قال موقع ميديابارت إن الجمعيات الفرنسية تواصل اقتراح الإعفاء الضريبي للتبرعات المخصصة لدعم الجنود الإسرائيليين المنخرطين في عمليات عسكرية أدت، حسب مقررة للأمم المتحدة، إلى "تطهير عرقي" في قطاع غزة، وذلك رغم أن وزارة الاقتصاد والمالية أوضحت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أن ذلك غير قانوني.

وأشار الموقع -في تقرير بقلم جوستين برابان- إلى أن دعوات للتبرعات هذه كانت بالمئات مع نهاية العام واقتراب الإقرارات الضريبية، وهي غير موجهة لدعم المنظمة الدولية للمعاقين ولا الصليب الأحمر، بل إلى جنود الجيش الإسرائيلي المنخرطين في "تطهير عرقي" في قطاع غزة يوشك أن يتحول لــ"إبادة جماعية".

وأوضح الموقع أن التبرع للجمعيات يسمح للخصوصيين في فرنسا بالحصول على تخفيضات ضريبية قد تصل إلى 66%، مما يعني أن أي فرد يمكن أن يحصل مقابل التبرع بـ100 يورو على خصم 66% من ضرائبه، وبالتالي لا يدفع فعليا سوى 34% منها، مما يكلف الدولة عدة مليارات يورو سنويا. (3.7 مليارات يورو عام 2018، وفقا لديوان المحاسبة).

ومع أن هذا النظام في الأصل منحة من الدولة -مدفوعة بالرغبة في الحفاظ على النسيج الجمعوي الفرنسي حيا- فإنه ينحرف أحيانا عن هدفه، حسب الموقع، وقد عرضت الجمعيات إعفاء التبرعات من الضرائب "لدعم" الجنود الإسرائيليين منذ عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

ميديا بارت: "ليبي فرانس" حصلت على 457 ألف يورو من التبرعات منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 من منصة "أللودون" وحدها، وبالتالي إذا حصل جميع المانحين عبر "أللودون" على التخفيضات التي وعدت بها الجمعية، تكون الدولة الفرنسية أنفقت -رغما عنها- 300 ألف يورو لدعم الجنود الإسرائيليين.

للجنود مباشرة

وقادت إحدى هذه الجمعيات، وهي جمعية "ليبي فرانس"، حملة مكثفة بشكل خاص في ديسمبر/كانون الأول تدعو إلى جمع التبرعات "لدعم هياليم العزيزة والشجاعة"، ووعدت المانحين "بتخفيض على ضرائبهم لعام 2023" عبر صفحتها على فيسبوك، وتؤكد في رسائلها للجهات الراعية لها بأن "100% من تبرعاتهم سترسل مباشرة إلى الجنود الإسرائيليين".

وقد تمكن ميديا بارت من الحصول على استمارة سيرفا من "ليبي فرانس"، صادرة يوم 16 يناير/كانون الثاني 2023، وتشهد الجمعية "على شرفها أن التبرعات والمدفوعات التي تتلقاها تخولنا الحصول على التخفيض الضريبي المنصوص عليه في المادة 200 من قانون الضرائب العام الفرنسي"، وهي خاطئة بشكل واضح.

ومن المستبعد أن تكون "ليبي فرانس" جاهلة بأن حملتها غير قانونية -حسبما يقول الموقع- وذلك لأن تصريحات وزارة الاقتصاد والمالية نشرت على نطاق واسع في الصحافة الفرنسية، ولأن السيناتور ناتالي جوليه استجوبت الجمعية مباشرة بشأن "إعلاناتها الكاذبة" فيما يتعلق بالتخفيضات الضريبية في رسالتين بالبريد الإلكتروني أرسلتهما من عنوانها المهني في مجلس الشيوخ.

ومع أن الجمعية لم ترد على أسئلة الموقع، فإن ميديا بارت توصل إلى أن "ليبي فرانس" حصلت على 457 ألف يورو من التبرعات منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 من منصة "أللودون" وحدها، وبالتالي إذا حصل جميع المانحين عبر "أللودون" على التخفيضات التي وعدت بها الجمعية، تكون الدولة الفرنسية أنفقت -رغما عنها- 300 ألف يورو لدعم الجنود الإسرائيليين.

ورأى الموقع في هذا انحرافا يثير الشكوك بالنظر إلى السياق في الشرق الأوسط، حيث قتل نحو 25 ألف فلسطيني ودمرت المدارس ومخيمات النازحين والمستشفيات على يد الجنود الإسرائيليين، وهوما اعتبرته المقررة الخاصة للأمم المتحدة فرانشيسكا ألبانيز "تطهيرا عرقيا" يوشك أن يكون "إبادة جماعية".

السرية الضريبية

وترفض وزارة الاقتصاد والمالية تقديم تفاصيل عن التدابير المتخذة لمعاقبة الجمعيات التي تقدم هذه الاستقطاعات غير القانونية، وهي لا ترغب في التعليق على حالة جمعيات معينة مثل "ليبي فرانس" باسم "السرية الضريبية".

كما أنها ترفض أيضا تحديد عدد عمليات التدقيق الضريبي التي يتم إجراؤها كل عام على الجمعيات من أجل التحقق من امتثالها للقواعد المتعلقة بإمكانية التخفيضات الضريبية.

ولعل هذا هو مكمن المشكلة -كما يرى الموقع- إذ لا توجد رقابة مسبقة في فرنسا على هذه الاستقطاعات، وبالتالي لا تحتاج الجمعيات إلى موافقة مسبقة تقدمها إلى الجهات المانحة، رغم "ضوابط إدارة الضرائب تجاه الجمعيات المستفيدة أو المانحين قليلة العدد، كما أن غرامات عدم الالتزام بالحكم ليست رادعة للغاية"، حسب مجلس المحاسبة.

وختم الموقع بقول السيناتور ناتالي جوليه، التي حاولت تغيير القانون في هذا الموضوع، إن الحل قد يكون "بتخفيض" الحد الأدنى الذي يوجب على الجمعية العودة إلى مدقق حسابات أو عن طريق ضوابط مسبقة تلزم هذه الجمعيات بالحصول على الموافقة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الجنود الإسرائیلیین میدیا بارت ألف یورو

إقرأ أيضاً:

هل ينجح ترامب بسياسة الصفقات بإعادة تشكيل دور واشنطن بالشرق الأوسط؟

خلال جولته في الشرق الأوسط، تخلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن نهج التدخل الذي اعتمدته واشنطن لعقود، متعهدا باتباع سياسة خارجية جديدة تستند إلى رؤيته كرجل أعمال شغوف بإبرام الصفقات، حسب تقرير لوكالة "فرانس برس".

وأكد ترامب، خلال زياراته إلى السعودية وقطر والإمارات، أنه لن يفرض على هذه الدول نمطا معينا من الحكم أو أسلوب حياة، مشيدا بما وصفه بـ"معجزة عصرية على الطريقة العربية".

وذكرت وكالة "فرانس برس"، أن ترامب شن هجوما غير مسبوق على ما أسماه "المحافظين الجدد"، متهما إياهم بالوقوف خلف التدخلات العسكرية الأمريكية التي دمرت أكثر مما بنت، على حد تعبيره.

وقال خلال منتدى استثماري في العاصمة السعودية الرياض، إنه "في نهاية المطاف، فإن من يُسمون ببناة الدول دمروا دولا أكثر بكثير مما بنوا".


وأضاف ترامب دون أن يسمي أحدا، أن "الوهم سيطر على عدد كبير من الرؤساء الأمريكيين بأن على عاتقهم تقع مهمة التغلغل في نفوس قادة الدول الأجنبية وتسخير السياسة الأمريكية لتطبيق العدالة على ما يرون أنهم ارتكبوا من خطايا".

وأشار التقرير إلى أن خطاب ترامب يمثل تحولا واضحا عن سياسات سلفه جو بايدن، الذي حاول ربط الدعم الأمريكي بتعزيز حقوق الإنسان، وعن نهج جورج بوش الذي غزا أفغانستان والعراق.

وقال سينا توسي، من مركز السياسات الدولية، إن خطاب ترامب "شكل تحولا واضحا ذا دلالة جوهرية في السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط".

وأوضح في حديثه لوكالة "فرانس برس"، أنه "بتخليه عن إرث التدخل العسكري وبناء الدول، بعث ترامب بإشارة واضحة إلى أنه ينتهج السياسة الواقعية والتروّي، وهو تحوُّل يلقى صدى عميقا في منطقة أنهكتها الحروب وتدخلات القوى الخارجية".

لكن هذه السياسة، بحسب التقرير، تعني أيضا تجاهل قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان، إذ لم يتطرق ترامب في الرياض إلى مقتل الصحفي جمال خاشقجي، رغم استنتاج الاستخبارات الأمريكية أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أمر بقتله.

في المقابل، روج ترامب لنموذج العلاقات المبنية على "عقد الصفقات"، حيث عرضت الدول الخليجية مبالغ كبيرة وأبرمت مع واشنطن عقودا ضخمة، مقابل نيلها أول زيارة خارجية مهمة لترامب وإشادته بقادتها كنماذج مستقبلية للمنطقة.

ولفت التقرير إلى أن هذه الزيارة زعزعت واحدة من أقدم ركائز السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط وهي دعم دولة الاحتلال الإسرائيلي، فقد استبعد ترامب "إسرائيل" من جدول رحلته، وظهر أنه همّش رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو في ملفات كبرى مثل النووي الإيراني، وغزة، والحوثيين في اليمن، ما أشار إلى تصاعد توتر خفي بين الطرفين، لا سيما حيال الموقف من إيران.


وأشار التقرير إلى أن سياسة ترامب القائمة على "السلام من خلال القوة" ستُختبر قريبا، خاصة بعدما أعلن استعداده لعقد اتفاق مع إيران، مؤكدا أنه "لم يؤمن قط بوجود أعداء دائمين"، لكنه في الوقت ذاته لوح بضربة عسكرية إذا فشلت المفاوضات.

وفي زيارته لقاعدة أمريكية في قطر، قال ترامب "أولويتي هي إنهاء النزاعات، وليس إشعالها"، لكنه استدرك مضيفا "لن أتردد لحظة في استخدام القوة الأمريكية إذا اقتضى الأمر للدفاع عن الولايات المتحدة أو عن حلفائنا".

وغادر ترامب المنطقة من دون أي تقدم ملموس في ملف قطاع غزة رغم تعهداته السابقة، مكتفيا بالقول إن سكان القطاع "يتضورون جوعا".

كما أوضح التقرير أن ترامب حاول التوسط لعقد محادثات بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وأطراف دولية في إسطنبول، خلال زيارته للمنطقة، بهدف إنهاء الحرب في أوكرانيا، لكن جهوده لم تثمر عن نتيجة.

مقالات مشابهة

  • الجيش الإسرائيلي يعاقب 3 جنود رفضوا القتال في غزة
  • إنشاء صندوق بقيمة (150) مليار يورو لدعم الدفاع الأوروبي
  • ترامب يطالب بتحقيق في دفع أموال للمشاهير لدعم هاريس في الانتخابات
  • مصابون واعتقالات باقتحامات للجيش الإسرائيلي بالضفة
  • فيديو - مع بدء "العملية البرية الواسعة" للجيش الإسرائيلي.. نزوح جماعي من جباليا
  • انتحار وهروب من الخدمة.. الجيش الإسرائيلي يستدعي "المصابين نفسيًا" إلى الحرب
  • الحرب على غزة تربك البنية النفسية لقوات الجيش الإسرائيلي
  • ميديا بارت: غزة هي عاركم سيدي الرئيس
  • القمة العربية من بغداد: ندعو إلى حل في ليبيا عبر حوار ليبي ليبي
  • هل ينجح ترامب بسياسة الصفقات بإعادة تشكيل دور واشنطن بالشرق الأوسط؟