الخيمة الإماراتية بـ 800 والقطرية بـ 600.. ما القصة؟
تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT
مشاهد توثق تهافت غزيين على شاحنات مساعدات تدخل القطاع، أملا في الحصول على “لقمة” لعلها تسد جوعا يستفحل منذ أشهر، يتم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي، لتثير علامات استفهام بشأن آليات دخول وتوزيع تلك المساعدات، وسط تقارير تتحدث عن “سرقة وفساد وسوق سوداء” تعصف بالسكان المحتاجين.
وتصف الأمم المتحدة الوضع الإنساني في قطاع غزة بـ “الكارثي”، في وقت يقدّر فيه برنامج الأغذية العالمي أن 93 بالمئة من السكان البالغ عددهم 2.
ورغم زيادة تدفق المساعدات على القطاع المحاصر، فإن سكان غزة أصبحوا يشتكون مما اعتبره صحفيون محليون “فسادا كبيرا” في عملية توزيعها، مما شكل أرضا خصبة لسوق سوداء تباع فيها تلك المساعدات بأسعار فلكية، حسبما قال عدد من الأشخاص الذين تحدثوا لموقع “الحرة”.
وقال صحفي فلسطيني يعيش في القطاع، فضل عدم الكشف عن هويته حفاظا على سلامته، “ليست هناك عدالة في التوزيع”، في إشارة للمساعدات التي تدخل إلى قطاع غزة.
وبينما أقر بعض السكان بوجود “سرقات للمساعدات”، دون أن يوجهوا أصابع الاتهام لأية جهة، قال الصحفي الفلسطيني إنه “لا يملك دليلا على وجود حالات سرقة، لكن هناك شواهد على الأرض تؤكد وجود فساد في عملية توزيع المساعدات”.
وتحدث الصحفي الغزي لموقع “الحرة” عبر تطبيق واتساب، بعد انقطاع الاتصالات في القطاع على مدى الأيام الماضية.
والشهر الماضي، اتهم الجيش الإسرائيلي حركة حماس، بـ”سرقة” المساعدات الإنسانية الموجهة إلى سكان غزة، حيث نشر فيديو قال إنه يظهر عناصر بالحركة الفلسطينية المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة، وهم “يعتدون على مدنيين ويستولون على مساعدات بقوة السلاح”.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان نشره يوم 10 ديسمبر، إن تلك اللقطات تعد “مثالا آخر على استغلال حماس لشعب غزة والمساعدات الإنسانية لصالح أجندتها الإرهابية”.
من جانبها، تنفي حماس، التي تحكم قطاع غزة منذ عام 2007، سرقة المساعدات.
وقالت صحفية فلسطينية، في تصريحات لموقع “الحرة” شريطة عدم الكشف عن هويتها أيضا، إن هناك “فسادا كبيرا في توزيع المساعدات الإنسانية”، وزعمت أن هناك “عمليات سرقة لها”، دون أن توجه اتهاما لأي جهة بذلك.
وأضافت: “المساعدات تسرق مباشرة بعد دخولها (القطاع) أو من المخازن، من قبل القائمين على توزيعها، وليس من الناس”.
وفي هذا الإطار، تحدثت غزية مقيمة في مصر، لا تزال أسرتها في قطاع غزة لموقع “الحرة”، شريطة عدم الإفصاح عن هويتها حفاظا على سلامة عائلتها، إن “كثيرا من الدعم لا يذهب لمن يستحقونه”.
واستطردت: “هناك من يوزعون المساعدات على أقربائهم ولا يمنحونها للمستحقين.. لذلك البعض لديهم فائض من الدعم لا يحتاجونه، في المقابل البعض لا يملك طعاما ليأكله”.
وتابعت: “لا يعني هذا أن كل الدعم المرسل لا يذهب للمحتاجين في غزة، لكن جزءا كبيرا منه (راح). أنا شخصيا أعرف أشخاصا يحرصون على توزيع المساعدات على أقربائهم أولا، الذين يحصلون على كميات كبيرة لا يحتاجونها كلها لكنها تبقى مكدسة لديهم من باب الاحتياط، بينما يبقى آخرون دون مساعدة”.
وتدخل المساعدات من معبر رفع الذي يربط القطاع بمصر، حيث تخضع الشاحنات للتفتيش من قبل إسرائيل، في عملية يقول عمال الإغاثة إنها “معقدة”، بحسب صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية.
وقال أمير عبد الله، الذي يشرف على قوافل الهلال الأحمر المصري، في تصريحات للصحيفة الأميركية، إنه “بعد الفحص الأولي من جانب مصر، ينقل سائقو الشاحنات المصريون حمولتهم عبر طريق صحراوي وعر إلى معبر (العوجة – نيتسانا) بين مصر وإسرائيل، وهي رحلة تستغرق حوالي ساعتين”.
وتعود الحمولات المعتمدة بعد تفتيشها إلى معبر رفح، حيث قد يستغرق الأمر عدة أيام، حتى يتم نقل البضائع إلى الشاحنات الفلسطينية، حسبما قال سائقان مصريان لصحيفة “واشنطن بوست” لم تكشف عن هويتهما.
وفي الجانب الفلسطيني بعد انتهاء عملية التفتيش الطويلة، تستلم أكثر من جهة دولية ومحلية شحنات المساعدات قبل توزيعها على الناس، وفقا لشهادات غزيين وحديث سابق لمسؤول في وكالة تشغيل وغوث اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) للحرة.
وبحسب الصحفية الفلسطينية التي تحدثت لموقع “الحرة”، فإن الأونروا “تستلم مساعداتها بشكل مستقل دون وسيط”.
وتابعت: “لكن الهلال الأحمر الفلسطيني يستلم المساعدات من خلال وسطاء، مثل الهلال الأحمر المصري، أو جهات مانحة أخرى عربية ودولية”.
وفي نوفمبر الماضي، قال المستشار الإعلامي لوكالة “أونروا” في قطاع غزة، عدنان أبو حسنة، لموقع “الحرة”، إن ما يصل من مساعدات “لا يكون للأونروا فقط، بل هناك مساعدات للهلال الأحمر الفلسطيني ومنظمات أخرى، مثل منظمة الصحة العالمية وبرنامج الغذاء العالمي”.
وعلى مدى الأيام الماضية، حاول موقع “الحرة” التواصل مع حسنة للحصول على تعليق، دون أن نتمكن من ذلك لصعوبة الاتصالات الهاتفية داخل القطاع. كما لم يرد على رسالة عبر تطبيق “واتساب”.
ولم يتسنَ أيضا الحصول على تعليق من قبل المتحدثة باسم الهلال الأحمر الفلسطيني، نبال فرسخ، التي لم ترد على اتصال هاتفي ورسالة موقع “الحرة” عبر واتساب، الجمعة، لطلب التعليق.
وتواصل موقع “الحرة” كذلك مع المتحدثة الإقليمية باسم برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، ريم ندا، الجمعة، للحصول على تعليق، لكنها لم ترد على مكالمة هاتفية ورسالة واتساب.
ورأت الصحفية الفلسطينية أن “الفساد والاحتكار الذي يمارسه بعض التجار”، أدى لخلق سوق سوداء تباع فيها مساعدات إنسانية وسلع دخلت القطاع لبعض التجار، وفق قولها.
وتابعت: “السلع في الأسواق متوفرة، لكنها تباع بأضعاف قيمتها.. ليست جميعها مساعدات، إذ هناك بضائع تدخل من مصر عبر شركات شحن في القاهرة لبعض التجار الذين يحتكرونها”.
وأوضحت أن “المعلبات والمياه المعدنية والفوط الصحية وسلع أخرى تباع بمبالغ تفوق قيمتها الحقيقية بأضعاف المرات”، وضربت مثالا على كيس الدقيق (30 كيلوغراما) الذي وصل سعره إلى 1000 شيكل (267 دولارا).
واتفق الصحفي الموجود حاليا في غزة مع هذا التقييم، لكنه أشار إلى أن تلك الأرقام الفلكية لأكياس الدقيق بدأت تنخفض، مع توفره حاليا جنوبي القطاع، وعمل بعض المطاحن المحلية.
وأعرب الصحفي عن اعتقاده بأن “الخلل يكمن في عملية التوزيع”، على اعتبار أن هناك “جهات فلسطينية تصل لها تلك المساعدات، ولا تتحرى الدقة في إيصالها لمن يستحقها”.
وتابع: “قد يكون هناك بيت يصل له 4 مساعدات على سبيل المثال، وبيت آخر لا تصله المساعدات مطلقا”.
وأشار إلى أن “بعض الأشخاص الذين يحصلون على مساعدات لا يستحقونها، يذهبون لبيعها في الأسواق”، وضرب مثالا بالخيام التي توزع مجانا كمساعدات من قبل بعض الدول.
ومضى قائلا: “مثلا الخيمة الإماراتية تباع بـ 3000 شيكل (حوالي 800 دولار) والقطرية بـ 2500 شيكل (669 دولارا)”، مشيرا إلى أن هذه الخيام “يجب أن تذهب للاجئين الذين فروا من شمالي القطاع”.
وفي هذا الصدد، قالت الغزية المقيمة في مصر: ” يتم بيع خيام تصل إلى القطاع كمساعدات، وتختلف الأسعار بحسب البلد الذي أرسلها، والتي من المفترض أن يشتريها أشخاص لا يملكون شيئا”.
يشار إلى أنه تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي ما يشبه إعلانات لبيع خيام في قطاع غزة، ويتم فيها تصنيف الخيام بحسب البلد المرسل.
ويتكدس أكثر من مليون شخص نزحوا بسبب الحرب في مساحات صغيرة على طول الحدود الجنوبية مع مصر، ومعظمهم دون مأوى مناسب ويعيشون في الخيام.
وفي تقرير صدر هذا الشهر، توقعت منظمة الصحة العالمية أن “عدد القتلى بسبب الأمراض والجوع خلال الأشهر المقبلة يمكن أن يفوق عدد الأشخاص الذين قتلوا جراء الحرب حتى الآن”، وهو أكثر من 24 ألف شخص، وفقا لإحصائيات سلطات القطاع الصحية الأخيرة.
واتفقت الصحفية الفلسطينية التي غادرت القطاع مؤخرا بعد الحرب، مع تصريحات المصدرين الآخرين المذكورة، مؤكدة أنها “اشترت خيمة باكستانية قبل مغادرتها، وقدمتها لإحدى العائلات المحتاجة، وذلك بقيمة 1300 شيكل (حوالي 348 دولارا) قبل أن يرتفع سعرها الآن إلى 1700 شيكل (455 دولارا)”.
وذكرت أن اختلاف أسعار الخيام يعود لجودتها، معتبرة أن “الخيمة الإماراتية ممتازة، كونها محكمة لا يتسرب إليها الهواء ولا الماء”، وسط شتاء شديد البرودة يعيشه القطاع.
وختمت الصحفية الفلسطينية قائلة إن القضية “أصبحت مزعجة جدا.. وتفاقم الأزمة على الناس في غزة”.
الحرة
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الصحفیة الفلسطینیة الهلال الأحمر مساعدات على فی قطاع غزة فی عملیة إلى أن من قبل
إقرأ أيضاً:
عاجل ـ غزة تنزف من جديد.. آخر تطورات الميدان تحت القصف والدمار
استشهد 12 فلسطينيًا وأصيب العشرات بجروح مختلفة، في قصف الاحتلال الإسرائيلي اليوم، على مناطق متفرقة في قطاع غزة.
ترافق ذلك مع عمليات نسف لمنازل وممتلكات الفلسطينيين في الأحياء الشرقية من مدينة غزة.
وأفادت مصادر طبية فلسطينية، باستشهاد سبعة فلسطينيين في قصف إسرائيلي استهدف شمال قطاع غزة، واستشهاد ثلاثة آخرين في قصف وإطلاق نار بموقع توزيع المساعدات بمحور نتساريم وسط القطاع.
وأشارت إلى استشهاد شابين وإصابة عدد آخر بجروح وصفت بعضها بالخطيرة، في قصف إسرائيلي استهدف موقع توزيع المساعدات بمدينة رفح جنوب القطاع.
قال الناطق باسم منظمة "اليونيسف" جيمس إلدر، إن الوضع في قطاع غزة يزداد سوءًا يومًا بعد آخر، في ظل الحصار والهجمات الإسرائيلية المستمرة.
وأضاف "الدر" في تصريحات إعلامية اليوم الأحد، أن العائلات الفلسطينية في قطاع غزة تعاني الأمرّين لتأمين وجبة يومية واحدة لأطفالها، حيث تدخل إلى غزة "كميات من القنابل والصواريخ تفوق بكثير ما يدخل من الأغذية".
ووصف الحالة الإنسانية في القطاع بأنها "قاتمة ومروعة ومحطّمة للآمال".
وأشار إلى أن الآمال التي ولدت عقب الحديث عن وقف لإطلاق النار في غزة تحسنت قليلًا، حيث شهدت المنطقة تدفقًا جزئيًا للمساعدات وتحسنًا محدودًا في إمدادات المياه والغذاء.
وتابع "إلا أن هذا التفاؤل ما لبث أن تلاشى، بعدما واجه القطاع حصارًا كارثيًا للمساعدات".
وأضاف أن "سكان غزة يعيشون ليال قاسية تحت القصف، ويقضون أيامهم وهم يهربون من الجوع والانفجارات"، مؤكدًا أن "كل ما عرفناه من قدرة الناس على التحمّل قد تحطم تمامًا".
وأردف أن "العالم يبدو منشغلًا فقط برؤية الجرحى والحديث عن المساعدات، متجاهلًا العبء النفسي الهائل الذي يعيشه السكان، والواقع القاسي للعائلات التي تُجبر على النزوح مرارًا بعد فقدان كل شيء.
ولفت إلى أن العديد من الأسر تقيم في خيام منذ ستة أشهر، تحت نيران الدبابات، ويُجبرون الآن على الانتقال من جديد، مؤكدًا أن غزة تعيش هذا المشهد المأساوي منذ أكثر من 600 يوم.
وأشار إلى أن الأمهات يقضين يومين من دون طعام ليتمكنّ من توفير وجبة واحدة لأطفالهن.
وبين أن تقدير أعداد الأطفال الذين يموتون جوعًا يوميًا أو أسبوعيًا أمر بالغ الصعوبة في مثل هذه الظروف، لكنه شدد على أن الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية يموتون "لأسباب بسيطة كان يمكن علاجها بسهولة".
وأوضح أن "سوء التغذية الحاد يزيد احتمال وفاة الطفل بسبب أمور بسيطة بمقدار 10 مرات. هذه هي الحلقة المميتة التي تقتل الأطفال. نقص الغذاء، تلوث المياه، وانعدام الرعاية الصحية الأساسية".
وحذّر من أن الوصول إلى المستشفيات لم يعد آمنًا للأطفال المرضى أو الذين يعانون من سوء التغذية، مؤكدًا أن المستشفيات نفسها لا تتوفر فيها المستلزمات الطبية الأساسية.
وقال إلدار: "ربما تصل نسبة المساعدات الإنسانية إلى 10% فقط مما يحتاجه الناس فعلا. تدخل إلى غزة كميات من القنابل والصواريخ تفوق كثيرًا ما يدخل من الأغذية".
ونوه إلى أنه خلال فترة وقف إطلاق النار، تمكنت الأمم المتحدة وشركاؤها الفلسطينيون من إنشاء 400 نقطة توزيع لتقديم المساعدات الإنسانية.
وأكد أنهم استطاعوا عبر هذا النظام الوصول إلى المحتاجين بشكل فعّال.
وانتقد "الدار" النظام الجديد لتوزيع المساعدات الذي يتم فرضه حاليًا في جنوب غزة من قبل "صندوق المساعدات الإنسانية لغزة" المدعوم من الولايات المتحدة و"إسرائيل". ووصفه بأنه "عسكري الطابع" ويشمل فقط مواقع محدودة للتوزيع.
وأضاف "هذا النظام يؤدي يوميًا لسقوط ضحايا، حيث يُقتل أطفال فقط لأنهم كانوا يحاولون الحصول على علبة طعام".
وتابع محذرًا: "الآن تم تصميم نظام من قبل إسرائيل عمدًا لدفع السكان من شمال القطاع إلى جنوبه، وهو يهدد بتقويض نظام توزيع المساعدات الفعّال الذي أنشأناه".
وبدعم أميركي مطلق، ترتكب قوات الاحتلال منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 جرائم إبادة جماعية في غزة تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، خلفت أكثر من 183 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، بجانب مئات آلاف النازحين.