تُصر إيران على استنزاف إسرائيل عبر جبهات متعددة في الشرق الأوسط، وتسعى إلى تحقيق هدفين من انتشار أفقي محدود وحذر للصراع في المنطقة، بحسب خبيرين في تحليل بـ"المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية" (ISPI) ترجمه "الخليج الجديد".

وقال علي آلفونه، وهو زميل أول في معهد دول الخليج العربية بواشنطن، إنه منذ اندلاع الحرب بين جيش الاحتلال الإسرائيلي وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، "انخرطت إيران في انتشار أفقي محدود وحذر ومحسوب للصراع".

واعتبر أن "السياسة التي تنتهجها إيران تخدم هدفين، الأول هو تصعيد الأزمة إلى مستوى يؤدي إلى تعقيد الحسابات الإسرائيلية والأمريكية، مع تجنب حرب أمريكية مباشرة ضد إيران".

وتابع: "وثانيا، تهدف إيران إلى تحذير الولايات المتحدة من خطر اتساع نطاق الحرب، وتشجيع واشنطن على إقناع إسرائيل بوقف الحرب في غزة".

ورأى أن "هذه السياسة أثبتت حتى الآن فعاليتها، لكن الحوادث المؤسفة (المحتملة)، مثل الوفاة العرضية لأفراد عسكريين أمريكيين (في هجمات إيرانية)، قد تثير ما تأمل إيران في تجنبه".

وتضامنا مع غزة، شنت جماعات موالية لطهران، منها حزب الله في لبنان والحوثيون في اليمن وجماعات أخرى في الجارتين العراق وسوريا، هجمات على أهداف إسرائيلية و/أو أمريكية، وهو ما ردت عليه تل أبيب وواشنطن بهجمات صاروخية و أو مدفعية.

اقرأ أيضاً

بينها غزة.. 3 صراعات تنذر بحرب عالمية قد تخسرها أمريكا

استنزاف إسرائيل

و"من خلال الاستفادة من الصراع في غزة، تعمل إسرائيل على تخفيف التهديدات الإقليمية بشكل استراتيجي، وخاصة من جانب التحالف الذي تقوده إيران، إذ تنظر تل أبيب إلى النهج الحذر الذي يتبعه خصومها على أنه فرصة لفرض هيمنتها في مختلف المجالات"، بحسب علي هاشم، وهو صحفي ومحلل سياسي.

وأوضح أن "هذه الاستراتيجية تتجلى من خلال العمليات الإسرائيلية في سوريا، والقضاء على شخصيات مثل رضى موسوي من الحرس الثوري الإيراني، وصالح العاروري من حماس، ووسام طويل من حزب الله".

وتابع: وكذلك "مهاجمة قطاع المخابرات التابع لفيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني بدمشق. وقد أدت مثل هذه الإجراءات إلى إضعاف قدرة الردع الإيرانية بشكل كبير؛ مما أثار مخاوف من أن الانتقام المكثف قد يتصاعد إلى صراع كبير".

هاشم اعتبر أنه "من خلال هذه التدابير، تمكنت إسرائيل بشكل غير متوقع من تخفيف تصرفات التحالف الذي تقوده إيران، مما يضمن لها اليد العليا الاستراتيجية".

واستدرك: "مع ذلك، يبدو أن إيران عازمة على استنزاف إسرائيل من خلال صراع طويل في غزة، وعلى طول الجبهة اللبنانية، والعامل اليمني الذي يؤثر على طرق التجارة في البحر الأحمر".

ورفضا للحرب الإسرائيلية المدمرة على غزة، استهدف الحوثيون بصوايخ وطائرات بدون طيار سفن شحن في البحر الأحمر مرتبطة بإسرائيل، وهو ما ردت عليه الولايات المتحدة وبريطانيا بهجمات ضمن تحالف بحري تم تشكيله لمواجهة الحوثيين.

و"من وجهة نظر طهران، كلما زاد تورط إسرائيل في الصراعات المستمرة، زاد احتمال زعزعة استقرار نسيجها السياسي والمجتمعي؛ مما قد يؤدي إلى حدوث أزمة وجودية عميقة داخل المجتمع الإسرائيلي"، كما ختم هاشم.

اقرأ أيضاً

الضربات تزداد خطورة.. هل تقترب أمريكا وإيران من حافة الحرب؟

المصدر | المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: حرب غزة إيران إسرائيل أمريكا حزب الله الحوثيون حماس من خلال

إقرأ أيضاً:

80 ألف شركة مهددة بالإغلاق.. كيف أثقلت المواجهة مع إيران كاهل الشركات الصغيرة في إسرائيل؟

منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة قبل أكثر من عشرين شهرًا، مرورًا بالمواجهة التي استمرت 12 يومًا مع إيران، تواجه الشركات الصغيرة في إسرائيل صراعًا يوميًا من أجل البقاء، في ظل انتكاسات حادة طالت مئات الآلاف من الأعمال التجارية. اعلان

تسببت الأحداث المتتالية بالفعل في انهيار سلاسل التوريد بإسرائيل، وانخفاض حاد في الطلب، وتعطّل العمليات، إضافة إلى تراجع الإيرادات بشكل غير مسبوق، ما ألقى بثقله بشكل خاص على المؤسسات الصغيرة.

وبحسب صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، تشير التقديرات إلى أن الأضرار الناتجة عن المواجهة العسكرية مع إيران بلغت نحو 18 مليار شيكل (5.4 مليار دولار) خلال الأيام العشرة الأولى فقط من القتال، أي ضعف الخسائر التي جاءت نتيجة الحرب الإسرائيلية على غزة.

وشهدت أكثر من ثلث الشركات تراجعًا في إيراداتها بنسبة تفوق الـ 50%، فيما أُجبرت قطاعات بأكملها، مثل المطاعم والمشروبات، على العمل بأقل من 20% من طاقتها البشرية. كما أظهر مسح رسمي أن نحو 35% من الشركات فقدت أكثر من 80% من موظفيها خلال فترة النزاع.

ومن المتوقع أن يرتفع عدد الشركات التي ستغلق أبوابها هذا العام إلى 80,000، معظمها من فئة الشركات الصغيرة والمتوسطة.

بائع إسرائيلي في سوق "محانيه يهودا"، 8 نيسان/ أبريل 2025.Maya Alleruzzo/ APالتعويضات الحكومية: حلول متأخرة وفعالية محدودة

تشكل الشركات الصغيرة والمتناهية الصغر ما بين 80 و85% من مجمل الشركات في إسرائيل، غير أنها لا تحصل سوى على 6% من الائتمان التجاري المتاح عبر البنوك. ويجد العديد منها صعوبة في الوصول إلى التمويل التقليدي بسبب تصنيفاتها الائتمانية أو ضعف رأسمالها، ما يضطرها إلى الاستعانة بمُقْرضين اجتماعيين مثل صندوق كوريت، الذي يوفر قروضًا بديلة في حالات الطوارئ.

ورغم إقرار الحكومة الإسرائيلية خطة لتعويض الأعمال المتضررة، إلا أن آليات التنفيذ والتصنيفات الإدارية داخلها تثير انتقادات حادة من جهات معنية بدعم الاقتصاد المحلي.

المديرة التنفيذية لصندوق كوريت، عدي عزريا-بيساحوف، اعتبرت في حديثها مع صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أن الخطة الحكومية الحالية لا توفر "الأوكسجين الضروري" لهذه الشركات، محذّرة من أن الفشل في تقديم استجابة مالية فعّالة سيؤدي إلى انهيار العمود الفقري للاقتصاد المحلي، لاسيما في قطاعي الزراعة والسياحة، اللذين تضررا بشدة ولا يملكان المرونة للعمل عن بُعد أو الاستفادة من الحلول الرقمية.

Related "هوس الجواسيس" بعد الحرب مع إسرائيل.. إيران ترحّل مئات الآلاف من الأفغان إلى بلادهمالجيش الإسرائيلي يعلن تنفيذ "عملية خاصة" في سوريا: اعتقال خلية مرتبطة بإيران الرئيس الإيراني يصادق على تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية

وأشارت عزريا-بيساحوف إلى أن المساعدات التي تتيحها الخطة تستثني شريحة واسعة من الشركات الصغيرة، وتمنحها تعويضات لا تتجاوز في أحسن الحالات 5% من خسائرها، وهو ما اعتبرته "استهزاءً لا دعمًا".

وتشترط الخطة تراجع الإيرادات بنسبة 25% على الأقل، وتُحدَّد السقوف التعويضية على أساس حجم المبيعات السنوية. إلا أن هذا التصنيف أخرج من الحسابات مؤسسات صغيرة تتراوح مبيعاتها بين مليون ومليوني شيكل.

إذًا، يبدو أن الحربيْن، غزة ثم إيران، تركتا أثرًا بالغًا على النشاط الاقتصادي في إسرائيل، وأثقلتا كاهل قطاع الأعمال، لا سيما الشركات الصغيرة والمتناهية الصغر، وسط تساؤلات عن مدى صمود القطاع إذا ما حدث ولم تتجه المنطقة إلى حالة من الاستقرار الذي يحتاجه الاقتصاد ومعه رأس المال.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • بعد وقف إطلاق النار.. تستعد إيران لحرب طويلة مع إسرائيل
  • جهود وتحركات دبلوماسية مصرية مُكثفة تنقذ الشرق الأوسط من صراع شامل.. تفاصيل
  • إيران.. أول ظهور علني لخامنئي منذ انتهاء الحرب مع إسرائيل
  • إيكونوميست: لماذا لم تغير الحرب الإسرائيلية- الإيرانية الشرق الأوسط
  • السفير الفنزويلي: الأردن شريك أساسي في دعم السلام والاستقرار بالشرق الأوسط
  • لماذا يواصل الاحتلال عدوانه على غزة رغم وقف الحرب مع إيران؟
  • رئيس إيران: دول المنطقة اتخذت مواقف مسؤولة خلال الحرب مع إسرائيل
  • 80 ألف شركة مهددة بالإغلاق.. كيف أثقلت المواجهة مع إيران كاهل الشركات الصغيرة في إسرائيل؟
  • إيكونوميست: لماذا فشلت إسرائيل بغزة وانتصرت على إيران وحزب الله؟
  • فزغلياد: لماذا تَجدد الحربِ بين إسرائيل وإيران لا مفر منه؟