حقيقة أن السلاح الذي يقتلنا هو من صنع ايدينا وحتي نصلح ذات بيننا رجاءا الكف عن استجداء الحل عند الآخرين وعدم اتهامهم بما نحن فيه من خيبة ، سادتي الكرام أن الأعداء لم ولن يكونوا أحن علينا من أنفسنا !!..
تاريخ النشر: 17th, January 2024 GMT
حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي
بعد اكتساح الجنجويد لولاية الخرطوم وترويعهم المواطن بارتكابهم للمجازر وكل انواع الدمار والتخريب والحرق والنهب والتشريد وبعد أن صارت الانتنوف عمياء صماء بكماء لاتفرق بين السكان والدعامة ومات بسبب ذلك الكثيرون من الأبرياء وكانت دورهم مقابر لهم ومنهم من دفن أمام عتبة الدار أو الساحة المجاورة ومن مات في مدرسته أو في جامعته كان لابد أن تكون رقدته النهائية في هذه الميادين العلمية وانتشرت القبور في الأسواق والمستشفيات والمصانع وتحولت العاصمة الي مدافن ممتدة ، هذا خلاف ما تناثر من جثث في العراء لتكون طعاما للكلاب في منظر تقشعر منه الأبدان وكما قلنا من قبل أن الطرفين المتحاربين ظلا ينظران ببلاهة الي هذه الجثث ولم يحركا ساكنا لدفنها لأنهما ببساطة لم يهمهما الاحياء فكيف يهمهما الأموات !!.
وتحت كل هذا الضغط الهائل لم يكن من مفر غير الفرار وترك الديار بما حوت ليحتلها الجنجويد ، ورغم الوضع المأساوي الذي كان يتطلب التعاطف من بعضنا علي بعضنا انبري أصحاب الحافلات لجموع الهاربين ليرفعوا لهم سعر أجرة الترحيل الي مدني الي أضعاف فلكية ليست في مقدور الكثيرين ، والذين وصلوا سالمين الي أرض الجزيرة كان لهم أصحاب العقارات بالمرصاد وكان الملاك يضعون سعرا لتأجير غرفة متهالكة بما يساوي سعر تاجير غرفة فندق في كلفورنيا ، أما التجار كالعادة في مثل هذه الظروف التي كانت تتطلب الرحمة والتراحم فقد فعلوا العكس ليكتوي أبناء وبنات الخرطوم بالاسعار الفلكية التي تقصم الظهر وتهد الحيل والجيب ، فياله من عار وعيب وقع فيه هؤلاء الجشعون أصحاب القلوب القاسية مثل جلاميد الصخر !!..
عندما وصل المهاجرون الي المدينة المنورة فرارا بدينهم من بطش قريش استقبلهم الانصار بكل الود والحب والاحترام والاعزاز والتكريم وتقاسموا معهم كل شيء حتى أن الذي كان متزوجا من اثنتين طلق إحداهما ليتزوجها اخوه المهاجر وقد تمت المؤاخاة بين المهاجر والانصاري بصورة مثالية قل أن يكون لها مثيل في أي مجتمع آخر في العالم !!..
حدثنا أبناؤنا الذين كانوا عالقين في حلفا بأنهم عانوا المر من السكن فالايجارات كانت لا تطاق والخدمات رديئة والترحيل بأسعار مبالغ فيها والطعام مغالاة في الأسعار مع تدني في الجودة !!..
ورغم كل الذي حصل وحصيلة الموت تجاوزت ال ١٢ ألف والنزوح واللجوء وصل إلي أكثر من ال ٧ مليون ونحن في أرض اللجوء لانسمع غير الكلام المتضارب فالجيش يدعي الانتصار والجنجويد في كل مكان وقائد الجنجويد مثل أي رئيس منتخب يزور البلاد الأفريقية ليستقبل بالبساط الأحمر وبالاحضان وهذا اعتراف به ونحن الشعب صرنا في خبر كان واصبحنا لا نستشار في أدق شؤؤن بلادنا وصرنا ألعوبة بل كرة شراب يتقاذفها الجنرالان ونحن لسنا علي البال ، واخيرا توجه البرهان لإيران اكيد وجههه الكيزان لهذه الخطوة ليقفز السودان كالبهلوان من محور مضي الي محور جديد ليفتح علي نفسه المزيد من النيران !!..
ونحن معشر المساكين في دنيا اللجوء بعيدا عن الوطن نحلم بأن تتوقف هذه الحرب اللعينة العبثية بأي ثمن وان نعود لديارنا الحبيبة معززين مكرمين وهي أمنية نتمني من الله سبحانه وتعالى أن يحققها لنا في القريب العاجل ، إنه سميع مجيب الدعاء وصلي الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين .
حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي.
لاجئ بمصر .
ghamedalneil@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
الجنجويد استباحوا منطقة شرق الجزيرة استباحة كاملة
السهل المنكوب.
طبعا الجنجويد استباحوا منطقة شرق الجزيرة استباحة كاملة. قتلوا وآهانوا وروعوا السكان العزل الأبرياء الذين لا حول لهم ولاقوة واذاقوهم أشد انواع العذاب، ونهبوا الأسواق في كل من رفاعة وتمبول والهلالية وقرى غرب النيل الأزرق بصورة كاملة. إلا أن حملتهم كانت أشد ضراوة وقسوة في قرى شرق الجزيرة على وجه الخصوص لدرجة انهم حرقوا مزارع الذرة حول تمبول، مما اضطر سكان المنطقة لمغادرتها بعد ان نكل بهم أشد تنكيل. وحسب الافادات الواردة من هناك تمت سرقة كل القرى بلا استثناء في هذه المنطقة الواسعة المترامية الاطراف، وقد سمعنا انهم ينوون افتتاح سوق للسلع برفاعة بعد أن سرقوا كل السوق وخربوه و ونقلوا بضائعه إلى الحصاحيصا بدفارات مخصصة للسرقة والنهب حتى اضحت المدينة بلا غذاء. ونتيجة لهذه الحملة الشعواء التى قادها التمرد، أصبحت كل المناطق الواقعة في سهل البطانة من النيل الأزرق غربا إلى تخوم حلفا في الشرق ومن القرى التى حول الحديبة في الجنوب إلى تخوم محلية شرق النيل في الشمال، تكاد تكون خالية تماما من السكان. الكل خرج وترك خلفه كل شىء من الملابس إلى السيارة. ليقطعوا مسافات مهوله راجلين وهم يحملون الأطفال على آكتافهم وظهورهم. طبعا بعض الناس قطعوا هذه المسافات في عدة ايام تتراوح من ٣الى ه أيام وهنالك من مات بسبب فقدانه لدواء كان يستعمله او نتيجة لرهق المسير وهو مريض، لأن الكثير منهم قطع جل هذه المسافات مشيا على الأقدام مع اخذهم قسط من الراحة عند قرى قد افرغت من ساكنيها. وهنا نذكر ان مليشيا التمرد كانت تأخذ كل دابة يمكن أن تساعد هؤلاء في مسيرهم، حتى (الكارو) التى حمل عليها طفل او شيخ كبير يتم أخذها دون شفقه او رحمة. السؤال هل هؤلاء لديهم نفس صفات الجنس البشري ؟ سارت هذه الكتل السكانية الهائلة مثخنة بالجراح، جراح بنادق التمرد وعصييهم وسياطهم وجراح معنوية نفسية كانت هي الاقسى والأشد ألما. فما منهم إلا وقد اخذ نصيبه من هؤلاء الاوباش الملاعين إلا القليل. سار نازحو شرق الجزيرة في إتجاهات مختلفة فمنهم من سار في اتجاه قرى الفاو ومنهم من إتجه الى القضارف ومنهم من وصل إلى حلفا ومنهم من اتخذ حلفا معبرا إلى مناطق أخرى وهناك من سار الى الطندب الحساناب الواقعة في الشمال الشرقي لمدينة تمبول متخذها محطة للعبور إلى شندي وعطبرة ، ومعظم أهلنا كانوا مع هؤلاء. نسأل الله أن يحفظ الجميع. الكثير من الغوث قد قدم من قبل السكان المحليين القريبين من نقاط هذه التجمعات ، جزى الله كل من بذل وقدم وأكرم . رحلة التهجير القسري هذه تضمنت مآس مؤلمة يصعب سردها مهما حاولنا تتبعها. فكل نازح او مهجر له قصة مختلفة بتفاصيل خاصة. قصص عجيبة وغريبة بل عصية على التصور، حدثت لمن لنا بهم صله دعك من بقية الحشود من الآلاف الزاحفة نحو الشرق. على سبيل المثال، ابنة خال المدام زوجها من قرية ود السيد – مشروع سكر الجنيد، شاب معروف بنخوته، عندما رأى الجنجويد يضربون بعض النساء بالسياط يستعجلون مسيرهن في مؤخرة الصفوف، رجع اليهم راجيا منهم عدم التعرض للنساء بالضرب لأن ذلك عيب ، فما كان منهم الا أن أطلقوا عليه الرصاص واردوه قتيلا. زوجته في المقدمة مصطحبة طفلها ذي الثلاث سنوات وهي حبلى بآخر، لا تدري ما حدث لزوجها. سمحوا لعمه الذي كان برفقته و آخرين بدفنه والزوجة لا تعلم بذلك حتى كتابة هذه السطور، لأن الجموع كبيرة و زاحفة في مشهد لن يغتفر لهؤلاء المنبوذين. أي نوع من البشر هؤلاء؟ مثال آخر لقسوة وغوغائية الجنجويد، اتت سيده من بانت شرق رفاعة وهي في حالة يرثى لها، تصرخ وتبكي ابنها الوحيد الذي حبسه المتمردون معهم وظلت في رجاء وتودد اليهم ليطلقوا سراحه لمرافقتها، فرفضوا رفضا قاطعا، وعندما أكثرت من الالحاح عليهم افرغوا فيه مجموعة من الرصاص ليلفظ انفاسه أمام ناظريها. فحكى لنا من تواصل معنا حينما بلغ شبكة الاتصال، انها كانت تبكي مذعورة وخائفة و منهاره نفسيا طالبة من بعض الرجال في إحدى القرى القريبة(ام تلاتة) الذهاب معها لدفنه. ولكنهم طلبوا منها ان تترك الأمر لهم وتبقى هي لتستجم. ذهبوا إلى بانت وحملوا الجثة واتوا بها لتغبر في ام تلاتة شرق رفاعة. اليوم أيضا علمنا ان زميلنا ببنك ام درمان الوطني(سابقا) ، صديق عمر السيد، قد إستشهد غدرا برفاعة له الرحمه والمغفرة والقبول الحسن رجل طيب وخلوق وحبيب لكل من عرفه. نسأل الله أن يتقبله شهيدا عنده. قصص محزنة ومروعة وصادمة يصعب التسامح مع من قام بها وحرض عليها ومن لايرغب في إدانتها.
الكل عرف أن الجنجويد جهال لا وازع لهم ولا دين ولا أخلاق. يمارسون القتل كما الأكل والشرب. ولانهم بدون قياده يتوقع ان يكون عدد الضحايا في المناطق التى دنستها ارجلهم أكثر مما يعلن عنه. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
Mohammed Tameem Eldar
إنضم لقناة النيلين على واتساب