناطق وصول ومغادرة منفصلة بالإضافة إلى امكانية الوصول للأشخاص ذوي الإعاقة حيث تعمل قطارات ” فاندي بهارات اكسبريس” الأنيقة على 18 مساراً والتي وضعت معياراً جديداً للسفر بين الولايات الهندية بالإضافة إلى ذلك تتميز هذه القطارات بتوفير خدمات الواي فاي، ونظام تحديد المواقع GPS ، وحمامات حديثة وتحكم في المناخ واضاءة LED وكاميرات المراقبة.
يذكر أن أول قطار شبه فائق السرعة في الهند ، قطار جاتيمان إكسبريس، يربط بين دلهي وجهانسي بسرعة مثيرة تصل إلى 160 كم في الساعة مجهزة بعربات متقدمة ووسائل الراحة ، يوفر رحلة سلسة وممتعة ونظراً لإستجابة حاجة ملحة لحركة البضائع ، بدأ مشروع ممر الشحن المخصص ( DFC ) في رحلته الهامة في عام 2006م علماً أنه خلال الفترة من 2022- 2023م ، حققت السكك الحديدية الهندية زيادة ملحوظة بنسبة 143% في تركيب الإشارات التلقائية مقارنة بالعام السابق ، مما يشكل انجازاً تاريخياً .
تجدر الإشارة إلى أنه في خطاب ، سلط مودي على أهمية السكك الحديدية للهنود العاديين والذي اشاد بخدمات السكك الحديدية الهندية بإعتبارها رفيقاً وفياً للطبقة الفقيرة والطبقة الوسطى في البلاد حيث عبر شغفه تجاه سكك الحديدية الهندية بشكل كامل في اغسطس بمناسبة اطلاق كبير لمخطط السكك الحديدية آمريت بهارات ثم اعادة تطوير 508 محطات عبر البلاد التي تعتبر ” أكبر احتفال من نوعه في مجال البنية التحتية” يمثل التزامه الثابت بتحويل شبكة السكك الحديدية.
ومن جانب آخر ، زادت الهند جهودها لمعالجة المخاوف السلامة في السكك الحديدية الهندية لا سيماً بعد كارثة كانبور في عام 2016م حيث تم انشاء صندوق مخصص بقيمة 100،000 كرور روبية هندية يسمى ” راتشتيا ريل سانكراكشن كوش” من اجل الحفاظ على السلامة في حين تظهر البيانات الرسمية انخفاضاً في عدد الحوادث لكل مليون كيلو متر بالقطار الا أن المخاوف لا تزال قائمة علماً انه منذ السنوات التسع الماضية، ارتفعت التكاليف على السكك الحديدية بشكل كبير من 45980 كرور روبية هندية سنوياً إلى ثلاثة أضعاف هذا المبلغ. وقد ادى هذا الضخ الهائل لرأس المال إلى تغذية المشاريع الطموحة عبر الشبكة.
تم تمديد خطوط سكك حديدية جديدة بطول 25000 كيلو متراً في السنوات التسع الماضية مما أدى إلى ربط المجتمعات ببعضها البعض وتعزيز التنمية الإقليمية حيث تتقدم عملية كهربة المسارات العريضة بسرعة مع تحقيق الهدف الطموح للإنتهاء بنسبة 100% من المشروع حيث يعد هذا التحول الصديق للبيئة بعمليات أنظف وتقليل الإعتماد على الوقود الأحفوري حيث ترسم خطة السكك الحديدية الوطنية 2030 خارطة طريق شاملة للسكك الحديدية في الهند مما يضمن بقاءها مجهزة لتلبية الطلب المتزايد بإستمرار على وسائل نقل آمنة وفعالة ومستدامة حتى عام 2050م.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: شبکة السکک الحدیدیة هذا الإنجاز فی الهند
إقرأ أيضاً:
أسواق الهند في غزة: تجارة فوق الحطام
تحولت شوارع غزة إلى ما يشبه أسواق الهند الصاخبة ولكن بملامح أكثر قتامة. وسط زحامٍ لا يوصف تحولت المدينة إلى سوقٍ عشوائي مكتظ في مشهدٍ يعكس صموداً أمام تداعيات الحرب.
بسطات من الخشب المهترئ فوق الأرصفة ، عربات تجرها الحمير، وتكاتك محملة بسلع نادرة يتدافع المشترون والباعة بحثاً عما يسدُ رمق أطفالهم قطعةُ خبزٍ أو سلعةٍ نادرة إلى حدٍما، كل شيء هنا يتحرك ببطيء وسط زحامٍ لا يتوقف المشهدٌ يختزل مأساةً اقتصادية وكأن الزمن نفسه يعاني من الاختناق هي فقط معركة البقاءِ على قيد الحياة.
ترى في زوايا الشوارع أطفالاً يحملون الخبز كأنهم يحملون كنزًا وباعة يفترشون الأرصفة في محاولةٍ لبيع ما يمكن بيعه، حتى وإن كان بدائل عن الطعام، أبو محمد حميد (51 عامًا) وأطفاله يقفون أمام خشباتٍ مهترئة، يضع عليها ما توفر له من سلع ليست للطعام بقدر ما هي دعوة ليبقى أطفاله بعيدًا عن السرقة.
كان حميد يملك محلًا للأحذية في سوق الشجاعية، لكنه يقول "تعرض المحل للقصف ومن ثم السرقة"، ويضيف وهو يحدق في الأرض: "أسعار الحرب مقارنةً باليوم اضرب في مئة أو ألف"، ويختم بحرقة "أنا بشتغل علشان أولادي ما يسرقوا، أحيانًا بطلع من البسطة بخمسين شيكل في اليوم وأحيانًا أقل، يدوب تقضي وجبة فطور".
لم تعد الأسواق العشوائية مشهدًا عابرًا، بل هي شرايين حياة المواطنين الغزيين حتى في قلب الفوضى، حيث تغيب البنية التحتية، ويشتد الزحام إلى حد الخطر، تتحول الزوايا إلى منصات بقاء.
بموازة ذلك تقول بلدية غزة إن تلك الأسواق، التي تشكل ركيزة أساسية للاقتصاد المحلي، أصبحت اليوم شاهدة على حجم الدمار، والذي أثر بشكل مباشر على الحياة اليومية للسكان وسبل رزقهم .
عبدالرحمن المملوك (34 عامًا) خرج من تحت أنقاض محله المدمر بأدواتٍ عسى أن تسد لقمة عيشه التي طال في انتظار البحث عنها يقول بصوت ملأه اليأس: "خروجنا للبيع خطر وخوف، وفي أي وقت ممكن الإنسان يموت، بس بطر أمشي علشان أ فتح البسطة وأوفر إيجار الأكل"، ويضيف "حالياً يلا يلا بتطلع لقمة العيش".
الأرقام تصرخ بحدة الواقع، حيث يكشف الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أن 75% من المحال التجارية في غزة دُمرت كلياً أو جزئياً، والخسائر المباشرة تجاوزت المليار دولار، في ضربة قاسية لاقتصاد يعاني أصلاً من حصار دام 17 عامًا.
ومع توقف 85% من المنشآت التجارية في المناطق المتضررة عن العمل، وفقدان 60% من الباعة الجائلين لمصادر دخلهم، كما أن القطاع التجاري كان الأكثر تضررًا بعد السكني، حيث لم يعد أمام الكثيرين سوى الاعتماد على الأسواق العشوائية
وسط خيمة عائلية ومعدات بدائية، يصنع أبو محمد (49 عامًا)، المهندس الصناعي، حلويات تُسَكِّر مرّ الحياة.
وكان أبو محمد قد استأجر محلًا بمبلغ ألف دولار شهريًا أثناء وقف مؤقت لإطلاق النار في غزة، لكنه سرعان ما عاد ليفترش الرصيف.
يقول وهو يمزج بعضاً من العجينة بالعجوة: "الأسعار خيالية، كلفتني البسطة 800 دولار أو أكثر، وكل يوم بنضطر نغيّر السعر حسب السوق"، ويشير إلى تدهور الجودة: "الطحين رائحته عفن، والمنتجات سيئة".
هذه المرة الأولى التي تكون فيها الأسواق بهذه الطريقة العشوائية، الحرب، أوامر الإخلاء، النزوح المتكرر والكثافة السكانية في مكانٍ أو منطقة ما جعلت من الشوارع مكاناً عشوائياً مكتظاً بالأسواق وطريقاً للبحث عن لقمة العيش.
أما أم محمد العجلة (27 عامًا)، فهي المعيل الوحيد لأطفالها بعد استشهاد والدهم. تجلس على بسطة ليست لها، تعود لزوج أختها، ولا تحصل منها على شيء.
تقول هذه الأرملة: "البسطة مش إلى والرزق على رب العالمين، والله الناس انتكبت"، تفترش العجلة وأطفالها خيمة على الرصيف، حيث لا أماكن ولا أمان في محاولة للبحث عما يسد رمق أطفالها.
في زاوية أخرى من الطريق، أبو رامي وزوجته يديران أمام خيمتهم التي هي على الرصيف "فرن طينة" صنعوه بأيديهم من الطين، لكن الطحين لم يعد متوفرًا. يقول أبو رامي: "الطحين اللي شريته طلع مخلوط برمل وشيد، وعلبة لحمة مفتوحة لسه فيها دود، مع إنها بتاريخ صالح، بس الشمس خربتها"، ويضيف بمرارة: "الناس عايشة على التكايا، بس حتى التكية صارت مذلة"، ويختم بصوت خافت: "اليوم اقتنعت أن القوي يأكل الضعيف، الناس مش قادرة تشتغل، ولا حتى بدها".
من يقرأ هذه السطور قد يظن أنها حكاية من زمن بعيد، لكنها غزة اليوم، تصرخ بألمها وتُجاهد من أجل البقاء وسط ركام الموت والجوع، وتبقى فوضى الأسواق فيها شاهدة على مجتمع يقاتل كي لا يُمحى من الوجود ويبقى السؤال إلى متى؟ .
ملاحظة : هذا النص مخرج تدريبي لدورة الكتابة الإبداعية للمنصات الرقمية ضمن مشروع " تدريب الصحفيين للعام 2025" المنفذ من بيت الصحافة والممول من منظمة اليونسكو.
المصدر : وكالة سوا - محمد السموني اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين مفاوضات غزة: بوادر تقدم وواشنطن تتجه نحو رفع مستوى الضغط إسبانيا: سنواصل رفع صوتها بقوة لإنهاء المجزرة في غزة تبغ الفقراء: سجائر الملوخية والجوافة تغزو غزة الأكثر قراءة يعلون: الحكومة الإسرائيلية ترتكب جرائم حرب في قطاع غزة جنين: مُصادرة محتويات ورشة تصنيع للعبوات المتفجرة في الحي الشرقي الجيش الإسرائيلي يُدخل 3 ألوية عسكرية من جديد إلى غزة نتنياهو: الضغوط تتزايد ومن دون دعم "لا يُمكن استمرار الحرب" عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025