تحذيرات من آثار نفسية مدمرة لأهالي قطاع غزة بسبب مجازر الاحتلال
تاريخ النشر: 29th, January 2024 GMT
حذر مختصون في مجال الصحة النفسية، من الآثار المدمرة على أهالي قطاع غزة، بسبب مجازر الاحتلال وحربه الوحشية، التي لا تراعي أي خطوط حمراء.
ويؤكد المختصون أن الحرب الحالية مزدوجة التأثير على أهالي غزة، وينتج عنها اضرابات تسمى "الصدمة المستمرة، واضرابات ما بعد الصدمة حال انتهاء الحرب".
وبهذا الصدد، تقول الأخصائية النفسية حنين زقوت إنه "خلال الحرب يجب استخدام مفهوم الإسعاف النفسي الأولي، وهو علاج نفسي مبدأي خلال فترة الصراع والكوارث وغيرها".
تأثير الحرب الحالية صعب
وتابعت زقوت في حديثها لـ"عربي21": "لا يوجد أي تدل نفسي فعال حاليا، والتأثير خلال الحروب كبير جدا، ويؤدي إلى اضطرابات كبيرة مثل الاكتئاب والقلق وكرب ما بعد الصدمة، وهو ما قد يتطور لشيء أخطر مثل اضطراب ثنائي القطب، والفصام العقلي، واضرابات النوم ونوبات الهلع".
وتضيف أن "الحرب الحالية تأثيرها أصعب وأقوى، ولا يوجد أي إمكانية لتدخل نفسي، لأن الاحتياجات الأساسية غير متوفرة، إذ أن الجانب العقلي والنفسي أصبح بمثابة رفاهية يصعب التعامل معها أو حتى توفيرها، وعلى المدى البعيد، ستكون الآثار كارثية وصعبة وقاسية جدا".
وتكشف أن الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة واردة في قطاع غزة بشكل كبير، لأنها يمكن أن تحدث بمجرد السماع بالحوادث الأليمة أو حتى مشاهدتها عبر التلفاز، مشيرة إلى أن الكثير من متابعي منصات التواصل يعانون من هذه الاضطرابات بسبب المشاهدة فقط، وهذا التأثير على أشخاص خارج الحدث، بينما يكون أكثر شدة على الذين يعشون هذا الحدث الصادم.
وتتابع بقولها: "كرب ما بعد الصدمة ينتج عنه أحلام وكولبيس وذكريات سيئة مستمرة، ما يدفع المريض إلى حالة تجنب للأماكن والأشخاص وأي أحد يذكره بهذا الحدث، ما يخلق بدوره نظرة سلبية تجاه الواقع والحياة وقد يؤدي ذلك إلى تبلد للمشاعر والعواطف".
وتؤكد أن الصدمة في قطاع غزة معقدة وهي أصعب أنواع الصدمات النفسية التي يمكن أن يواجهها الإنسان في حياته، موضحة أنها "صدمة مركبة، لأن ما يحدث في غزة لم يحدث سابقا، وكل شخص معرض لكرب ما بعد الصدمة".
وبحسب زقوت، فإن أكبر التحديات التي كانت تواجه قطاع غزة قبل الحرب، هو قلة خدمات الصحة النفسية، منوهة إلى أن أكثر من 70 طفلاً في غزة يعانون من اضطرابات النوم.
حالة من عدم اليقين
وتشير إلى أن الأطباء والمعالجين النفسيين في غزة بحاجة أيضاً بعد هذه الحرب إلى إعادة تأهيل، لأنه ليس من السهل معاودة العمل وهم من ضمن الأشخاص الذين تعرضوا للصدمة".
بدوره، يقول الطبيب في برنامج غزة للصحة النفسية بهزاد الأخرس إن "الحرب تخلق حالة من عدم اليقين، وتؤسس للشعور بالقلق ثم اضطرابات القلق نفسها".
ويوضح الطبيب بهزاد لـ"عربي21" أن هذه الاضطرابات تأتي بسبب "جهل الشخص بمصيره وسط حالة كبيرة من الخوف"، مضيفا أن "هذه الحرب تخلق تساؤلات عديدة متعلقة بالنجاة ومصير المنزل وخسارة الأحباب والأقارب وهل هناك المزيد من النزوح وكل الظروف السيئة المصاحبة لها".
وعن تأثير هذه الظروف، يبين الطبيب أن "حالة الخوف المتكرر تجعل الإنسان في حالة طوارئ نفسية دائمة، ما تجعله يعجز عن التخطيط للمستقبل وغير قادر على الاسترخاء أو الشعور بالسعادة، وهو دائما في وضع النجاة، وعضلاته مشدودة وعينه زائغة ويعاني من الصداع، وهو ما يؤثر على الصحة الجسدية بشكل عام".
ويؤكد أن الناجيين من الحرب تتراكم لديهم بعض الأزمات النفسية ومنها الشعور بالذنب، خصوصا لغير المتواجدين داخل قطاع غزة أو الذين سافروا وفقدوا بعضا من أفراد عائلاتهم، قائلا: "نحن نسمي ذلك عقدة الناجي الذي يلوم نفسه وتعصف به التساؤلات وجلد الذات".
ويشرح الطبيب بهزاد أن "اضطراب أو كرب ما بعد الصدمة يكون بتعرض الشخص لحدث صادم مفاجئ مهدد للحياة، ثم يبدأ بعد أكثر من شهر بتطوير أعراض مثل إعادة استرجاع الحدث، كأنه بعيشه لأول مرة بنفس الأعراض الجسدية، فيصبح يتجنب الحديث عن الحدث وكل ما يذكره به".
ويبين أن "هذا لم يحدث بغزة حتى الآن بشكل دقيق بسبب استمرار الحدث وتكرره كل سنتين، وأيضا بسبب استمرار الحرب الحالية.. ونحن الآن في حالة تسمى الصدمة المستمرة ضمن حرب غير مسبوقة".
ويستكمل حديثه قائلاً: "هناك نقاش دائم أن اضطرابات ما بعد الصدمة تكونت بناء على معايير أمريكية وغربية، لكن يمكن تعميمها على غزة".
وعن كيفية ظهور أعراض الاضطراب النفسي، يشرح الطبيب أنه يكون "على الأطفال بأعراض واضحة مثل التبول اللا إرادي والعزلة والوحدة والبكاء خلال الليل، والتعلق بالأبوين ونوبات الصراخ وعض الأظافر".
بدء العلاج النفسي مهم
وعند الكبار يكون بظهور "فكرة التجنب وعدم الحديث عن الحدث وذكرياته والمكان.. وحتى تجمهر الناس حول الأحداث وأماكن القصف لا ينفي وجود التجنب، إنما هو يحدث ويتم التعبير عنه بطريقة مختلفة".
ويحذر أنه "لا يجب انتظار ما بعد الحرب من أجل بدء العلاج النفسي.. مصيبة إذا لم يوجد بعد الحرب علاج، ومنذ بداية الحرب نحن نعيش أزمة ولم تدخل أي أدوية نفسية للقطاع، ومرضى الاضطرابات النفسية الأخرى منتقطعين عن الأدوية الخاصة بهم لأكثر من شهرين وثلاثة شهور، وهناك مرضى وصلوا إلى انتكاسات وحدة أعراض غير مسبوقة".
إضافة إلى ذلك، يكشف الطبيب الأخرس أنه تم "تسجيل العديد من الاضطرابات الذهانية بخلاف اضطرابات القلق والاكتئاب، وحاليا لا يوجد علاج دوائي والخدمات النفسية شحيحة ومحدودة ولا يوجد أي علاج فعال نفسي حاليا، ولأن اول خطوة في علاج الصدمة هو وقف الحدث الصادم".
كما حذر أنه "بعد الحرب حال لم يوجد علاج نفسي شامل سيكون هناك كارثة وهناك 2 مليون انسان بحاجة إلى تأهيل من حالة الفقدان التي أصابتهم والنزوح وخسارة البيوت، أيضا بسبب الجروح الجسدية التي تترك أثرا نفسيا".
ويضيف: "هناك حاجة لتأهيل المعتقلين الذين تم التنكيل بهم والظروف غير الإنسانية التي مروا لها من ضرب و تعذيب وإهانة ونزع الإنسانية عنهم، وحال لم يتم علاج نفسي شامل لكل المجتمع، سنعيش في التبعات السلبية لسنوات وسنوات، وربما لا يمكن للتعافي منها ويتم تمريرها للأجيال القادمة".
ويشير إلى أنه "كلما طالت الحرب كانت الآثار النفسية أصعب وأشق، سواء كانت مباشرة بسبب الحروب والانفجارات والقنابل والأسر والتنكيل، أو غير مباشرة بسبب النزوح والمعاناة في الملاجئ ومراكز الإيواء ونقص الرعاية الصحية".
ويؤكد أنه عندما "يخسر الإنسان بيته الذي تربى فيه وكل ذكرياته فهو يفقد مفهوم الشعور بالأمان والسلامة في بنيته النفسية، ويصير ينظر إلى العالم على أنه مكان غير آمن ومهدد للحياة وخطر، وبدلا من التفاعل فيه يتجه الشخص إلى الانعزال، وسط معاناة من أعراض الشك والريبة والقلق، ويعمل على فصل الإنسان عن ذكرياته وبعيش في حالة حسرة وتصاب في بنيته النفسية مفاهيم الأمن والسلامة".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية غزة مجازر الاحتلال الحرب غزة الاحتلال مجازر الحرب اثار نفسية المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحرب الحالیة ما بعد الصدمة قطاع غزة لا یوجد إلى أن
إقرأ أيضاً:
معركة حمص.. بين الحرب النفسية والميدان حتى لحظة التحرير
في قلب المعارك الدائرة، كان لتحرير مدينة حمص وسط سوريا طابع مختلف، فعلى أرضها اختلطت الخطط العسكرية لإدارة العمليات العسكرية بين إستراتيجية الالتفاف والهجوم من الخلف، وبين الحرب النفسية التي سبقت لحظة اقتحامها.
حكاية تحرير حمص يرويها مراسل "سوريا الآن" همام دعاس قائلا إن القصة بدأت قبل معركة ردع العدوان التي شنتها فصائل المعارضة المسلحة ضد قوات نظام بشار الأسد، حين أطلق الثوار حملة من الشائعات الأقرب للحقيقة بهدف إرباك النظام وقواته، وأوهموه بأن المعركة ستبدأ من ميزاناز في ريف حلب.
وحشد النظام قواته هناك، لتأتي المفاجأة من قطّان الجبل، حيث انطلقت الهجمات الحقيقية لقوات ردع العدوان.
بين إستراتيجية الالتفاف والحرب النفسية.. القصة الكاملة لتحرير حمص مع مراسلنا همام دعاس pic.twitter.com/rhn9bKpR1u
— SyriaNow – سوريا الآن (@AJSyriaNow) December 5, 2025
وبعد السيطرة على حلب، تقدمت قوات التحرير شرقا، وخاضت معارك عنيفة على محاور خنيفس – تل خزنة – المشرفة، في حين تقدمت من الغرب نحو الغمط – دير معلا – والدار الكبيرة، حتى أصبحت حمص مطوقة من الشرق والغرب.
أما المحور الشمالي فشهد الضربة الأشد، إذ اقتحمت القوات حاجز ملوك، أكبر وأقوى تحصينات النظام الأسد، مستخدمة سلاح الشاهين والمدفعية الثقيلة وكتائب "العصائب الحمراء" التي أحدثت هزة في الخطوط الأمامية للعدو.
سرعة المناورة، وضرب النقاط المتقدمة، أجبرت كبار الضباط على الفرار، تاركين الجنود يواجهون مصيرهم، بعد أن فقدوا السيطرة على الأرض.
أخيرًا جاء دور #حمص
مدينة #خالد_بن_وليد
وعاصمة الثورة السورية
وأكبر محافظة في #سورية
وشهدت أكبر مظاهرات في الثورة و #حي_بابا_عمرو#حمص_تتحرر – وتحرير كامل مدينة حمص….
وتحرير 3500 سجين وفرار قوات النظام
اقتربت نهاية الأسد وتغيرت قواعد اللعبة بعد عزل بيئته في الساحل …
The… pic.twitter.com/ndGuotHFYn
— عبدالله الشايجي Prof (@docshayji) December 7, 2024
ويقول عبد المنعم ضاهر قائد لواء القوات الخاصة في الفرقة 52 إن قوات ردع العدوان اعتمدت أسلوب الالتفاف على عناصر نظام الأسد، كل منطقة تُسقط تصبح قاعدة للتقدم نحو الهدف التالي، مع إبقاء وحدات نخبوية لتأمينها. ترافق ذلك مع بث مكثف للإشاعات داخل المدينة، عن وجود مجموعات للثوار في أحياء داخل حمص مما أربك النظام قبل دخول القوات فعليا.
لحظة الدخول.. خالد بن الوليد يستقبل المحرّرينوكان دخول حمص أشبه بمشهد تاريخي، المقاتلون توجهوا مباشرة نحو جامع خالد بن الوليد، حيث تذكروا العهد الذي قطعوه أثناء الحصار: أن يعودوا فاتحين. هناك، سجدوا شكرا، وحيوا الجامع تحية عسكرية، معتبرين وجود "سيف الله المسلول" في مدينتهم دافعا للاستمرار حتى تحقيق النصر الكامل.
إعلانمن الجامع إلى ساعة حمص، خرج الأهالي لاستقبال قوات التحرير في مشهد احتفالي يليق بإنجازاتهم، وقد استعادت المدينة حريتها بعد سنوات من القمع والحصار.
كانت حمص يومها مدينة خالد بن الوليد الحرة، التي كسرت القيود، وعادت شامخة، لتروي للعالم قصة التحرير التي جمعت بين تكتيك الميدان وسلاح المعنويات، وأثبتت أن الحرب النفسية قد تمهد الطريق للنصر كما تفعل المدافع.
لحظات لا تُنسى من تحرير حمص… مقاتلون خرجوا مهجّرين وعادوا إليها فاتحين ✌???? pic.twitter.com/PJbdimLVKf
— SyriaNow – سوريا الآن (@AJSyriaNow) December 6, 2025
مع اندلاع الثورة السورية في مارس/آذار 2011، كانت حمص من أوائل المدن التي انتفضت بالمظاهرات المطالبة بإسقاط نظام الأسد، وصارت محورا رئيسيا للاحتجاجات. ومنذ ذلك الوقت، شهدت المدينة عمليات عسكرية مكثفة وقصفا عنيفا انتهجته قوات الأسد، وتصاعدت حدة الهجمات مع تحول الاحتجاجات السلمية تدريجيا إلى نزاع مسلح في سبتمبر/أيلول من العام نفسه.