عربي21:
2025-06-02@19:42:58 GMT

فلسطين صارت قضية الضمير العالمي بأسره

تاريخ النشر: 13th, January 2024 GMT

كان المفكر عبد الوهاب المسيري رحمه الله كثيرا ما يقول بأن الدفاع عن الحق الفلسطيني واجب إنساني بإطلاق. أي أنه واجب لا تستنفده المعاني المتعلقة بكونه قضية حضارية بين شرق وغرب مثلا أو قضية سياسية بين جنوب وشمال، بل هو في الجوهر واجب أخلاقي ملزم لضمير الإنسانية بأسرها. واجب عابر للثقافات والإثنيات وجميع الانتماءات قبل أن يكون أيضا، بالنسبة للعرب والمسلمين تحديدا، واجبا قوميا ودينيا.

ومعنى ذلك أنه لو كان الكيان الصهيوني اغتصب بلادا في شرق القارة الإفريقية مثلا أو جنوب القارة الأمريكية (حيث من المعلوم أن أوغندا والأرجنتين كانتا من البلدان التي تداولت الحركة الصهيونية عند بداياتها في إمكان الاستحواذ عليها) أو حتى في أوروبا الشرقية لكان من واجب العرب والمسلمين مناهضة هذا الكيان اللقيط بالقدر ذاته الذي ينبغي عليهم أن يناهضوا به الكيان الإسرائيلي الاستيطاني المغتصب لفلسطين التاريخية.
وقد تأكد هذا المعنى الإنساني المطلق العابر لجميع الانتماءات والخصوصيات طيلة الأشهر الثلاثة الماضية بوجهين على الأقل. الوجه الأول هو استفاقة الرأي العام في كثير من بلدان العالم، وحتى في بلدان أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية المنحازة تاريخيا ضد العروبة والإسلام، على الحقيقة الكريهة المقيتة للكيان الصهيوني، وخروج المظاهرات الشعبية في معظم المدن الكبرى وتنظيم الاحتجاجات في كثير من الجامعات الغربية مساندة للشعب الفلسطيني في غزة ضد حرب العدوان الهمجي الذي أطلقته عليه آلة الدمار الإباديّة الإسرائيلية بغرض محوه من الوجود بالتقتيل والتجويع والتهجير ونسف أبسط عوامل القابلية للعيش والبقاء في كامل القطاع.
أما الوجه الثاني، ولعله الأقوى من حيث القيمة القانونية والدلالة السياسية، فهو إقدام حكومة جنوب إفريقيا على رفع دعوى أمام محكمة العدل الدولية ضد دولة إسرائيل بتهمة انتهاك اتفاقية منع جريمة الإبادة والمعاقبة عليها. ومع أن هذه قضية لا سابق لها ضد إسرائيل، ومع أنها قضية من العيار الثقيل ضد بنت الغرب المدللة المتحصنة في عيون أبويها (أوروبا وأمريكا) ببراءة الطفولة الأبدية، فإن جنوب إفريقيا قد زادت عليها، وأثقلت وأغلظت فيها، بأن طلبت الخميس من المحكمة أن تتخذ منذ الآن (علما أن نظر الدعوى سيستغرق أعواما) تدابير احترازية لوقف الجرائم المستمرة في قطاع غزة، أي أن تصدر المحكمة الأمر لإسرائيل «بالوقف الفوري لجميع الهجمات العسكرية، وبالكف عن التقتيل وعما تصيب به الشعب الفلسطيني في غزة من خطير الأضرار البدنية والذهنية، وبالامتناع عن فرض ظروف معيشة يمكن أن تؤدي إلى التدمير المادي لسكان غزة».
ومن المفاجآت الصادمة لإسرائيل أنها اكتشفت أن ما يقوله ساستها بالعبرية (من بذاءات عنصرية ومن تحريض على الإبادة ومن إعلان عن ضرورة القضاء على الحيوانات البشرية) وأن ما كانت تظنه غير معلوم في الخارج إنما هو مسجل موثق عند فريق المحامين من جنوب إفريقيا وأنه يتضمن أدلة تدين إسرائيل الرسمية إدانة واضحة بارتكاب جريمة الإبادة ضد شعب غزة بتصميم وسبق إصرار وإعلان صريح متكرر عن النيات والغايات.
هذا عن الجانب القانوني. أما الجانب السياسي فإنه يتمثل في أن حكومة جنوب إفريقيا قد نزّلت الدعوى في سياق «معاملة إسرائيل للفلسطينيين طيلة خمسة وسبعين عاما من حكم الأبارتهايد، وطيلة ستة وخمسين عاما من احتلال الأراضي الفلسطينية وستة عشر عاما من إحكام الحصار حول غزة». وبهذا أثبتت جنوب إفريقيا الحرة، المتحررة من الأوهام العنصرية والمساوية بين جميع مواطنيها، أن فلسطين هي قضية الضمير الأخلاقي العالمي: قضية الإنسانية بأسرها. وإزاء تصدّر جنوب إفريقيا، البعيدة جغرافيّا، للدفاع عن فلسطين، لم يسع بعض وسائل الإعلام الغربية الجادة إلا أن تتساءل عن هذا الصمت العربي المطبق المخزي بشدة طوله، وعن تقاعس الدول العربية الغنية عن استخدام سلاح الطاقة أو سلاح الاستثمارات الضخمة في البلدان الغربية. كما تساءلت لوموند عن سبب كل هذا التأخر في إعلان موت «عصبة الأمم العربية»!
وبما أن «الضرب في الميت حرام» كما يقول المثل الشعبي الذي لا تعرفه لوموند، فإن أنبل تبرير يمكن التذرع به لمحاولة غسل هذا الخزي هو أن «عصبة الأمم العربية» لم تتقاعس، بل كل ما في الأمر أنها أرادت، بالامتناع عن الدفاع عن شعب فلسطين (قبل التذكّر في آخر لحظة وطلب المشاركة في رفع الدعوى) أن تؤكد عالمية القضية الفلسطينية وألاّ تحرم الإنسانية، ممثلة في جنوب إفريقيا، من شرف الانتصار للحق.
(القدس العربي)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطيني غزة فلسطين غزة الاحتلال شهداء مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة جنوب إفریقیا

إقرأ أيضاً:

هجوم بالنار على متضامنين مع إسرائيل.. من هو المصري الذي أرعب الصهاينة؟

عواصم - الوكالات

كشفت السلطات الأميركية، تفاصيل جديدة بشأن الهجوم الذي وقع بالقرب من فعالية مؤيدة لإسرائيل في شارع "بيرل ستريت" الشهير بمدينة بولدر بولاية كولورادو، وأسفر عن إصابة 6 أشخاص على الأقل، بعضهم بحروق خطيرة.

وبحسب ما نقلته شبكة "فوكس نيوز"، فإن المشتبه به هو رجل يحمل الجنسية المصرية ويدعى محمد صبري سليمان، ويبلغ من العمر 45 عاماً، وكان قد دخل الأراضي الأميركية قبل عامين بتأشيرة مؤقتة انتهت صلاحيتها، ما جعله مقيماً بشكل غير قانوني في البلاد.

وأوضح مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) أن المهاجم استخدم قاذف لهب بدائي الصنع أثناء تنفيذ الهجوم، وكان يردد عبارة "فلسطين حرة"، ما دفع المكتب لتصنيفه مبدئياً كـ"هجوم إرهابي موجه"، حسب ما صرّح به كاش باتيل، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي.

وقال المدعي العام لولاية كولورادو، فيل وايزر، إن الهجوم "يبدو كجريمة كراهية تستهدف الجالية اليهودية"، بينما لفت قائد شرطة بولدر، ستيفن ريدفيرن، إلى أن التحقيق ما زال في مراحله المبكرة، مؤكدًا أن "المعلومات أولية للغاية" ومن المبكر الجزم بالدوافع النهائية.

الهجوم وقع خلال تجمّع أسبوعي لأفراد من الجالية اليهودية نظمته "رابطة مكافحة التشهير" على ممر المشاة في بيرل ستريت، حيث اعتاد المشاركون على المشي أو الركض دعمًا للرهائن الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023.

وقالت الرابطة، عبر منصة "إكس" (تويتر سابقًا): "نحن على علم بالتقارير التي تفيد بوقوع هجوم خلال الفعالية، ونتابع التطورات مع السلطات الأمنية".

ويأتي هذا الهجوم بعد أقل من أسبوعين على حادثة مشابهة في واشنطن العاصمة، حيث اعتُقل رجل من مواليد شيكاغو، يبلغ من العمر 31 عامًا، بعد أن أطلق النار على اثنين من موظفي السفارة الإسرائيلية، مرددًا العبارات نفسها، مما أدى إلى مقتلهما لاحقًا في تبادل إطلاق نار مع الأمن.

وتعكس هذه الهجمات تصاعد التوترات في الولايات المتحدة على خلفية الحرب المستمرة في غزة، واحتمال تحوّل المواقف المتطرفة إلى أعمال عنف تستهدف تجمعات مدنية.

من جانبها، أعلنت شرطة كولورادو أن التحقيق جارٍ حاليًا باعتبار الحادث "عملاً إرهابيًا محتملاً"، مؤكدة أنه "لا يُعتقد وجود متورطين آخرين" في الهجوم. فيما تستمر جهود التعرف على خلفيات المشتبه به ودوافعه، وتقييم ما إذا كانت هناك صلة بتنظيمات خارجية أو تيارات فكرية متطرفة.

في المقابل، التزمت السلطات الفيدرالية الصمت بشأن تفاصيل التحقيق، مكتفية بالإشارة إلى أن التنسيق جارٍ بين مكتب التحقيقات الفيدرالي، ووزارة الأمن الداخلي، وشرطة الولاية.

مقالات مشابهة

  • اخترق الـ CIA ..”كراكا” الهاكر المراهق الذي هزّ أميركا دفاعا عن فلسطين
  • هجوم بالنار على متضامنين مع إسرائيل.. من هو المصري الذي أرعب الصهاينة؟
  • بوريطة: الموقف الذي عبرت عنه المملكة المتحدة بشأن قضية الصحراء المغربية سيعزز الدينامية التي يعرفها هذا الملف
  • قضية الصحراء الغربية.. بريطانيا تعلن دعمها لمقترح الحكم الذاتي المغربي
  • اخترق الـسي آي إيه.. كراكا الهاكر المراهق الذي هزّ أميركا دفاعا عن فلسطين
  • أحمد موسى: إسرائيل هددت بضم الضفة إذا اعترفت دول كبيرة بدولة فلسطين
  • الرهوي يُكرّم كوادر مؤتمر “فلسطين قضية الأمة” تقديرًا لجهودهم الوطنية
  • الرهوي يُكرّم عددًا من أعضاء اللجنة العليا للمؤتمر الثالث “فلسطين قضية الأمة المركزية”
  • الرهوي يُكرّم عددًا من أعضاء اللجنة العليا للمؤتمر الـ3 فلسطين قضية الأمة المركزية
  • أطفال جنوب السودان يخطفون الأضواء باليوم العالمي لحفظ السلام