(١) في اطار الجهود السياسية الوطنية لانهاء الحرب المدمرة التي تشنها مليشيا ال دقلو على الدولة والمجتمع السوداني فهل يمكن ان يلعب تحالف تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) دورا بناء في وقف الحرب بين الجيش ومليشيا ال دقلو بدلا من التماهي مع موقف المليشيا الحالي على النحو الذي تبدى في اعلان اديس ابابا ؟ لقد تبين لتحالف تقدم ان حرب آل دقلو تستهدف المجتمع السوداني مصدر مشروعيتها في الوصول للحكم وان مشروع المليشيا النازي التصفوي يقف على تضاد مع القيم الدينية والانسانية والاخلاقية والديمقراطية بل وتنزع المليشيا الى اعادة الانسان السوداني الى عهود الممالك الاقطاعية القديمة ولذلك فان واجب تحالف تقدم اقناع قيادة المليشيا بوقف اطلاق النار والانسحاب من الاعيان المدنية والخدمية والمرافق العامة والخاصة واعادة المنهوبات الخاصة والعامة ومدخلات المشاريع الانتاجية والسماح بمرور المساعدات الانسانية ، واطلاق سراح كآفة المعتقلين المدنيين ،ومن ثم الشروع في مفاوضات جادة بين الجيش ومليشيا الدعم السريع لإنهاء الحرب، وضرورة ان تفضي المفاوضات الى احتكار العنف القانوني في جيش وطني قومي ومهني وموحد وظيفته حماية الحدود وصيانة الدستور والنظام الديمقراطي.

اما المستقبل السياسي لقيادة المليشيا يحدده الشعب والقضاء ويمكن استلهام تجارب الحقيقة والمصالحة (العدالة الترميمية) في جنوب افريقيا ، والتسامح والوئام الوطني في رواندا.
(٢).
لقد اثبتت الحرب الحالية ان احتكار العنف القانوني في المؤسسة العسكرية الوطنية والمهنية اساس قوة الدولة
وان بناء المليشيات الموازية للجيش الوطني اساس هدم وتفكيك الدولة وبثمارها تعرفونها فالمتمرد حميدتي اسس مليشيا الدعم السريع من خزائن الدولة والان يوظفها لهدم بنية ميراث الدولة السودانية واختزالها في مملكة اولاد الجنيد من اثنية العطاوة العابرة للحدود الوطنية.
كما ان اي مفاوضات سياسية ستفضي الى إبقاء مليشيا ال دقلو كقوة عسكرية موازية للجيش يعني استراحة محارب واستئناف الحرب الضارية والتي ستقود اما الى الحرب الاهلية الشاملة او تفكك السودان الى دويلات وفق المخطط الصهيوني
أما اذا مضت مليشيا آل دقلو في خيار الحرب لاختطاف الدولة السودانية فان واجب قيادات تحالف تقدم حفز الشعب السوداني للقتال مع الجيش حتى تصفية المليشيا وهذه ستكون البداية الواثقة لاستعادة الثقة بين احزاب تحالف تقدم والشعب السوداني.
(٣).
يجب ادارة الحوار حول مهام المرحلة الانتقالية بين كل القوى السياسية دون اقصاء او انتقائية وألا يكون لتحالف تقدم السلطة الاحتكارية او مرجعية ادارة الحكومة الانتقالية بعد نهاية الحرب والتي يجب اسنادها الى حكومة كفاءات وطنية مستقلة تقف على مسافة واحدة من كل القوى السياسية، وان تكون مهام هذه الحكومة ذات طبيعة انتقالية محددة الوظائف تنتهي بانتخابات عامة ،مع ارجاء كل القضايا المتصلة بنسق وهوية الحكم وهوية الدولة لادارتها دستوريا في برلمان وطني منتخب من قاعدة الشعب. او في مؤتمر دستوري جامع
(٤).
يجب تركيز جهود تحالف تقدم خلال المرحلة الانتقالية مع كل القوى السياسية الوطنية على تعزيز ثقافة الوحدة والحوار والتسامح الوطني ، واقناع حركتي عبد الواحد نور ، وعبد العزيز الحلو بالانضمام للسلام والوفاق الوطني، وعلى القوى السياسية التفرغ للبناء التنظيمي واعداد البرامج الجاذبة للتيارات الشبابية والقوى الجديدة الصاعدة في المجتمع . ومن ثم تشكيل الكتلة التاريخية الوطنية للتوافق حول قضايا البناء الوطني والديمقراطية المستدامة
(٥).
استثمار تحالف تقدم علاقاته الاقليمية والدولية في جذب الدعم المالي من الدول والمؤسسات لاعادة اعمار ما دمرته الحرب في السودان
(٦).
في اعتقادي ان هذه الافكار تشكل مداخل استراتيجية لترميم السبيكة الوطنية واللحمة المجتمعية ولاستعادة ثقة المجتمع في قضايا الثورة السودانية وفي الاحزاب السياسية الوطنية والتي تشكل الرئة والعمود الفقري لصيانة ومأسسة المشروع الوطني الديمقراطي
كذلك يجب التراضي على ادارة الانتخابات التي تعقب المرحلة الانتقالية بالتوافق والشراكة بين كل القوى السياسية لضمان مشاركة تمثيل احزاب الاقليات السياسية والايديولوجية في صناعة المشروع الوطني الديمقراطي ، والتجربة السياسية الوطنية اثبتت ان عزل واقصاء الاحزاب خاصة العقائدية شكل المهاد للانقلابات العسكرية في السودان
وكذلك فان الانتخابات التوافقية والشراكات في المراحل الاولى لثورات التغيير ضرورة وطنية لتثبيت قضايا البناء الوطني والديمقراطية المستدامة
(٧).
ان المشروع الوطني الديمقراطي لن يصمد ويتطور حتى يسود ثقافة مجتمعية ومؤسسية إلا بانهاء ثقافة الاقصاء والإقصاء المضاد ، وانهاء الثنائية المدمرة التي مازت السياسة السودانية عبر التاريخ والمتمثلة في (نحن) صناع وايقونات الديمقراطية والاخرين (هم) صناع الاستبداد والدكتاتورية ، وضرورة بناء وسيادة ثقافة (كلنا) والتي تعني كلنا ابناء وبنات السودان بكل تنوعنا وتناقضنا الديني والهوياتي والاثني والعرقي مع النظام الديمقراطي المستدام والهوية السودانوية الجامعة وضد النظام الاستبدادي والثيوقراطي والملكيات الاثنية والاسرية ومع دولة العدالة والمساواة والقانون التي تسع الجميع
(٨).
ان اشاعة ثقافة ومأسسة قضايا البناء الوطني والديمقراطي وسط المجتمع وفي اطار التدافع الفكري والثقافي والسياسي البناء لا التفكيكي الميكانيكي الهدام والقائم على احلال وابدال الاشخاص هو الباعث الاستراتيجي لتفكيك البنية البطركية التاريخية والمؤسسية للاستبداد
صفوة الافكار يجب تحرير قضايا البناء الوطني والديمقراطي من خمس آفات هدامة ، الآفة الاولى الاجندة الاجنبية الخبيثة، الآفة الثانية توظيف العنف والسلاح بدلا عن لغة الحوار والتدافع السياسي السلمي ، الافة الثالثة توظيف وأدلجة الجيش لاسقاط النظام الديمقراطي، الآفة الرابعة الانتفاضات والمظاهرات والعصيان لتعطيل التجربة الديمقراطية وهي في صراع الرؤى والتكوين. الافة الاخيرة يجب تحرير قضايا البناء الوطني والديمقراطي من الايديولوجيات الحزبية سواء كانت قومية او اثنية وطنية او أممية عابرة للحدود.

عثمان جلال

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: کل القوى السیاسیة السیاسیة الوطنیة تحالف تقدم

إقرأ أيضاً:

ليس للتمرد قبيلة

* خيراً فعل قادة و رموز و أعيان المجتمع الدارفوري من مختلف المكونات الإثنية أن اجتمعوا في بورتسودان حيث العاصمة الإدارية المؤقتة ليعلنوا وقوفهم الكامل مع الدولة و مؤسساتها و يؤكدوا دعمهم و مساندتهم للقوات المسلحة و هي تخوض معركة الكرامة في مواجهة الحرب التي تشنها قوى الشر الداخلية و الخارجية على الدولة السودانية بمختلف مكوناتها منذ أكثر من عام !!
و ليبينوا بجلاء رفضهم القاطع لسلوك بعض قادة الإدارة الأهلية الذين زجوا بمجموعات كبيرة من شباب قبائلهم للقتال في صفوف المليشيا المتمردة المجرمة الإرهابية بقيادة (آل دقلو) تنفيذاً لمشروع تحالف قوى الشر بقيادة دولة الإمارات و جماعة (قحت/تقدم) و مشاركة بعض دول الجوار المتآمرة و مباركة الولايات المتحدة و توابعها من الدول الأوروبية وسط و تخاذل عربي مخزي !!
* و خيراً فعلت تنسيقية أبناء قبيلة الرزيقات في الداخل و الخارج برفضها و إدانتها للمليشيا و لبعض قادة و أعيان القبيلة الذين باعوا ذممهم و انحازوا علناً للمليشيا و أصبحوا أدوات تستخدمهم للحشد و الإستنفار و التجييش !!
و حسب متابعاتي و معلوماتي فإن التنسيقية تعد لمفاجأة سيكون لها صدى و أثر كبير في الأيام المقبلة !!
* و خيراً فعل الشيخ المجاهد أحمد الصالح صلوحة عبر هيئة كردفان الشعبية لنصرة الوطن و هو يحشد العشرات من رموز و أعيان و مجاهدي قبيلة المسيرية وصلوا إلى بورتسودان بعد معاناة و عنت حتى أن بعضهم جاءوا عن طريق دولة جنوب السودان ليعلنوا أيضاً مساندتهم للقوات المسلحة و وقوفهم مع مؤسسات الدولة و إدانة سلوك بعض قادة الإدارة الأهلية للقبيلة الذين وقفوا مع المليشيا و استنفروا شبابهم للقتال في صفوفها !!
وفد المسيرية لم يحضر إلى بورتسودان إلا بعد أن دفع بالآلاف للإلتحاق بالقوات المسلحة و القتال في صفها في الفرقة (22) بابنوسة و مختلف الجبهات !!
* و خيراً تفعل تنسيقية أبناء الحوازمة ببطونها المختلفة و أولاد حميد و هي تستعد أيضاً لحشد الرموز و الأعيان و القادة لإعلان ولاءهم التام لمؤسسات الدولة و دعمهم و مساندة القوات المسلحة ، و التنسيقية لم تقدم على هذه الخطوة إلا بعد نجاحها فى سحب أكثر من ألف من أبنائها المقاتلين من صفوف المليشيا و بعضهم سلَّموا أنفسهم للوحدات العسكرية في كردفان ، و كان بعض مؤسسي التنسيقية قد بدأوا نشاطهم منذ الأيام الأولى لإندلاع التمرد !!
مثل هذه الجهود كان ينبغي أن تقابل بالترحيب و الدعم و التشجيع بدلاً من أن يواجهها البعض بخطابات (عنصرية) بغيضة تزيد أزمة البلاد و تعمق جراحها و آلامها .
#المقاومة_الشعبية_خيارنا
#كتابات_حاج_ماجد_سوار
5 يونيو 2024

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • تحالف مليشيا الدعم السريع والمؤتمر السوداني
  • نهيان بن زايد: الكوادر الوطنية قادرة على مواكبة متغيرات العصر
  • الالية الوطنية لحقوق الانسان تردّ على بيان المفوض السامي لحقوق الانسان بشأن مجزرة”ود النورة”
  • ليس للتمرد قبيلة
  • بيان من الحركة الشعبية-التيار الثوري الديمقراطي حول اجتماع المكتب القيادي
  • الحلبوسي يلتقي الحكيم.. تأكيد على أهمية اختيار رئيس جديد للبرلمان
  • تحالف الأحزاب يبارك الإنجاز الأمني النوعي بضبط عناصر شبكة تجسسية أمريكية – إسرائيلية
  • برلماني: قانون تنظيم ملكية الدولة في الشركات الوطنية يؤكد جديتها في تعزيز مشاركة القطاع الخاص
  • جماعة تقدم يؤكدون للجميع يوما بعد يوم، أنهم دعم سريع أكثر من الدعم السريع نفسه
  • زحمة مبادرات رئاسية.. والتحرك القطري تحت سقف منع إسرائيل من توسعة الحرب جنوباً