محمد فضل علي .. كندا

صفحات غير منسية من ملفات النسخة الاصلية للمعارضة السودانية من قيادتها المركزية في قاهرة التسعينات
بعد قضاء الله وقدره فقد توفي الفريق فتحي احمد علي اخر قائد شرعي للجيش السوداني منتصف التسعينات بسبب الغبن والقهر والاهمال الذي تعرض له مع رفاقة في تنظيم القيادة الشرعية للجيش السوداني الذي شرع منذ الايام الاولي لوصوله القاهرة في التقدم بمقترحات متعددة من اجل تشكيل قيادة بديلة للجيش القومي للبلاد وفق التقاليد والاعراف المهنية المرعية في الجيوش القومية في كل انحاء العالم من اجل استعادة السلطة الشرعية وتفكيك دولة الحركة الاسلامية وانقاذ البلاد في وقت مبكر من المصير الذي انتهت اليه اليوم من دمار وانهيار كامل للدولة السودانية حيث تعود جذور مايجري اليوم من حرب ودمار وانهيار الدولة السودانية الي غياب وتفكيك الجيش القومي السابق للبلاد بعد عملية الاحتلال الاخواني المسلح للبلاد عشية الثلاثين من يونيو 1989 .


لقد كانت عملية الاحتلال الاخواني المسلح للبلاد في 30 يونيو 1989 رد فعل علي مذكرة القوات المسلحة السودانية المتحضرة والتي طالبت فيها بتحقيق اصلاحات سياسية والقبول بالتفاوض من اجل تحقيق السلام في البلاد وذلك قبل ان يجف الحبر الذي كتبت به اتفاقية الزعيم الميرغني مع الراحل جون قرنق في هذا الصدد والاتفاق علي تشكيل حكومة قاعدة عريضة من اجل تحقيق السلام رفضتها الحركة الاسلامية في ذلك الوقت علي نفس الطريقة التي تعامل بها الجنرال البرهان القائد الجديد لجناحها العسكري مع التطورات السياسية الراهنة في البلاد قبل واثناء الحرب الراهنة في السودان .
لقد تم تجاهل التضحية الكبيرة لقيادة الجيش القومي السابق بالطريقة التي عرضتهم لانتقام الاسلاميين وتجاهلت المعارضة السودانية مقترحات القيادة الشرعية للجيش السوداني في المنفي وتم التعامل معها كمجموعة سياسية لها نصيب معلوم ومحدد من المشاركة في مناسبات المعارضة السودانية الاحتفالية والسياسية بينما تفرغت الاحزاب الرئيسية في المعارضة في ذلك الوقت منذ بداية التسعينات للتنافس بينها وتاسيس جيوش وقوات حزبية لم تحرر شبر واحد من الاراضي السودانية بينما اتجهت بعض النخب السياسية الاخري وبعض جماعات اليسار الامريكي نحو قوات التحالف السودانية وعبد العزيز خالد بعد انتشار تسريبات غير حقيقية عن حجم قواته وعن اقترابه من السلطة بدعم دولي وظل بعض الساسة والدكاترة من بينهم للمفارقة بعض الناصريين ومجموعات اخري يلهثون وراء هذا السراب حتي لفظت المعارضة السودانية انفاسها الاخيرة عبر الاختراق الكبير بواسطة الاسلاميين بعد قبولهم بالصفقة الامريكية والغربية لتقسيم السودان بمشاركة الانفصاليين الجنوبيين في قيادة الحركة الشعبية بعد مقتل الدكتور جون قرنق في ظروف غامضة وتفكيك المعارضة السودانية باختيار مطلق من قيادة واقطاب تلك المعارضة وعودة الجميع الي الخرطوم في ركب الانفصاليين الجنوبيين الذين انحازوا الي اجندتهم الحقيقية وتركوا بقية المعارضين المشاركين في برلمان ومؤسسات نظام الحركة الاسلامية الي مصيرهم المحتوم الذي انتهوا اليه .
بمناسبة الحديث المتكرر هذا الايام عن تأسيس جيش سوداني جديد وفق رؤية قائد قوات الدعم السريع وبعض الجماعات السياسية السودانية الاخري نتمني ان لاتعود ساقية الوهم وعدم الواقعية والاندفاع والانطباعات الشخصية حول مستقبل البلاد والمؤسسة العسكرية السودانية علي وجه التحديد الي الدوران من جديد بعد نهاية الحرب الراهنة في بلد مترنحة ولاتزال مجهولة المصير .
لن يستقيم الظل والعود اعوج ولن تستقر اوضاع السودان بدون عودة مؤسسات الجيش السوداني السابق والمؤسسة العسكرية السودانية القومية السابقة كاملة غير منقوصة دون تدخلات سياسية او حزبية بعيدا عن الوصاية الاجنبية كما كانت عليه اوضاع الجيش السوداني قبل يوم واحد من الثلاثين من يونيو 1989 وبعد ذلك فلينتافس المتنافسون حول مستقبل العملية السياسية عبر صناديق الانتخابات وقيام برلمان مفوض ومدعوم من الشعب والامة السودانية من اجل العدالة تحت ظلال الشرعية الثورية والامر اليوم وغدا لايحتمل الهزل وانتظار ماتجود به الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية من وصاية واقتراحات حول مستقبل السودان السياسي والقانوني والدستوري .
لن تتحمل مرحلة اعادة البناء في السودان القادم الجيوش والمجموعات المسلحة وفلول البلطجة التي ترتدي ازياء الجيش القومي السابق للبلاد وتمنح نفسها ماتشاء من الرتب والالقاب العسكرية بطريقة ليس لها مثيل في كل دول العالم الي جانب التفرغ السياسي لجماعات متعددة ظلت تعتمد علي الميزانيات المفتوحة التي تمنح لقادتها في اطار مسلسل الرشوة السياسية الذي الذي ظلت تتبعه الحكومات المتعاقبة في نظام الحركة الاسلامية وتابعهم المعزول البشير حتي يومنا هذا .
ومن المؤكد ان تفرض منظمات دولية مهنية متخصصه في مكافحة الفساد ونهب موارد الشعوب رقابة لصيقة علي موارد الدولة السودانية وكيفية انفاق المال العام في مرحلة مابعد الحرب لضمان توجية الموارد والدخل القومي للبلاد نحو عملية اعادة بناء ماتهدم في السودان وتعويض ضحايا الحرب وبالطبع لن يستسلم تجار الحروب والبلطجية وسيعودون الي ممارسة الابتزاز علي قاعدة حقي وحقك ولعب دور الضحية الذي تعرض الي التهميش في الوقت الذي يمارسون فيه النصب والاحتيال باسم المهمشين المشردين بين حدود الدول بينما يتعالي هولاء المحتالين في البنيان دون وجه حق .

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الحرکة الاسلامیة للجیش السودانی من اجل

إقرأ أيضاً:

راهن الحرب السودانية

اختتمت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدّم" في السودان، يوم أمس مؤتمرها التأسيسي الذي انعقد في العاصمة الإثيوبية بحضور أكثر من 600 ممثل للتنظيمات المدنية والحركات المسلحة، معلنة عن "رؤية سياسية" لإنهاء الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع، وسط تجاذبات بين مؤيد ومعارض بشأن هذه الرؤية. وقدم المؤتمر رؤية سياسية لإيقاف وإنهاء الحرب وتأسيس الدولة واستكمال الثورة، وترتكز على وقف وإنهاء الحرب، وإعادة الأمن والاستقرار وعودة النازحين، ووحدة السودان شعباً وأرضاً. بالإضافة إلى إقامة دولة مدنية ديمقراطية تقف على مسافة واحدة من الأديان، والهويات، والثقافات، وتعترف بالتنوع وتعبر عن جميع مكوناتها دون تمييز، وإقرار أن المواطنة المتساوية هي أساس الحقوق والواجبات، والاعتراف بالتنوع التاريخي والمعاصر. كما نصت الرؤية على تأسيس وبناء منظومة عسكرية وأمنية احترافية ذات عقيدة قتالية وطنية، إنشاء نظام حكم فيدرالي حقيقي عماده الاعتراف بالحق الأصيل لجميع الأقاليم في إدارة شؤونها ومواردها عبر مجالسها التشريعية وسلطاتها الإقليمية.
على الطرف الآخر يقف معسكر "بل بس"عبر نشاط إعلامي يقوده دعاة الحرب لاستمرار معركتهم الاسفيرية يعلنون من خلالها دعمهم للقوات المسلحة مطالبين بضرورة حسم المليشيا وفق تعبيرهم عبر القوى المسلحة ودك حصون مناصريها وهم يصفون ما يجرى بأنه انقلاب على الشرعية الدستورية للقوات المسلحة عبر تمرد قائد الدعم السريع وحاضنته السياسية القوى المدنية بالنسبة لهم فإن الدعوة لإيقاف الحرب باطل أريد به باطل وإن الحياد نفسه محاولة من القوى السياسية المدنية للالتفاف على دعمها لتمرد الدعم السريع وقائده كما ان اتفاقها الإطاري كان في الأساس وصفة الحرب.
الآن مر عام وأكثر على هذه الشعارات نريد أن نتعقل ونقف لروية لنعرف ماذا جنى معسكر "بل بس" هل أنهى أم بل التمرد وقضى عليه! نجد أن الخسائر تزداد وتتمدد في فضاء السودان وأن الوضع في السودان يزداد تعقيدًا ويصل إلى ذروته في تزايد الخسائر والصعوبات التي يواجهها الناس هناك. من الضروري مواجهة هذه الأوضاع بجدية واتخاذ إجراءات فورية للحد من تلك الخسائر وتحقيق الاستقرار والرخاء في البلاد. تسبَّبت هذه الحرب في تفاقم الوضع الإنساني في السودان وفي موجات نزوح كبيرة كما نجمَ عنها حتى الـ 22 أبريل مقتل حوالي 250 مدنيًا وإصابة أكثر من ألف آخرين بحسبِ إحصائيات نقابة أطباء السودان، فيما أشارت منظمة الصحة العالمية لأرقام أكبر وتكادُ تصل الضعف بحيثُ شملت عدد القتلى في صفوف المدنيين وفي صفوفِ الطرَفين . ووفقا لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونسيف" فإن أكثر من 20 مليون طفل يدفعون ثمنا باهظا للتدهور الأمني في معظم مناطق البلاد. ووفقا لما وصفها الخبير الأممي ووزير المالية الأسبق إبراهيم البدوي بالتقديرات الواقعية فإن الحرب جرفت 20 في المئة من الرصيد الرأسمالي للبنية الاقتصادية التحتية المقدر بنحو 550 مليار دولار كما أن الناتج المحلي البالغ 36 مليار دولار سيتراجع 20 في المئة.
تتسبب الحروب والصراعات في العديد من المشاكل الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية، حيث أدت إلى تدمير البنية التحتية، وتعطيل الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة، وتعريض حياة المدنيين للخطر. وقف الحرب في السودان سيسهم بشكل كبير في إنهاء هذه الآثار السلبية وإعادة بناء البلاد. من الجوانب الاقتصادية يعيق الصراع الدائم الاستثمارات ويجعل من الصعب على السكان المحليين بناء مستقبل مستقر ومزدهر. بوقف الحرب يمكن للسودان استغلال موارده الطبيعية بشكل أفضل، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتوفير فرص عمل للشباب، مما يعزز الاقتصاد المحلي ويحد من الفقر والبطالة. من الناحية الاجتماعية تؤثر الحروب بشكل كبير على الهوية والتماسك الاجتماعي للمجتمعات، حيث تزرع الفتنة وتفتح جروحًا عميقة بين الأفراد والمجتمعات المختلفة. بوقف الحرب يمكن للسودانيين بناء جسور التفاهم والمصالحة، وتعزيز التعايش السلمي بين مختلف الأعراق والثقافات والمجتمعات.
إن مؤتمر تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم" بحث في قضايا ذات أهمية للمواطن السوداني، مثل تقديم المساعدات الإنسانية ومحاربة خطاب الكراهية. ومثل هذا المؤتمر فرصة جدية لوقف الحرب والانتقال نحو الديمقراطية. بينما يُعتبر التيار الرافض لهذا الحراك المدني هما الفلول من النظام السابق والأيديولوجيين الذين يفتقرون إلى حلول عملية لإنهاء الحرب. "تقدم" تعبر عن رؤيتها لإنهاء الحرب والانتقال المدني، ولكن ما الذي تقدمه القوى المناهضة للشعب سوى خطاب الكراهية والعنف وتصاعد الصراع والتقسيم؟.
إن الحلول الدائمة والمستدامة في السياقات السياسية والاجتماعية غالبًا ما تأتي من المدنيين، لأنهم هم الذين يعيشون ويعانون من آثار النزاعات والحروب مباشرة. إنهم الذين يمتلكون الرغبة والحاجة لبناء مجتمعاتهم وتحقيق السلام والاستقرار في بلادهم. المدنيون يمثلون أساس البنية الاجتماعية والاقتصادية في أي مجتمع، ولديهم فهم عميق لاحتياجاتهم وتطلعاتهم. بالتالي، فإنهم يمكنهم أن يكونوا محركين للتغيير والتطور نحو الأفضل. على الرغم من أن العسكريين قد يكون لديهم دور في تأمين الأمن والاستقرار، إلا أن البناء الحقيقي للوطن والمجتمع يعتمد بشكل أساسي على إرادة المدنيين وجهودهم في تعزيز الحوار وبناء الثقة وتعزيز الديمقراطية. من خلال المشاركة المدنية الفعالة والمستمرة، يمكن للمدنيين تشكيل مستقبلهم بشكل أفضل وتحقيق السلام والعدالة الاجتماعية والاقتصادية التي يطمحون إليها. إذا تمكنوا من الوحدة والتعاون، يمكنهم تجاوز الانقسامات والتحديات وبناء مجتمع أكثر استقرارًا وتقدمًا.
ولكن من الواضح وجود تعنت من جانب الجيش في الرغبة في التفاوض والذي يمثل عائقًا كبيرًا أمام عملية السلام وإنهاء الحرب. فعندما يتمسك طرف ما بالقوة كوسيلة لتحقيق أهدافه، فإنه يمكن أن يؤدي ذلك إلى استمرار الصراع وتفاقمه. لذلك فإنه من المهم أن ندرك أن حل النزاعات يتطلب تضحيات من جميع الأطراف المعنية. يجب على الجيش أن يدرك أن السلام والاستقرار يمكن أن يحققان مصالح البلاد والشعب بشكل عام، وأنه يمكن أن يؤدي الحوار والتفاوض إلى حلول دائمة ومستدامة بدلاً من الاستمرار في دائرة العنف والصراع.
يمارس المجتمع الدولي ضغوط دولية والوساطة الدولية في تحفيز الأطراف المتنازعة على الجلوس إلى طاولة التفاوض والبحث عن حلول سلمية للنزاع. ولكن يبدو انها غير كافية في هذه اللحظة لتبني الجيش لغة حوار وفهم للحل السلمي غير العسكري. يبدو أن استمرار التعنت من جانب الجيش يجعل عملية التفاوض أكثر تعقيدًا وصعوبة. لذا يعد وقف الحرب في السودان خطوة حاسمة نحو تحقيق الاستقرار والتنمية في البلاد. إنها فرصة لبناء مستقبل أفضل لجميع السودانيين، يستند إلى السلام والتعايش والعدالة.

د. سامر عوض حسين
31 مايو 2024


samir.alawad@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • المعارضة الأرمينية تنظم مظاهرة احتجاجية وسط العاصمة يريفان
  • المطاعم السودانية في القاهرة.. تجارب وليدة فرضتها الحرب
  • المكسيك تنتخب وتوقعات بفوز كلوديا شينباوم لتصبح أول رئيسة للبلاد
  • “تجربة بمذاق الحرب”.. مطاعم سودانية تستهدف استقطاب المصريين
  • مساعد قائد الجيش السوداني: نعد لضربة شاملة في الخرطوم
  • تجربة بمذاق الحرب.. مطاعم سودانية تستهدف استقطاب المصريين
  • قصف مدفعي للجيش السوداني من سلاح الإشارة باتجاه مواقع “الدعم السريع” في الخرطوم
  • حزب سوداني يدين تصريحات دبلوماسية بشأن القاعدة الروسية
  • راهن الحرب السودانية
  • أمين حسن عمر لـعربي21: التيار الإسلامي مؤهل لقيادة السودان في مرحلة ما بعد الحرب