ما الآثار المترتبة على انكماش القمر؟
تاريخ النشر: 27th, January 2024 GMT
انكمش محيط القمر أكثر من 45 مترا (150 قدما)، حيث برد لبّه (نواته) تدريجيا على مدى مئات الملايين من السنين الماضية.
وبنفس الطريقة التي تتجعد بها حبة العنب عندما تتحول إلى زبيب، فإن القمر أيضا يتجعد عندما ينكمش. ولكن على عكس الجلد المرن الموجود على العنب، فإن سطح القمر هش، ما يتسبب في تكوين صدوع حيث تدفع أجزاء القشرة بعضها بعضا.
واكتشف فريق من العلماء دليلا على أن هذا الانكماش المستمر للقمر أدى إلى تشويه سطحي ملحوظ في المنطقة القطبية الجنوبية، بما في ذلك المناطق التي اقترحتها ناسا لهبوط طاقم مهمة "أرتميس 3".
ونظرا لأن تكوين الصدع الناتج عن تقلص القمر غالبا ما يكون مصحوبا بنشاط زلزالي، فإن المواقع القريبة أو داخل مناطق الصدع هذه يمكن أن تشكل مخاطر على جهود الاستكشاف البشرية المستقبلية.
وفي ورقة بحثية نشرت في مجلة Planetary Science Journal، ربط الفريق مجموعة من الصدوع الموجودة في المنطقة القطبية الجنوبية للقمر بواحدة من أقوى الزلازل القمرية التي سجلتها أجهزة قياس الزلازل أبولو منذ أكثر من 50 عاما.
وباستخدام نماذج لمحاكاة استقرار المنحدرات السطحية في المنطقة، وجد الفريق أن بعض المناطق كانت معرضة بشكل خاص للانهيارات الأرضية الناجمة عن الهزات الزلزالية.
وقال توماس واترز، المؤلف الرئيسي للدراسة، العالم الفخري الكبير في مركز المتحف الوطني للطيران والفضاء لدراسات الأرض والكواكب بجامعة هارفارد: "تشير نماذجنا إلى أن الزلازل القمرية الضحلة قادرة على إنتاج هزات أرضية قوية في المنطقة القطبية الجنوبية محتملة من أحداث الانزلاق على الصدوع الموجودة أو تشكيل صدوع دفع جديدة".
وأضاف: "يجب أخذ التوزيع الشامل لصدوع الدفع الناشئة، وقدرتها على أن تكون نشطة وإمكانية تكوين صدوع دفع جديدة من الانكماش الشامل المستمر في الاعتبار عند التخطيط لموقع واستقرار البؤر الاستيطانية الدائمة على القمر".
إقرأ المزيدوتحدث الزلازل القمرية الضحلة بالقرب من سطح القمر، على عمق مائة ميل فقط (160 كم) أو نحو ذلك في القشرة الأرضية.
وعلى غرار الزلازل الأرضية، تحدث الزلازل القمرية الضحلة بسبب صدوع في باطن القمر ويمكن أن تكون قوية بما يكفي لتدمير المباني والمعدات وغيرها من الهياكل التي من صنع الإنسان.
ولكن على عكس الزلازل الأرضية التي تميل إلى أن تستمر بضع ثوان أو دقائق فقط، يمكن أن تستمر الزلازل القمرية الضحلة لساعات، مثل زلزال قمري بلغت قوته 5 درجات سجلته شبكة أبولو الزلزالية السلبية في السبعينيات، والذي ربطه فريق البحث بمجموعة من الصدوع التي اكتشفتها المركبة الفضائية Lunar Reconnaissance Orbiter مؤخرا.
ووفقا لنيكولاس شمير، المؤلف المشارك في الورقة البحثية والأستاذ المساعد للجيولوجيا في جامعة ميريلاند، فإن هذا يعني أن الزلازل القمرية الضحلة يمكن أن تدمر المستوطنات البشرية الافتراضية على القمر.
ويواصل العلماء رسم خريطة للقمر ونشاطه الزلزالي، على أمل تحديد المزيد من المواقع التي قد تشكل خطورة على الاستكشاف البشري. وتأمل مهمات أرتميس التابعة لناسا، والتي من المقرر أن تطلق أول رحلة مأهولة لها في أواخر عام 2024، في نهاية المطاف في إقامة وجود طويل الأمد على القمر وتعلم في نهاية المطاف العيش والعمل في عالم آخر من خلال المراصد والبؤر الاستيطانية والمستوطنات الموجودة على القمر.
المصدر: phys.org
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: اكتشافات الكوارث دراسات علمية زلازل قمر كوارث طبيعية معلومات عامة معلومات علمية ناسا NASA فی المنطقة سطح القمر على القمر
إقرأ أيضاً:
سباق نحو ثروة السماء.. من يملك كنوز القمر في عصر التعدين الفضائي؟
لم يعد القمر مجرد قرص فضي يزين سماء الليل، بل تحول إلى هدف استراتيجي يحمل في باطنه ثروات قد تعيد رسم خريطة الطاقة والصناعة على كوكب الأرض.
ومع تسارع الخطط الدولية والخاصة لاستغلال موارده، يتصاعد سؤال محوري من سيحصل على نصيب الأسد من كنز القمر؟
كنوز مخفية على سطح القمريختزن القمر مجموعة نادرة من الموارد الطبيعية، أبرزها المعادن الثمينة، والهيليوم-3 الذي ينظر إليه بوصفه وقود المستقبل في مجال الاندماج النووي، فضلا عن الجليد المائي القادر على توفير الماء والأكسجين والوقود للبعثات الفضائية.
هذه الثروات تجعل القمر منصة محتملة لبناء اقتصاد فضائي قريب من الأرض، بقدرات هائلة على تغيير موازين الطاقة عالميًا.
التعدين القمري حمى الذهب الجديدةيشهد الفضاء سباق محمومًا بين شركات خاصة وبرامج حكومية لتطوير تقنيات التعدين القمري شركات مثل «إنترلون» و«أستروبوتيك» تعمل على ابتكار معدات قادرة على معالجة كميات ضخمة من تربة القمر، حيث صُممت حفارات كهربائية لمعالجة ما يصل إلى 100 طن في الساعة، مع خطط طموحة لاستخراج الهيليوم-3 خلال السنوات المقبلة.
الاهتمام بهذا العنصر تحديدا يعود إلى إمكاناته الهائلة في إنتاج طاقة نظيفة ومستدامة عبر الاندماج النووي، ما يفتح الباب أمام استثمارات تكنولوجية واقتصادية غير مسبوقة.
سباق دولي على موطئ قدم قمريبالتوازي مع القطاع الخاص، تتحرك القوى الكبرى بخطوات مدروسة فالصين أعلنت هدفها إنزال رواد فضاء على سطح القمر بحلول عام 2030، وتعمل مع روسيا على إنشاء محطة أبحاث قمرية بحلول 2035 في المقابل، تواصل الولايات المتحدة تنفيذ برنامج «أرتميس» لإرساء وجود بشري دائم على القمر.
ولا يقتصر المشهد على هذه القوى، إذ تشارك اليابان وأستراليا في مهمات خاصة، بينما تطور وكالة الفضاء الأوروبية أول مركبة هبوط قمرية لها، ليصبح القمر ساحة سباق علمي محتدم.
ثروات واعدة وأسئلة الملكيةرغم الإغراء الاقتصادي الكبير، تطرح الموارد القمرية تساؤلات معقدة حول الملكية وحقوق الاستغلال فغياب إطار قانوني واضح يثير مخاوف من احتكار الدول والشركات الكبرى للثروات، ما قد يوسع فجوة عدم المساواة بين الدول في عصر الفضاء.
مخاوف بيئية وعلميةلم يسلم الحماس للتعدين القمري من الانتقادات علماء الفلك والناشطون البيئيون يحذرون من أن الاستغلال المفرط قد يلحق أضرارا دائمة بسطح القمر، ويؤثر في الأبحاث العلمية المستقبلية.
كما أن تراكم الحطام والتلوث المحتمل قد يعرقل عمليات الرصد والدراسة.
وتزداد المخاوف في المناطق الأكثر غنى بالموارد، خاصة قطبي القمر حيث يتركز الجليد المائي، وهي مناطق مرشحة للتحول إلى بؤر توتر وصراع محتمل.
الحاجة إلى تشريع فضائي عادلمع اقتراب البشر من استغلال فعلي لموارد القمر، تتعاظم الدعوات لوضع اتفاقيات دولية ملزمة تنظم التعدين الفضائي، وتضمن تقاسمًا عادلًا للموارد، وتحمي مصالح الأجيال القادمة.
القمر فرصة أم صراع قادم؟اليوم، لم يعد القمر مجرد جرم سماوي بعيد، بل أصبح ميدانيا اقتصاديا وعلميا وجيوسياسيًا مفتوحًا.
وبين وعود الثروة ومخاطر الصراع، يبقى التحدي الأكبر هو إدارة هذا السباق بعقلانية ومسؤولية، حتى لا تتحول فرصة الفضاء إلى أزمة عالمية جديدة.